هل يمكن إنتاج شتلات النخيل بواسطة نوى التمر بطريقة سهلة وبكميات كبيرة وبتكلفة بسيطة وبأقل كمية ممكنة من المياه؟ هذا هو التساؤل الذي حاول المواطن عبدالرزاق عبدالله أنوهي من سكان منطقة الطوار بدبي الإجابة عنه خلال عشر سنوات من التجارب .
يقول عبدالرزاق الذي يهوى هذا العمل إنه يرغب في التوصل إلى طرق جديدة وسهلة لزراعة النخيل وإنتاج التمر إلى جانب الطريقتين الاعتياديتين اللتين تعتمدان على زراعة الفسائل أو إنتاج الفسائل عن طريق الزراعة النسيجية، لأنه يعتقد أن الطريقة الأولى المعتمدة على الفسائل تنتج كميات قليلة من الفسائل، أما الطريقة الثانية المعتمدة على الزراعة النسيجية، فهي مكلفة رغم أنها تنتج فسائل ممتازة، ولكن أسعارها عالية جداً، ما يحد من سرعة انتشار زراعة النخيل .
ويضيف أنه حسب تقارير الأمم المتحدة الحديثة فإن مليار شخص في العالم يعانون الجوع حالياً، وأنه بعد بضعة أسابيع قليلة سيصبح عدد سكان العالم سبعة مليارات نسمة، وبالتالي يتحتم مضاعفة الإنتاج الزراعي العالمي بحلول عام 2050 .
ولهذا ومنذ قرابة عشر سنين سابقة بدأ عبدالرزاق يفكر ويخطط لإجراء تجارب لمعرفة مدى إمكانية إنتاج شتلات النخيل بواسطة نوى التمر بطريقة سهلة وبكميات كبيرة وبتكلفة بسيطة وبأقل كمية ممكنة من المياه .
وفي هذا السياق أوضح عبد الرزاق أنه استخدم قناني المياه البلاستيكية الفارغة بحجم 1،5 لتر، و5 لترات بعد أن قام بتجهيزها بطريقة خاصة من حيث الفتحات المناسبة، ووضع التربة فيها، حيث يساعد هذا الاستخدام على إعادة استخدام تلك القناني أكثر من مرة، وبالتالي المساهمة في حماية البيئة .
وقد نجح عبدالرزاق في إنتاج شتلات من أصناف النخيل المختلفة مثل خضراوي وخنيزي وخلاص ويبري وشيشي وزغلول وخصوئي وسكري ورشودية وبرحي ومبروم ونغال وليشت وهلالي وخلاص والخرج وخلاص والقصيم .
ويقول إن هذه هي السنة الثالثة التي تثمر فيها نخلة عجوة المدينة المنورة في منزله، وبدأ العذج يكبر سنة بعد أخرى، تلك التي تم إنتاج شتلتها أصلاً من بذرة في قنينة مياه، وبعدما كبرت الشتلة زرعها في أرض مستديمة، أما بلح عجوة المدينة المنورة، فيكون أصفر اللون في مرحلة البسر، ثم يتحول إلى اللون الغامق في مرحلة الرطب، ويكون لذيذ الطعم، ويتحول إلى اللون الأسود في مرحلة التمر، ولديه نخيل مذكرة مثل فحل عمبرة المدينة، وفحل عجوة المدينة، وفحل المبروم وفحل زغلول، وكلها قام بإنتاجها عن طريق النوى، أي البذرة، إضافة إلى نخلة مثمرة من صنف عمبرة المدينة عمرها ست سنوات، وهي تنتج كمية كبيرة من الرطب كل عام .
وقد أجرى عبدالرزاق العديد من التجارب المقارنة لمعرفة أفضل وأسهل الطرق المناسبة لإنتاج النخيل من النوى في القناني البلاستيكية، حيث من المتوقع أن ينتهي خلال الثلاث سنوات المقبلة من الحصول على نتائج مهمة، فقد استخدم فيها 128 قنينة في 32 تجربة مختلفة بها 4 مكررات لكل معاملة، إضافة إلى تجارب أخرى .
وفي ضوء نتائج التجربة التي تبشر بالخير حتى الآن، فإن عبد الرزاق، يتوقع أن تفتح تلك التجربة مجالاً كبيراً في المستقبل لإحداث قفزات كبيرة في إنتاج وزراعة النخيل في الدولة وفي المنطقة، وبالتالي ينبغي اكتشاف رؤى جديدة في مجال إكثار زراعة النخيل إلى جانب الطرق المتعارف عليها، حيث يتوقع عبدالرزاق أنه لو تم اتباع أسلوبه في زراعة النخيل فإنه يمكن في المستقبل القريب إنتاج كميات كبيرة جداً من الشتلات، وبالتالي زراعة عدة ملايين من النخيل سنوياً بأسهل الطرق، وبأقل مجهود وبأقل كمية من المياه وبأقل التكاليف، حيث تتميز الشتلات التي ينتجها بسهولة الحمل والنقل لأنها موجودة في قناني بلاستيكية متماسكة، كما يمكن إنتاج 100 شتلة في مساحة صغيرة لا تزيد على المتر المربع الواحد، حيث توصل في أبحاثه إلى أن الشتلة الواحدة التي عمرها سنة إلى خمس سنوات تحتاج إلى كمية قليلة من المياه للحصول على نمو جيد يقدر بنحو 60 إلى 100 مليمتر يومياً، وهي كمية تقل 30 مرة عن كمية المياه التي يتم ريها للشتلات في الزراعة التقليدية، إلى جانب أن الشتلة التي عمرها سنة يمكن أن يصل عدد أوراقها إلى تسع ورقات وطول الورقة الواحدة إلى 50 سم أي أنها تحتاج لسنة أخرى، لتكون جاهزة لزراعتها في الأرض المستديمة، علماً بأن الورقة الثامنة تبدأ في التفصص .
وأوضح أن لديه أفكاراً كثيرة يمكن تحويلها إلى خطط ثم إلى برامج عمل مفيدة ومن خلالها يمكن إنتاج عشرة ملايين شتلة في السنة بأقل المصاريف والإمكانات، وآخر كلمة يقولها “لا ترموا النواة إنها نخلة” .
جدير بالذكر أن عبدالرزاق عبدالله من خريجي الدفعة الأولى من كلية العلوم في جامعة الإمارات سنة 1981 ويحمل شهادة الماجستير في العلوم البيئية، وكان يعمل مديراً لمركز أبحاث البيئة البحرية في أم القيوين لمدة 22 سنة، مع خبراء يابانيين، ويعمل حالياً مديراً لإدارة البيئة البحرية بوزارة البيئة والمياه، وله العديد من الأبحاث العلمية المحكمة المنشورة عالمياً في مجال أشجار القرم والثروة السمكية وقد شارك في العديد من المؤتمرات المحلية والإقليمية والعالمية .