إحدى القنوات الفضائية وما أكثرها اليوم،* وأكثر الداعين فيها إلى الخير والشر،* دعاة* يقفون على أبوب الجنة* يدعون إلى العزيز الغفار،* وآخرون على أبواب النار،* وبعضها بدت تفضح نفسها،* وتكشف عن سؤتها،* فما كان* يعده بعضنا محض خيال وغاية الضلال،* يظهر عند هؤلاء كأنه من أعظم القرب،* وأيسر الطرق لتفريج الكرب*. لا أدري* إلى أين سيصل هذا الإنسان لما* يغفل عن خالقه*!! ويدع النصوص الشرعية الجليّة الآمرة بقرع باب المولى وصرف العبادات له،* وترك الأنداد والشفعاء والوسطاء،* إلى عبادة العباد ودعاء الأحجار والأشجار والصالحين،* يترك أصل الدعوة المحمديّة النقية الصافية إلى تتبع الأوهام والخرافات والتعلق بالشبهات،* ليهجر النصوص الواضحات البينات*. تقول الحكاية الغريبة التي* وللأسف تصدر عمن* ينتسب للعلم ويعد نفسه قدوةً* ومرجعاً* وسماحةً،* بأن رجلاً* كان له ولدان أخذهما للمستشفى ليكشف عليهما فظهرت نتائج التحليلات بأن أحدهما قد فقد السمع في* كلا الأذنين والأخر في* أذن واحدة،* فتأثر الوالد من ذلك ففكر في* طريقة ليفرج عن كربته،* فلم* يجد إلا أم البنين ليطرق بابها ويستغيث بها فقضى ليلته في* النياحة واللطم وترديد بعض الأوراد إلى الفجر،* ثم أخذ بهما إلى المستشفى ليرى الخوارق؛ فإذا بالتحاليل تثبت سلامة آذان الأبناء،* وكأن ليس بهم شيئاً*!! وأم البنين رحمها الله،* هي* فاطمة بنت حرام الكلابية،* زوجة علي* بن أبي* طالب رضي* الله عنه،* وولدت له العباس وجعفر وعبد الله وعثمان،* وقد قتل هؤلاء مع أخيهم الحسين بكربلاء ولا عقب لهم سوى العباس*. ثم بعد ذلك ومع تعاقب الشيوخ لتقرير مكانة أم البنين ودورها لقضاء الحوائج* يعلق أحدهم بقوله*: ليس المقصود من دعائنا لها بأنها هي* النافعة الضارة من دون الله،* فإن الاعتقاد بذلك شرك،* بل نعتقد بأنها وسيلة وطريق إلى الله لما لها من المكانة والفضل،* عجـيـب*!! كيف ولم تستطع أن تدفع عن أولادها الأربع الموت*! وأريد هنا أن أضع بعض المقدمات الشرعية لنرسم حداً* لم لا* يحترم التعددية الفكرية،* ويحرف العقيدة الإسلامية،* أوردها باختصار،* وفيها كفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع*: الأولى*: أن الله سبحانه أمرنا أن ندعوه ونستغيث به ولا نتخذ لا الوسائل ولا الشفعاء،* فهو قريب* يجيب دعوة الداعي* إذا دعاه،* كما قال عن نفسه*:{إِذَا سَأَلَكَ* عِبَادِي* عَنِّي* فَإِنِّي* قَرِيبٌ* أُجِيبُ* دَعْوَةَ* الدَّاعِ* إِذَا دَعَانِ* فَلْيَسْتَجِيبُواْ* لِي* وَلْيُؤْمِنُواْ* بِي* لَعَلَّهُمْ* يَرْشُدُونَ*} 186* سورة البقرة،* والدعاء عباده وقد أمرنا الله به* {دْعُواْ* رَبَّكُمْ* تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً* إِنَّهُ* لاَ* يُحِبُّ* الْمُعْتَدِين*} 55* سورة الأعراف،* ولا* يجوز أن نصرف شيئاً* من العبادات لغيره*. الثانية*: أن مشركي* مكة الذين سماهم الله مشركين،* والذين جاء النبي* صلى الله عليه وسلم لدعوتهم وقاتلهم،* لم* يكونوا* يعتقدون بأن الأصنام والأحجار بل ولا الصالحين كانوا* ينفعون أو* يضرون،* وقد بين الله هذه الحقيقة في* آيات عديدة في* كتابه،* منها قوله سبحانه*: {قُلْ* مَن* يَرْزُقُكُم مِّنَ* السَّمَاء وَالأَرْضِ* أَمَّن* يَمْلِكُ* السَّمْعَ* والأَبْصَارَ* وَمَن* يُخْرِجُ* الْحَيَّ* مِنَ* الْمَيِّتِ* وَيُخْرِجُ* الْمَيَّتَ* مِنَ* الْحَيِّ* وَمَن* يُدَبِّرُ* الأَمْرَ* فَسَيَقُولُونَ* اللّهُ* فَقُلْ* أَفَلاَ* تَتَّقُونَ*}31* سورة* يونس*. الثالثة*: أن عبادتهم كانت متنوعة فلهم لم* يكونوا* يدعوا الأصنام فحسب بل كان دعاؤهم للصالحين،* كعيسى ابن مريم عليه السلام،* وود وسواع ويغوث ويعوق ونسر،* واللات الذي* كان* يلت السويق،* فلا* يمكن أن* يقول قائل بأن الجُهّال اليوم مختلفة عنهم بهذا الفارق*. الرابعة*: إذا كانوا* يعتقدون بأن الله هون النافع الضار والمحي* المميت ويملك السمع والأبصار ويدبر الأمر،* إذاً* ما الخطأ الذي* ارتكبوه والجرم الذي* اقترفوه لدعوة النبي* صلى الله عليه وسلم لهم بل ومقاتلته إياهم،* فقد أجابوا هم على أنفسهم بنفس جواب من* يتعلق بالأموات اليوم ويتوسل بهم،* قال سبحانه*: {أَلَا لِلَّهِ* الدِّينُ* الْخَالِصُ* وَالَّذِينَ* اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ* أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ* إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ* زُلْفَى إِنَّ* اللَّهَ* يَحْكُمُ* بَيْنَهُمْ* فِي* مَا هُمْ* فِيهِ* يَخْتَلِفُونَ* إِنَّ* اللَّهَ* لَا* يَهْدِي* مَنْ* هُوَ* كَاذِبٌ* كَفَّارٌ*} 3* سورة الزمر،* وقال*: {أَمِ* اتَّخَذُوا مِن دُونِ* اللَّهِ* شُفَعَاء قُلْ* أَوَلَوْ* كَانُوا لَا* يَمْلِكُونَ* شَيْئًا وَلَا* يَعْقِلُونَ*} 43* سورة الزمر*. الخامسة*: ما معنى الوسيلة التي* أمر الله باتخاذها في* قوله*: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ* آمَنُواْ* اتَّقُواْ* اللّهَ* وَابْتَغُواْ* إِلَيهِ* الْوَسِيلَةَ* وَجَاهِدُواْ* فِي* سَبِيلِهِ* لَعَلَّكُمْ* تُفْلِحُونَ*} 35* سورة المائدة*. مما تقدم نفهم بأن الوسيلة هي* القربة إليه بما* يرضيه من العمل الصالح الذي* يتقرب به الإنسان لمولاه،* كما أطبق على ذلك علماء التفسير،* ويدركه المسلم من القواعد العامة لهذا الدين،* ففي* هذه الدنيا لن* يخلص الإنسان إلا في* عبادته لمولاه،* ولا تزر وازرة وزر أخرى،* وأن ليس لإنسان إلا ما سعى*. فهذه بعض المقدمات وإلا فمن* يريد أن* يتمسك بباطله* يتمسك بأية قشة،* وقد تكفل القرآن بفضل الله لردها،* قال سبحانه*: {وَلَا* يَأْتُونَكَ* بِمَثَلٍ* إِلَّا جِئْنَاكَ* بِالْحَقِّ* وَأَحْسَنَ* تَفْسِيرًا*} 33* سورة الفرقان،* أي* لا* يأتون بحجة وشبهة ولا* يقولون قولا* يعارضون به الحق،* إلا أجبناهم بما هو الحق في* نفس الأمر،* وأبين وأوضح وأفصحُ* من مقالتهم،* فلله الحمد من قبل ومن بعد*.