بعد خراب مالطا" آخر تحديث:الأحد ,05/07/2009 رائد برقاوي 1/1 لا ندري بمن نثق هذه الأيام، فيبدو أن دروس الأزمة المالية التي ضربت العالم ستكون كثيرة جداً وهي من المؤكد موجعة على أكثر من صعيد، أما اللافت فيها أن الثقة اهتزت بالفعل بمؤسسات كنا نعتقد قبل فترة وجيزة أنها على درجة كبيرة من المصداقية .لا نريد أن نحمل بيوت التدقيق المالي ووكالات التصنيف الائتماني ذات الثقة العالية كل أعباء الأزمة، ولكن من المؤكد أنها تتحمل جزءاً ليس باليسير من المسؤولية، على الأقل أمام المستثمرين الأفراد والمؤسسات على حد سواء فهؤلاء وثقوا بها، كيف لا؟ وهي التي يفترض أن “تعرف الصالح من الطالح” واستناداً إلى ما تقوله تتجه بوصلة مدخراتهم واستثماراتهم .وكالات التصنيف الائتماني ومعها بيوت التدقيق المالي يبدو أن جلها يراعي مصالح الشركات التي تصنفها أو تدقق عليها وبالتالي تراعي مصالحها الخاصة كونها تسدد فواتيرها “المرتفعة”، أما الطرف الآخر أي الصالح العام فيبدو أنه “غير مهم” .هذا الأمر كان سائداً قبل الأزمة والجميع غض الطرف عنه حيث الطفرة كبيرة والكل في حفلة صاخبة يرقص ويغني ويستمتع بالأرباح والمكافآت . لكن ما يؤسف عليه أن هذه الوكالات ما زالت على ممارساتها السابقة حتى ونحن في وسط الأزمة .آخر الأمثلة وهي كثيرة، تعثر مجموعتي “السعد” و”القصيبي” السعوديتين، والتي يقدر حجم انكشافهما على أكثر من 100 بنك حول العالم بأكثر من 9 مليارات دولار، فقد خدعتنا وكالات التصنيف، ومعها بيوت التدقيق المكلفة بمراجعة حساباتها الداخلية ._أين كان هؤلاء مثلاً في مارس وابريل الماضيين حين كانت تصنيفاتهم الائتمانية للمجوعتين “إيجابية” لم يجر تغييرها إلا في يونيو أي بعد شهر من تخلف المؤسسة العربية العالمية التابعة لمجوعة القصيبي عن تسديد ديونها في مايو/ أيار الماضي عندما بدأت المشكلة بالظهور إلى السطح؟_كيف يمكن الثقة بمؤسسات لا يمكنها قراءة المستقبل القريب جداً أسابيع وأشهر وليس سنوات وهي لا تعرف المعطيات الفعلية وبواطن أمور الشركات التي تدقق عليها، أو تلك التي تحلل بياناتها وتمنحها شهادات “حسن السيرة والسلوك” وهي يبدو أنها “مجروحة” .عدم كشف الوقائع في الوقت المناسب يظهر أن تلك الوكالات لا تستيقظ إلا بعد فوات الأوان، أي كما يقول المثل “بعد خراب مالطا” . فهل تشهد أسواقنا دعاوى قضائية ضدها أيضاً؟