كلمة الشيخ النوري: ابعاد التعبئة في موسم عاشورا + قضية رفع البنزين

محروم.كوم · #1 01-05-2010, 06:30 PM

العزة اون لاين – إسكان عاليخطبة سماحة الشيخ سعيد النوريجامع الامام الحسين(ع)1 يناير 2009

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على الرسول المصطفى وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين

الوقفة الأولى:
أبعاد التعبئة في موسم عاشوراء

في بعض المجتمعات تصدر تقارير سنوية لتقييم الأوضاع الوطنية في الجانب الاجتماعي و السياسي و الاقتصادي وغيره. هذه التقارير التي تقيم الأوضاع مهمة لأنها تضع النقاط على الحروف وتحدد مواطن القوة و مواطن الضعف . وموسم عاشوراء هو موسم تعبوي و ليس مجرد مجموعة من العادات ، إنما هو موسم للبناء و صياغة المجتمع الإسلامي الصالح الرشيد.

لتوضيح هذه الوقفة سنسير في تقييم ومقارنة بين موسم عاشوراء في البحرين و موسم عاشوراء في لبنان:
موسم عاشوراء هو موسم تعبوي بمعنى أنه موسم لتغذية المجتمع بما يحتاجه من أجل أن ينهض و يتقدم.

أولاً التعبئة العاطفية:

الآن في البحرين ينتشر السواد و الشعارات الحسينية في مختلف المناطق ، هذا يمثل تحفيزا للمجتمع ليتعاطف مع أهل البيت (ع، فالمواكب و المجالس الحسينية تهدف لاستثارة العواطف تجاه مصاب سيد الشهداء و أهله و صحبه (ع) .
في البحرين: إن التعبئة العاطفية العاشورائية تمثل نموذجاً متقدماً على النماذج الأخرى، نحن نمثل مدرسة، و المواكب الحسينية البحرانية تمثل حالة متقدمة ،و كذلك على مستوى النعي و الشعر الحسيني، لدينا شعراء بحرانيون كبار في الماضي و أيضاً الشعراء المعاصرون . إذاً، فالمدرسة البحرانية على مستوى التعبئة العاطفية في الموكب أو في النعي تمثل نموذجاً متقدماً على النماذج في البلدان الأخرى عموما .

ثانياً التعبئة العلمية و العقائدية:

في موسم محرم يجب أن يتغذى المجتمع بالعقائد الإسلامية الأصيلة .
إن التعبئة العلمية و العقائدية ، في السنوات الماضية كانت متواضعة في البحرين ، لكن في السنوات الأخيرة –و بحمد الله تعالى- برزت بعض الشخصيات البحرانية على مستوى الخطابة الحسينية، و لدينا الآن عدد لا بأس به من الخطباء البحرانيين و المميزين على مستوى الطرح العقائدي و العلمي و القرآني و الفقهي.

ثالثاً التعبئة الثقافية:

فلنقارن بين موسم عاشوراء في لبنان و بين موسم عاشوراء في البحرين لتتضح هذه النقطة.
نلاحظ في لبنان أن هناك تعبئة ثقافية ممانعة ثورية- وللأسف عندما نقول كلمة (ثورية) يتحسّس بعض الأخوة- وشعار (هيهات منا الذلة) شعار رئيسي في عاشوراء، و حزب الله في لبنان كان قد أطلق شعار (عاشوراء و نصرة المظلوم) في إحدى السنوات الماضية، و في هذه السنة كان الشعار (عاشوراء .. إحياء الحق) ، فهناك ثقافة عاشورائية ثورية نهضوية ، ثقافة العزة ، و الكرامة والحق ، و الوعي ، و مقارعة الظالمين والمستكبرين و نصرة المظلومين و المستضعفين . هذه الثقافة التي تضخها عاشوراء (إني لا أرى الموت إلا سعادة و الحياة مع الظالمين إلا برما) . ففي عاشوراء نجد ثقافة أن الحياة مع الظالمين هي حياة غير مرغوب فيها و أن الشهادة و التضحية لنصرة الحق هي قضية مقدّسة.، ونجد حزب الله يستثمر موسم عاشوراء لتغذية الأمة بهذه الثقافة المقاومة الثورية.

نحن في البحرين هذه الثقافة الثورية –و أقولها بكل ألم- ثقافة ضعيفة، و بحسب ما نرى أن هناك اختلاف حول ثقافة العزة و المقاومة . وهناك بعض الأحبة يطرح تنظيرات غريبة مثل :

1- شعار (هيهات منا الذلة) ليس شعار جوهري أو استراتيجي بل رُفِع هذا الشعار من قِبَل الإمام الحسين (ع) برؤية تكتيكية و مرحلية.
2- الثورة الحسينية ليست ثورة سياسية حقوقية و إنما هي ثورة دينية محضة ؟ بمعنى أن الحسين (ع) وجد أن الدين في خطر فقرر أن ينهض و يقدّم دمه، و لم ينهض لأجل الحقوق السياسية و نصر المظلومين و المستضعفين ، و مواجهة المستكبرين و الظالمين.
3- الإمام الحسين (ع) لم يقرر الشهادة و التضحية منذ البداية ، و إنما كان لآخر لحظة لا يريد أن يُقتل ولا أن يستشهد ، و لكنه حُوصِر و أُحيط به و لم يُقبل منه إلا أن يقاتل ، فاضطر للقتال دفاعاً عن نفسه . فلم يكن لديه مشروع قتال و لا مشروع تضحية؟؟
4- بعض الاخوة يقول بأن تسمية النهضة الحسينية بالثورة هي تسمية غير مناسبة، فلا يوجد شيء إسمه ثورة حسينية ؟؟
5- بعض الاخوة يقول ان أهل البيت(ع) مجاملون و مهادنون للظلمة ، وهذا هو منهجهم و أن الثورة الحسينية هي استثناء من هذه القاعدة .

نأسف على أن هذه التنظيرات موجودة في البحرين، مع أن شعارات الإمام الحسين (ع) و مقولاته الثورية الاصلاحية واضحة جداً، في الوقت الذي نرى فيه أن بعض المسيحيين و الهندوس و البوذيين من غير الشيعة و المسلمين مُجمِعون على أن النهضة الحسينية هي نهضة ثورية من الدرجة الأولى ؟؟

مثل هذه التنظيرات الهزيلة و السطحية تمثّل طعنة في قلب الإمام الحسين (ع). أسألكم بالله إذاً لماذا هذا التضحيات و المآتم و الشعائر الحسينية؟ إذا كان الدرس الأول الذي أراد سيد الشهداء (ع) أن يقدمه لنا ، و هو الوقوف بكل صدقٍ و إخلاص ضد الظلمة و الطواغيت لم نهضمه بعد فلماذا كل هذا العناء؟ لماذا كل هذه الدماء التي قدمها سيد الشهداء (ع)؟

الإنسان لا يحتاج إلا إلى عقل متدبر و فطرة سليمة ، ليعرف أن الإمام الحسين (ع) إنما خرج لإصلاح أمور الأمة الدينية والسياسية . حيث قال عليه السلام: (إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي(ص) أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب(ع) ) . الإمام الحسين (ع) أراد أن يصلح كل أوضاع الأمة، فهو لم يقل أردت أن أصلح شأناً دون آخر، فالإصلاح يشمل الأحوال السياسية و الدينية و الاجتماعية والاقتصادية.
لذلك أقول بأن هناك ضحالة كبيرة في التنظير للثورة الحسينية في البحرين، وفي الوقت نفسه نجد أن المجتمعات الشيعية الأخرى كإيران و لبنان والعراق مُجمِعة على أن خط الإمام الحسين (ع) ثوري و ممانع .

فموسم عاشوراء في البحرين يمرّ من دون تعبئة ثقافية حقيقية جادّة لوجود اختلاف حول جوهر القيم الثورية بصورة عميقة .

رابعاً التعبئة الاجتماعية:

من الملفت للنظر في لبنان مثلا ، و في ليلة العاشر حيث يلقي سيد المقاومة حفظه الله كلمته تجد عمائم من أهل السُنّة مشاركة في المجلس العاشورائي . فموسم عاشوراء يمثل أرضية خصبة للحوار بين المذاهب و الأديان ، لأن مبادئ و قيم الثورة الحسينية الانسانية السامية تمثل فرصة لتلاحم المجتمع و التواصل الاجتماعي، فالنموذج اللبناني يمثل نموذجا متقدما على مستوى التعبئة الاجتماعية الوحدوية .

أما في البحرين و منطقة الخليج عموما ، نجد أن موسم عاشوراء هو موسم الخلافات و التشرذم الأول، وفي الكويث لم يجدو إلا يوم العاشر من المحرم ليعلن -بعض السلفية- الفرح و السرور؟؟ و في البحرين لا نجد تقدّما و لو لخطوة واحدة على مستوى الوحدة حتى بين المؤمنين ؟ فالخلافات حول قضية التطبير و غيرها من الممارسات تبرز على أشدّها ، و يعتبر هذا تخلّف اجتماعي كبير.

والسيد القائد حفظه الله حرّم التطبير لأن التطبير فيه توهين لمذهب أهل البيت (ع) . و ما يحدث في البحرين أن هناك اختلاف على مستوى المرجعيات حول هذه القضية . فهناك بعض المراجع يقول بأن التطبير مستحب ، فما هو موقفنا و ماذا يجب علينا أن نفعل؟ ، طبعاً لو استطاع المجتمع أن يدخل في حوار هادئ بين الحكماء و العلماء ، يدخل فيه الجانب الديني و الجانب الاجتماعي و تؤخذ جميع الحيثيات فكيف نشخّص المصلحة، وكيف ندرء الفتن؟ لذلك أقول يجب الرجوع للمراجع العظام و لا يجوز لأي أحد أن يفتي فيما يرتبط بتطبيق الفتاوى.

فالسيد القائد حفظه الله مثلاً يفتي بحرمة التطبير، لنذهب له و نعرض عليه قضيتنا ، وهي أن بعض المؤمنين يصرّ على إخراج مواكب التطبير، و نحن حاولنا أن نقنعهم و لكنهم لم يقتنعو و يستند بعضهم لفتاوى بعض المراجع فما هو الموقف الشرعي من هكذا حالة؟ هل يجب منعهم بالقوة من الخروج بموكب التطبير؟، فيجب الرجوع للمراجع لا سيما السيد القائد حفظه الله لأنه صاحب هذا الحكم في هكذا قضية .

خامساً التعبئة السياسية:

الإمام الحسين (ع) لا يريد منا أن نتعبأ سياسياً ضد شخص يزيد (لعنه الله) فقط ، فيزيد قد ولّى إلى مزبلة التاريخ ، بل هناك أكثر من يزيد وشمر و عمر بن سعد معاصر، والمفروض أن تكون هناك تعبئة سياسية ضد الظلمة والمفسدين الموجودون في هذا البلد. يجب أن تكون هناك تعبئة سياسية ضد مختلف أنواع الفساد والانحراف مثل التمييز و التجنيس و الدستور الظالم . يجب أن يكون موسم محرم فرصة لتعبئة الأمة و الشعب ، ليكون له موقف حازم تجاه المظالم والفساد المهيمنة على واقعنا . مع الأسف الشديد فإن التعبئة السياسية لدينا ضعيفة ومتواضعة ، أما في لبنان مثلا فتلاحظون أن موسم محرم هو موسم التعبئة ضد الكيان الصهيوني و أميركا و المستكبرين في العالم .

الوقفة الثانية:
قضية رفع أسعار البنزين

قضية رفع أسعار البنزين و مشتقات النفط: اليوم ظَهَر خبر بأن الجمعيات السياسية الست تعتزم الخروج بمسيرة جماهيرية لرفض رفع أسعار المحروقات . لقد ذكرت أن المعادلة السياسية في البحرين واضحة، فالسلطة لديها سياسة معينة تتلخص في التالي:
صناعة نخبة غنية مترفة و جعل أغلب القوانين في صالح أقلية صغيرة من المجتمع، و زيادة الضغوط على الأغلبية الفقيرة. نحن نجد أن الأغنياء و المترفين ماضون في سرقة الأراضي و الأموال ، وقوانين الدولة كلها تدعمهم، وأما الفقراء المحتاجون فالقوانين تحاصرهم . و عوض أن تكون هناك زيادة في الرواتب للتوسعة على الفقراء في هذا البلد، نرى بأن هناك قرارا مبيّتا لرفع أسعار المحروقات و الذي سيؤدي لارتفاع أسعار بقية المواد الاستهلاكية و بالتالي ضغط مالي كبير على المواطنين.

لذلك فإنني قلتها سابقاً و أكررها الآن:

يا شعب البحرين إن أردت أن يُخفّف عنك ظلم السلطة فلا تنتظر أي جهة من الجهات أن تساعدك وتضغط على السلطة. فمهما حاول الأخوة في البرلمان أن يتكلموا و أن يصرخوا لن يستطيعوا عمل شيء، فالسلطة السياسية لا تحترم مجلس النواب .

فشعب البحرين ليس له إلا تفعيل الشارع بأسلوب حضاري سلمي للضغط على السلطة فلا المفاوضات و لا مجلس النواب يستطيع علاج الموضوع . و هنا نقطتان :

1. فليعوّد شعب البحرين نفسه في القضايا المصيرية أن يلجأ للشارع، فنحن أمام هذا الظلم المتزايد و المتسارع لا نملك إلا أن ندفع عن أنفسنا الظلم.

2. ربما نحتاج لأكثر من مسيرة و لأكثر من تحرّك، و نتمنى أن لا ترفع الحكومة الأسعار و لكننا ، نعرفها فهي مراوغة ومخادعة ولا يهمها الأوضاع الصعبة للفقراء والمحرومين .

و الحمد لله رب العالمين __DEFINE_LIKE_SHARE__

المواضيع المتشابهه
الموضوع	كاتب الموضوع	المنتدى	مشاركات	آخر مشاركة
كلمة سماحة المفكّر الشيخ سعيد النوري ليوم الجمعة 9/4/2010م بإسكان عالي	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	04-09-2010 04:50 PM
كلمة الشيخ المقداد في منزل الإعتصام (العمل السياسي+الشرعية الفقهية)	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	08-30-2009 06:08 PM
كلمة الشيخ سعيد النوري في مجلس الأستاذ عبدالوهاب حسين 3-8-2009م	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	08-10-2009 10:20 PM
كلمة الشيخ سعيد النوري في مجلس الأستاذ عبدالوهاب حسين 3-8-2009م	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	08-10-2009 10:10 PM
كلمة الجمعة لسماحة الشيخ النوري اليوم 15/05/2009	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	05-16-2009 01:40 AM