--------------------------------بسم الله الرحمن الرحيم
الى إبنة اختي العزيزة سميرة رجب، السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته،والصلاة والسلام على أشرف الخلق ِ محمد ٍ وعلى أهل ِ بيته الطيبين الطاهرين وعجل لوليك الفرج وسهّل له المخرج واجعلني اللهم أنا وأبنائي والأحفاد من بعدي من أنصاره وأعوانه والسائرين في ركابه والمستشهدين بين يديه اللهم آمين رب العالمين،، أما بعدلطالما حلمتُ بالشهادة التي لازلتُ أسعى لها، متمنياً الفوز بها ولم أهابَ الموت قيدُ أنملة، لكنه العلي القدير هو الذي يقرر الموت والحياة لبني البشر، فسبحان الذي خلق وسوى، وقدّر فهدى.. فمنذ اليوم الأول الذي خرجتُ فيه الى الشارع لأطالب ولأنادي بالإصلاحات المدنية والسياسية والحقوقية والإقتصادية والإجتماعية .. خرجتُ للموت، إنما الموتُ حياةٌ يا عزيزتي، وهنا أحب أن أقول إن إني لا أهاب الموت إن وقع علينا أو وقعنا عليه، فمازلتُ لهذه اللحظة أنتظر الموت كي يخطفني بسلام، سائرٌ على درب المحبة والسلام والهدى.مازلتُ أذكر أولى كلماتِ خطتها يدي على يافطةٍ حملتها بأول تظاهرة في عام 2011م، كانت تحمل "لا سنية لا شيعية وحدة وحدة وطنية"، فالجميع يعرفني إنني من دعاة الوحدة الإسلامية بين أبناء الطائفتين وبين أبناء العقائد المختلفة كالليبراليون والشيوعيون والبعثيون والعلمانيون والسلفيون وغيرهم، رغم أنني إسلامي المنبت. وقد كان أصدقائي من الطائفة السنية الأعزاء كفخرو والشملان والجودر وربيعة والنعيمي والمحرقي وغيرهم، كنت دائم التزاور معهم لسنواتٍ طويلة، فتزودت من زادهم، بل وقد تزوج بعضٌ من أفراد عائلتي من أبنائهم وأصبح دمي خليط دم ٍ شيعي سني، بلا منازعٍ. وفي عمر ال65 في المحكمة العسكرية قد وجهت لي تهمة من التهم وهي "منع أبناء الطائفة السنية المرضى من العلاج في مستشفى السلمانية الطبي" متغاضياً النظام أن منعي لهؤلاء هو حرماني لأبنائي من الحصول على الخدمات الصحية، فأي قلبٍ ذاك الذي يرتمي في صدري، الذي عُرف بالعاطفة والحنية مع أبنائي خصوصاً ومع عائلتي عموماً، أولسنا مسلمون، ومن دعاة المحبة ونشر السلام والتسامح بين المذاهب؟!!وبعد شراسة التعذيب الذي تعرضنا له وقد وصفه الأطباء الشرعيين بالمميت ولم نقرأ عنه حتى في روايات وقصص وكتب المقاومين الذين عُذبوا في السجون الإسرائيلية، وما فعله النظام بنا كأبناء هذه الجزيرة بوسط الخليج العربي، من تجاوزات وهتك للحرمات والأعراض وإذلال، أراكِ برفقة رفاقي بالقناة الإخبارية البريطانية الــbbc مستغرباً دفاعكِ المستميت عن النظام، فأنتِ نظامية أكثر من النظام نفسه، وملكية أكثر من الملك نفسه، ولم ارى أحداً يدافع عن صورة النظام بإستماته مثلك، لماذا؟ مقابل ماذا؟ مقابل حفنة من مال الدنيا، ومنصب لا يظل، بل سيتخلص منكِ النظام عندما يرى أنه في حالة فقد كل ما حوله.. وستذكريني يوماً بإذن الله يوم لا ينفعُ مالاً ولا بنون، إلا من أتى الله بقلبٍ سليم. تتحدثين عن بلادنا، وكأنها بلاد الأمان ووطنٌ للكرام، بينما طرقاتها يقتل بها الناس وملئت سجونها بالأبرياء والمظلومين، يعذبون ليل نهار، ويعتقلون دون سابق إنذار، ويُختطفون من بين الأحياء، وفوق ذلك تنتهك الحرمات في البيوت والمدارس والمستشفيات، وأصبح الاغتصاب والتحرش والإستباحه من ديدن نظامنا، فإلى متى الكذب والفبركة؟ ألم تكتفي بما كشفته اللجنة الملكية لتقصي الحقائق برئاسة السيد بسيوني، الذي زارنا في السجن ودمعت عيناه من هول ِ ما رأى من جروح في جسدي وبجسد رفاق دربي، واستغرب شديد الإستغراب من الثقوب التي رآها في جسدي حتى ظن أني كنت ُمحارباً واُصبتُ بشظايا قد إستقرت بقدماي وظهري وصدري ومعاصمي، لكن الأطباء اخبروه أنها جراحات طرية خلّفها التعذيب الذي لم أعلم كيف نجوتُ من قبضة الموت بسببها.النظام الذي تدافعين عنه قام بتعذيبنا وهذه إحدىالحوادث على سبيل المثال أسردها هنا، ألقوني في الممر في سراديب الموت المرعبه التي أُعدت للتعذيب بمبنى وزارة الداخلية، حينها كنت مصمّد العينين مقيد اليدين لا حول لي ولا قوة نصفي متكئٌ على الجدار ونصفي الآخر على الأرض حتى ركلني شخصٌ بصوت ٍ مرتفع وهو يخاطبني: إنت تبي تسقط النظام هاااااااااه؟ إشلون تبي تسقط النظام وإحنه إهني؟ تعرف أنا من ؟ إنته تسقط النظام انته؟ وكنت أراه من تحت القماش كم كان متعجرفا مغرورا كنت أشفق عليه وأدعوا له بالهداية بينما إكتشفت ُ أنه بعيداً عن هداية من غاص في ظلام الخطيئة، اخاله ناصر بن حمد بن عيسى آل خليفة، فصوته لم يكن غريباً علي، ووجههُ معروف لدي كما لا أريد أن أدخل الآن في تفاصيل تعذيبه لي وللشيخين المحروس والمقداد سمعتك مراراً تقولين أن ثورة البحرين المباركة ليست ربيعاً عربياً؟ عزيزتي هذا فعلاً ليس ربيعاً عربياً بل ثورة البحرين هي ربيع الثكالى واليتامى، ربيع الأحياء والشهداء، نعم إنه ربيع الفقراء والمظلومين، هي ثورة حقوق والحريات ثورة الكرامة والنصر حليفنا مهماً طال الزمن أم قصر، فإن دامت للطغاة لدامت للنظام هنا. تنفين وجود سجناء رأي ونشطاء حقوق الإنسان في السجن بسبب آرائهم المطالبة بالديمقراطية وسادة حقوق الإنسان عبدالهادي الخواجة ونبيل رجب وزينب الخواجة يرزحون في سجون بلادنا، أليسوا هؤلاء النخبة في مجتمعنا، أليسوا نشطاء ومدافعين عن حقوق الإنسان، ولهم آرائهم؟ أليس من حقهم الإنتقاد؟ خاطئة أنتِ لو فكرت ذرة بأن نبيل رجب إبن عمكِ سيخنع أو سيُذل أو لن يصمُد، أو ستُكسر إرادته، نعم أخطئتِ ولم تصيبي، فنحنُ عائلة كنا ومازلنا إلى الأحفاد من بعدنا نحارب الظلم والطغيان، ولا نقبل بالذل والمهانة ونعشق الشهادة.. مراراً تنفين في مواضعٍ عدة سرقة الأراضي ونهب الثروات والتجنيس السياسي وغيرها من أنواع الفساد المستشري ببلادنا، بينما من اعتقلني ووعذبني للآن هم أجانب. وفي مواضع أخرى تنفين وجود البطالة في بلادنا، أرض النفط والغاز والألمنيوم الخام، بينما أجهزة الدولة ومؤسساتها فصلت أكثر من 3000 مواطن من أعمالهم على أسس عقائدية وسياسية وطائفية. كما لقناة البحرين اليد الكبرى في إنحراف الرأي العام لشارع أبناء الطائفة السنية الذين غُيّبت عقولهم من خلال بث المعلومات المغلوطة والكاذبة والافتراء.إلى متى ستبقين تديرين وزارة الكذب والدجل، تحاولين تحريف التاريخ، وتحاولين إعطاء الثورة السمة الطائفية الشيعية بل الصفوية، إمتداداً لمشروع إيراني، ما ليس صحيح أصلاً، فأصبحتِ ألعوبة بأيدي المشروع الصهيوني الأمريكي لتفريق أبناء الأمة الواحدة، بعدما جاء الرسول لينادي بأن اكرمكم عند الله أتقاكم. كم نراكِ في برامج التلفزيون والإذاعات المحلية والعربية والعالمية، وأنتِ تنادين بأننا مشروعٌ ممتد للصفوية وما ثورتنا إلا هي إمتداد للمشروع الإيراني وليس وطني حر، وتتهميننا أننا نتبع فكر ولاية الفقيه، الذي ظهر في أواخر السبعينيات من القرن الماضي فقط، وأننا امتداد لتلك الثورة، بينما نحنُ كرفاق مختلفون، فبيننا الشيعي وبيننا السني، والاسلامي بمختلف تياراته وبيننا الليبرالي والعلماني والشيوعي. كلما سمعتكِ تنادين في المحافل العامة بأننا ما نحنُ إلا مشروعٌ صفوي وتهينين عقائدنا وفكرنا، متناسية أن والدتكِ من مواليد بوشهر وهي مدينة في جنوب إيران، ويرجع أصل والدكِ لعائلة بن رجب الكريمة التي أمه أيضاً من مدينة بوشهر أي أن أكثر من نصفكِ فارسي يا عزيزتي، إنني خجلاً من مساهمتكِ في نشر الفتنة بين أبناء أمتي وبلادي وخليجي، بل إنكِ تؤسسين لفتنة مذهبية إقليمية وخليجية تحرق الأخضر واليابس وتبتلعها، وأنتِ لا تعين ما تصنعينه وتخدمين بذلك اعداء الأمة العربية والإسلامية. لقد إتهمت السلطة المعارضين بالعمالة لجهات خارجية منذ خمسينيات القرن الماضي إستمراراً إلى القرن الواحد والعشرين، بدءاً بجمال عبد الناصر إلى الإمام الخميني قدس سره، وجميع من إتهم المعارضون بالإنتماء إليهم، فإنهم أصحاب ثورات ورايات حرية وديمقراطية، فإعتقلت العشرات وقامت بسجنهم وحكمت العديد منهم، وابعدت المئات من العوائل وهجرتها لخارج البلاد، بل وقتلت العشرات في السجون وفي الشوارع، ناهيك عن عشرات الإصابات والعاهات المستديمة.ورغم ذلك لم ننثني عن مبدأنا منذ ذلك الوقت إلى الآن، إيماناً منا بالحصول على الحقوق والكرامة مهماً بطشت السلطة، ولنا في في أولي الألباب أسوة حسنة، ولا فائدة من إعلام مسموم!! مهماً بُث هنا وهناك، ومهما سلكتم من سبل مشوهة ومفبركة، منذ القديم فإن الحركة الوطنية تمضي نحو المطالبات الديمقراطية، وما القمع إلا وسيلة لا يمتلكها إلا البائس واليائس عن تنظيم بيته من الداخل، والتوزيع العادل للثروات، وإحقاق الحق. عزيزتي أكتب إليكِ من سجن جو المركزي.. الذي يحمل بين جنباته معتقلين مظلومين وتشهد جدرانه على آلامنا وأوجاعنا، وصرخات تعذيبنا، ومن هنا زنزانتي الصغيرة وبقلبٍ يملئه المحبة والسلام أدعوكِ مجدداً بقلب ٍمتسامح بأن تبتعدي عن الباطل فإنه كان زهوقا، وأن تستغفري الله لأنكِ بذلك تساهمين في إراقة دماء الأبرياء، أما أنا خالكِ وأبوكِ فقد سامحتكِ من قلبي.. سعيدٌ أنا في سجني مع رفاقي نقضي أوقاتنا في عبادة ودراسة وتحليلات سياسية واقتصادية، كما هي فرصة ذهبية للإختلاء بالنفس، وأشكر الله على نعمة السجن فهي مدرستي وزنزانتي محرابي.. وممرها قلب دافء، أما سريري فهو حديقة للتفكر والتأمل والتدبرولكِ جزيل الشكر ،،هداكِ اللهبرويز محمد جواد2012-8-11 __________________
__DEFINE_LIKE_SHARE__
08-13-2012, 05:10 PM
العرض العادي
المواضيع المتشابهه 
