بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير المرسلين وآله وصحبه والتابعين
وبعد

قصتي مع الشاب الوسيم القسيم ريّان *


قبل عدة سنوات قرابة العشر , جاء ريان مع أسرته من مكة إلينا في جدة وقطن حارتنا , لأن والده كان له فيها بيت " ووالده قد توفاه الله رحمه الله " , لم يعلم المسكين أنه حلّ بحارة تفيض بأصحاب السوء , وقد كان وسيماً قسيماً


ما إن يمشي حتى تتوجه كمرات الشيطان له وكأن العيون أصابها من سحره فظنت انه قد حاز الجمال بين جنباته , وهذا تزين الشيطان وخمره ,

لم أكن أرعه إهتماماً ولم أكترث لوجوده لأني كنت مشغولاً بلعب الكرة ولم تكن نفسي تطاوعني لأمشي مع من هم أصغر مني وأقل ,

ذهبت الأيام سريعاً وتلقفت ريان فلول الإجرام حتى سقطت غيرته , وذهب حياءه وذاع صيته بالفساد والشر ,
سارت عجلة الحياة و أراد الله بي خيراً أحمده وأشكره عليه , فاستقمت على دين الله , وكان ريان بعدها يستحي مني كثيراً مع انه لم يكن بيني وبينه أي علاقة ولا حتى كلام ,

ترك ريان الدراسة لأنه شغل بشرب الدخان والحبوب وغيرها ,ذهب ذلك الجمال والحسن ولم يبقى إلا وجه شاحب ونحل في الجسم و قذارة في المظهر ,
لقيته يوماً في الطريق فعندما لقيني جعل نظره إلى الأرض ,

قلت هل تسمح أن أكلمك , فقال : تفضل , فقلت : يا أخي قد علمت عنك ما هو منتشر بين الناس , فلماذا تريد أن تهلك نفسك بيدك , ولماذا تسير مع الصحبة السيئة وأنت تعلم أنهم أول من سيتخلى عنك عند المصائب , وتعلم أنهم
سيغرقونك معهم لأنهم غارقون وحتى تعزيهم بغرقك , لماذا يا ريان تريد أن تهدم حياتك بيدك وأنت تشعر , يا ريان إنما انا لك ناصح وعليك مشفق , فكر في حياتك , الآن أنت تفكر في شهواتك كيف تقضيها , ولكن هذه الشهوات لن تدوم ستذهب وتقبى الحسرات و زمن الحسرة أطول من زمن اللذة , فقال : أبشر إن شاء الله أغير من نفسي . . . .

إنشغلت عنه وعن الحارة كلها ومضت الأيام سريعاً كل يوم يجر الذي قبله ليحل محله ليل يعقبه نهار وصبح يعقبه مساء ,

وفي يوم كنت أشتري من الدكان , وإذا بي أرى ريان يترنح في الطريق لا يسير كالأسوياء ووجهه مسود شاحب شاخص البصر , نظرت إليه ثم ذهبت و تركته ,

كانت تصلني أخباره من غير تتبع لها من إمام المسجد فبيت ريان كان ملاصقاً للمسجد
و ريان لا يصلي أبداً ,
كلمه إمام المسجد ثم لقيني و طلب ان أكلمه , لأن ريان قال للإمام :لست أنا وحدي الذي لا يصلي بل حتى أمي وأخواتي وأخي وليس في بيتنا سجادة ,

فقلت له : سأجلس معه , في ذات يوم وكان يوم خميس لقيته جالس أمام بيته , فسلمت عليه وجلست معه , وقلت له : هذه الجلسة يا ريان سيسألك الله عنها إذا لم تستجب وهي حجة عليك عند الحساب فأنزل رأسه ونظر في الأرض , قلت له : يا ريان المعاصي تختلف فالزنا ليس كترك الصلاة وشرب الخمر وتعاطي الحشيش ليس كترك الصلاة والسرقة ليست كترك الصلاة مع أن الكل خبيث والكل سبب للعذاب , فلماذا لا تصلي ؟ ؟ ؟ أما علمت أن ترك الصلاة كفر , بل قال بعض العلماء ترك صلاة واحدة كفر , وانت لم تصلي منذ مدة , أما علمت أن ترك الصلاة هو قطع علاقة العبد بالله , هل تدرك ما معنى ان تنقطع علاقتك بالله , أي : أن الله لا يبالي بك في أي وادٍ هلكت , لن تجد التوفيق ولن تجد الإعانة , ولن تجد التسديد , بل ستصبح حياتك كلها كدر وضيق ونكد
قال الله تعالى " وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ
لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ
رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ
أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ
تُنسَى "
وهنا فائدة " أن النسيان هنا ليس النسيان الذي جبل عليه الإنسان بل هو نسيان الإعراض مثل قول الله " وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ" فالحقيقة أن لهم قلوب ولم أعين ولهم أسماع ولكنهم عندما اعرضوا عطلوا ما خلقت له هذه الأسماع وهذه الأعين وهذه القلوب , فأصبحت كأنها لا شي "

فهل يا ريان تشعر بالسعادة وأنت بعيد عن الله , فقال : لا , قلت : ولماذا لا تريد السعادة ,
لماذا لا ترجع إلى الله ونحن نعينك على ذلك ونقف معك , فأنزل رأسه , قلت له يا ريان , لقد قامت حجج الله عليك مني ومن غيري , وإني لك ناصح أن تستجيب لأمر الله ولداعيه
ووالله لإن سرت على ما انت عليه لن ترى الخير وستأتيك من الله مصيبة وستجد حينها الأبواب قد أوصدت وتخلى عنك الناس كلهم وستذكر قولي هذا , أنصحك فالله يمهل ولا يهمل وأنت صغير تستطيع تدارك نفسك , أحسب أني أبلغتك ووالله إني لأحب هدايتك فأسأل الله أن يهديك ويشرح صدرك . . .

ثم إنصرفت عنه .... وتصرمت الأيام ولم يمر على جلوسي معه وما حصل له إلا ستة أشهر تقريباً . . .

جاء أحد إخوتي قبل يومين إلى وقال : يا صليل , هل تعرف ريان , قلت : نعم نعم , وماذا به ,
فقال خرج في سهرة مع أصحاب السوء يشربون الخمر ويتعاطون الحشيش , وأخذوا معهم أحد الشباب الضائع وكان هذا الشاب وسيماً , فراودوه على نفسه فامتنع الشاب , فاغتصبوه وقتلوه ثم رموا به أمام بيت أهله ,

ولم تمضي اليومين حتى قبضت الحكومة عليهم جميعاً , وهذه القصة حصلت قبل إسبوعين من الإن ,

وأحسب أن ريان هداه الله إذا فاق سيعلم أن الذي زين له الشهوات قد تبرأ منه , قال إني بريئ منك إني اخاف الله رب العالمين , وما كان لي عليكم من سلطان إلا ان دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا انفسكم , والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل ....

اللهم ثبتنا على الدين حتى نقتل شهداء وبلغنا اعلى مراتب الشهداء والفردوس الأعلى من الجنة . . . .