مفارقات بارزة وواضحة في المشهد السياسي الذي تمر به البحرين لا تحتاج كثيرا من التفكير والتحليل كيف يخرج المراقب السياسي بنتيجة واحدة وهي ان النفاق في خطاب الاعلام العربي يعتبر سمة مرموقة في غاية الدقة والثبات لا يتغير بتغير الزمان ولا المكان خاصة في منطقة الخليج والجزيرة العربية التي يحكمها شذاذ الافاق وقطاع طرق اتوا على احداب الجمال وغزوا البلدان تحت جنح الظلام .في سوريا يجوز حمل السلاح والقتل على الهوية واختطاف رجال الامن ومن لا يتماهى في مذهبه ولونه الطائفي والديني مع دعاة اسقاط النظام في الشام هو طائفي لا يستحق الحياة ! وفي سوريا يعتبر التدخل الاجنبي وتدويل القضية السورية وتهريب السلاح الى المعارضة المزعومة امور حسنة وحتى استهداف المدنيين وقطع رؤوسهم "دفاع" عن النفس وحتى الطلب من امريكا والغرب بالتدخل والاستقواء بالخارج امر شرعي وواجب ديني و"اسلوب تكتيكي" ـ اي "تقية" ـ من اجل اسقاط بشار وتحويل سوريا الى "محمية" سعودية او سميها قطرية او حتى "سلفية" تتبع تنظيم القاعدة .في سوريا الامريكيون "اخوة" واحباء والغرب "الكافر" حلفاء يجوز الاستقواء بهم حتى وان تم "قتل ثلثي الشعب السوري" من اجل اسعاد الثلث الاخر ـ كما جاء في فتاوي شيوخ السلطة في الدوحة والرياض ـ ‘ وفي سوريا يعتبر الامريكي ثائرا والتركي مؤازرا والخليجي السعودي "أخا" !اما.. اما في البحرين فان الامريكيين اذا ما تكلموا ولو من اجل ذر الرماد في العيون وطالبوا باحترام حقوق الانسان او دعوا الى التحقيق في تقارير الاعتداء من قبل مرتزقة ال خليفة على الحقوقي ورئيس مركز حقوق الانسان ـ احد اكبر التجمعات الحقوقية شعبية ونشاطا ـ نبيل رجب فهم في نظر النظام وابواقه يتدخلون في الشأن البحريني !في البحرين اذا ما رفع متظاهرا "الحجارة" ورمى بها مرتزقة ومركبات شرطة اتت للاعتداء على الاعراض والانفس وقصف البيوت بالغازات السامة المحرمة دوليا والمسببة لامراض معوية وكثيرة فهو في نظر ابواق السلطة والداخلية الخليفية "ارهابي" يستحق التعذيب والقتل ورمي جثته في العراء او على سواحل البلاد !في البحرين رمي الملوتوف على المعتدين والمزتزقة من قوات الامن وهم يهمون للاعتداء على النساء والاطفال والامنين امر "مذموم" وارهاب ـ في نظر ال خليفة ـ يطلب التدخل العسكري وارسال كتائب الجيش السعودي ومرتزقة من ميليشيات وبلطجية لاستباحة مدن باكملها واغراقها بالغازات القاتلة .في يوم الجمعة الماضي دعى الشيخ عيسى قاسم في خطبة الجمعة الشعب البحراني الى الدفاع عن اعراض النساء والحرائر اذا ما وجدوا ان هناك من يعتدي عليهن وقال "ان وجدتم من يعتدي على اعراض حرائركم وفتياتكم فاسحقوهم"! دعوة غير جديدة وان جاءت متاخرة من سماحته ورغم انها لا تتضمن اي دعوة صريحة لمواجهة عنف السلطة وارهابها واجرامها الا انها واجهت استنفار عنيف وسخيف من قبل ابواق السلطة وازلامها معتبرين خطابه "تحريض على العنف"! فيما السلطة قتلت الى هذا اليوم اكثر من 50 مواطنا بريئا خرجوا في مسيرات سلمية مطالبين بحقوقهم دون ان تعتبر هذه الاعمال الاجرامية ارهابا وعنفا ‘ فقد شنت السلطة وعبر وسائل الاعلام الرسمية والماجورة هجوما شديدا على خطاب الشيخ ودعت اقلامها وكتابها المرتزقة السفارة الامريكية الى الوقوف امام هذا الخطاب وتدوينه وادانته كون انه يدعوا الى "العنف" ! هذه المحاولة من السلطة ومن اعلام اعور رغم انها تهدف اختزال المعارضة والمشهد السياسي في جهة بحد ذاتها واختزال الحراك الشعبي الثوري الذي انطلق من رحم ثورة 14 فبراير2011 وليس من حوانيت الجمعيات السياسية في دائرة ضيقة سهلة الانقياد والتفاوض والتنازل عن مبدأ اسقاط النظام فانه في الوقت ذاته دعاية قذرة ووقحة لتعريف ثورتنا بانها غير سلمية وانها تحظى بـ"رعاية" امريكية !والحال ان هذا الاعلام السلطوي والمأجور قد التزم صمت الشياطين ازاء التدخل الامريكي المباشر في الشأن السوري ودعمه الصريح لتسليح المعارضين في سوريا ..في البحرين اذا خرج الناس في مسيرات سلمية وتعرضوا للاعتداء والقمع والدهس والقتل عليهم ان لا يدافعوا عن انفسهم واذا ما تعرضت مدنهم ومناطقهم وبلادهم لغزو اجنبي من قبل السعودية ومرتزقة قدموا من الاردن واليمن وباكستان يلزم ان لا يتوسلوا باي سلاح للدفاع عن اعراضهم واملاكهم اما في سوريا فيجوز ان يحملوا السلاح حتى وان كان المعارضين للنظام السوري لهم اجندة واضحة لا علاقة لها بالديمقراطية ولا بحقوق الانسان بل هي اجندات اجنبية ترفعها بوضوح دول اقليمية عربية تريد جر سوريا الى منزلق الحرب الاهلية والاقتتال المذهبي والديني .تلك المفارقات تدفع بالمراقبين لطرح العديد من الاشكالات حول ازدواجية المعايير في التعاطي مع المشهد السياسي في البحرين حيث ان البحراني محروم من الدفاع عن نفسه وممنوع عليه ليس فقط حمل السلاح في وجه القتلة والجلادين والمعتدين المرتزقة بل عليه ان لا يرفع حتى شعار الدفاع لان ذلك في نظر ابواق السلطة والنظام المستبد تحريض على العنف والكراهية ‘ فهم قتلوا الاطفال والنساء والشيوخ وحولوا البلاد الى سجن كبير من خلال محاصرة كل المدن والبلدات والمناطق واقتحام يومي ومستمر لها من قبل المرتزقة وامطارها بسيل غزير من الغازات القاتلة والسامة ‘ ورغم كل تلك الجرائم فمازال الاعلام يمارس دور التضليل ودور العاهر ويدعوا االامريكيين والغرب للوقوف معهم في جرائمهم والاستمرار في دعمهم وتصنع المظلومية .ان شعب البحرين اليوم يتعرض لاكبر عملية تطهير طائفي لا يمكن السكوت عليه ‘ فمثلما يعطي "المجتمع الدولي" الحق للمعارضين في سوريا بحمل السلاح وتهريبه لهم عبر تركيا ولبنان رغم ملاحظات الكثير من المراقبين على ما يجري في سوريا بانه "ثورة" ام غير ذلك فان من حق ابناء شعب البحرين الذين فجروا انصع ثورة عرفتها المنطقة منذ بدأ ثورات الربيع العربي ان يقتنوا اي سلاح للدفاع عن انفسهم ولرد الاعتداء الذي يتعرض له من قبل الجلادين وقوات مرتزقة الشرطة المعتدية وان اي خطاب اخر يتحدث عكس ذلك فهو يصب في مصلحة الديكتاتورية وارهاب السلطة الخليفية الغاشمة .



حسن البحريني