دانة لؤلؤة تقهر الظلام والإحباط

خـوار تلي · #1 06-10-2011, 09:39 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

دانة” اسم على مسمى، فهي لؤلؤة تضيء حياتها وحياة أسرتها بجمالها الداخلي قبل الخارجي . “دانة” اسم لفتاة استطاعت بابتسامتها الرقيقة، وإيمانها بقدر الله، وإصرارها وعزيمتها أن تقهر المرض الذي أصابها في عمر الثالثة عشرة، وجعل منها فتاة ضريرة، فرفضت أن تكون جليسة جدران بيتها، وأقبلت على الحياة بكل حب، وواصلت تعليمها حتى الإعدادية، ثم مكثت في البيت لفترة، وعادت تواصل دراستها وعملت في وظيفة مرموقة في آن واحد .

بالأمس القريب، وقفت بكل فخر وأمل وشموخ لتتسلم شهادة تخرجها من الجامعة الكندية في دبي وسط فرحة أسرتها وسعادة رؤسائها في العمل من طيران الإمارات، وسط تصفيق حاد من الحضور كافة لهذه الفتاة الجميلة الرقيقة التي تغلبت على إعاقتها وأصبحت حاملة لشهادة عليا في مجال “البيزنس” .

“دانة” فتاة لنموذج ناجح ومثالي في هذا العصر، وتعد مثلاً أعلى لمن هم في مثل حالتها، إنها قاهرة الظلام، ومع دانة كان ل”الخليج” حوار للتعرف إلى هذه الشخصية ذات العزيمة والإصرار .

وتالياً نص الحوار:

بداية لتعرفينا بنفسك، والحالة المرضية التي تعانينها؟

أنا دانة نشواتية من سوريا، أبلغ من العمر 23 عاماً، أعيش في الإمارات منذ أكثر من 20 عاماً، أسرتي تتكون من أم وأب وأخت وشقيقين أحدهما متزوج وزوجته هي أخت ثانية لي، عندما بلغت سن الثالثة عشرة وكنت وقتها في الصف السابع أصبت التهاب في العين اليسرى نتيجة فيروس تبعه زكام شديد، وعند عرضي على الطبيب أخبر أسرتي أنني سأفقد بصري في العين اليسرى وبعد وقت سينتقل المرض إلى العين اليمني، وبالطبع كانت صدمة لأسرتي شديدة، حاولت بكل الطرق إنقاذي بالعرض على العديد من الأطباء، والمستشفيات ولكن لا أمل، في العام 2000 بالفعل انتقل المرض لعيني اليمني وعلى أثرها فقدت البصر بالكامل، وكنت وقتها على وشك الانتهاء من الصف التاسع بمدرسة المواكب، وعندما حدث ذلك تم اختباري شفهياً حتى أنهيت المرحلة الإعدادية، ومن وقتها أصبحت لا أرى سوى ضوء الشمس .

هل اقترح عليك أحد الأطباء السفر للخارج للعلاج على أمل عودة بصرك؟

بالفعل أنا منذ ذلك الوقت ووالديّ يسافران بي من فترة لأخرى إلى روسيا للعلاج، وقد تحسنت حالتي بالفعل بعض الشيء، حيث أصبحت الآن أرى بعض الأخيلة أمامي، ولكن لا أستطيع رؤية ملامح الشخص الذي يقف أمامي، ولكن أراه خيالاً، وأرى الحركة التي تقع بجواري، وأستطيع مشاهدة خيال سيارة أو بناية، والأطباء هناك لديهم أمل في تحسن الحالة، ولكن الأمر ليس سهلاً، فالفيروس أصاب العصب البصري .

مَن يتحمل تكلفة علاجك حالياً في روسيا؟

أسرتي تتحمل التكاليف بالكامل، فالحمد لله، حالتنا المادية متوسطة، وأنا أعمل في طيران الإمارات في خدمة العملاء .

هل أكملت دراستك مباشرة بعد الصف التاسع، أم كان الأمر شاقاً عليك؟

كان الأمر في بدايته صعباً عليّ للغاية لأنني فجأة أصبحت لا أرى، وبعد أن كنت أساعد كل زميلاتي ومن يحتاج إليّ أصبحت أنا في حاجة للمساعدة، فرفضت أن أشعر بشفقة الناس وجلست في البيت لمدة ثلاث سنوات، حقاً لم أكن متقبلة الوضع في البداية، ولكن والدتي التي لا أنسى وقوفها إلى جانبي في كل ثانية لم تقف مكتوفة الأيدي وهي تراني جليسة البيت، فسمعت عن مركز “تمكين” للمكفوفين وبادرت إلى الاتصال بالمسؤولين به وتم قبولي، حيث قررت في داخلي أن أذهب لمدة أسبوعين لإرضاء والدتي ثم أتركه، ولكن عندما ذهبت وجدت بنات وشباباً يعيشون حياتهم من دون أي تعقيد ويعملون ويقبلون على الحياة فعاد إليّ الأمل من جديد، وقررت وقتها أن أستكمل دراستي الثانوية .

كيف أكملت دراستك الثانوية؟

درست “منازل” لأني كنت أشعر بأن الزميلات بالمدرسة لن يتقبلنني بينهن، ورغم أن الأمر كان صعباً في دراسة المناهج، إلا أن والدتي وقع عليها العبء بنسبة 75% لتدريسي إلى جانب الاستعانة بمدرسين لمعاونتي في البيت، وبالطبع كنت أدرس باللغة الإنجليزية في الصفوف التسعة الأولى فاضطررت إلى التغيير للعربية .

متى التحقت بالعمل أثناء الدراسة؟

قبل الانتهاء من الصف الثالث الثانوي تم ترشيحي من قبل “تمكين” للعمل في طيران الإمارات في خدمة العملاء، وبالفعل أجريت لي مقابلة وتم قبولي على الفور، وهنا بدأت أعمل وأدرس لأنني كنت مصرة على إنهاء المرحلة الثانوية، وبالفعل حصلت على نسبة 91% أدبي، رغم أنني كنت راغبة في دراسة العلمي إلا أن المدرسين نصحوني بالأدبي لأنه سيكون أسهل مع حالتي .

طبعاً الأمر لم يكن سهلاً لأن الامتحان كان يتطلب وجود مدرسة بجواري لكي تقرأ لي الأسئلة، وأنا أجيب وهي تكتب في ورق الإجابة، وكان لا بد من مراقب علينا حتى يضمن أن المدرسة تكتب ما أمليه ولا تساعدني بالتصحيح مثلاً .

ماذا فعلت بعد ذلك؟

كانت أمنيتي تكملة الدراسة، ولكن واجهتني صعوبات كثيرة، فكلما اتصلت بجامعة وعرفت ظروفي كانت ترفض بحجة أن الأمور لديهم غير مؤهلة لاستقبال من هم في وضعي، ومع هذه الإجراءات فاتني فصل كامل، وجاءت الفرصة عندما التحقت شقيقتي بالجامعة الكندية، وطرحنا الأمر عليهم عن طريق أخي فرفضوا في البداية فقررت أن أقوم أنا بالاتصال بهم مباشرة، لمحاولة إقناعهم، وصدق ظني، حيث فوجئت بهم يخبرونني بالقبول وعليّ الذهاب للتسجيل رغم تحذيرهم إياي بأن الأمر لن يكون هيّناً، وأن الظروف لديهم غير مهيأة، وأجري لي امتحان “التوفل” ونجحت، وأخبروني أنهم سيتصلون بي لاحقاً، وبالفعل تم قبولي وعرضت البدء بأربع مواد .

وساعدني على الاستمرار أنني كنت أعمل في داناتا شارع الشيخ زايد وكانت الجامعة قريبة من العمل .

كيف وجدت تعامل أساتذة الجامعة معك في البداية؟

كانت صدمة لهم فشعرت أنهم كانوا يتحدثون فيما بينهم كيف سنتعامل معها، ولكنهم بعد فترة تعاونوا معي بشكل كبير .

تحركاتك بين البيت والعمل والجامعة كيف كانت تتم؟

أولاً أنا كنت أخرج من البيت في السادسة صباحاً لأن عملي يبدأ من السابعة والنصف حتى الثالثة والنصف، ثم كنت أذهب للجامعة من الرابعة حتى التاسعة، ومنذ أن بدأت العمل كانت هناك سيارة أجرة ترافقني في كل تنقلاتي منذ الخروج من البيت في الصباح حتى العودة .

كنت رافضة أن أحمّل أحداً، حتى أختي، عبء انتظاري أو الذهاب معي رغم أننا في جامعة واحدة، وقررت الاعتماد على نفسي بشكل أكبر، وكنت مصرة على ألا يكون فقد بصري سبباً لإعاقتي عن العمل أو الدراسة .

علمت أنك تفوقت أيضاً في دراستك وأنهيتها في مدة أقصر من بقية زملائك؟

بالفعل أنهيت الدراسة في ثلاث سنوات ونصف بدلاً من أربع، وكان تخصصي في “البيزنس”، كنت أود إثبات أنني قادرة على عمل أي شيء ولن أكون أسيرة مرضي، وعرّفت جميع من حولي حتى أساتذتي أنني لست بحاجة إلى مساعدة، وعند احتياجي إليها سوف أطلبها .

وماذا عن امتحاناتك في الجامعة؟

إما شفهية أو عبر الكمبيوتر، لأن لدي قارئ شاشة، وحصلت على نسب نجاح مرتفعة في كل الصفوف، والجامعة أيضاً تُشكر لأنها أمنت لي جهازاً يعمل على نسخ المواد وتحويلها إلى ديكومنت، وبصراحة الجامعة كانت تلبي كل متطلباتي .

هل كنت الوحيدة في الجامعة بتلك الظروف؟

أنا فتحت الباب لاستقبال حالات أخرى تدرس حالياً .

ما الأمور التي كانت تضايقك أو تشعرك بالحزن أثناء الدراسة؟

أكثر ما كان يحزنني أن يقول أحد إن دانة لم تستطع فعل شيء أو إنها لن تقدر، وتضايقني العبارات التي أشعر فيها بالشفقة على حالتي، دائماً كنت أتعامل على أنه لا ينقصني شيء وأني مثل أي شخص بل أفضل من آخرين، أيضاً كان يضايقني أن بعض الأساتذة يرغبون في عدم تحميلي شيئاً قد يكون فوق طاقتي، كنت أحب دائماً أن يراني الجميع قادرة على فعل كل شيء .

دراستك بالجامعة كانت متخصصة، فهل ساعدك أحد من الأهل على الدراسة بالمنزل؟

كنت أسجل المحاضرات، وأدرس بعد ذلك سماعاً أو عبر قارئ الشاشة الخاصة بالكمبيوتر إذا كان شيئاً مكتوباً، الامتحانات شفهية تقرأ الأسئلة، وأختار الإجابة الصحيحة .

لم أغش يوماً، لأنني لم ولن أقبل ذلك على نفسي على الإطلاق، ولم أرغب في وضع نفسي في وضع محرج، وآخر فصل درست 13 مادة معاً حتى أستطيع أن أنهي دراستي في المدة التي حددتها .

ما خططك للمستقبل دراسياً وعملياً؟

أفكر في دراسة الماجستير في مجال “كواليتي مانجمينت”، ولن أترك عملي، ولكن أتمنى أن أنقل إلى قسم العلاقات العامة، وأعتقد من المديرين المسؤولين عني بالعمل، مثلما ساعدوني طوال السنوات الماضية ووفروا لي المتطلبات كافة التي تساعدني على تأدية عملي بالكامل، وشرفوني بالحضور في حفل تخرجي في الجامعة، لن يخذلوني بالترقية والانتقال إلى مجال أفضل يتناسب ومؤهلي الجديد .

أما بالنسبة لوضعي الصحي فأنا أستكمل علاجي، وأتمنى أن أتمكن من استعادة بصري بنسبة 100%، وأنا متفائلة جداً ولا أعرف شيئاً اسمه إحباط، فقد ألغيت هذه الكلمة من قاموسي .

وماذا تتمنين أيضاً؟

أتمنى عندما يتحدث عني أحد، سواء في عملي أو دراستي، ألا يقول دانة الكفيفة، ولكن دانة حاملة الشهادة كذا والتي تعمل في مجال كذا .

أنت فتاة جميلة، وخفيفة الظل ألم يأت بعد فارس أحلامك؟

هناك بعض من فكر في الارتباط بي، ولكن وجدت لديهم بعض التردد، فالكل ينظر إلي على أنني كفيفة، ودلوعة رغم أنني عكس ذلك تماماً، فأنا أقوم بالطبخ في المنزل بمفردي دون مساعدة من أحد، فالشغل في البيت مثل دراستي وعملي .

نصيبي لم يأت بعد، ولكن دائماً أشعر بأن ربنا سيمنحني شيئاً أفضل وسيأتي يوم أجد من يقدرني ويحبني بكل ظروفي .

هل لك ذكريات مع زملائك في الجامعة؟

كثيراً ما كانت زميلاتي ينسين أنني كفيفة ويقلن لي شايفة لبس فلانة، وأرد قائلة: “ما عاجبني اللبس، ولكن عجبني مكياجها”، دائماً ما آخذ الأمور بشكل عادي وطبيعي وأتصرف كأني مثل البقية .

وفي ختام الحوار، أحضرت دانة “سيديهات” تحتفظ فيها بمجموعات من صورها في العمل، وحفل التخرج وأثناء تسلمها لجائزة الإلهام، وابتسامتها لا تفارقها، وأثبتت أنها تستحق لقب الفتاة المثالية برقتها وثقافتها وحيويتها، وإيمانها بالله وكل الصفات الجميلة التي وهبها الله إياها تعويضاً عما أصابها .

الخليــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــج ....
__DEFINE_LIKE_SHARE__

وجه القمر · 06-10-2011, 07:25 PM

الله يعطيج العافيه حبوبه على الخبر
يسلمووووووووو __DEFINE_LIKE_SHARE__

♕ وليد الجسمي ♕ · 06-10-2011, 10:58 PM

يعطيك العافية ..

شكراً لك على الخبر

على خير نلتقي لنرتقي

__DEFINE_LIKE_SHARE__

المواضيع المتشابهه
الموضوع	كاتب الموضوع	المنتدى	مشاركات	آخر مشاركة
مع ذكرى عيد العمال هل الوفاق بفوزها بأمانة أتحاد العمال ماتت النقابة	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	04-24-2010 10:40 PM
افراجٌ من جانب واعتقالٌ من جانب آخر!!	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	10-13-2009 10:00 PM
مسابقة الرمضانيه الكبرى > جاوب على سوال واحصل على دومين مجاني جاوب كامل يكون	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	08-27-2009 05:20 PM
تبي تقهر ربيعك	a7ebkom	هواتف , مسجات , وسائط , برامج , ثيمات , نغمات , بلوتوث	37	10-03-2008 11:04 PM
•.?.•° أشياء تقهر •.?.•°	سلمى	الإستراحه العامة	25	07-13-2008 09:28 AM