هل تحتاج الثورة والإصلاح لبلطجية لكي تنتصر...

محروم.كوم · #1 01-13-2012, 10:20 PM

هل تحتاج الثورة والإصلاح لبلطجية لكي تنتصر...؟

عباس المرشد
في الثورات المعاصرة تبرز مسألة البلطجية والشبيحة كأدوات خدمة للنظام القائم ضد الثورة فالمطلوب من هذه الفئات ليس دورا تنويرا أو دورا سياسيا فالمطلوب منهم مهام قذرة يمارسون من خلالها ترهيب وتشويش الأجواء وفق خطة شعارات النظام التي يتبجح بها. لقد رأينا كيف تحرك هؤلاء في أحداث ثورة تونس عبر الاغتصاب والنهب والهجوم على المدنيين العزل من أجل تبرير قمع النظام وبطشه لثوار تونس ومن أجل بث الرعب والخوف في الناس، وتحركت هذه الفئة في الثورة المصرية عبر مشهد نقلته وسائل الإعلام مباشرة بما عرف بمعركة الجمل، وفي سوريا يقوم الشبيحة أيضا بممارسة الدور نفسه.
ذاكرة البحرينين تحفل بمواقف وشهادات عديدة لدور الفداوية والبلطجية منذ انطلاق الثورة في 14 فبراير بل وما قبلها فالوضع في البحرين لم يكن مختلفا بقدر ما كان وضعا مألوفا، فمثل هذه الفئات عرفها المجتمع البحريني، منذ نهاية القرن التاسع عشر فيما يعرف بالفدواية وهي مجموعات حراسية قاسية تقوم بإرهاب الناس لخدمة الشيخ الحاكم وخدمة لحاكم المقاطعة آنذاك. فالفدواي هو البلطجي والشبيح في مصر وسوريا وتونس، الملفت للانتباه هنا أن تأسيس أول قوة أمنية كان عبارة عن تجميه هؤلاء الفداوية وتنصيبهم رجال أمن بشكل رسمي بجانب قوات أمنية بنجابية تعاقد معها بلجريف لعدم ثقته بهؤلاء الفداوية وقد استمرت هذه القواعد في استخدام الأجانب والفداوية في تشكيل القوات الأمنية بكافة أطيافها. ليس أدل على ذلك من قيامهم منذ فرض الأحكام العرفية برفع بنرات المشانق والترهيب للقرى والموظفين في أعمالهم، وبفعل تحريض من قيادات مشبوهة تحولوا بطرفة عين لرجال مخابرات يعملون بالمجان.

في مقابل لجوء الحكومة لتفعيل الفداوية ( تجدها في شعارات الموالية المألهة في عمقها لرئيس الوزراء وإلى الملك والعائلة الحاكمة ) رفعت الثورة شعار السلمية ليس كخيار تكتيكي بل كان شعارا استراتيجيا مهما وناضجا يعبر عن عمق التجربة السياسية لشعب البحرين، لكنها في الوقت نفسه ليست صنما أو شكلا واحدا وفقط. فعبر الدواعي الأمنية وما تشهده الساحات من اختراق لقوانين وأعراف المجتمع طرح مفهوم الدفاع المقدس دون أن يلغي السلمية العامة للحركة. وفي الواقع فإن التحرك وفق رؤية تفعيل مبدأ الدفاع عن النفس والعرض عند تحقق الخطر هو قاعدة قانونية قبل أن تكون مبدأ سياسيا وقد أفردت كل القوانين الدولية مكانة خاصة لهذا المبدأ لكونه المبدأ الأعلى لكل المبادئ الأخرى بما فيها السلمية.
إن الحفاظ على السلمية هو أمر جوهري في حركة 14 فبراير وغير قابل للمزايدة حتى وإن اختلفت بعض أشكاله، وطرق تنفيذه على أرض الواقع، وعلى هذا الأساس فإن الانخراط في إثارة السجال والنقاش حول السلمية والدفاع المقدس هو نقاش مفتعل ويخدم أجندات خاصة لها علاقة بتصفية حسابات سياسية وشخصية.
ففي إطار اللانتصار للثورة ظهرت فئة تمارس دورا البلطجة ضد من يحتمل فيه الخلاف فضلا عن من يختلف اساسا وفي اعتقادي الشخصي فإن دور هذه الفئة التحريضي ضد المختلفين في تفاصيل العمل الحركي هو ما يهدد سلمية الثورة وطهارتها ونقاءها. الدفاع المقدس في حدوده ومبادئه حق من الحقوق وقاعدة مجمع عليها عالميا وحقوقيا ولا يمكن لأحد مهما علت مرتبته أن يصادره أو يحجر عليه، لكن التحريض والكراهية والفكر الإقصائي ونبش العدوات والمزايدة السياسية هي وظائف البلطجية التي قد تخدم النظام وتظن أنها تخدم الثورة أو احركة الإصلاحية.
انطلاقا من هذه الملاحظات يمكن القول بأننا بحاجة ماسة لوضع ميثاق شرف إعلامي وأخلاقي يقطع الطريق على ظهور بلطجية يدعون خدمة الثورة والحركة الإصلاحية، فالثورة بحاجة للصدق والتعامل بمبادئها التي تناضل من أجلها، وأهمها احترام حق الاختلاف وحقوق الآخرين أيا كان موقعهم.كما إن الحركة الإصلاحية بحاجة أيضا لأن تتعامل وفق هذه القيم، فالإصلاح كشعار يتطلب مزاجا يستوعب الاختلاف وتوجيه النقد وطلب التوضيح، بل إن روحية المطالب بالإصلاح يجب أن تكون أشد تمسكا بتلك القيم من شخصية الثائر.
إن الثورة والفعل الثوري ليس بالعملية التي يقوى عليها كل الناس، وحتى تتمكن الثورة من تحقيق انتصارها فهي محتاجة لأن تقنع الجماهير بطهارتها ونقاءها واحترامها لهم وهذا ما يضمنه ميثاق الشرف الإعلامي الذي يمكن طرحه لابعاد شبح البلطجية عن الثورة، ويبعدها عن الثوريين الانتهازيين، ففي كل الثورات يحدث أن يقوم بعض مؤيدوها بدور القساة والمتطرفين فتظهر منهم ردات فعل إقصائية تصل لحد التطرف والإلغاء لكل ما يتعارض أو لا يتفق وشعار الثورة. من المهم التذكير بأن بعض هؤلاء قد لا يقومون بأي دور ثوري على الأرض فقلوبهم معلقة بانتصار الثورة وأجسادهم بعيدة جدا عن حراك الأرض.
إن هناك مساحة من الاختلاف بين الفعل السياسي والفعل الثوري يجب استيعابها وفهم محركات كل مساحة ومن الخطأ حمل التشيكلات الثورية على تبنى خطاب وممارسة إصلاحية سياسية، فهؤلاء حملوا أرواحهم على أكفهم وحملوا خشبة صبهم فوق ظهورهم ومن الواجب على السياسيين حمايتهم سياسيا وميدانيا، لا الطعن في حركتهم تحت وابل من المسميات والتخريجات، فجل ما يطلبه هؤلاء هو الدعاء لهم بالنصر أو الشهادة.
لقد وجدت في الساحة عثرات وهفوات اعتقد أن الآوان قد حان كي نتخلص منها في هذه الفترة الحرجة والتي ستزداد حرجا في الأيام المقبلة. فلنتفق على حمل كافة الأطراف على محمل الإخلاص وأن نختلف موحدين ضد خصوم الثورة وأعدائها. ولننظر لتجارب مماثلة كيف أثمر هذا السلوك في تحقيق انتصارات، مقابل تجارب أخرى فشل الجميع فيها أو تحجروا في أماكنهم لإنشغالهم بتفاصيل يدخل الشيطان من بينها. الدعوة الملحة الآن هي مواجهة استحقاقات قادمة تتطلب ميثاق شرف أخلاقي وإعلامي بين الأطراف كافة وبالأخص المنتديات ووسائل التواصل الاجتماعي. __DEFINE_LIKE_SHARE__

المواضيع المتشابهه
الموضوع	كاتب الموضوع	المنتدى	مشاركات	آخر مشاركة
نسيج \| صورة لسيارة خاصة لبلطجية مشاركين في القمع بشارع البديع #8	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	12-16-2011 08:30 PM
البحرين لن تحيد عن منهج الديمقراطية والإصلاح والتقدم - صحيفة الوسط الب	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	11-29-2011 04:31 AM
ملك البحرين يؤكد استمرار مسيرة الديمقراطية والإصلاح - الخليج	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	11-23-2011 03:00 AM
عندما تنتصر الثورة سريعًا ...	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	11-21-2011 12:20 AM
حملة لبلطجية النظام ضد آيات القرمزي وكريم المحروس في التويتر والفيس	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	08-25-2011 06:50 AM