|
إنضمامك إلي منتديات استراحات زايد يحقق لك معرفة كل ماهو جديد في عالم الانترنت ...
انضم اليناالبحوث والتقارير البحوث المدرسية للمراحل الثانوية والأعدادية والأبتدائية |
![]() |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
| ||
| ||
![]() شاعرة بني سُليم- الخنسـاء بنت عمـــرو - - رضي الله عنها - حياتها ونشأتها : هي تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد السلمية، ولدت سنة 575 للميلاد ، لقبت بالخنساء لقصر أنفها وارتفاع أرنبتيه. عرفت بحرية الرأي وقوة الشخصية ونستدل على ذلك من خلال نشأتها في بيت عـز وجاه مع والدها وأخويها معاوية وصخر، والقصائد التي كانت تتفاخر بها بكرمهما وجودهما، وأيضا أثبتت قوة شخصيتها برفضها الزواج من دريد بن الصمة أحد فرسان بني جشم .. لأنها آثرت الزواج من أحد بني قومها، فتزوجت من ابن عمها رواحة بن عبد العزيز السلمي، إلا أنها لم تدم طويلا معه ؛ لأنه كان يقامر ولا يكترث بماله،لكنها أنجبت منه ولدا ، ثم تزوجت بعدها من ابن عمها مرداس بن أبي عامر السلمي ، وأنجبت منه أربعة أولاد، وهم يزيد ومعاوية وعمرو وعمرة. وتعد الخنساء من المخضرمين ؛ لأنها عاشت في عصرين : عصر الجاهلية وعصر الإسلام ، وبعد ظهور الإسلام أسلمت وحسن إسلامها. ويقال : إنها توفيت بالبادية في أول خلافة عثمان بن عفان- رضي الله عنه- سنة 24 هـ , أي سنة 664 ميلادية . مقتل أخويها معاوية وصخر واستشهاد أولادها الأربعة : قتل معاوية على يد هاشم ودريد ابنا حرملة يوم حوزة الأول سنة 612 م ،فحرضت الخنساء أخاها صخر بالأخذ بثأر أخيه ، ثم قام صخر بقتل دريد قاتل أخيه. ولكن صخر أصيب بطعنة دام إثرها حولا كاملا، وكان ذلك في يوم كلاب سنة 615 م. فبكت الخنساء على أخيها صخر قبل الإسلام وبعده حتى عميت . (2) وفي الإسلام حرضت الخنساء أبناءها الأربعة على الجهاد وقد رافقتهم مع الجيش زمن عمر بن الخطاب، وهي تقول لهم : (( يا بني إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين ، ووالله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة ما خنت أباكم ، ولا فضحت خالكم ، ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم ، وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله سالمين فأعدوا على قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها، واضطرمت لظى على سياقها، وجللت نارا على أوراقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام حميسها تظفروا بالغنم والكرامة في الخلد والمقامة) ، وأصغى أبناؤها إلى كلامها، فذهبوا إلى القتال واستشهدوا جميعا، في موقعة القادسية . وعندما بلغ الخنساء خبر وفاة أبنائها لم تجزع ولم تبك ، ولكنها صبرت، فقالت قولتها المشهورة: ((الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته)). ولم تحزن عليهم كحزنها على أخيها صخر ، وهذا من أثر الإسلام في النفوس المؤمنة ، فاستشهاد في الجهاد لا يعني انقطاعه وخسارته بل يعني انتقاله إلى عالم آخر هو خير له من عالم الدنيا ؛ لما فيه من النعيم والتكريم والفرح ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .. ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ، فرحين بما آتاهم ربهم .. شعرهـــا وخصائصه: تعـد الخنساء من الشعراء المخضرمين ، تفجر شعرها بعد مقتل أخويها صخر ومعاوية ، وخصوصا أخوها صخر ، فقد كانت تحبه حبا لا يوصف ، ورثته رثاء حزينا وبالغت فيه حتى عدت أعظم شعراء الرثاء. ويغلب على شعر الخنساء البكاء والتفجع والمدح والتكرار؛ لأنها سارت على وتيرة واحدة ، ألا وهي وتيرة الحزن والأسى وذرف الدموع ، وعاطفتها صادقة نابعة من أحاسيسها الصادقة ونلاحظ ذلك من خلال أشعارها. وهناك بعض الأقوال والآراء التي وردت عن أشعار الخنساء ومنها : يغلب عند علماء الشعر على أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها. كان بشار يقول: إنه لم تكن امرأة تقول الشعر إلا يظهر فيه ضعف فقيل له: وهل الخنساء كذلك؟ فقال تلك التي غلبت الرجال .. قال نابغة الذبياني: (( الخنساء أشعر الجن والإنس)) . وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعجبه شعرها وينشدها بقوله لها: ((هيه يا خناس ويوميء بيده)) .. أتى عدي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : يا رسول الله إن فينا أشعـر الناس ، وأسخى الناس وأفرس الناس . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : سمِّهم فقال: فأما عن أشعر الناس فهو امرؤ القيس بن حجر ، وأسخى الناس فهو حاتم بن عدي (أباه) ، وأما عن أفرس الناس فهو عمرو بن معد يكرب . فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : (( ليس كما قلت يا عدي، أما أشعر الناس فالخنساء بنت عمرو ، وأما أسخى الناس فمحمد يعني نفسه صلى الله عليه وسلم وأما أفرس الناس فعلي بن أبي طالب )) رضي الله عنه وأرضاه. تعكس أبيات الخنساء عن حزنها الأليم على أخويها وبالأخص على أخيها صخر، فقد ذكرته في أكثر أشعارها. وقد اقتطفت بعض من أشعارها التي تتعلق بالدموع والحزن .. فهي في هذه القصائد تجبر عينيها على البكاء وعلى ذر ف الدموع لأخيها صخر، وكأنها تجبرهما على فعل ذلك رغما عنهما، وفي متناول بعض هذه القصائد : ألا يا عين فانهمري بغدر وفيضـي --- فيضـة مـن غـير نــــزر ولا تعدي عزاء بعد صخـر --- فقد غلب العزاء وعيل صبري لمرزئة كأن الجوف منهـا بعيد --- النـوم يشعــر حـــر جمـــر في هذه الأبيات نرى أن الخنساء دائمة البكاء والحزن والألم على أخيها ولم تعد تقوى على الصبر ، ودموعها لا تجف ، فهي - دائما - منهمرة بغزارة كالمطر ، وعزاؤها لأخيها صخر مستمر .. من حس لي الأخوين كالغصنين أو من راهما أخوين كالصقرين لم ير ناظر شرواهمـا قرميــن لا يتظالمان ولا يرام حماهـا أبكي على أخـوي والقبــر الذي واراهما لا مثل كهلي في الكهول ولا فتى كفتاهما وهنا يظهر في أبياتها المدح والثناء لأخويها صخر ومعاوية وذكر مآثرهما، والبكاء عليهما ، وعلى القبر الذي واراهما .. ومن شعرها أيضا .. يذكرني طلوع الشمس صخراً وأذكره لكل غروب شمس ولولا كثرة الباكيـن حولي على إخوانهم لقتلت نفسي وما يبكون على أخي، ولكن أعـزي النفس عنه بالتأسي فلا، والله، لا أنساك حتى أفارق مهجتي ويشص رمسي فيا لهفي عليه، ولهف نفسي أيصبح في الضريح وفيه يمسي هذا بعض مما أردت أن أسطره عن أجمل الأمهات .. الصحابية .. الشاعرة .. القدوة .. والتي ضربت بصبرها وإيمانها أروع المعاني .. كم نفتقد لأمثالك أيتها الخنساء .. __DEFINE_LIKE_SHARE__ |
![]() | رقم المشاركة : [ 2 ] |
وش فآيدتهآ آلروح ؟ وآلقلب ميت | ![]() اسحاق نيوتن ولد اسحاق نيوتن بتاريخ 25 ديسمبر 1642 بعد بضعة اشهر من موت والده. وكانت عائلته تنتمي الى طبقة الملاّك الزراعيين الصغار. ويبدو ان صحته كانت ضعيفة او هشة منذ البداية، ثم تزوجت امه بعد ثلاثة أعوام من ولادته. وعندئذ اودعته عند جدته وعمه حيث عاش فترة صباه وشبابه الاول ولكن يعتبر بمعنى من المعاني انه يتيم الاب والأم لانه لم يعش مع ابيه ساعة واحدة وأما أمه فتركته في سن الثالثة لكي تفكر في مستقبلها وحياتها الجديدة. ويبدو انه تأثر عاطفيا بهذه الحالة، وكان يشعر بالحقد على امه وعلى زوج امه الذي اخذ امه منه وحرمه عطفها وحنانها.. وربما لهذا السبب لم يتزوج ابدا على الرغم من انه عرف الكثير من النساء. فقد ظل مجروحا من الداخل بشكل لا يندمل. ولكن امه عادت الى البيت العائلي وبالتالي اليه عام 1653 بعد موت زوجها وكان عمر اسحاق آنئذ احد عشر عاما. وهكذا اتيح له ان يتعرف عليها من جديد ثم ارادت ان تجعل منه مزارعا ولكنه رفض ذلك. ويردف المؤلف قائلا: في الواقع ان الكثير من الاقارب والاصدقاء شجعوه على اكمال دراساته الجامعية بعد ان توسموا فيه أمارات الذكاء والموهبة. وفي عام 1661 دخل الى كلية كمبردج الشهيرة التي طالما خرجت العباقرة. وهناك تعلم البلاغة الكلاسيكية، ومنطق ارسطو، وتأثر بأفكار فلاسفة كمبردج وكانوا في معظمهم من اتباع الفلسفة الافلاطونية الجديدة. ولكن وباء الطاعون ادى الى اغلاق الجامعة كما يقول المؤلف وعندئذ عاد اسحاق الى قريته الريفية لكي يتأمل ويفكر في وسط الطبيعة الخلابة للريف الانجليزي. وفي عام 1667 انتخب نيوتن عضوا في الهيئة التدريسية لكلية كمبردج، وعين استاذا جامعيا عام 1669 وعمره لا يتجاوز السادسة والعشرين. وفي عام 1672 اصبح عضوا في الجمعية الملكية البريطانية. وهو منصب علمي عالي المستوى وتشريف كبير لصاحبه. ويقول لنا المؤلف بأن اسحاق نيوتن راح يتعاطى المراسلات من كبار علماء عصره سواء داخل بريطانيا ام خارجها، وقد انتخبته اكاديمية العلوم في باريس كعضو اجنبي فيها عام 1699 ثم اصبح رئيسا للجمعية الملكية البريطانية في عام 1703 وحتى موته. وبلغ عندئذ ذروة المجد والشهرة بل ان ملكة بريطانيا منحته لقب النبلاء عام 1705. وفي اواخر حياته انخرط في مناظرات لاهوتية وفلسفية عنيفة مع بعض كبار الفلاسفة والمفكرين وأشهر هذه المناظرات الخلافية جرت مع الفيلسوف الالماني الكبير لايبنتز. فكل منهما راح يدعي انه سبق الآخر الى اكتشاف علمي كبير: هو حساب اللامتناهي الصغر. ولا يزال العلماء يتناقشون في هذه المسألة حتى الآن. فالبعض يعطي الحق لنيوتن والبعض يقول بأن لايبنتز كان على صواب.. والله اعلم. ويرى المؤلف ان السنوات المبدعة التي شهدت تفتح عبقرية نيوتن هو تلك التي تتموضع في اواسط الستينيات وبخاصة سنة 1666. في الواقع ان اكتشافاته العلمية لمعت في رأسه لاول مرة خلال السنتين المتتاليتين: 1665 ـ 1666 ومعلوم انه كان آنذاك معتكفا في الريف خوفا من وباء الطاعون. وكان يعيش وحدة شبه كاملة، ويكرس كل وقته للتأمل في ظواهر الطبيعة وقوانينها. عندئذ حصلت القصة الشهيرة التي تحولت الى اسطورة بعدئذ. وهي التي ادت الى اكتشاف قانون الجاذبية. فيقال انه كان غارقا في التأمل يوما ما وهو نائم تحت شجرة تفاح. وفجأة سقطت تفاحة الى جانبه فعرف عندئذ ان السقوط ناتج عن قانون الجاذبية الذي يشد الاشياء الى تحت. كل اكتشافاته في مجال الرياضيات والبصريات والفلك حصلت بعدئذ على التوالي عندئذ فهم نيوتن سر الكون لاول مرة وعرف القوانين العلمية التي تتحكم به ولا يحيد عنها قيد شعرة. وهكذا قدمت انجلترا للعالم اكبر عبقري في مجال العلوم الفيزيائية والرياضية والفلكية ليس غريبا اذن ان تكون قد تفوقت على جميع الامم الاوروبية الاخرى بما فيها فرنسا، منافستها التاريخية على العظمة والمجد. في الواقع ان البلدان التي تنتمي الى المذهب الكاثوليكي في المسيحية: اي اسبانيا، وايطاليا وفرنسا كانت تخنق الروح العلمية بسبب التعصب الديني السائد فيها. اما البلدان البروتستانتية كانجلترا، وهولندا، وألمانيا فكانت خالية تقريبا من التعصب الديني. وبالتالي فكانت تترك للعلماء حرية البحث واكتشاف قوانين الطبيعة والكون ولا تعتبر ذلك تحديا لقدرة الخالق او خروجا على الدين. ليس غريبا اذن ان يكون نيوتن قد ولد بعد عام من موت غاليليو مؤسس العلم الحديث ومعلوم ان غاليليو تعرض للاضطهاد من قبل الكنيسة الكاثوليكية، بل وحاكموه وأجبروه على التراجع عن الحقائق العلمية التي اكتشفها. ويقول المؤلف بما معناه: طيلة حياته كان نيوتن مفعما بكره الاستبداد والطغيان ولحسن الحظ انه ولد في انجلترا لا في سواها. فقد اتاح له جو الحرية ان يمشي في اكتشافاته العلمية الى مداها الاخير وكان اسعد حظا بكثير من سلفه الاعظم غاليليو. ويرى بعض العلماء ان كتاب نيوتن «المباديء الرياضية للفلسفة الطبيعية» هو اهم كتاب ظهر في تاريخ العلم حتى الآن ففيه يبلور قوانين الطبيعة والكون بشكل علمي وعلى هيئة معادلات رياضية دقيقة. حقا لقد اكتشف اسحاق نيوتن سر الكون ولغزه فماذا نريد بعد ذلك؟ وكل الفلاسفة الكبار كانوا تلامذته بدءا من فولتير الفرنسي وانتهاء بكانط الالماني. لقد شرح لنا نيوتن في هذا الكتاب العظيم بنية الكون وتركيبته والآلية الميكانيكية التي تسيره. لقد كشف لنا عن القوانين التي تتحكم بالمجرات والكواكب والشمس والقمر وتأثير كل ذلك على الارض على حركة البحار والمحيطات. لهذا السبب فإن بعضهم راح يرى في نيوتن نوعا من «السوبرمان» الذي يتجاوز الجنس البشري ويتعالى عليه! وقد قال عنه العالم الفرنسي «لابلاس» الذي يعتبر احد تلامذته ومواصلي ابحاثه: ان كتابه سيبقى اكبر شاهد على عمق العبقرية وعظمتها. فقد كشف لنا فيه عن القانون الاعظم للكون. ويقول المؤلف مردفاً: عندما اكتشف نيوتن قانون الجاذبية الكونية وحساب اللامتناهي الصغر، ونظرية الضوء فإنه حرص على عدم اعلان اكتشافاته على الملأ فورا. وذلك هذه اسباب منها انه لم يكن قد وجد العادات الرياضية للبرهنة على صحة اكتشافاته بشكل نهائي. ومنها انه كان خجولا جدا ويخشى المناظرات والمناقشات الصاخبة. كان يحب ان يشتغل في الظل والصمت على عكس الاساتذة الاخرين الذين يحبون الصالونات والأضواء. كان نيوتن من الناحية النفسية ذا طبع قلق وشكاك. كان يشك في اي شيء ويشتبه في اي شخص. ولم يكن يعطي ثقته للآخرين بسهولة. يضاف الى ذلك ان خجله كان يدفعه احيانا الى الانفجار بالغضب الشديد دون سبب او دون مبرر كان الرجل متواضعا جدا ولا يحب العلاقات العامة والاضواء. وقد كتب مرة الى احد اصدقائه يقول: لا تذكر اسمي امام احد لا اريد ان اشتهر بين الناس وتكثر معارفي. في عام 1687 ظهر كتاب نيوتن: المباديء الرياضية للفلسفة الطبيعية. وهو يعتبر ذروة الفكر البشري وقال عنه احد العلماء الكبار: لم يظهر في تاريخ العلم كتاب بمثل هذه الاهمية والحجم. ومن الصعب ان نتخيل ظهور اي كتاب يعادله في مستقبل البشرية! كل نظام العالم ملخص فيه ومشروح وكل تعددية ظواهر العالم معادة فيه الى وحدتها التكاملية فعن طريق قانون الجاذبية الكوني الذي اكتشفه يمكننا ان نفهم حركة المد والجزر للبحار والمحيطات ويمكننا ان نفهم الاضطرابات التي تعتري الكون والكواكب ويمكننا ان نقيس حجم القمر! عندما صدر هذا الكتاب العظيم كان عمر نيوتن خمسة واربعين عاما فقط. ويقول المعاصرون في وصف نيوتن ما يلي: كان متوسط القامة ذا مظهر جميل ومريح للنظر وكانت عينه حادة وثاقبة عندما تنظر اليك وشعره كان غزيرا وطويلا يغطي على رقبته تقريبا. وقد ابيض شعره منذ الثلاثين وأصبح شائبا او اشيب. ولم يمرض نيوتن في حياته ابدا. وكان غاطسا في افكاره على الدوام. وكان يتحدث قليلا اذا ما تحدث وبشكل رديء. ولم يكن يهتم بمحدثه كثيرا.. وكانت عبقريته من الضخامة بحيث انه لم يكن يستطيع التواصل مع الناس العاديين. وقد ظل نيوتن يدرس في جامعة كمبردج لمدة ثلاثين سنة دون ان يخرج عالما واحدا جديرا به وأحيانا كان يدخل الى الصف فلا يجد تلميذا واحدا لكي يستمع اليه وعندئذ كان يشعر بالسعادة وينصرف. ولكن على الرغم من تقشفه وتقواه الديني الا انه كان يهتم بمصالحه المادية والشخصية كثيرا. فقد خلف وراءه ثروة طائلة ورثها اخوته لانه لم يكن له هو اي ولد ولم يتزوج ولم ينجب. لقد كرس كل حياته لشيء واحد هو العلم ولكن عندما بلغ ذروة الشهرة والمجد راح يقبل التشريفات فقد انتخبوه عضوا في مجلس العموم البريطاني. وكان يحضر جلسات مجلس النواب دون ان ينبس ببنت شفة كان كالأخرس يحضر الجلسة وهو صامت من اولها الى اخرها ثم يخرج. ثم يتحدث المؤلف عن مشاكل نيوتن العصبية والنفسية ويقول بما معناه: نظرا لانشغاله بأبحاثه العلمية نسي ان يأكل وينام بشكل جيد لمدة سنتين متتاليتين وعندئذ سقط صريع المرض. ثم حصل حريق في بيته ودمر اوراقه ودفاتره وعندئذ ضاع عقله، هذا العقل الذي طالما حلق في اعالي السماوات. وهكذا انهار عقل نيوتن واصيب بالجنون لمدة سنة ونصف. وعندما استفاق من المرض عام 1693 راح يستعيد ابحاثه العلمية من جديد. ولكن عبقريته كانت قد ضعفت ولم يحقق اي اكتشاف بعدئذ. ولكن الا يكفيه كل ما اكتشفه سابقا؟ ثم عاش نيوتن بعدئذ شيخوخة سعيدة محاطة بأبناء اخوته وبناتهم ومعززا ومكرما من قبل ملك بريطانيا وملكتها. وقد طبقت شهرته الآفاق الى درجة ان احد علماء فرنسا الكبار سأله زميله الانجليزي الذي يعرف نيوتن شخصيا فيما اذا يأكل ويشرب وينام كبقية البشر! فالناس اصبحوا يعتقدون انه فوق البشر، او انه من جنس وبقية البشر من جنس آخر وعندما مات عام 1727 كان عمره يناهز الخامسة والثمانين. وهو عمر كبير جدا بالنسبة لذلك العصر وقد خرجت انجلترا كلها لتشييعه في موكب مهيب ولم يحصل ذلك الا للملوك. __DEFINE_LIKE_SHARE__ |
| |
![]() | رقم المشاركة : [ 3 ] |
وش فآيدتهآ آلروح ؟ وآلقلب ميت | ![]() أبو تمام المقدمة: صلتي بأبي تمام وشعره، وديوانه ليست بالحديثة العصر، بل هي ممتدة امتدادها فهي من سنوات عمري؛ فما أن فتحت عيني على الحياة حتى كنت اسمع اسم هذا الشعر الكبير يتردد كثيراً على لسان ابي، ويدور في المجالس ا|لأدبية التي كانت وما تزال تعقد في بيوتنا كلما زرنا أديب أو متأدب إلى ............... وكانت اتصالي به ومعرفتي له ينموان مع الأيام ويتسعان مع السنين؛ حين دخلة المدرسة، وغدوت احسن القراءة والكتابة، وكنت بين حين وأخر اعود إلى مكتب أبي قراء فيها ما كتب عن أبي تمام وغيره. وازدادت معرفتي بهذا الشاعر ومحبتي لشعره حين وصلت إلى إلى صف في المدرسة قررت فيه علينا دراسة قصيدته في فتح عموريه .........وكيف لا أحب شعراً قيل في تمجيد بطلات هذه الأمة المجيدة وقادتها العظام، وانتصرتها الخالدة ؟. وكيف لا تزداد محبتي، بل محبة كل مسلم أو عربي لمثل هذا الشاعر وهذه المعارك واؤلئك القادة، وبخاصة في هذا الزمان الأغبر؟!. كيف لا نحب شعراً يتغنى بذلك القائد الخالد يهب ملبياً صرخة تلك المراة العربية: "و امعتصما".فيرسل بها، لا أنه شكوى الضعاف المتخاذلين الذين لا يملكون غير الشجب والاستنكار والادانة... بل يطلقها صيحة مجد وهتاف بطولة تبلغ وجه الخضراء، وتعم اديم الغبراء. صيحة مايزال صداها مدوين في سماء العالمين، يتردد في مسامع كل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد: "من المعتصم بالله إلى كلب الروم، واللهولأسيرنا إليك جيشاً أوله عندك وأخره عندي، الجواب ما سترى، لا ما تسمع". قصيدة جعلتني كلما أخلو منفرداً أردد مع أبي ريشه:- أمتي هل لك بين الأمم منبر للسيف أو للقلم اتلقائي وطرقي مطرق حجلاً من امسك المنصرم ويكاد الدمع يهمي عابثا ببقايا كبرياء الالم ألاسرائيل تعلو راية في حمى المسجد وظل الحرم اسمعي نوح الزانه وطربي وانطري دمع اليتامى وبسمي وتركي الجرحى تداوي جرحها ومنعي عنها كريم البلسم واحبسي الشكوى فلولاك لما كان في الحكم عبيد الدرهم ودعي القادة في أهواءها تتفانى في خسيس المغنم لا يلام الذئب في عدوانه إن يك راعي عدو الغنم رب وامعتصماه انطلقت ملء افواة الصبايا اليتم لامست اسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم وأرى لغة المشاعر قد طفت على لغة البحث فابتعدت به فلأعد إليه فأقول : ثم كانت دراستي الجامعية، فاتسع الأفق، ونما المحصول...... وكم كان مدى سروري ومبلغ سعادتي حين كلفني أستاذي الأجل الأكرم؛ الأستاذ الدكتور سمير الدروبي كتابة بحث بعنوان:" صورة البطل في شعر أبي تمام..." وما هو الا ان اعددت للأمر عدته، وشمرت للجد عن ساعده، ورحت أطوف في المكتبات ابحث عن كل ما كتب في الموضوع. ثم أخذت أقراء إلى أن اكتملت لديه عناصر لديه عناصر البحث بعد أن تكاملت... فشرعت في الكتابه؛ فكان هذا البحث. وإذا لم أجد مصدر أو مرجع كتب في الموضوع بصورة مباشرة فقد اجتهدت في رسم صورة البطل كما أوحى بها شعر أبي تمام. ورأيت انه يقع في المجالات الآتية:- 1- بطل الأطلال والرحلة. 2- بطل الخمرة. 3- بطل الكرم. 4- بطل المعرفة وما فيه من صفات الشجاعة والأباء والسؤدود. صور أخرى للبطولة والأبطال، وما يجدر ذكره هو أن صورة البطولة غير منفصلة انفصالاَ قسرياَ، بل هي كثير ما تجتمع وتتعدد حتى في البيت الواحد؛. نحو قوله: إذا طيء لم تطؤ منشور بأسها فأنف الذي يهدي له السخط جادع فقد اجتمع في هذا البيت بين صورتي البطل الجود وبطل الحرب واللقاء. ودرست كل صوره على حده مبرزاً معالم البطولة في كل مجال. وختمته ببيان اوجه البطولة الأخرى. وهذا هو البحث، انه جهد الطالب وعمل المتلقي. فإن وفيت فيه فهو فضل الله يؤتيه من يشاء، وإن قصرت، فهو طبيعة الإنسان وعليه الاعتذار والله أسأل أن يكون كل عملي خالصاً لوجهه الكريم، انه حسبي وإليه مناب. وفي الختام يسرني ويسعدني أن أتقدم بأكرم آيات الشكر وأجل معاني العرفان لأستاذي الأجل الأكرم، والأحب الأعلى. تمهيد موضوع هذا البحث هو صورة البطل في شعر أبي تمام ولست أدرس إعادة جرى عليها الدارسون والمحدثون أم هي سنه ابتدعوها فاتبعوها واتخذوها شريعة بحث ومنهاج دراسة، فلا يجدون في أنفسهم عنها غنى ولا يرون فيها عنها محيصاً، ولا بيغونا بها بديل، ولا يرضون عنها تحولاً ولا تحويلاً. حتى غدة في عرف كل منهم كالأطلال لا يملك الشعراء أن يبدأ قصائدهم بغير الوقوف عليها. كل يغني على ليلاه متخذاً ليلى من الناس أو ليلى من الخشب تلكم العادة أو السنة هي أنهم إذا شرع دارس أو باحث في دراسة علم من الاعلام، أو أثر من آثاره فإن أول ما يبداء به ترجمته لذلك العلم، وذكر تفاصيل حياته ودقائقها، وشيوخه، وتلاميذه، ومؤلفاته............. سواء أكان هذا العلم من المغمورين، أم كان ممن يشار إليهم بالبنان ويطبق ذكره الأركان. حتى غد للعلم الواحد من العلماء والادباء عشرات التراجم ؟!. وقد رأيت أن اخرج على هذا العرف وأن اختلاف هذه العادة وأن الدعوى غير إلى مخالفتها والخروج عليها والاكتفاء بالإحالة على كتب التراجم والطبقات. ولعمري ما مثل أبي تمام بمن يُجهل قدره؛ ذكره، فهو من كبار شعراء العربية في شتى عصورها ومختلف أمصارها، إذا كان موضوع هذا البحث هو ما بدأت بذكره، وحرصاً مني على أن تكون الصورة أوضح جلاء وأن يكون أوفى بياناً فقد رأيت أن لزام هذا وذك أن إبدائه بتعريف البطولة والبطل لغة واصطلاحاً، فأقول:-البطل لغة- كما جاء في اللسان وغيره من معاجم اللغة:- "بطل: بطل الشيء يبطل بطلاً وبطولاً وبطلاناً: ذهب صياغاً وخُسراً، فهو باطل، وأبطله هو. ويقال ذهب دمه بطلاً، أي هدراً، وبطل في حديثه بطالة وابطل: هَزَل، والاسم البطل. والباطل: نقيض الحق والجمع أباطيل، على غير قياس، والبطلة، السّّحرة وقد جاء فيها الحديث: لا تستطيعه البطلة؛ قيل هم السحرة. ورجل بطال ذو باطل. وقالوا: باطل بين البطول وتبطلوا بينهم: تداول والباطل؛ عن اللحياني والتبطل: فعل البطالة وهو اتباع اللهو باطلاً. ولبطل فلان:جلء بكذب وادعى باطلاً وقوله تعالى:"وما يبدى الباطل وما يعيد". فال:الباطل هو إبليس أراد الباطل أو صاحب الباطل وهو إبليس .وفي حديث الأسود بن سريع,كنت أنشد النبي صلى الله عليه وسلم فال :اسكت إن عمر لا يحب الباطل,فال أبن الأثير :أراد بالباطل صناعة الشعر واتخاذه كسبلً بالمدح والذم,فأما ما كان ينشده النبي-صلى الله عليه ويلم- فليس ذلك ولكنه خاق ألا يفرق الأسود بينه وبين سائر ه فأعلمه ذلك. والبطل الشجاع وفي الحديث: شاكي السلاح بطل مجرّب. ورجل بطل بين البطالة والبطولة: شجاع تبطل جراحته فلا يكترث لها، ولا تبطل نجادته وقيل، إنما سمي بطلاً لأنه يبطل العظائم بسيفه فبهرجها، وقيل: سمي بطلاً لأن الأشداء يبطلون عنده، وقيل :هو الذي تبطل عنده دماء الأقران فلا يدرك عنده ثائر من قوم أبطال"( ). وليس المقام في البحث بمتسع لبيان أن ما قد يبدو في الظاهر من فجوات واسعة، واختلافات بينة في دلالات كلمة بطل المنبثقة جميعاً من جذر واحد هو (بطل) وبيان أنها ليست بالمختلفة اختلافاً قسرياً لاصله معه بين دلالة لأنها منبثقة من بواعث واحدة، صادرة من معين واحد، وهي كذلك تمضي إلى صورة واحدة أيضاً. وهناك جامع يربط بينهما وتلتقي جميعها حوله، ذلك هو النقض وإبطال الفاعلية؛ فالحق يدفع الباطل ويزهقه، وكذبه الشاعر في مدحه أو ذمه هو نقض لحقيقة الممدوح أو الهجو؛ هو كذلك نقض لقناعة السامع أو القارئ، والسحر يقوم على نسخ نشاط إنساني ماء، والشجاعة مناطها التفوق على الخصم، وإبليس يبلس العقول بتقويض دعائم الفكر القويم وسد مسالك السبيل السوي والرؤية الحقة. والبطولة في الاصطلاح تعني فيما تعنيه تلك القوى المحركة للإنسان في اتجاهاته نحو الأمثل بتخطي الواقع وتجاوز جغرافيته المادية، ففيها تلتقي عناصر الشوق، والرحلة، والتحول، والتطلع، والأنفعة، والإيثار، كما يلتقي فيها جنون المغامرة مع أحلام النصر، وحب الذكر، مما يصعب تشكيله تشكيلا محدداً لأنها في كثير من صورها ممتدة في داخل الإنسان. وإذا كان المديح، والهجاء، والفخر، والرثاء، والغزل هي أهم أغراض شعر أبي تمام، وهي الأغراض التي تتجلى فيها معالم البطولة وصور الأبطال أن يكثر في شعره ذكر البطل؛ ضمن ذلك قوله : كم بين حيطانها من فارس بطل قاني الذوائب من آني دم سرب وقوله:- بل منعرج من فارس بطل جناجن قلعة فيها قنا قصد وقوله: يردي ويرقل نحو المروتين كما بددي ويرقل نحو الفارس البطل وقولك- يضرب ترقص الاحشاء منه وتبطل مهجة البطل النجيد وقوله: قد أترعت منه الجوانح رهية بطلت لديها سورة الابطال وقوله: ضنك إذا خرست ابطاله نطقت فيه الصوارم والخطيّة الذبل ويرادف لفظها (البطل) في الشعر الغربي عامة وشعر أبي تمام على وجه الخصوص لفظ (الفارس) وقد بينت ذلك في الأبيات الثلاثة الأولى. هذه شواهد من شعر أبي تمام على البطل، والبطل الفارس، وفيها تتمثل صورة البطل في شعره، وهو ما سأقول فيه في موضعه من البحث. فإذا شرعنا في البحث قلنا: إن للبطولة جانبيين: جانب فردي، وجانب جماعي، وهما جانبان متباعدان منفصلان حيناً، وملتقيان مجتمعان حيناً آخر، فهما منفصلات في مجلات وملتقيان في أخر، هما منفصلان عند الحديث عن وقوف الشاعر على الأطلال ووصف الرحلة التي يقوم بها ليصل إلى ممدوحة أو غايته.... وهما مجتمعان عند الحديث عن البطولة في المعارك، أو عن بطولة الكرم أو الإيثار... مما سأبسط القول فيه مفصلاً فيما يلي. __DEFINE_LIKE_SHARE__ |
| |
![]() | رقم المشاركة : [ 4 ] |
وش فآيدتهآ آلروح ؟ وآلقلب ميت | ![]() تابع لأبو تمام بطل الأطلال والرحلة قد يتعجب بعض قارئي هذا البحث حين أربط فيه بين أبي تمام ووقوفه على الأطلال ووضعه الرحلة في شعره من جهة وبين ما في الوقوف عللا الأطلال ووصف الرحلة من صور البطولة من دهه أخرى، فيتساءل ما العلاقة بين أبي تمام هذا الشاعر العباسي والوقوف على الأطلال ووصف الرحلة، ثم ما وجه البطولة في الوقوف على الأطلال ووصف الرحلة؟!. ولستُ أرى مصدر التساؤل الأول غير الجهل بالأدب وضحالة البحث فيه، وبحث الناظر لديه، وأن مصدر وهو سائله بأن الوقوف على الأطلال ووصف الرحلة قضية كانت قصراً على الشعر الجاهلي وأنها انقضت بانقضائه. وإذا كان تعصب أبي الطيب المتنبي لأصله العربي قد دعاه إلى قوله: فليت بلى الأطلال أن لم أقف بها وقوف شميح ضاع في الترب خاتمه( ) وأبو تمام كذلك شاعر عربي، وقد سبق أبا الطيب بنحو خمسة وعشرين ومائة سنة، وكان قد شهد الصراع الذي قام بين الشعراء العرب من جهة والشعراء الشعبين من الفرس على وجه الخصوص وعلى رأسهم أبو نواس، الذي سعى إلى نقض بناء القصيدة العربية ونبذ ذكر الأطلال، وأن يستبدلوا به ذكر الخمرة, فأبو تمام والحال هذه أحرى بالوقوف على الأطلال من أبى الطيب و أولى بل لعله والبحتري قد اختصا بهذا؟. يقول الأخرى:... وهذه طريقة القوم في الوقوف على الديار، ولهم فيها من الأشعار ما هو أشعر وأكثر من أن يحتاج إلى ذكره، وتلك سبيل سائر المحدثين، وطريقة الطائيين ما عدلا عنها ولا خرجا إلى غيرها"( ). وأما القول في قضية الأطلال والرحلة فإنني أمهد لها بقول الآمدي:" ثم أنا ما علمنا أحد قصد داراً عفت من شقه بعيدة، واحداً كان أو في جماعة، للتسليم عليها، والمسألة لها، ثم انصرفوا راجعين من حيث جاءوا، وإن هذا ما سمع به، ولا هو من أغراضهم، إذ ليس فيه جدوى، ولا يؤدي إلى فائدة، وإن ما وقفوا على الديار وعرجوا عليها عند الاجتياز بها والاقتراب منها لانهم تذكروا عند مشارفتها اوطاءهم فيها فنازعتهم نفوسهم إلى الوقوف عليها والتلوم بها..." ( ). ليس الوقوف على الأطلال ووصف الرحلة، عبارة عن وصف ظاهري لا مكان متهدمة، ورسوم عبثت بها هوج الرياح، بل هي استجابة لدوافع وجدانية، أو قوى لإدراكية مناطها الوعي أو الأوعى انبقثت من نفس الشاعر صريحة حيناً، أو مرتدة على شكل تساؤلات داخلية حيناً آخر. إنها التعبير عن قلق الشاعر من قضبة الزمن، وصروفه في ماضيه، وحاضرة، وما تخبئه من مجهول في مستقبله الزمن الذي قرنت معانيه، ودلالاته بدلالات القليه والقهر( ). وإذا كان الناس جميعاً يشتركون في التطلع إلى المجهول، فإن الشعراء من أكثر الناس تطلفا إليه، واستغراقا فيه وهم يشاركون الأنبياء والفلاسفة في نظرهم إلى وجه الحياة ألا قضاها. فقد اتخذ الشاعر من الأطلال طاقة لمجاوزة واقع متهدم، وانطلاقاً إلى انبثاق حياة جديدة لا تتأتى لهم إلا بالتضحية التي تقدم صورة الموت مولداً لنوع من الحياة التي يحلم بها الإنسان. الأطلال هي رمز الحياة بأبعادها الثلاثة: الماضي، والحاضر، والمستقبل ونظر الإنسان إليها وصراعه معها وفيها؛ صراع البطل المغامر، ومجابهة الفارس المتحدي، أو استسلام الخانع، وتكوص الجبان. والرحلة هي رحلته في هذه الحياة وهمته فيها أرادته لديها، همة البطل، أو قعود الصاغر. وصراع الإنسان عموماً، والشاعر على وجه الخصوص مع الزمن –أو الدهر- والحياة، أرادته لديها، وهمته فيها صورة من صور البطولة، كما أن الرحلة، وما يقطعه فيها من مغاوزه وما ترتفع به من روابي، وما تنحط به من شعاب، أو تتقاذفه من حروب، أو تتهاده من تنائف أو يتربص به من وحش أو عدو وما في الوقوف على الأطلال من وحشة الانفراد......... كلها آيات شجاعة، وصور بطولة. ولقد قال أبو تمام في الزمن والدهر:- 1- طلبته أيام وطالبت مثلها أخرى قلإصبح طالباً مطلوباً 2- هي عزمةُ كالسيف إلا أنها جُعلت لأسباب الزمان قضوباً 3- خطيت خطوب الدهر منه خُطةً نتجت عليه تجارباً ونكوباً 4- صرمت حبال الدهر منه صرمة تركت بقلب النائبات وجيبا 5- ولربما استبكته نكبة حادث نكات بباطن صفحتيه ندوبا ومن شعره في الوقوف على الأطلال قوله: 1- ازعمت أن الربع ليسى يتيمُ والدمع في دمنٍ عفت لا يسجمُ؟! 2- يا موسم اللذات غالتك النوى بعدي فربعك للصبابة موسم! 3- لحظت بشاشتك الحوادث لحظة مازلتُ أحلم أنها لا تسلم 4- أين التي كانت إذا شاءت جرى من مقلتي دمعُ يعصفره دم ؟ 5- يستعذب المقدام فيها حتفه فتراه وهو المستميت المقلمُ 6- إن كان وصلك آض وهو محرّم منك الغداة فما السّلوُّ محرم 7- عزم يفلًّ الجيش وهو عرمرم ويرد ظفر الشوق وهو مقلّم 8- وفتى إذا ظلم الزمان فما يُرى إلا إلى عزماته يُتظلم! ذكرت آنفاً أن وقوف الشاعر على الأطلال ضرب من ضروب البطولة، وبينتُ أجلى أوجه هذه البطولة وذلك بأن الأطلال رمز؛ بل رموز الصراع الإنسان مع الزمن في ماضيه المتهدم المنصرم، جعله والحاضر المعاش منطلقين إلى مستقبل يطفح سعادة ويفيض بُلَهنيةً. وهل المصارعة والصراع وما يستلزمانه من الشجاعة وشدة البأس، ويقتضيانه من الجلد وقوّة الاحتمال غيرُ ضرب من أضرب البطولة، وآية من آيات الإباء؟. وهذه أبيات لأبي تمام استهل بها إحدى قصائده، ومد بدأها بالوقوف على الأطلال وقوفاً لم سشأ أن يجعل نفسه منه وحيداً فتقتله وحشة الوحدة وآلام الغربة- قلق جرد من نفسه صاحباً، استث وتسريه على نفسه... وراح بسائله مستعملا الفعل الماضي الذي يفيد استغراق الزمن بأبعاده الثلاثة، مستنكراً زعمه بأن مشاهد الديار لا تثير عواطف الصب أو يبعث جوا من الأشجان؛ فيستجيبوا لما به غزير الدمع يسفحه مدراراً إنه يبكي على عهود الوصل التي مضت وأيام التلاقي التي انقضت وفي الدموع إطفاء لما به من غلة الأشواق ومر الصبابة وهي ديار وعهود جدّ عزيزة؛ يستحيي بها الفارس والشجاع، فتراه يقوم عليه مدحجا بالسلاح. وهو صابر على كل ما به يحس ولما له يلقى من لواع الأشواق وكوامن الوجد، وبتاريخ الجوى... فلئن غدا وصل فتاته محرماً عليه فسلوه عنها ونسيانه لها ليس بمحرم .......إنه سيلقاها بما تلقاه به وسبباً لها بما به تبادله؛ وصلاً يوصل وسلواً بسلو؛ وهو سلوّ كمي باسل ذي عزم شديد يشتت جموع الجيش الهمام، فارس إذا شكا فليس بشاكٍ إلا إلى شدّة بأسه، ومضاء عزمه. ومن شعره في ذكر الديار ووصف الرحلة قوله:- 1- نُسائلُها أي المواطن حلّت وأي ديار أوطنتها وأيت 2- وماذا عليها لو اشارت فودّعت إلينا بأطراف البنان وأويتِ 3- وما كان إلا أن تولّت بها النوى فولى عزاء القلب لما تولتِ 4- ولمّا دعاني البين ولّيت إذ دعا ولما دعاها طاوعته وليَّت 5- ومجهولة الأعلام طامسة الصوى إذا اعتسفتها العيس بالركب ضلَّت 6-تعسفتها واللّيل قلقٍ جرانه وجوزاؤه في الأفق حين استقلت وهذه أبيات هي مطلع إحدى قصائده، وقد بدأها بسؤال ديار فتاته التي صعنت عنها: إلى أي ديار رجلت، وأي ديار حلت. مستعملاً ضمير الجمع؛ مخففاً به عن نفسه ما يعانيه ويكابده- معاتباً فتاته عتاب الغائب على عدم وداعها إياه قبل الرحيل، وإن يكن وداعاً بادئي إشارة مستعملاً ضمير الاستفهام الدال عما به من آلام المنبئ بما هو فيه من أحزان، وما إن فارقته قتاته وابتعدت حتى فارقه صبره لفراقها، ولقد كانت فتاته متأبية عليه مدلّه تياهه متمنعة مما كان يدعوه إلى مفارقتها، ولكن قلبه لم يكن ليطاوعه في ذلك، أما هي فسرعان ما طاوعها قبيها ققارقته.......... وبعد أن وصف رحلة قطع فيها فلاة قفراً غير مأنوسة "لم يعرف بها ساكن رسماه إذا سارت بها النياق ضلت؛ اذ العلامات فيها ولا هادي لديها. ولقد سار في هذه الفلاة سيراً شديداً، وكان الليل قد أرخى سدوله، وهو في ذكره الليل شبه بجمل ضخم قد برك على حسه- وهو ما يذكرنا بقول امرئ القيس( ):- فقلت له اما تمطى بصلبه واردق إعجاز وناء بكلكل وقرن الليل بنجوم الجوزاء ومعلوم أن شعراء الجاهلية على وج الخصوص كانوا يقرنون بين ذكرها وبين المطر والناقة التي كانوا يشبهونها بثور الوحشي، ثم يذكرون صائداً وكلابه، ثم يقمون معركة بين هذا الثور والكلاب، وكانت هذه المعركة تنقضي بانتصار الثور في أغلب الأحاديث. ولكن أبا تمام لم يفعل فعلهم بل اكتفى بما كان أحدهم يطلقه على ناقته من أوصاف الضخامة والقوة والنشاط. إنها أبيات كل ما فيها بطولة فالصبر ضرب من أضرب البطولة والرحلة التي قلنا لأنها رحلة الإنسان في هذه الحياة وهمته فيها وإرادته لديها وما تقتضيه من الشجاعة في مقارعة الأيام والبطولة في مجابهة صروف الزمن. والسير في هذه الأرض القفر وفي هذا الليل إليهم بطولة تلتقي ببطولة، وإسقاط الشاعر على ناقته هذه الصبغات، وليس الناقة إلا ما يرافق الإنسان من عزم وهمة في مسيرة في دروب الحياة، وضخامتها وفوتها ونشاطها تعبير عن هذا العزم ودلالة عليه، وهل يستطيع حمل الضخم إلا ضخم ضله؟! البطولة في الخمر ارتبطت الخمرة بالشعر العربي بالفتوة والشباب، وهما مقدمة عناصر البطولة وأول إمارتها وأولى لوازمها؛ فقد كان ملء الحياة بالملذات دليل وجود دائم وعنصرا لا ينفعل من الحماسة والبطولة كما كانت كذلك مظهراً من مظاهر الاحتجاج في وجه الزمن لقد بدأ عمرو بن كلثوم ملحمية بذكرها كما نعت الأعشى نداماه بالفتية؛ وذلك قوله:- وقد أقود الصبا يوماً فيتبعني وقد يصاحبني ذو الشرة الغزلُ( ) في فتية كسيوف الهند قد علموا أن هالك كل من يحفى وينتعلُ نازعتهم فصب الريحان متكئاً وقهوة ملزّة راووقها خضلُ كذلك فقد بدأ حسان بن ثابت قصيدته قبل فتح مكة بذكرها فقال: نوليها الملامة إن المنا إذا ما كان مفت أو لحاء( ) ونشر بها فتتركنا ملوك وأسد ما ينهنهنا اللقاء ثم قال: عدمنا خيلنا إن لم تروها تثير النقع موعدها كداءُ وقد اجتمعت هذه المعاني في قصيدة لأبي تمام يقول:- أصيب بعميّا كأسها مقتل العذل تكن عوضا إن عنفوك من الثبل وكاس كمعسول الأماني شربتها ولكنها أجلت وقد شريت عقلي إذا عوتبت بالماء كان اعتذارها لهيبا كوقع النار في الحطب الجزل إذا هي ديّت في الفتى خال جسمة لما دبّ فيه قرية من قرى النحيل إذا ذاقها وهي الحياة رأيته يُعّبس تعبيس المقدم للقتل إذ اليد نالتها يوتر توقرت على ضعفها ثم استقادت من الرّحل ويصرع ساقيها بإنصاف شربها وصرعُهمُ بالجور في صورة العدل وصف فيها تعذر الرزق عليه بمصر، وهل تعذر الرزق غير شدة يقتضي مواجهتها الصبر والحزم، بل مصيبة تستوجب مجابهتها السعيّ، والجدّ، والعزّم؛ وهل الصبر والعزم والسعي والجد والحزم إمارات الشجاعة وضروب بطولة، قدّم لها بذكر الخمرة؟!. لقد بدأها مجرد من نفسه صاحباً؛ تسربه عن نفسه وتقويه لهمته، وراه يخلطبه طالباً إليه أن تشربها؛ ففي شربها الثأر ممن له ثأر لديهم من المقرعين من الناس، أو من صروف الزمن مشبعا إياها بالأحلام الجميلة والاماني العذبة، ناعتاً شاربها بـ(الفتى) مشبها إياه بما تبعثه فيه من الصحة والنشاط والسعي بقربه النحل، وما تجعله فيه من الآباء بحث يستعد للقتل غير مبالٍ. __DEFINE_LIKE_SHARE__ |
| |
![]() | رقم المشاركة : [ 5 ] |
وش فآيدتهآ آلروح ؟ وآلقلب ميت | ![]() وقال في قصيدة أخرى اصبري أيتها النفس فإن الصبر أحجى نهني والحُزن فلإن الخزن إن لم ينه لجى والبسي الباس من الناس فإن الباس ملجا طلعت شمس علينا من دنان تتوجا لذة الطعم تمج للسك في الأقدام حجا كست الشيخ شباباً فأكتسي شكلاً وغنى فقضينا منسك اللهو وإن لم ننو حجا بدأ أبو تمام هذه القصيدة مخاطباً نفسه طالبا إليها أن تصبر وتتجلد وأن يطرح الأحزان؛ لأن المرء إذا لم يتطرح الأطراف تمادت به وفي إيلامه. وهذا المعنى قريب من قول الشنفري:- أديم مطال الجوع حتى أميته وأضرب عنه الذكر صفحاً فأذهل( ) ويشيد تماماً قول إيليا أبي ماضي. وإذا ما أظل رأسك هم قصر البحث فيه كي لا يطولا ( )ثم انتقل أبو تمام إلى وصف خمرة شربها في جماعة من أصحابه مشبها إياها بالشمس، واصفاً تأثيرها في مشاربها فهي تجعل من الشيخ شاباً يرقل بالحيوية ويزدهي بالنعومة ناعتاً فعلهم هذا بقضاء أحد المناسك. بطل الكرم الكرم من أجلّ الصفات وأسمى الشمائل، وانبل الخلال التي يتجلى بها الإنسان عموماً والعربي على وجه الخصوص. ولقد تكرر لفظ الكرم ومشتقاته في الكتاب العزيز ثمانياً وأربعين مرة, وكثيراً ما فرت المولى- تقدّي أسماؤه- الجود بالنفس –وهو أسمى غاية الجود- بالجود بالمال. وإذا كان أكثر شعر \أبي تمام في المديح والرثاء- كما أسلفت- فيد هيّ أن يكثر فيه ذكر السخاء والكرم والجود وهل يستحق المديح من خلال من هذه الصفة الجلية والخلّة العليّة. ومن شعره في ذلك قوله في مدح المعتصم: إلى قطب الدنيا لو بفضله مدحت بني الدنيا كفتهم فضائله من البأس والمعروف والجود والتقي عيال عليه رزقهن شمائله هو اليم من أي النواحي أتيته فلحية المعروف والجود ساحله. يفود لسط الكف حتى لو انه تناها لقبض لم تجبه أنامله ولو لم بكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتق الله سائله عطاء لو اسطاع الذي تستميحه لاصح من بين الورى وهو عادله فالموضوع قطب الدنيا وموضع القسطاس منها، ولو عدّت كلّ فضائل أهلها لزادت فضائله على فضائلهم جميعاً. وهو جماع الفضائل تلّها؛ من الشجاعة والإقدام والإحسان والجود والورع، بل هو مصدرها ومعينها وهو بحر الجود يعمّ به الأرجاء إنه أصل الجود وأوانيه ومنابع السخاء ولقد تعوّد أن تظل كفّه مبسوطة بالجود والمعروف ممتدة بهما أولاً حتى لا تكاد أنامله تطيعه في إمساك، حتى وإن لم يكن لديه غير نفسه يجاد بها؛ ولذا فليقف الله سائله وهو فيض جود يكاد من يناله وافر هذا الجود أن يلومه على كثرة ما أعطاه وقال يفخر بقومه من بني طي نجوم طوالع جبال فوارع غيرت هوا مع سيول دافع نصرا وكأن المكرمات لديهم لكثرة ما أوصلوا بعين شرائع فأي يد في المجد قدت فلم تكن لها راحة من جودهم وأصابع بها ليل لو عانيت فضل أكفهم لايقنت أن الرزق في الأرض واسع إذا خفقت بالبذل ارواح جودهم حداها الندى واستنشقها المطامع رياح كريح العنبر المحض في الندى ولكنها يوم اللقاء زعازع لقد شبه قومه بالنجوم إشراق أسوار ولآلاء هدايه، وكثرة عديد وشهرة حيث وبُعد ذكر، وعلو مكانه وسمو منزلة وهو قد جمع (طالع) على طواليع؛ كما جمع (هامع) على هواميع) امعانا في التكثير. ولقد كانت المكارم فيهم بمنزلة الشريعة والعقيدة والمنهاج، فهوا عليها وأوصوا أسلافهم باتباعهم في السير عليها ليس في الأرض جود الا وهو فيض جودهم، ونيع سخائهم وإذا عاين أحد كثرة ما يبذلون ومدى مابه يجودون لأيقن لغيضه أن الخلق جميعاً أغنياء، وأن رياح جودهم ليوجد من مسافات بعيدة وهي رياح معطرة بشذى العنبر الخالص، ولكنها تستحيل عند مقارعة الاعداء ربحاً هوجاً عاتيه. بطل المعركة وما فيه من صفات الشجاعة والآباء والسؤدد قال في فتح عمورية:- كم بين حيطانها من فارس بطل قاني الذوائب من آني دم سرب بسنة السيف والخطي من دمه لاسنة الدين والإسلام مختطب لقد تركت أمير المؤمنين بها للنار يوماً ذليل الصخر والخشب تدبير معتصم بالله منتقم لله مرتقب في الله مرتقب ومعظم النصر لم تكهم أسنته يوماً ولا حجبت عن روح فحتجب لم يعز قوماً ولم ينهد إلى بلد إلا تقدمه جيش من الرّعب لو لم يقد جحفلاً يوم الوغي الندي من نفسه وحدها في جحفل الجب لبيّت صوتا بطرياً هرقت له كأس الكرى ورضاب الخرد العُرب عداك حر الثغور المستضامة عن برد الثغور وعن سلسالها الخصب أجبته معلنا بالسيف منصلتا ولو أجبت بغير السيف لم تجب حتة تركت عمود الشرك منعفراً ولم تعرج على الاوتاد والطنب إن الأسود أسود الخيل همتها يوم الكريمة في المسلوب لا السلب خليفة الله جازي الله سقيك عن جرثومة الدين والإسلام والحسب فبين ايامك اللاني نصرت بها جرثومة الدين والاسلام والحسب فبين ايامك اللائي نصرت بها وبين أيام بدر أقرب البسي. وقال يرثي محمد بن حميد الطائي:- كذا مليجل الخطب وليفدح الأمر فليسب لعين لم يفض ماؤها عُذرُ توفيت الآمال بعد محمد واصبح في شغل عن السفر السفر وما كان الآمال من قل ماله وذخرا لمن أمس وليس له ذخر وما كان يدري مجتدي جود كفه إذا ما استهلت أنه خلق العسر مني كلما فاضت عيون قبيله دما صحكت عنه الاحاديث والذكر وما مات حتى مات مضرب سيفه من الضرب واعتلت عليه القنال السمر وقد كان فوت الموت سهراً فرده إليه الحفاظ المرّ والخلق الوعر ونفس تعاف العار حتى كأنه هو الكفر يوم الرّوع أو دونه الكفر فأثبت في مستنقع الموت رحله وقال لها من تحت أخمص والحشر تردى ثبات الموت حُمرا مما اتى لها الليل الا وهي من سندس خضر عليك سلام الله وقفاً فإنني رأيت الكريم الحرّ ليس له عمرٌ هذه مقتطفات من قصيدتين هما من عيون الشعر العربي ولو قدر أن يكون لي من الأمر شيء لأمر جبت حفظهما على كل من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله. وقد جمعتهما معاً، مخالفاً بذلك في دراستهما النهج الذي سرت عليه ولقد ترتبت في اختبار الآبيات ريثاً امتد زمنا غير قصير. فأما أولاهما فقد قالها أبو تمام في وصف إحدى معارك الإسلام الخالدة؛ هي فتح عمورية، تمجيد بطل من أبطاله العظام؛ هو المعتصم وقد مهّد لمدحه بوصف جنود الأعداء بالشجاعة والأقدام ولا عجب فإن في وصفهم بهذه الصفات مدحاً غير مباشر للقائد وجيشه الذي قتدهم أو أسرهم أو انتصر عليهم إنهم أبطال في الغاية من البطولة فهم قد ثبتوا في ساح الوغى فوقع الضرب في رؤوسهم لا في أعقابهم فأخذت ذوائبهم تسبل دماً أحمر قانياً. ولقد حضيت ذوائبهم بالدم وهي سنة السيف والرمح، لا بالخضاب الذي هو سنة الإسلام. وانتقل بعد ذلك مباشرة إلى ما فعله المعتصم بهذه المدينة وما كان إحراقه إياها، جزاء وفاقاً على ما جنته أيدي أهلها وملكهم من أذى للمسلمين وهي نار حامية الوقد شديدة اللظى قد أحرقت بلهيبها الخشب والصخر. وهو بعد أن وصف ما حل بهذه المدينة من النكبات التي ردّت بها كرامة هذه الأمة و عزتها، وما كان لذلك من وقع إثلاج صدور المسلمين، شرع في مدح المعتصم؛ فهذا النصر المؤزر قد تم بفضل حنكة القائد وسديد قيادته، وهو فتح وجهاد لم يرد به غير وجه الله تعالى. ولقد كان في النصر مخمصة فاسبقها الممدوح من جيدا سنته التي لم تعرف الغل ولا الكلّ، ولم تغمد عن بغية. والقائد مكلل بالنصرة تسبقه المهابة ، فهو لم يقد جيشاً إلى معركة إلا دب الخور في قلوب أعدائه بمجرد علمهم بمسيرة وهو كذلك مهيب مهاب حتى لو كان مفرداً ليس معه جيش؛ فهو جيش وحده. ثم التفت الشاعر، مشرع في خطاب القائد؛ مشيراً إلى المرأة العربية التي استفانت به، وسرعة هبته لنجدتها محرما على عينيه طعم الغمض وعلى نفسه ملذات الحياة ومتع الدنيا، من الفتيات الحسان. لقد صرف القائد انشغاله بحفظ ثغور الإسلام عن سائر الملذات ولقد أسرع مستجيبا لاشتغاله هذه المرأة بالسيق؛ وما كان مثله بمن يستجيب بغيره وفعل بالمشركين ما فعل والحق بهم العزيمة النكراء، ولقد كان همه النصر، لا شيء سواه فهو لم يلتفت إلى سبي أو مغنم ولإن الأبطال –الذين شبههم بالأسود هو منهم وغايتهم مقارعة الأبطال، لا اكتساب الغنائم. ثم شرع في الدعاء إلى القائد بأن يجزيه الله جزاء المصطفين الأخبار عما فعله في سبيل عزة الإسلام ومنعة المسلمين وختم بتشبيهه النصر في عمورية بانتصار المسلمين الأوائل -رضوان الله عليهم –في غزوة بدر. __DEFINE_LIKE_SHARE__ |
| |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
![]() | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
- [ تقارير وبحوث في علم النفس ] - | qayed | البحوث والتقارير | 20 | 01-05-2008 01:01 AM |
- [ تقارير وبحوث في التاريخ ] - | qayed | البحوث والتقارير | 24 | 01-05-2008 12:40 AM |
- [ تقارير وبحوث في البيئه ] - | qayed | البحوث والتقارير | 12 | 01-04-2008 04:23 AM |
- [ تقارير وبحوث في الجغرافيا ] - | qayed | البحوث والتقارير | 47 | 01-01-2008 01:59 AM |
- [ تقارير وبحوث في الاقتصاد ] - | qayed | البحوث والتقارير | 6 | 12-31-2007 11:43 PM |