عباس المرشد/الفتوى السياسيه والقدرة على التنافس. المجدد الشيرازي مثالآ

[محروم.كوم]

الفتوى السياسية والقدرة على التنافس


عباس المرشد

لم يكن المرجع الديني المجدد محمد حسن الشيرازي على دراية كاملة بما ستؤول إليه الأمور بعد إصداره فتوى تحريم التنباك وحرمة التعامل مع الشركة الإنجليزية سنة .1890 إذ كانت فتواه تلك علامة فارقة على قدرة المؤسسة الدينية على الاستقلال وفك تحالفها مع السلطة السياسية القائمة، وبداية حقيقية في تسلم القادة الدينين زمام ومقاليد العمل السياسي وخوضهم صراعا مكشوفا ضد السلطات القائمة.

منذ ذاك التاريخ أصبحت للفتوى الدينية مكانة سياسية تمتلك مفعول السحر، فبعد هذه الفتوى الناجحة والمؤثرة، توالت الفتاوى السياسية في غير موضوع، واستثمرها علماء الدين بشكل جيد جدا من أجل تعزيز مكانتهم السياسية والاجتماعية، انطلاقا من مواقف وطنية وسياسية ارتبطت في أغلبها بمقاومة الاستعمار البريطاني والفرنسي.
وإذا كانت الفتوى السياسية تجد لها مبررات كافية ومقبولة عندما تصدر في حق مقاومة الاحتلال أو الاستعمار فإنها تثير مواقف متعارضة عندما تتناول شؤونا محلية، وهو أمر قد يفقدها جزءا لا بأس به من قوتها وطاقتها الساحرة.


يمكن إدراج مستلزمات الفتوى السياسية وشروطها الواجبة في خانة التعارض بين الفكر الديني والتعددية السياسية والإشكال القائم هنا يتمحور حول قيام الفتوى السياسي بمصادرة أسس التعددية السياسية، وإفشال ممارستها في حال أن وجدت. في الوقت نفسه فإن الأطراف المؤيدة للفتوى السياسية والتي عادة ما توظفها لخدمة مجموعة الأهداف والأغراض السياسية لا تقدم شرحا كافيا لحل هذه الإشكالية، وهي عادة ما تكتفي بإبراز الطابع الوظيفي للفتوى السياسية وما تبتغي تحقيقه من وحدة لأفراد التيار وجمعهم على كلمة واحدة أو من أجل تطبيق الحكم الشرعي وإلزام المجتمع السياسي به.

داخل المجال السياسي البحريني لم تكن هناك فتاوى سياسية مباشرة قبل سبعينات القرن الماضي، وقد يعود ذلك لمجموعتين من الأسباب: الأولى تتعلق بدرجة التنظيم الهيكلي الذي تتمحور حوله سلطة الإفتاء أو التقليد، مثال ذلك غياب المرجعيات الدينية ذات الكفاءة الفقهية والكفاءة السياسية وغلبة النزعة الإخبارية في التقليد. وهو أمر تسبب في انقطاع المجتمع الشيعي في البحرين عن التلاقي مع المراجع الأحياء أو السعي ناحية البحث عن أطر مؤسسية للتيار الديني. والحال أيضا في تحول نوعية التقليد الفقهي من الإخبارية وتقليد الميت إلى الأصولية (نسبة إلى علم أصول الفقه) وتقليد المراجع الأحياء، فمنذ نهاية الستينات شهد الحقل الديني تحولا فقهيا ألا وهو صعود التقليد الأصولي وتوزعه على قطاع واسع من الفئات الدينية وفئات العوام من الناس.

فإن شيوع المنهج الأصولي يعني وجود أرضية فقهية تؤيد دخول العلماء الحقل السياسي وإمكان استنباط حل فقهي يعزز مكانة ونفوذ السلطة الدينية أمام السلطة السياسية. وهذا ما يدفع بالكيانات الدينية إلى تنظيم نفسها ولو بشكل بدائي يستعين بالفتوى السياسية من أجل ضمان أكبر حشد جماهيري. إن كل ذلك من شأنه أن يزيد من نوعية وكفاءة التفاعلات السياسية القائمة، وبالتالي فهي أسباب تؤثر بشكل مباشر على مقدار التنافس السياسي الداخلي.المجموعة الثانية من الأسباب تتصل بالتغييرات الهيكلية السياسية وَُِّّّْكُِّّْفٌىٍَّ ودرجة التعقيد التي شهدها المجتمع البحرين، والأهم هنا هو وصول المجتمع إلى درجة من التعقيد وانتقاله من حالة البساطة التي لزمته طوال الفترة السابقة، إلى حالة شبه معقدة تتحكم فيها المنافسة السياسية والرغبة في احتكار مصادر الثروة وتوزيعها العادل أو الفئوي. وهذا ما سوف نناقشه في المقال القادم بصورة أوسع.






ملاحظة للكاتب عباس المرشد : بل كان المرجع المجدد الشيرازي على درايه كاملة بما ستئول اليه الأمور لانه ينظر بعين الله __DEFINE_LIKE_SHARE__