التوحد على ماذا .. والاختلاف الى متى؟

** بعد كل كارثة تتعرض لها الامة ..وبعد كل مجزرة يرتكبها العدو .. بعد كل هذه الأشلاء المتناثرة بفعل الآلة العسكرية للعدو ..وبعد كل الدماء التى سفكت انهارا .. وبعد كل ما نراه من سياسة ابادة حقيقية للشعوب .. يتذكر البعض ان الانقسام الذى يعانى منه الصف الفلسطينى هو السبب المباشر فى انطلاق صواريخ اسرائيل على مدننا وقرانا ومخيماتنا الفلسطينية وتتعالى صرخات كل من هب ودب الى ضرورة التوحد والمصالحة الوطنية ..شعارات يرفعونها وهم اجهل الناس بمعنى التوحد والمصالحة الوطنية فهل معنى التوحد هو التخلى عن المبادىء والثوابت التى ترتكز عليها الامة فى قضاياها ؟ هل معنى المصالحة ان يتعانق الشر والخير امام شاشات التلفاز لنصفق لهما ؟ هل التوحد يعنى تخلى معسكر المقاومة عن نضاله لينضم الى طابور معسكرالمفاوضين والتنازل والتفريط فى الحقوق والثوابت ؟واذا كان لابد لطرف ان يتنازل ويقبل بالمصالحة ويتخلى عن ما يؤمن به فلما لايكون التنازل من جانب من جربوا التفاوض على مدى أكثر من خمسة عشر سنة ولم يفلحوا فى نهجهم السلمى.. وخدعوا بمدريد واوسلو وانا بوليس التى نرى نتائجها على الارض الآن ؟ لما ذا لا يجرب فريق المفاوضين ولو لمرة واحدة الحل الآخر ويستمد قوته من معسكر المقاومة ؟ هل لأننا الحلقة الأضعف فى نظرهم ام لأنهم هم الأضعف والاجبن وقلوبهم تمتلىء رعبا من اسلحة العدو الفتاكة التى لم تتوقف يوما عن سياسة القتل والابادة حتى فى ظل التفاوض والتنازل ؟ هل لان المقاوم ليس لديه ما يخاف عليه من وجهة نظرهم بينما لديهم هم مايخافون عليه من مصالح مشتركة مع العدو ولديهم شركاتهم التجارية واموالهم التى يعملون من اجل الحفاظ على تلك المصالح ؟
دائما يحاولون الضغط على كل من انتهج نهج المقاومة ويصفونه بالارهابى ويحملون مسؤلية المجازر التى ترتكب بيد العدو متجاهلين طبيعة العدو الاجرامية وانه ليس بحاجة لذريعة للقتل والابادة .. وان الانقسام والتشرذم هو البيئة الخصبة التى تسمح له بارتكاب جرائمه .. ومتناسيين ان التوحد معناه التزاوج بين نهج المقاومة ونهج التفاوض وعدم التخلى عن اى منهما .. قاتل بشراسة ( فهذا دورك وواجبك ) وتمسك بسلاحك لا تتخلى عنه ثم فاوض .. ومن الغباء ايها الأغبياء فى عالمنا العربى ان نسمى من يقاوم العدو ارهابى ونردد مايردده العدو .. ومن الجهل ايها الجهلاء ان تجعلوا أنفسكم مفوضين وموكلين بنزع سلاح المقاومة وتوقعون على ذلك وعدوك يحمل كل انواع الاسلحة الفتاكة ويستمر فى سياسة القتل والتدمير وانت تغطى على جرائمه وتكتفى بالشجب والادانة وتزداد وقاحتك لتخرج علينا بان ضرب سديروت بالصواريخ هى السبب فى دفع اسرائيل لارتكاب مجازرها ..ثم تدعو للمصالحة الوطنية دون ان تحدد اسس تلك المصالحة .. وتدعو للتوحد وانت تقصد انضمام فئة المقاومين الى فئة الضالين المنحرفين عن الطريق السوى .. هل هناك شعب حصل على حريته دون قتال ؟ هل هناك شعب حصل على حقوقه دون مقاومة ومنازلة حقيقية للعدو ؟ هل هناك ارض تنفست الحرية وتخلصت من احتلال كان جاثما على صدرها دون اراقة دماء او شهداء احتوتهم بطونها ؟ أرونى يا اصحاب شعارات المصالحة والتوحد بتفسيرها الذى يوافق هواكم شعبا واحدا تحرر دون دفع الثمن دما !!!! فرنسا كيف حصلت على حريتها من المحتل الالمانى .. هل بالتفاوض مع الالمان ؟ امريكا نفسها كيف تحررت عام 1783 من الاحتلال البريطانى .. هل بالتفاوض مع بريطانيا ام ان التفاوض جاء بعد انتصار المقاومة فى معركتى ( ساراتوجا ويورك تاون )
وسيخرج علينا بعض المتفذلكين ليقول لنا مايردده المهزومين انه كان هناك توازن قوى بين الاطراف المتحاربة !!!! لارد عليه .. لا والله ماكان هناك توازن قوى بالمعنى الذى تفهمه انت بل كان هناك أرادة قوية تفوق ارادة العدو .. وحتى ان سلمنا بحجة هؤلاء فانا أسال من الذى افقدنا هذا التوازن العسكرى ..أليس انتم يادعاة الخضوع والاستسلام ؟ من الذى شق الصف الواحد ومد يده الى العدو ليعترف به قبل اعترافه بحقوقنا ؟ أليس انتم ايها الخونة والعملاء يا من صافحتم العدو وسلمتوا له رايتكم وارضكم ؟ ان العدو يستمد قوته من ضعفكم انتم ايها المجرمون .. ان العدو يستمد اجرامه منكم انتم يامن تلتمسون له العذر وتبررون جرائمه .. انتم اعداءنا وسبب نكباتنا ودم الشهداء فى أعناقكم انتم .. انتم ايها اللحديون ..ويا طابور العدو الخامس .. يامن امتلأت قوائم العدو بأسماءكم من تستحقون المحاسبة لانكم فقدتم ايمانكم بربكم واتخذتم اسرائيل وبوش الها آخر لكم .. انتم سبب نحرنا وذبحنا وسفك دماءنا .. هل جربتم يوما ان تصطفوا وراء مقاومتكم تساندونها وتدعمونها وتباركون جهادها ونضالها ؟ هل سمع العالم يوما من طراطير الحكم واصحاب ربطات العنق الانيقة والسيارات الفارهة انهم مع مقاومة الاحتلال بكل الوسائل طالما هناك احتلال جاثم على صدورنا ؟ ماهى انجازاتكم ايها الانهزاميون سوى بث روح الهزيمة فى نفوس الشعوب بتكرار مقولتكم الشهيرة ( امريكا دولة عظمى ... اسرائيل دولة تملك اسلحة نووية لا طاقة لنا بها ) ؟ وان كنتم أضعف من مواجهة امريكا واسرائيل فلماذا تتمسكون بالسلطة وانتم الفاشلون ؟ وان كنتم لاطاقة لكم بالقتال فلما تنشرون ثقافة اليأس من التحرير بين الشعوب ؟ لما لا ترتاحون فى بيوتكم وتتركون امر الدفاع عن الاوطان للشعوب ؟ أقبعوا فى منازلكم واحموا انفسكم انتم ودعونا نقف ونساند من يحمينا ويتصدى للعدو بصدره .. امريكا فى ثورتها وجدت فرنسا تفتح لها خزائنها وتمدها بالسلاح وانتم تقفون حجر عثرة ضد ايران وسوريا لانها تدعم حماس او حزب الله وتجدون من يروج اكاذيبكم من اصحاب الأقلام القذرة التى تردد كالببغاء مايقوله العدو .. وان كانت ايران وسوريا الدولتين الفقيرتين يدعمان المقاومة .. فمن يدعمكم انتم ويدعم اسرائيل ؟ من أين تأتى أموالكم وأسلحتكم لتقتلوا بها اخوتكم فى العروبة والدين ؟ اخجلوا من انفسكم وتواروا لان قبحكم فاق كل الحدود ..وافهموا اولا معنى التوحد حينما تحتل ارض .. وتعلموا ان الله لا ينصر من يتخلى عن سلاحه .
** اما الشعوب التى تتباكى وتذرف دموع التماسيح على ضحايا مجازر غزة .. فلن أقول لها سوى ان القادم أبشع وأكثر رعبا وأشد فتكا كما قال هيكل فى حديثه عن الامن القومى العربى الذى هدم جدرانه حكامكم فى غفلة منكم .. لاتتباكوا على واقع انتم من شاركتم فى صنعه .. سيكون القتل والابادة نصيبكم مهما استسلمتم ومهما صبرتم على الذل والاهانة والانكسار .. ستكسر ارادتكم ان استمر الوضع على هذا الحال .. وستتجرعون كاس الذل المر ان لم يفق كلا منكم من غيبوبته .. ويدرك حجم المؤامرة المعدة لكم سلفا .. عدوكم هو انفسكم بداخلكم .. عدوكم هو الخوف من القتل والموت .. الخوف من الظالم .. الخوف من المستقبل .. الخوف من كل شىء .. وجريمتكم هى ترككم لاهل غزة يحاصرون ويقتلون وتعربد اسرائيل دون ان تجد لها رادعا يردعها .. جريمتكم يوم وقفتم موقف المتفرج الغاضب الذى لا يحرك ساكنا واكتفى بكلمات الشجب والادانة والاستنكار ..بل واكتفيتم بالتظاهرات العشرية المخزية .. هناك الكثير من اوراق الضغط لم يجرؤ احد منكم على استخدامها .. ولن يجرؤ لان الخوف تمكن من قلوبكم .. أين المظاهرات المليونية ؟ أين العصيان المدنى فى كل الشوارع العربية والاسلامية ؟ اين قوتكم لتكسر كل حاجز يمنع فك حصار العدو عن اخوتكم من اهل غزة ؟ أقامت عشر عائلات من سكان مستوطنة سديروت الإسرائيلية، دعوى قضائية ضد الحكومة المصرية يطالبون فيها بتعويض قدره 260 مليون شيكل إسرائيلي حوالي (300 مليون جنيه مصري) كتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم وبذويهم، جراء إطلاق صواريخ فلسطينية عليهم من قطاع غزة ولم نسمع ان عائلات الجنود المصريين بيد الرصاص الصهيونى أقاموا دعوى ضد الحكومة الصهيونية يطالبوها بتعويض عن قتلها لابنائنا على الحدود بل لم نحاسب حكوماتنا على صمتها امام جريمة كهذه !!!!



** نتباكى على ضحايانا ونذرف دموع التماسيح على ملايين قتلوا بدم بارد دون ان نوجه أصابع الاتهام الى العدو الحقيقى لنا كشعوب .. ندور ونلف حول ضحايانا نلعن اسرائيل وامريكا العدو الذى دمر حياتنا وحرمنا نعمة الأمن والأستقرار فى أوطاننا وننسى اننا السبب الأول فى وجودهما بيننا وعلى أراضينا .. نحن الشعوب التى قتلت نفسها بيدها وحفرت قبرها يوم تركنا أمورنا السياسية بيد الفساد والفاسدين ليديروا دفة حياة الشعوب الى مسالخ العدو ليقتل فينا أهل العز والشرف .. وينفث عن حقده التاريخى بسفك دمائنا .. وتركناه ينعم بالحياة لنحرم منها .. ويقبض الثمن . كم نحن أغبياء تعساء عقولنا بحاجة لإعادة صياغة لأننا نكتفى بالصراخ والعويل والبكاء على أهلنا وهم يقتلون أمام أعيننا ولا ندرك أسباب ما نحن فيه من مآسى ..أوهموك ياشعبى بأن عدوك الاول هو المحتل المغتصب للارض ؟ لا والله ان عدوك هو ضعفك وخضوعك واستسلامك والغاء عقلك حتى خسرت الارض والعرض والكرامة ولقمة العيش .. ان أسباب مآسينا أعددها لك :
1 - انك صدقت مقولتهم عن ( مكافحة الارهاب ) دون ان يحددوا لك ماهو الارهاب لتشترك معهم فى محاربته وأكتفوا بتمرير صور كل من يحمل بندقية يدافع بها عن أرضه وعرضه وماله ويقاتل عدو محتل أو خائن عميل جاء ليمهد له الطريق ليسلبك أرضك وينهب مواردك لتعلق تلك الصور بذاكرتك فيختلط الامر عليك فلا تدرك الحقيقة .. وسنوا لك القوانين لارهابك والقاء الرعب فى قلبك لكسرك وإذلالك ..ليتمكنوا من سكوتك وخضوعك .. عقدوا المؤتمرات بدعوى مكافحة الارهاب ليحموا أنفسهم منك قبل الدخول الى أرضك .. ورددوا على مسامعك ان كل من يعترض طريقهم فهو ارهابى ..ومن يصرخ فهو ارهابى فصوت الصراخ والرفض يزعجهم ويقلق منامهم ويحرمهم الامن والامان اللذان ينشدونهما على ارضك .. أوهموك بأنهم جاءوا لتحريرك من الخوف ونادوا فيك ان من حقك المعارضة و ايضا من حقهم الا يلتفتوا لمعارضتك .. تظاهر وعبر عما يجيش بصدرك من احساس بالظلم .. اصرخ .. ولكن بطرق سلمية بعيدا عن العنف وسفك الدماء حتى لا تؤذيهم .. طالب بحقك وانت منزوع السلاح عبر التفاوض ( هذا الاسلوب الحضارى الذى يفهموه ) وهم على استعداد تام لسماعك مئات السنوات .. هم فقط من لهم الحق فى امتلاكه وردعك به ان تجاوزت حدودك .. بل لهم الحق فى ابادتك حتى لو كنت مسالما مستسلما لواقع مؤلم فرض عليك .. لهم الحق فى قتل النساء والاطفال بكل الاسلحة المحرمة دوليا لانهم اغتصبوا هذا الحق لانفسهم فكيف تنتزع منهم حقا أغتصبوه تنازلت انت عنه ؟ .
2 – صدقت مقولتهم ان عدوك هو أخيك فى العروبة والاسلام وأقاموا لك الحدود والحواجز لتفصل بينك وبين أخيك ( حدود معترف بها دوليا ) حدود مصطنعة أقامها الاستعمار منذ سايكس – بيكو ولم تعترض ولم تكسر يوما حاجزا وترفض ان تكون حبيس الاوطان .. رضخت للامر الواقع وسلمت واعترفت بتلك الحدود ..وامام استسلامك تمادوا فى هيمنتهم وسيطرتهم ونصبوا عليك الولاة ليحكموا بأسمهم .. وصنعوا لك منظمة الامم المتحدة منظمة دولية تدير شؤون الشعوب الضعيفة على رأسها مجلس الشيوخ من الدول الكبرى التى لايملك سواها حق الفيتو .. وخصصوا لك البند السابع من قوانين مجلس الامن ليكون ملزم وسيفا مسلط على رقابنا نخضع بمقتضاه ونمتثل لأوامرهم .. والا فالعصا الدولية لكل الخارجين عن الشرعية الدولية .. قضاياك كلها بين أياديهم لأنك شعب قاصر لا تحسن ادارة شئونك .. فمتى تعلن عصيانك وتحديك لكل هؤلاء ؟ متى تفرض ارادتك على ارادتهم وتنتزع منهم حقوقك ؟
3 – أغرقوك فى دوامة الصراعات الداخلية وقسموك الى طوائف ليس لها من الدين الاسلامى اى شرعية .. فأنشغلت بها عن عدوك وأندفعنا الى قتل أنفسنا واخوتنا فى العراق ونسينا ان الاسلام حرم دم المسلم على اخيه المسلم ووجدنا من يشعل نار الفتنة ونسينا ان العراق محتلة وان نساء العراق تصرخ تستغيث بالرجال واهل النخوة ولكن صوت طلقات رصاصكم كان أقوى من صرختهن ..فاى عار لحق بكم يا اهل العراق !!!!!!.. فى فلسطين انبرت الأقلام المنتسبة لمعسكر التفاوض والتنازلات تكتب وتشوه صورة حماس ولا تتورع فى اهانة وشتم كل من يدافع عنها وعن الحق واذا بالحقيقة تخرج من أفواههم وتسطع لتكشف زيف من ادعوا ان حماس كانت تخطط لانقلاب على السلطة .. أين انتم الآن ايها الكاذبون المنافقون ؟ أين كذبكم امام اعتراف توفيق ابو خوصة ( الناطق باسم فتح ) بجرائم عملاء المحتل تجاه اخوة لهم فى الدين والوطن والعروبة ؟ والآن تدعون للمصالحة والتوحد !!! ألم ندعوكم لها من قبل ؟ ألم نلح فى طلبنا ان اصطفوا الى جانب مقاومتكم ؟ ولكنكم اخترتم الاصطفاف فى خندق الفساد والعمالة والمحتل .. فمن يتحمل المسؤلية ؟ من يتحمل مسؤلية الدماء التى سفكت بيدكم وبيد العدو ؟ ثم الى متى الاختلاف يا شعوب العرب .. الحق بين والباطل بين فلما نتبع الباطل فى نهجه ومسيرته ؟ ان أمن الدول العربية كلها وحدة غير قابلة للتجزئة والتقسيم والعروبة والدين لايتعارضان فهل فهمنا معنى التوحد بينهما ؟ لنفهم المصطلحات اولا قبل الحديث عن اى توحد