لجأ حامد الغيثي إلى استغلال طاقاته وإرادته وحبه للحياة في نظم الشعر وإلقائه، مستعينا بأبيات خالدة رائعة لشعراء خلدهم التاريخ أمثال امرؤ القيس والإمام الشافعي والمتنبي، قبل أن يتوجه إلى الصفوف الدراسية وينتظم في مقاعد الدراسة، متحديا بذلك إعاقته وكرسيه المتحرك، ليثبت أن أمله في الحياة بلا حدود. لم تستطع الإعاقة الجسدية أن تضع حدا لطموح حامد حمدان الغيثي، كما لم تتمكن محدودية حركته من حرمانه تحقيق أحلامه الكثيرة، فأضحى بفضل إصراره وإرادته الكبيرين، مثالا مشرّفا لغيره من أبناء الإمارات. ويجمع المحيطون به على أن الغيثي تحدّى كرسيه المتحرك، وانطلق باتجاه تنمية قدراته والارتقاء بمستوى مشاركته المجتمعية كرجل فاعل يؤثر ويتأثر حضاريا وإنسانيا وإنتاجيا فيمن حوله. ورغم أنه تأخر كثيرا في الالتحاق بصفوف الدراسة والتعلم، إلا أن سرعته في الإنجاز ورغبته الجامحة في التقدّم والتطوّر استطاعا أن يقلّصا ذلك الفارق الزمني الكبير بينه وبين الآخرين، ليثبت، بعد فترة من العمل المتواصل، كفاءته، ويبدأ بصعود درجات ومراتب العلم رويدا رويدا. مدرسة الحياة
التحق الغيثي بمركز العين لرعاية وتأهيل المعاقين التابع لمؤسسة زايد العليا، وهو في سن الثالثة والعشرين من عمره، حيث دخل مستمعا لينهل من المركز علم الحياة وفنون العيش ومعاني المشاركة والاندماج، ويضيفها إلى تجاربه الحياتية السابقة. يقول إن «الحياة والمشاركة المجتمعية هي المحفّز الأول والأساسي لشخصية الإنسان، وهي المكون الأصلي الذي تتبلور شخصياتنا من خلاله، كما أن المشاهد والتجارب التي نخوضها في الحياة تصنع منا أشخاصا مميزين». ويضيف «بالنسبة لي، فقد صنعت مني تجاربي الخاصة إنسانا قياديا محنكا، بالإضافة إلى ما تعلمته منها من قيم، أولها التحمل والصبر على مصاعب الحياة وجميع ظروفها، وثانيها الأمل بلا حدود، فالشمس إذا غربت وأظلمت الدنيا من حولنا، لا بد أن تشرق مرة أخرى وينتشر النور على الأرض وفي النفوس». ويتابع مستشهدا بقول الشاعر: «ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر، ومن يتهيب صعود الجبال، يعش أبد الدهر بين الحفر».
الإرادة والتحدي تكسر الصعاب مهما كانت ولو كانت طلوع الجبال