في زمن انفجرت فيه تكنولوجيا الاتصال وقدمت للعالم وسائل بديلة مكنت أبسط إنسان من إطلاق قناة على الانترنت وتوجيهها بالشكل الذي يريد، وفيما بدأ العالم يعيد النظر في المعنى التقليدي للإعلام بعد أن أصبح الشاب الذي يملك هاتفا نقالا بإمكانه أن يسبق الصحفي المحترف* في* الوصول* إلى* المعلومة،* بل* ويقدمها* للعالم* بالصوت* والصورة،* دونما* حاجة* إلى* المرور* عبر* التلفزيون* أو* الإذاعة* أو* حتى* الصحف*.
في هذا الزمن الذي تعتبر فيه القنوات التلفزيونية والإذاعية وسائل اتصال بدائية، لازال أطراف المعادلة السياسية في الجزائر يناقشون سبل فتح السمعي البصري في الجزائر، ولازالت السلطة تتردد وتتماطل في هذا المشروع الذي لم يعد له معنى في ظل ثورة الاتصال.
والغريب في الأمر أن وزير الاتصال ناصر مهل لازال يراهن على اليتيمة ويتحدث عن رصد ميزانية إضافية لتحسين برامجها، في محاولة منه للقفز والالتفاف على موضوع فتح المجال السمعي البصري، مع أن الوزير يعلم جيدا أن صاحب صفحة على الفيسبوك يمكنه أن يؤثر على الرأي العام بشكل* أفضل* من* تلفزيونه* الذي* بكى* عليه* كثيرا*.
لا يمكننا مواجهة تحديات هذا العصر بعقلية الحجر على آراء الناس وميولاتهم، وما يحدث في الجزائر دليل على ذلك، بالنظر لوجود 20 مليون هوائي مقعّر فوق بيوت الجزائريين تلتقط آلاف القنوات التلفزيونية التي تبث من الشرق والغرب، أما اليتيمة المسكينة فلا يتم الالتفات إليها* إلا* مع* كل* إفطار* رمضاني* لإضفاء* النكهة* الجزائرية*.
يجب الاعتراف أن جيراننا في المغرب وتونس قطعوا أشواطا مهمة في مجال السمعي البصري، ولم تتخلف موريتانيا عن الركب وبادرت بإطلاق قنوات مستقلة، بينما نصر نحن في الجزائر على مخاطبة أنفسنا باليتيمة وربيباتها، مما عزلنا عن العالم بشكل كاد يقترب من عزلة كوريا الشمالية*.
هو تخلف وبدائية في نمط التفكير وإصرار على الخطأ من قبل المسؤولين الذين لا يشاهدون التلفزيون إلا لرؤية أنفسهم وهم يدشّنون "المشاريع العظيمة" من طرق سرعان ما تتحول إلى وديان، وملاعب تتحول إلى بحيرات.