إنضمامك إلي منتديات استراحات زايد يحقق لك معرفة كل ماهو جديد في عالم الانترنت ...

انضم الينا
استراحات زايد الصفحة الرئيسية

         :: تفسير حلم وفاة الاخ (آخر رد :نوران نور)       :: رؤية الحرم بدون الكعبة في المنام (آخر رد :نوران نور)       :: تفسير حلم الصدقة بنقود ورقية للعزباء (آخر رد :نوران نور)       :: مذاق رائع ومقرمش لرقائق البطاطس بنكهات متنوعة -Corn Up Popped (آخر رد :konouz2017)       :: مكونات الطبيعية السناكات الصحية|هلثي كرافتس (آخر رد :konouz2017)       :: افضل شركة تنظيف اثاث بالرياض بخصم 20% | الفتح كلين (آخر رد :layansherief)       :: رؤية الزرافة في المنام (آخر رد :نوران نور)       :: اسم هيا في المنام (آخر رد :نوران نور)       :: افضل شركة تنظيف منازل بالرياض مجربه | الفتح كلين سيرفيس (آخر رد :layansherief)       :: أهميتها وكيفية تنزيلها وتثبيتها (آخر رد :محمد العوضي)      

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-08-2012, 11:00 PM
عضو ماسي
بيانات محروم.كوم
 رقم العضوية : 503
 تاريخ التسجيل : Dec 2007
الجنس : female
علم الدوله :
 المشاركات : 2,100,612
عدد الـنقاط :3341
 تقييم المستوى : 2139

حكاية سجين من حلم الواقع
بقلم: طاهر المدهون
فجر الظلام..
اذا اردت الحياة يوما .. فعليك أن تستجيب لمتطلبات القدر .. اعلم انك سوف تفصل وتعتقل وتجرح وربما سوف تموت .. فالحرية لها ثمن .. وقدرك هو من سيثمنها ..

خرت العيون جفونها، والتقيت أوهاماً تحلق بي لميدان الشهداء ، أخذتني الأحلام المؤلمة شيئاً ما، شيئاً ما لم يطل حتى أرقَت سمعي قعقعة أحذية قاسية تقتحم منزلنا . استيقظت ورفعت جسمي من فراشي معطياً عيني أنظار أبناء خالتي وأصدقائي.

شعرت برجلين تتسحبان وتدخلان السرداب، انه ابن خالتي (احمد) ينفتل من المطبخ يخاطبني إنهم يملأون الشارع بالعشرات ولقد رصدتهم من خلال نافذة الصالة.
سمعت صوت الرفسات المتتالية على الباب وأصوات صرخاتهم المتعالية في الخارج.
قاموا بكسر الباب الحديدي الخارجي ثم اقتحموا المنزل، بدأو بتكسير سيارة ابن خالتي وصديقي ، أدرت وجهي نحو أبناء خالتي وأمي ، والتقت عيناي بعين امي الحائرة ، قرأت في بحر عينيها قلقلاً لا يجففه الا عنفوان الصبر ، وهيأت نفسي للاستقبال العظيم من قبل رجال الأمن.
عصابة بأكملها تقتحم المنزل، أسلحة مستنفرة للهجوم على شباب أعزل! أكل هذه العساكر والأسلحة لإلقاء القبض على متهم ؟!بلى هم هكذا دائماً لا يثقون في مقدرتهم علينا ... أخيراً استطعت ان اميز اخوتي الثلاثة مقيدين في سرداب المنزل.
إنهالوا علينا ضرباً بأسلحتهم، إنقضت يد أحدهم على يدي تقيدني بسلك من البلاستيك، أحكم إقفاله وشده شداً وثيقاً.. كلما ضيقت دائرة السلك لا يمكنك توسيعها .نهاية الأمر لا يمكنك الفكاك من السلك إلا بقطعه.
حين استوثقوا بوقوعي تحت قبضتهم، هرع خمسة أو أكثر منهم لداخل الغرفة يبحثون عما يعتبرونه دليل إدانة لأسيرهم. ولكم كنت قلقاً على جدتي وأمي وزوجة أبي وإخوتي الصغار .
أخذوني أنا ومن معي في المنزل .. كلنا جميعاً.. عصبوا أعيننا جميعاً وباتوا يبحثون ويكسرون في جميع غرف المنزل..كسروا جبس المنزل وبلاط الصالة وخربوا المنزل تخريبا همجيا علهم يبحثون عن سلاحا او ما شاكل ذلك.
كسروا جرس الانذار خشية أنه كاميرا تصور ما يقومون بفعله، حتى أمي وزوجة أبي لم تسلما منهما.. فانقضوا عليهما ضرباً وتهديداً.
أمي وقفت تفتح أبواب السماء بالدعاء عليهم وتمطرهم بسجيل دعواتها، وكأنهم بلا قلوب..لهم آذان لا يسمعون بها سوى أوامر سيدهم المحيطين به.
توجه أحدهم إلى قطعة قماش ملقاة في سرداب المنزل، شدها فوق عيني بلا رأفة، عصب عيني بإحكام ، هكذا يريدون الكل أن يمشي معصوب العينين.. لا يتقن طريقاً ولا يرى ولا يبصر ما سيواجه.
قبض العسكري على يدي واقتادني بينما امي تتبعه بصوتها : أين ستأخذون أبنائي؟! أجابها رئيسهم بلغة الواثق: سنعيدهم لكم قريباً.. لم يكن قوله كذباً باعتقاده فهو يمارس العبارة ذاتها في اليوم مائة مرة على الأقل، أغلب ساعاتهم يقضونها بمعاقرة الكذب على أنفسهم وعلى ضحاياهم... فمن يثق في وعودهم يسقونه سراباً من الأحلام...
قبل خروجي من المنزل وجد أحدهم هاتفي المخبأ اسفل الكرسي ..فقال لسيده لقد وجدت هاتف بلاك بيري مخبأً وبدأ سيده يبحث فيه ، ففتح رسالة لها علاقة بالأحداث، فسأل عن صاحب الهاتف؟ فأجبته لي أنا .. فأخذ سلاحه وضربني به على رأسي ورفعه مرةً ثانية وضربني على أنفي وفمي ، حتى انكسر ضرسي وأصابني صداعاً قوياً فسقطت على وجهي وسالت الدماء مني، فسحبوني زحفاً إلى الجيب وظلوا يضربوني بأحذيتهم على وجهي وبطني ، لم أستطع الدفاع عن نفسي لتقييد يدي المحكم وعدم القدرة للنظر إليهم ..
كنت أنتظر في أي لحظة لكمة منهم ، عيناي المعصبتان لا تبصر في أي لحظة استعد لاستقبال اللكمة ، ويداي المقيدتان من الخلف لا تستطيع الدفاع ..أدخلوني الى الجيب وكان يميني أحد المرتزقة سعودي اللهجة .. فقام يسألني هل ذهبت الى الدوار؟؟ فأجبته :نعم ذهبت إلى الدوار.
فلكمني على وجهي .. ولا زلت أتسائل في نفسي .. أكانت لكمة رجل أم جمل !!؟؟ فقال لي بكل وقاحة : لماذا ذهبت الى الدوار؟؟للمتعة أم ماذا؟؟ فصمت للحظات أبحث عن جواب تفهمه الحيوانات .. أكثر من نصف مليون محروم ومظلوم ومسلوب ومضطهد ومعاطل وفقير وغيرهم من المواطنين ذهبوا للدوار .. من أجل ماذا ؟؟
فلكمني وقال ألم تسمع ما قلته لك؟ فأجبته: ذهبت أطالب بالعدل والمساواة ، ذهبت للمطالبة بالحقوق المشروعة .. ذهبت مطالباً بما يطالب به الجميع من المواطنين .. لم أتمم كلماتي الحرة .. قام بضربي طوال طريقنا إلى القلعة وهو يردد إنكم شيعة تستحقون المبيد والقتل.
أنزلوني من الجيب، وأدخلوني مع ركلات وشتائم الاستقبال الى مستوصف القلعة ليعالجوا وجهي وبعض الإصابات التي تعرضت لها ، حتى يواصلوا وجبتهم بكل طمـأنينة.. بعد الإنتهاء نقلوني إلى مكان موحش.. صحيح انني لم أره ولكن الأجواء تبين مدى وحشيته.. أنزلوني إلى سرداب عميق أسفل الأرض .. بعد قرابة الساعة قاموا بأخذي من المستوصف إلى طامورة التعذيب..





التحقيق (بعض مقتطفات التحقيق )
قام مجموعة من الوحوش البشرية الجائعة بالهجوم على فريستهم الجديدة في طامورة التعذيب، وبعد قرابة النصف ساعة من الضرب المبرح أمرهم سيدهم المجنس بالتوقف .. وقال بكل سخرية لهم : لا شك أنه محترم ومتعاون وسوف يجيبنا على كل ما نريد .. فسألني بوقاحة : أليس كذلك؟؟ فأجبته جواب ضحية تحولها مجموعة من الذئاب الإنسية : بالتأكيد سوف أكون معك صادق.. ( فأنا ما قتلت وما فعلت شيئاً يعارض قانون الحريات ودستور البلاد )..
أول سؤال سألني إياه : ما سبب ذهاب والدك إلى لبنان؟؟ فأجبته بأنه ذاهب لعمل شخصي به لا أعلم ما هو .. فسألني مرة ثانية : أين تتواجد الأسلحة في منزلكم ؟؟ فأجبته ليس لنا أسلحه..وجواب بداخل صدري يقول ( إن السلاح هو السلمية التي قد هزمتكم وقربت لكم الزوال).. فضربوني ضرباً مبرحاً و سألني مرة ثانيه أين الأسلحة؟ فأجبتهم ليس لنا أسلحه.. فعندما يأسوا و لم يلقوا جوابا .. قام يسألني احدهم كم مرة ذهبت إلى الدوار؟؟ فأجبته: كنت دائما متواجدا في الدوار وبشكل يومي.. و كنت أنام هناك أيضا .. فقال لي بسخرية: أنت محترم واعتقد انك لا تحب الكذب؛ ما هي المسيرات التي شاركت فيها؟؟ فأجبته: ذهبت إلى غالبية الإعتصامات .. وواصل سؤاله: ما هي الشعارات التي رددتها؟؟ فأجبته: جميع الشعارات التي كانت تردد كنت أردها بلا استثناء..
فجاء المحقق الأردني و سألني .. هل قلت "بحرين حرة حرة يا مجنس اطلع برة"؟؟أجبته: نعم كنت أرددها.. فقاموا بضربي بالهراوة وخشبة سميكة على رجلي و على جميع اعضاء جسمي و هو يشتمني ويسبني ..
ألم تريدون الحقيقه؟؟ أعلم أنا أنهم لم يأتوا بي و أخواني وأهلي لسؤالي عن الدوار و المسيرات!! فهناك مسرحية ما.. يريدون ان يجعلوا منا أبطالا لأدوارها.

فعندما سألني المحقق: ماذا تعرف عن اختطاف شرطي؟؟ هنا بدأ التحقيق الدسم, فهم لا يريدون معرفه عدد المرات التي ذهبت فيها الى الدوار ولا المسيرات ..إنهم يخططون لتهمة أعظم علهم ينتقمون من نشاط والدي الوطني.
إحمر وجهي و ارتعش بدني و بدأت بالدعاء و التسبيح و الرجاء من الله بأن يكون عوني و نصيري وتوكلت عليه وأجبت: لا أعرف أي شيئ عن اختطاف شرطي . فصمت للحظات وقال لي سأسألك للمرة الأخيرة .. و إذا أجبتنا فسوف نفرج عنك .. فإخوانك و أبناء خالتك أجابونا واعترفوا بكل شيء .. و هم الآن يستعدون للإفراج.

إن الكذب و الخداع و الاحتيال يجري كالدم في قلوبهم .. لا يستطيعون مزاولة أعمالهم دونه ..أجبته و انا متوكلاً على الله سبحانه .. و مسلما أمري له تعالى: لا اعرف أي شيء عن إختطاف شرطي.. و قلت له بسخرية : أيوجد شرطي مخطوف؟؟ فقام يشتمني ويسبني ثم ضربني ضربا هو و من معه و قال لهم خذوه عني.. أريده بعد ساعة و هم متعلماً للأدب..
سحبوني إلى الباب.. قطعوا السلك البلاستيكي من على يدي.. و قاموا بلف يدي بقطعة من القماش..
بعدها وضعوا الأفكري الحديدي على يدي الملفوفة بقطعة القماش و علقوني على الباب.. كنت أصرخ من آهات القلب.. كنت هائما في ثلاث ظلمات .. ظلمة العين المعصوبة.. وظلمة ألم لم أره من قبل.. فيداي قد فسختا من جسدي..وظلمة شعب ناشد بالحرية وطالب بحقوقه .. إنه يذبح ويقتل نتيجةً لفتح فمه وتطاوله على الأمراء والملوك.. لا أعلم أهو حلم أم حقيقة؟؟ أهل قلوبهم كالحجارة أم هي أشد قسوة؟؟ كنت أصرخ صراخاً يخرج من أعماق القلب.. لا أعلم ماذا كنت أقول من شدة التعذيب .. لم يكتفوا فكانوا يضربوني بـ(الهوز) و أنا معلقاً.. أفكر في أيِّ ألم ؟ ألم الشعب أم ألم القلب أم ألم الجسد؟؟ كنت أشجع نفسي وأتذكر ما جرى بالطف لأميري أبا عبدالله الحسين .. أتذكر ما فعلوه العداء معه ومع آل بيته وأنصاره .. أتذكر الأطفال الظمآنة والنساء المسبية والرجال المذبوحة و أقول .. بأن أهل البيت صبروا و قاوموا الطغاة وأبوا الذلة من أجل دينهم وعزتهم ودولة الإسلام و هاهو نفس المشهد يتجدد.. فشيعه أهل البيت كلهم يتعذبون ألماً ضريبةً لولايتهم أمير المؤمنين الإمام علي ابن أبي طالب (ع) من قبل الطغاة.. يجب أن لا ننحني للظالم يوماً.. سوف نردد شعار المظلوم دوماً .. و نقول هيهات منّا الذلة .. هذه الكلمات جعلت القلب يشتعل نار قهر و أنستني ألام التعذيب.. نعم .. فدعائي و دعاء الأمهات و المظلومين قد جاء لنصرة المظلوم .. رحمة من السماء نزلت عليّ.. فعلاً أدبتني مثل ما قال المحقق.. فكنت أتذكر ما شيدناه من بناء.. أتذكر دماء الشهداء.. الشهيد تلو الشهيد يسقط .. أتذكر مظلومية الشعب.. أتذكر الرجال الأوفياء في ميدان الشهداء.. أتذكر النساء الزينبيات البطلات.. أتذكر الأطفال و الشيوخ الأبرياء.. أتذكر الحرية والحب .
فيسألوني مجدداً .. هل تأدبت .. فيخرج الجواب من غير إحساس.. نعم تأدبت .. تأدبت مثل ما تريدون و الصرخات و الألم في القلب يردد بأنني أصبحت الأن رجلاً مؤدباً مثل ما يريدني شعبي الوفي..
قمت أضرب وجهي بحائط الباب لشدة الألم والعذاب و أنا أصرخ في حالة هستيرية وحرجة.. بالكاد تفلت يداي من جسدي ، لم أحتمل الألم .. فأنزلوني بسرعة و أنا مغماً علي .. لم أعي إلا و أنا في قبضتهم ينقلوني للمستشفى.
بركان من الألم في القلب يغلي.. و سيلٌ من الدماء تسيل من أنفي, حتى في المستشفى لم أتمكن من فتح عيني.. فيعالجوني و أنا معصب العينين .. يدي اليمنى لم استطع فتحها لفترة.. حالة يرثى لها .
بعد ساعات الانتهاء من المستشفى.. عدت مجدداً إلى التحقيق و كأنه لم يحصل شيء.. فواصل المحقق وجبته و سألني أهل تأدبت؟ فأجبته: لا اعرف أي شيء عن شرطي و عن اختطاف شرطي.. كانوا يحاولون أن يشاركوني إخوتي قضية اختطاف الشرطي و لم اعترف بهذا الشيء..
قالوا لي سوف نسمعك صوت أخوك جهاد الآن.. هددوني أن لا أتفوه بكلمة ولا أبين له بأني في الغرفة.


أدخلوا أخي جهاد و سألوه: جهاد ماذا تعرف عن اختطاف شرطي؟ أجابهم بأن أخي حامد و خليل و ذكر أسماء إثنان من أصدقائهما قاما باختطاف شرطي و جاؤوا به إلى سرداب المنزل و ضربوه و كان طاهر يراقب لهم المنزل و بعدها أخذوه إلى الشيخ محمد المقداد.. هذا ما قاله أخي.. ليدخلني في ظلامة جديدة من التحقيق.. قال المحقق للشرطي إذهب و غير ملابس جهاد و اتصلوا إلى أمه لتحضر و تأخذه.. لم يكفوا عن الكذب و الخداع .. فقد لقنوا أخي كلاماً يقوله أمامي و هو لا يعلم بوجودي.. خرج جهاد و واصلوا معي التعذيب بالكهرباء و الضرب بالهوز و الهراوات.. فبعد الذي سمعته فقدت الأمل بالخروج حياً إلى .. هيأت نفسي لإستقبال الموت.. ولكن قدرة الله و ومشيئته غيرت الآمال و التوقعات.. رحمته وسعت كل شيء .. بعد يومٍ قاسٍ خرجت من غرفة التعذيب و ظللت واقفاً مصمد العينين لقرابة الأربعة أيام و قد منع عني الأكل ليومين.. هكذا واصلت الثلاثة عشر يوما في التعذيب.. و كل يومٍ هكذا.. لم نعرف النوم ولا الأكل و لا الراحة .. لطيلة الوقوف لم استطع تحريك ركبتاي.. فهما متصلبتان من الوقوف.. عيناي المعصوبتان.. يداي المعلقة على هامش الأمل بالعافية.. أنفي المجروح.. ضرسي المكسور.. و آلام الجسد .. كان جسدي بأكمله متخدراً من الضرب ..عشت قرابة الإسبوعين من رحم الحقيقه. فبعد الإسبوعين تم نقلنا إلى سجن الحوض الجاف.. لتستمر الحكايه هناك.

الحوض الجاف
نزلنا من الباص و نحن معصبي العينين و السلك البلاستيكي لا يزال يجمد الدم في يداي .. أخذونا إلى أحد العنابر (8) التابع لجهاز الأمن الوطني، أدخلوني إلى زنزانة إنفرادية.. فبعد قرابة النصف ساعة جاء الشرطي و أخذني إلى المسبح.. أخيرا لامس الماء جسمي بعد قرابة الأسبوعين.. أمهلني الشرطي دقيقة واحده للسباحة.. و أخيراً فتحت عيناي و هما مليئتان برماد من الدموع.. عادت لي الحياة مجدداً.. استرخيت للحظة .. و بينما أنا افرك جفني إلا بصراخ السجان و هو يقول ( أتعتقد انك تسبح في بيتك) فغيرت ملابسي سريعا و خرجت معصب العينين أيضاً و ذهب بي إلى زنزانة انفرادية.. قال لي بعد أن أغلق الزنزانة افتح عينك و عند دخولي البس العصابة مجدداً.
عشرة أيام بقيت في الانفرادي.. لا شيء يسليني ولا قلم لأكتب به معاناتي.. ولا قرآن أتلذذ فيه.. حتى السجادة فكنت أصلي على البلاط وأنا في توتر من دخولهم علي في أي لحظة .. فكنت في حيرة و ألم.. أفكر في أمي وأبنائها الأربعة يقبعون في غياهب السجون .. و أفكر تارة في أبي.. عله يتوقف عن عمله الوطني تعاطفا لمشاعرنا .. كنت أخشى من هذا مرارا و لكنه كان بطلاً افتخر به.. رغم وجود أبنائه واقرابائه خلف قضبان السجون.. إلا أنه أبى أن يخمد أنفاسه.. فكان دوماً يردد كلمة الحق.. و يضحي بالغالي و النفيس من أجل شعبه.. فوطنيته و شعبه الوفي جعلاه يتناسى هم أبناءه و يكافح مجدداً لإيصال صوت الشعب المظلوم إلى جميع الشعوب الوفية .. ليعرفوا ما يعيشه شعبنا من ظلم و قهر.
أخواني الثلاثة.. أبناء خالتي و أصدقائي.. انقطعت عنهم منذ لحظة اعتقالي.. لم أكن اسمع سوى أصوات صرخاتهم و صياحهم في فترة التحقيق.. هو ما جعلني في قلق عميق ليس له مثيل.
كنت أتسائل في نفسي.. هل انتهى التحقيق؟! فجاء الجواب سريعاً بدخول ثلاثة من المقنعين علي بالهراوات.. و أخذوني إلى غرفة رائحتها بشعة.. و أعيد فتح ملف التحقيق مجدداً.. فكان الضابط من لهجته سعودي.. قام يشتمني و يهددني بالإعتداء على أخي.. و كان يسألني عن أخواتي و أعمارهنّ.. لَم يكفوا عن الخَباثة والخساسة و الحَرب النفسيه.. فهذه تربيتهم..
الإعتقالات العشوائية جعلت من المعتقلين جميعاً أبطالاً.. يخرجون بألم الإنتقام لحكومة الظلم و الدكتاتور.. لا تنكسر إرادتهم بالسجن ..فالجميع لا يخشى القيود والتعذيب.
لم يكتفوا من التحقيق بالضرب بالهوز و الهروات و الصعقات الكهربائية.. وما هوأكثر ألماً إهاناتهم لعلمائنا ورموزنا وأهالينا وشتائمهم المذهبية و التحرش الجنسي.
قرابة الإسبوعين لم أسترخ إلا في أيام الجمعة و السبت..فكانت تكفي الكفوف و الضرب من قبل الضابط و السجانين و الإستفزازات التي لم يكفوا عنها.
كلهم كانوا ملثمين.. لا يثقون بقدراتهم .. رغم ما أعدوه لنا من جيوش.. فهم يخشوننا دوماً لإيماننا وعقيدتنا وحبنا لهذا الوطن .. يتحدوننا في سجونهم ويخسرون.. يواجهوننا بالسلاح و نحن معصوبين الأعين وفي قبضة أيديهم .. وجوههم سوداء لا تخجل ..

بعد قرابة الشهر إنتهى التحقيق معي .. و لكن لم يتوقفوا من الضرب طيلة الأشهر الثلاثة الأولى..ولا زالت الشتائم و الإهانات موجودة.. نقلوني من الإنفرادي إلى زنزانة بها شخصين (شيخ إدريس العكر) و ( عيسى خميس).
شهرين من الإعتقال و أمي على هاجس الإنتظار .. تنتظر خبراً عني .. حيٌ أنا أم ميت.. أين أنا؟؟ بعد سبعة وخمسون يوماً أجريت لي أول مكالمة بوالدتي و هددت أن أقول لها " إجلبي لي ملابس في مركز القلعة بوابة رقم 2" فقط!!! هذه المكالمة بينت لأمي أني حياً أرزق .. ولكنها باتت في قلق شديد .. لا سلامٌ ولا سؤال عن الأحوال.. بعد الاتصال كنت أفكر في مصيرها .. ماذا سيجعل منها هذا الاتصال؟!!
كُل ما خرج أبي على شاشة التلفاز ليدلي بموقف المعارضة البحرينية .. كان السجانون يأتون ويستفزونني و يحاولون أن يغيروا من موقفي تجاه والدي .. يقولون أن والدك جباناً.. ترككم و ذهب إلى بيروت يلعب و يمرح و أنتم تُسجَنون عنه.. و أنا بقلبي أقول: ( إن كان هذا حقيقة فالحمدلله أنك قد أخبرتني عنه بعضاً من الأخبار).. و لكن المعتقلين الجدد .. كانوا يبشروني بالأخبار عنه.. فهو كان علقماً للحكومة .. ولربما كنا نحن البلسم .
ففي كُل لِقاءٍ له على شاشة التلفاز.. أبنائه يصرخون ألماً للانتقام و بداخلنا ضمير يفرح لقهرهم.
صحيحٌ أننا نصرُخ لِشدة الضرب..و لكن مرتبة الشرف التي جنيناها تجاه وطننا وديننا وعزتنا وشعبنا الوفي الأبي تنسينا الألم .. ما نسمعه عن صمود شعبنا يجعلنا في سعادة عظيمة..
شهرين من الإعتقال ..أخيرا وصلت الإفادة.. لا أعلم ما دوِّن فيها من مسرحيات.. وقعت ولا أعلم ما بها من تهم زيفت لي.. بعد أسبوع وصلت احضارية للمثول أمام النيابة العسكرية.

النيابة العسكرية
في صباح يوم الثلثاء الموافق 28-5-2011 جاء لي أحد أفراد الشرطة.. و أمرني أن أُغير ملابسي و أن أكون مستعداً.. لا أعلم إلى أين؟ الجميع توقع الإفراج.. و لكني لم أتفائل للحظة أني سوف أخرج من أيديهم.. فمن يعايش حكومة لا تعرف غير الظلم والإبادة والعنصرية سيتوقع تجاههم كل شيء.
عصبوا عيني و قيدوني و أخذوني إلى السيارة.. في الطريق علمت أنني ذاهباً للنيابة العسكرية من خلال حديث الضابط في البرقية ..عند وصولهم قالوا لقد وصلنا إلى السعودية..سوف يحكم عليكم بالقصاص .. مجددا خداع وكذب.. ليست سوى حرب نفسية يريدون بها أن يتسببون في إيذاء مشاعرك ومعنوياتك ..

نزلنا إلى النيابة العسكرية أنا وأخي جهاد وإبن خالتي سيد محمد وصديقي سيد قاسم.. حرارة الشمس المسلطة على رأسي.. شهرين لم يلامس جسمي أشعة الشمس.. شدة الأفكري و عيناي المعصبتين.. أصابني دوار و صداع شديد.. خفت أن أخبر العسكري بدوار رأسي و لكن تجنباً للشتائم و الإهانات لم أتفوه بكلمه.
دخلت على وكيل النيابة.. و ظللت واقفا على قدمي طيلة فترة التحقيق ..قرابة الثلاث ساعات .. حتى في التحقيق الذي يدّعونه بالقانوني لم يعرفوا الرحمة و لا الرأفة ..لقد نكرت كُل ما وجه إلي من تهم.. ولكن ضمائرهم الميتة المعتادة على الكذب لم تسمح لهم أن يصدقوا ما ذكرته لهم .. فأنا لم اختطف شرطي ولا أعلم بأي شيءٍ عن المسرحية التي فبركوها.. نهاية الأمر أنني لم أوقع إلا على تهم التجمهر فقط رغم التهديد والمعاملة الخسيسة من قبل قوات الجيش والنائب العسكري..
لا يخلوا التحقيق عن السؤال عن أبي .. فسؤال الوكيل : ماذا يصرح والدك في قناة العالم و المنار.. ما هي تصريحاته السياسية بشأن أحداث البحرين .. فأجبته:كيف لي أن أعلم و أنا داخل السجن منذ شهور.. لا صحف نراها ولا نعلم عن أخبار الخارج أي شيء .. حتى أخواني و أقاربي في السجن لم أكن أعلم عن أخبارهم أي شيء.. فكيف لي أن أعلم عن أخبار أبي ..
إدعائهم بأنه كان يوجد في منزلنا مركز إعلامي تابع لجمعية الوفاق.. و كنت أنا مشرفاً إعلامياً وأراسِل القنوات الفضائية.. وأذيع أخباراً كاذبة وصوراً مُفبركة.. ويسألني الوكيل بكل وقاحة هل هذا صحيح؟ فأجبته بالنفي. لا أعلم ما الذي حدث فإفادتي مدوّن بها كمٌ من التُهم لم أعترف بها ولا يوجد دليل قاطع على صحة هذه التهم.
مؤسسةٌ تَدّعي القانون و هي لا تمارسه.. تدعي انها تحافظ على حقوقك.. هي لا عكس ذلك تماماً..
أعود للسجن و سؤال السجان هو: ما الذي نكرته و إن نكرت شيئاً فالويل لي و إن اعترفت على مسرحياتهم فالويل أعظم بالبقاء.
دخلت إلى الزنزانة و الشباب يتفاجئون بعودتي!! ألم يفرج عنك؟ فجوابي : هذا شيء مستحيل! نعم .. من يعيش في سجنون مثل سجوننا ويتعايش مع قضاء ظالم.. يفقد الأمل بالإفراج.
يبقى المعتقلين يواسوني ببعض من الاحلام والآمال.. و يشجعونني بقرب الإفراج.. ولم نكن مهتمين للافراج والأوضاع إلى الأسوأ.. تعلقنا بالأمل فقط لوجود شعب وفي مخلص لن ينسى يوماً شهداءه و أسراه.. هو ما علقنا بالأمل جميعاً.
بعد مضي فترة طويلة في السجن.. جاؤوا لنا بضيوف جدد ..النائبين جواد و مطر و الشيخ المحفوظ و المهتدي وقضية جمعية أمل و بعض من الشخصيات الوطنية .. عندما عرفوا بحالنا لم يصمتوا للحظة.. هددوا بالإضراب عن الطعام من أجل تحسين المعاملة.. لم يُطالبوا إلا بأقل الحقوق.. كانوا يُطالبون بكتاب الله.. و سرير للنوم عليه.. و سجاده نصلي فوقها.. كانوا يُطالبون بالتوقف عن الضرب و الشتم و الإهانات و المعاملة السيئه.. ففترة التحقيق قد ولت.
خوف الضباط من الإضراب عن الطعام اجبرهم على تبديل أوضاع السجن بين ليلة و ضحاها.. فانتقلنا إلى حلم السجين بوجود قرآن نذكر فيه إسم الله .. و نوم بدون قلق و خوف.

إسبوعٌ عشنا فيه أجمل لحظات السجن.. ولَم تتحقق لنا هذه المطالِب منذ انتهائنا فترة التحقيق؟؟ فنحن جميعأ و إن كنا سُجناء لنا حقوق .. صحيحٌ أنهم لم يلبوا جميع الحقوق و لكن بعض هذه الحقوق انستنا البقية.

يسرٌ بعد عسر

في تاريخ 30-6-2011 كانت جلستنا الأولى في المحكمة.. فأخذوني مع أخي جهاد و أبن خالتي سيد محمد و أصدقائي سيد قاسم و حسن و عمار في الباص إلى مبنى القيادة العامة لقوة الدفاع- محكمة السلامة الوطنية.. لم ننزل من الباص.. كنا نعلم أن هذه المحاكمات باطلة و ليست سوى تلاعباً في نفسياتنا.. بقينا في الباص من دون مكيف قرابة الساعة و عادوا بنا إلى السجن.. لم تكن محاكماتهم سوى مسرحية من إنتاجهم البلطجي المتعارف عليه.
فكل المساجين كان معهم مثل السيناريو.. يوقعون على إحضارية المحكمة و لكن لا يذهبون في الموعد المحدد لهم.. علم الجميع انه تم توقيف المحاكمات قبل حوار الكذب.. و ان صمود الشباب و عزمهم و مطالبتهم الدائمة بالإفراج عن المساجين المظلومين.. و مشيئة الله التي غلبت مشيئه كل طاغوت على وجه الأرض هي من كانت سببا في حريتنا أخيرا.
تفتحت أبواب اليسر من بعد العسر علينا ..وجاءت رسل الخير بأنباء تفرج شيئاً من عسر المحنة... سمحوا للأهالي بأن يجلبوا لنا اللوازم والطعام ..
وتنفتح أبواب الزنازين لنا للخروج للفنس كل يوم نصف ساعة .. في الفنس ترى الوجوه التي كنت تسمع أصواتها ولا تراها .. ويمكنك ايضاً تبادل الاحاديث المنفردة .. الشرطة موزعين يراقبون.. الاخوة معظمهم يلعبون كرة القدم .. والآخرون يرتاضون ويتمشون مع بعض وبعد نصف الساعة نعود إلى الزنزانة.
وتفتحت أبواب الفرح أيضاً.. بدأت الافراجات على قدم وساق لا يمر اسبوع اللا ويطلق سراح ثلة من المعتقلين ..
ففي يوم الأثنين الموافق 11-7-2011 جاء أمر الله بالأفراج عني و عن 21 معتقل من عنبرنا.. كنا لا نعلم ..أنفرح لوداعنا السجون؟؟ أم نحزن على من في المعتقل قابعون؟؟ كأنما حريتنا جددت لهم الأمل.. نراهم جميعاً فرحون لنا.. هم هكذا دائماً.. كلنا أخوةٌ في السجن.. حملنا هموم بعضنا البعض.. صنعنا وحدة مِن أجل الوطن.. لم يعرف فيها يوماً الى أي الاحزاب نميل .. بل كلنا قلباً وقالباً واحداً من اجل الوطن.. ووطن واحد من أجل الجميع.
وحدةٌ من اجل الحرية و الكرامة.. ثقتهم بنا أننا لن ننساهم هي ما جعلتهم فرحين ومتفائلين .. لا بالفرج وحده .. بالفرج والنصر العظيم.. و نحن على العهد باقون.. ولن ننساكم يوماً.
من أجل البحرين.. من أجل الشهداء الأبرار.. من أجل المعتقلين والمعتقلات الأوفياء.. من أجل شعب العزة و الصمود.. سوف أبذل كل ما لدي من أجلكم.. فإسمحوا لي على التقصير و أسأل الله القبول والله على ما أقوله شهيد..

طاهر المدهون
5-8-2011

المصدر: http://www.twitlonger.com/show/f7gu9o
__DEFINE_LIKE_SHARE__
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تنبي هام من التعامل مع مؤسسة حكاية او حكاية ويب لانهم نصاااااااابين محروم.كوم منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية 0 12-26-2011 02:30 PM
نسيج | اخت المعتقل طاهر الغانمي | الأسد طاهر يسلم على الكل كبيرا و صغي محروم.كوم منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية 0 10-27-2011 01:10 PM
إبراهيم المدهون \\ النظام البحريني فشل في كسر الإرادة الشعبية محروم.كوم منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية 0 09-26-2011 12:10 AM
تفاصيل اعتقال الشاب طاهر إبراهيم المدهون .. حكاية سجين من حلم الواقع محروم.كوم منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية 0 09-07-2011 08:10 AM
صورالطفلين الفقيدين أبناء الشاب حسين المدهون محروم.كوم منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية 0 09-27-2009 05:50 PM


الساعة الآن 06:06 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML