يؤمنان بـ «شرعية الحركة» ويختلفان حول الفقيه «المعني»
«الوفاق» و«الوفاء» لقاءات مرتقبة في سبيل الابتعاد عن الصدامات
الوقت - فاضل عنان:

شكل اللقاء الذي جمع بين جمعية الوفاق الوطني الإسلامية وحركة ''الوفاء الإسلامية'' الأسبوع الماضي بداية جديدة لعلاقة تشذت بين التيار الإسلامي الشيعي في البحرين بعد قرار المشاركة الذي اتخذته جمعية الوفاق الوطني الإسلامية في العام ,2006 الأمر الذي أفرز حركات سياسية بدأت مع تشكيل حركة ''حق'' بقيادة نائب رئيس جمعية الوفاق الإسلامي حينها حسن مشيمع، ولاحقا بتشكيل حركة ''الوفاء الإسلامي'' بقيادة الناشط السياسي عبدالوهاب حسين. وفي الوقت الذي سعت فيه الأطراف الثلاثة (الوفاق، حق،الوفاء) إلى تشكيل الرأي العام في الشارع الشيعي وجر التوجه في الحراك السياسي نحو قناعاته السياسية، إلا أن الركيزة الأساسية التي باتت تلعب الدور الأبرز في هذا الحراك، وتوجه الرأي العام هو دور عالم الدين والفقيه في مفاضلة كفة على أخرى، وهو ما تمثل في الدور الذي لعبه الشيخ عيسى قاسم (مؤسس المجلس العلمائي) والشخصية الدينية الأبرز على مستوى البحرين بعد رحيل الشيخ عبدالأمير الجمري. وحسب المعلومات الأولية والبيان الذي أصدرته الأمانة العامة في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية إبان اللقاء الذي جمع بين (الوفاق، والوفاء) فإن اللقاء لا يعدو كونه لقاءً تمهيديا لم يتم التطرق فيه إلى النقاط الحساسة والخلافات الجوهرية التي أسست لخلافات قسمت الأخوة إلى فريقين متخاصمين أوصلتهم الخصومة في بعض الأحيان إلى جمع تواقيع لمنع الآخر من استخدام المنابر الدينية التي يعتمد عليها التيار الإسلامي في تشكيل قناعات الشارع الموالي له.
ولعل الخلاف الحقيقي بدأ مع بداية ترجيح الشيخ عيسى قاسم لرأي ''المشاركة'' الذي يتبناه الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان على رأي ''المقاطعة'' الذي يتبناه عبدالوهاب حسين الأمر الذي جعل من الأخير يخرج عن هذا القرار رافضا الآلية التي اتخذت لترجيح كفة على أخرى، باعتبار أن الشيخ عيسى قاسم استخدم ثقله العلمائي في هذا الترجيح (وهذا ما لا يجب أن يكون في اتخاذ قرارات سياسية متعلقة بالجمعية حسب رأي عبدالوهاب حسين)، الأمر الذي جعل عبدالوهاب حسين يبحث عن مرجعية دينية وشرعية أخرى لحركته السياسية. فهو وحسب ما صرح سابقا يؤكد على ضرورة الشرعية الدينية المأخوذة من الفقهاء والمراجع الدينية، إلا أنه لا يرى ضرورة حصر هذه الشرعية في البحرين في شخص الشيخ عيسى قاسم، على خلاف ''الوفاق'' التي حسمت أمرها في فهمها للشرعية الدينية المتمثلة في ولاية الفقيه، وإذا كان هناك فقيه معتمد في البحرين فذلك هو المطلوب(حسب تعبير أحد أعضاء الأمانة العامة في جمعية الوفاق) حيث ترى الوفاق أن هذا الفقيه موجود في البحرين وهو متمثل في شخص الشيخ عيسى قاسم. ويكمن الخلاف بين حركة ''الوفاء الإسلامي وجمعية الوفاق'' في أبرز مفاصله في هذه النقطة.فالتيارين يؤمنان بالشرعية الدينية وبالتحديد بولاية الفقيه على الشأن العام ويتمسكون بشرعية العمل السياسي الذي يكمن في أخذ الشرعية من الفقيه المتصدي لهذا العمل.
والسؤال الجوهري المثار بين الطرفين هو كيفية الاتفاق على هذه المبادئ وهذه التطبيقات، فمن خلال أدبيات الوفاق يتضح أن عملهم السياسي ينطلق من مرجعية الفقيه وكذلك حركة ''الوفاء''. ولكن الخلاف يمكن في تحديد الفقيه الذي يمكن الرجوع إليه والاعتماد على رأيه، حيث ترى الوفاق أن مبدأ ولاية الفقيه لا يسمح بتعدد القيادات، على عكس ما تراه ''الوفاء'' التي تؤكد على التعددية '' الفقهاء والمراجع'' أي ليس بالضرورة الرجوع إلى فقيه بعينه بل يمكن الرجوع إلى أي فقيه أو أي مرجع.
وحسب المعلومات التي يؤكدها أحد الذين حضروا اللقاء فإن هذه النقطة لم تناقش في اللقاء الأول بين ''الوفاق'' و''الوفاء'' ولكن من المؤمل التطرق إليها لاحقا.
من جهة أخرى تنظر ''الوفاق'' إلى أن الانطلاقة الفكرية للطرفين تختلفان، إذ أن حركة ''حق'' كانت (حسب رأى أحد الوفاقيين) تؤكد شرعية الحركة دينيا، ولكن بعد ذلك تبين أنها حركة وطنية وليس بالضرورة الرجوع إلى شرعية الفقيه، أما ''الوفاء'' فإنها تؤكد على مظلة الشرعية التي تنطلق من مفهوم مغاير لمفهوم ولاية الفقيه الذي ترتكز عليه الوفاق وهي عدم تعدد القيادات في الساحة.
أما ''الوفاق'' فإنها تؤكد شرعية الحركة السياسية في البحرين وإذا كان هناك فقيه معتمد في البحرين فذلك هو المطلوب، وترى الوفاق أن هذا الفقيه موجود في البحرين وهو متمثل في شخص الشيخ عيسى قاسم.

ويرى مراقبون أنه من مصلحة الطرفين إيجاد مساحة من التفاهم بين الطرفين بالذات وأن الإرث التاريخي بين الطرفين مشترك.
من جانب آخر أوضح أحد أعضاء الوفاق أن هناك اتفاقا كبيرا فيما يتعلق بين الملفات الرئيسة، فضلا عن أن القواعد الشعبية مشتركة بين الطرفين ومن مصلحة الطرفين الاتفاق على مسلك سياسي وتوصية الجهود للأهداف المشتركة، فضلا عن أن الشيخ عيسى قاسم بما يمثله من مرجعية للوفاق يؤكد على ضرورة تقريب وجهات النظر بين الطرفين، وضرورة عقد لقاءات من شأنها الابتعاد عن الصدامات التي لا تخدم الشأن العام (حسب تعبيره) ولا تخدم المصلحة العامة.