..:||لتشكر النعم كن "نصف مريض"

محروم.كوم · #1 07-23-2012, 11:40 PM

من المتعارف لدينا نحن البشر أننا نحب شكر من يُنعِم علينا، فلو أن شخصا أعطانا مالا لقضاء دَيْننا الثقيل علينا مثلا فإننا سنلاحظ أننا نشكره فطريا، ولو كان هذا بدموع أعيننا المتجمعة من الفرح والشكر لهذا الإنسان، أو في أقوالنا وأفعالنا وحركاتنا بأننا لن نستطيع الوفاء بحقه في الشكر، فكلما زادت النعمة علينا زاد شكرنا وتأثرنا لهذا المعطي، فمن كان دينه دينارا مثلا وتم إيفاؤه ليس كمن كان دينه ألفا وتم إيفاؤها.

الشكر في حياتنا أمر مهم، فهي أقل ما يمكن لنا أن نفعله لإيفاء حق من أنعم علينا، فأفعاله تقرّبنا منه، ونحن نريد أن نتبادل معه هذا القرب ولو بشكره فقط، ولذا فمعرفة كيفية الشكر الصحيحة ضرورية عقلا كوننا خالطنا أناسا كثيرين أنعموا علينا ولو بلقمة ووجبة واحدة بعد جوع، أو بشربة بعد عطش، أو بفرحة بعد ضيق، أو بأقل من هذا أو أكثر، ولكن لكي نعرف كيفية الشكر الصحيحة علينا أولا أن نتكلم قليلا عن المنعم الأكبر وهو الله عز وجل، ثم ندمج الأمرين بأن نشكر الله ونشكر الناس بما هم أهله، فما قيمة شكرنا للناس دون شكره تعالى، فلولا خلق الله للعباد لما كان هناك شكر في الأساس، فهو الأول والآخر والظاهر والباطن، ودونه نحن لا شيء، بل نحن أقل من اللاشيء، ولذا فلنمر قليلا على نعمه التي لا تحصى "إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها" (النحل آية 18)، علنا نرى شيئا ببصائرنا لنشكره عليها كما هو أهله، وندمجها مع شكرنا للناس كما هم أهله، ونسأل الله التوفيق في البيان.

من نعمه تعالى التي لا تحصى:

1- قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) سورة الذاريات آية 56، وقال في سورة الإسراء آية 70: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) سورة الإسراء آية 70:

آيتان تحتاجان كلاما كثيرا، ولكن سنكتفي هنا فقط بذكر إشارات منها للتفكر.. إن تفكرنا جيدا في شيء من نعمه فعندها سنشكره حق شكره، وحقه الشكر كما أمر..

الله عز اسمه أكرمنا بخلقنا إنساً..
الله عز اسمه فضلنا على كثير من الخلق..
الله عز اسمه خلقنا لعبادته..

2- (أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)) سورة البلد:

خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، ولكنه تعالى ابتلى البعض بابتلاءات لنحس جميعنا بعظم النعمة التي لدينا، وجعله امتحانا لهؤلاء كونه أعلم بهم.. ألا يستحق منا هذا الشكر لهذه النعم؟!!، ومن الشكر ما ورد عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) فيمن رأى شخصا مريضا أو من أهل البلاء بشكل عام، فقال (ع): إذا شاهدت أحداً من أهل البَلاءِ فقل خفاتا بحيث لا يسمعك ثلاث مرات: الحَمْدُ لله الَّذي عافاني مِمّا ابْتَلاكَ بِهِ وَلَوْ شاءَ فَعَلَ، فمن فعل ذلك لن يصاب بذلك البلاء، وعلى رواية أخرى قل: الحَمْدُ لله الَّذي عافاني مِمّا ابْتَلاكَ بِهِ وَفَضَّلَني عَلَيْكَ وَعَلى كَثيرٍ مِمَّنْ خَلَقْ، وأخفت حتى لا يسمعك.

الحمد لله.. شكرا لله.. نِعَمٌ لدينا يوميا، ولحظة بلحظة.. بقي الشكر عليها حق الشكر.

3- (ولئن شكرتم لأزيدنكم) سورة إبراهيم آية 7:

ما هذا العطاء؟! شكر الله يستلزم زيادة النعم التي هي كثيرة عندنا سلفا.. كيف نوفي شكرك إلهنا؟!!.. شكرا لله شكرا لله شكرا لله..

هذه إشارة لبعض النعم التي لدينا يوميا ولحظة بلحظة، والتي تستلزم منها أن نشكر الله عليها، فلا يمكن أن نشكر الله بأن نعصيه، ولا يمكن أن نشكره دون الالتزام بأحكامه، ومن شكرنا لله تطبيق إنسانيتنا التي أنعم الله بها علينا، وهو لب موضوعنا.

المرضى والهاربون من النظام:

نعلم جميعا بأن هناك العديد من الابتلاءات لدى الكثير من إخوتنا وأخواتنا، ونخص بالذكر هنا ابتلائين عظيمين:

الأول: المرضى الملازمون للمستشفيات، ومنهم مرضى السكلر والأمراض المزمنة الأخرى، والتي يكون وكأن هذا المريض بيته الأول المستشفى، وبيته الثاني منزله الذي يقيم فيه.

الثاني: الهاربون من النظام، والذي يريدهم النظام لما نعلمه في الثورة.

أعزائي، اشكروا نعمة الله بأنكم لستم ملازمين للمستشفيات فملازمتكم فيها بقدر معقول لزيارة إخوانكم، فهم وحيدون يصارعون الألم، وهم يحتاجون الكلمة ووجودكم معهم أكثر وقت ممكن.. اعتبر نفسك مريضا بملازمتك المستشفى لإسعادهم ولو قليلا، وأحاديث قضاء حاجة المؤمن وإدخال السرور عليه كثيرة جدا، ولا تسع المقام لذكرها هنا.

أما الهاربون من النظام فوضعهم مشابه لهؤلاء المرضى، فهم ليس من حقهم أن يتكلموا مع أزواجهم وأولادهم، وليس من حقهم الخروج والترويح عن أنفسهم كباقي الناس، فحالهم اليوم وكأنهم (نصف مرضى) أو (نصف سجناء)، فهم ملتزمون بمكان هو شبيه بالسجن.. اشكر نعمة الله عليك بأنك لست هاربا بالتزامك قليلا بزيارتهم ومواساتهم وإزالة الأذى النفسي والمالي عنهم ما أمكن.. اعتبر نفسك نصف هارب والتزم بهم ما أمكنك.. لا تكن وكأنك لست منهم.. بل كن منهم. بل كن أنت هم وهم أنت.

لتشكر النعم كن نصف مريض.. لتشكر النعم كن نصف هارب من النظام.. لتشكر النعم حق الشكر اشكر الله كما يريد..

وأما شكرك للناس، وبالخصوص هؤلاء المرضى والهاربين فسببه كما في الروايات أنهم "رحمة ساقهم الله إليك"، فقضاؤك حاجتهم يعني أنك قبلت هذه الرحمة، وعدم قضاؤها هو رد لهذه الرحمة التي ساقها الله عز وجل إليك كما جاء في الرواية أيضا.. اشكرهم لأنهم سبب في أن الله يحبك وساق رحمته إليك..

نختم ما قلناه بروايات في قضاء حاجة المؤمن وإدخال السرور عليه، وانظروا كيف لو قضينا حاجة المؤمن وأدخلنا السرور عليه -والذي بينّا أنه نوع من شكر النعم- كيف سيزيدنا الله من فضله ما يشاء..

أحبتي.. اشتاقوا لأئمتكم بحبكم لقراءة ما يقولونه.. تذوقوا ما يقولونه، فهو الحق من ربكم.. نسأل الله زيارتهم في الدنيا وشفاعتهم في الآخرة..

- عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي: يا مفضل اسمع ما أقول لك واعلم أنه الحق وافعله وأخبر به (علية إخوانك)، قلت: جعلت فداك وما (علية إخواني)؟ قال: الراغبون في قضاء حوائج إخوانهم قال: ثم قال: ومن قضى لأخيه المؤمن حاجة قضى الله عز وجل له يوم القيامة مائة ألف حاجة من ذلك أولها الجنة، ومن ذلك أن يدخل قرابته ومعارفه وإخوانه الجنة بعد أن لا يكونوا نصابا، وكان المفضل إذا سأل الحاجة أخا من إخوانه قال له: أما تشتهي أن تكون من علية الإخوان.

- عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أدخل على مؤمن سرورا خلق الله من ذلك السرور خلقا فيلقاه عند موته فيقول له: أبشر يا ولي الله بكرامة من الله ورضوان، ثم لا يزال معه حتى يدخله قبره فيقول له مثل ذلك، فإذا بعث تلقاه فيقول له مثل ذلك، ثم لا يزال معه عند كل هول يبشره ويقول له مثل ذلك، فيقول له: من أنت يرحمك الله؟ فيقول: أنا السرور الذي أدخلته على فلان.

- قال أبو عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل: إذا بعث الله المؤمن خرج معه مثال يقدمه أمامه، كلما رأى المؤمن هولا من أهوال يوم القيامة قال له المثال: لا تفزع ولا تحزن وأبشر بالسرور والكرامة من الله عز وجل حتى يقف بين يدي الله فيحاسبه حسابا يسيرا، ويأمر به إلى الجنة والمثال أمامه، فيقول له المؤمن: يرحمك الله نعم الخارج خرجت معي من قبري ما زلت تبشرني بالسرور والكرامة من الله حتى رأيت ذلك، فمن أنت؟ فيقول: أنا السرور الذي كنت أدخلته على أخيك المؤمن في الدنيا، خلقني الله منه لأبشرك.

- قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من عبد يدخل على أهل بيت سرورا إلا خلق الله من ذلك السرور خلقا يجيئه يوم القيامة، كلما مرت عليه شديدة يقول: يا ولي الله لا تخف، فيقول له: من أنت يرحمك الله؟ فلو أن الدنيا كانت لي ما رأيتها لك شيئا، فيقول: أنا السرور الذي كنت أدخلته على آل فلان.

- عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أوحى الله عز وجل إلى داود (عليه السلام): إن العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة فأبيحه جنتي، فقال داود (عليه السلام): يا رب وما تلك الحسنة؟ قال: يدخل على عبدي المؤمن سرورا ولو بتمرة، قال داود: يا رب حق لمن عرفك أن لا يقطع رجاءه منك.

- عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يرى أحدكم إذا أدخل على مؤمن سرورا أنه عليه أدخله فقط، بل والله علينا، بل والله على رسول الله (صلى الله عليه وآله).

- قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سر مؤمنا فقد سرني، ومن سرني فقد سر الله عز وجل.

- عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: تبسم الرجل في وجه أخيه حسنة، وصرفه القذى عنه حسنة، وما عبد الله بشيء أحب إلى الله من إدخال السرور على المؤمن.

- قال أبو عبد الله (عليه السلام): من سر امرءا مؤمنا سره الله يوم القيامة وقيل له: تمن على ربك ما أحببت، فقد كنت تحب أن تسر أوليائي في دار الدنيا، فيعطى ما تمنى ويزيده الله من عنده ما لم يخطر على قلبه من نعيم الجنة.

- عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال - في حديث -: ومن قضى لأخيه المؤمن حاجة قضي الله له يوم القيامة مائة ألف حاجة، من ذلك أولها الجنة، ومن ذلك أن يدخل قرابته ومعارفه وإخوانه الجنة بعد أن لا يكونوا نصابا.

- عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل خلق خلقا من خلقه انتجبهم لقضاء حوائج فقراء شيعتنا ليثيبهم على ذلك الجنة، فإن استطعت أن تكون منهم فكن...

- عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن المؤمن لترد عليه الحاجة لأخيه فلا تكون عنده يهتم بها قلبه فيدخله الله بهمه الجنة.

- قال أبو عبد الله (عليه السلام): تنافسوا في المعروف لإخوانكم، وكونوا من أهله، فان للجنة بابا يقال له: المعروف، لا يدخله إلا من اصطنع المعروف في الحياة الدنيا، وإن العبد ليمشي في حاجة أخيه المؤمن فيوكل الله عز وجل به ملكين: واحد عن يمينه، وآخر عن شماله، يستغفران له ربه يدعوان له بقضاء حاجته، ثم قال: والله لرسول الله (صلى الله عليه وآله) أسر بحاجة المؤمن إذا وصلت إليه من صاحب الحاجة.

أحبتي.. كونوا من علية الإخوان.. تنافسوا في المعروف.. سرّوا الله ورسوله والأئمة الميامين. اشتروا آخرتكم بالقليل، فهو كثير عند الله ورسوله والأئمة (ع).. بل هو كثير عند إخوانكم وسيسعدهم كثيرا..

اللهم وفقنا لأن نكون ممن تحب وترضى، اللهم وفقنا لمراضيك وجنبنا معاصيك، اللهم وفقنا لإدخال السرور عليك وعلى أوليائك، إنك سميع مجيب الدعاء، وأنت حسبنا ونعم الوكيل.

حقي كإنسان
@eHAQYe
__DEFINE_LIKE_SHARE__

المواضيع المتشابهه
الموضوع	كاتب الموضوع	المنتدى	مشاركات	آخر مشاركة
"أمنية" تحقق أمنية طفل إماراتي مريض بأن يكون "أميرا"	♕ وليد الجسمي ♕	اخبار محلية و عالمية	2	06-06-2012 08:53 AM
بلاك بيري تورش 9860 فل تتش مع بن ممير """"""""""""""""""""""	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	10-28-2011 11:00 AM
"تنمية المجتمع" تنظم ورشة حول النظم الاستراتيجية	دلــــــــوعة الامارات	اخبار محلية و عالمية	2	06-27-2011 11:50 PM
"""""""""""""""""""""""""""فساتين زفاف راقية ومميزة """"""""""&am	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	07-13-2010 12:00 AM
حلو النغم : موسيقى " التحدي " و " مجبورة " لشمس الغنية نجوى كرم ( موسيقى فقط ) !	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	02-13-2010 01:20 AM