|
إنضمامك إلي منتديات استراحات زايد يحقق لك معرفة كل ماهو جديد في عالم الانترنت ...
انضم الينا
#1
| ||
| ||
أعدوا سم عائشة قبل مؤامرة "هرشا" لاغتيال الولاية كريم المحروس * لا أحد يعرف تاريخ ميلاد الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضوان الله تعالى عليه لكن قصة وفود والده على المدينة المنورة خشية ثأر قد اشتهرت في مصادر المخالفين لولاية علي أمير المؤمنين بقصد النيل من شهرته في خمس قصص لفتت الى عظم مكانته: في قصة أخطر محاولة لاغتيال النبي صلى الله عليه وآله، وفي قصة مصاحبته للنبي صلى الله عليه وآله وتحمله لأخطر أسراره في المدينة المنورة ، وفي قصة وقوع معجزتين للنبي صلى الله عليه وآله فيه ، وفي قصة علوم الغيب التي أسرها له النبي صلى الله عليه وآله، وفي قصة مؤاخاة النبي صلى الله عليه بينه وبين الصحابي الجليل عمار بن ياسر . شارك حذيفة النبي صلى الله عليه وآله معارك احد والخندق وتبوك ، ثم شارك من بعده في معارك أخرى كثيرة ، منها: فتح بلاد شمال الجزيرة العربية كالعراق والشام ، وكان قائدا ميدانيا في فتح فارس ومعاركها في همدان والري ونهاوند وغيرها من مدن فارس انطلاقا من الكوفة . واختص بمعجزتين من الرسول صلى الله عليه وآله: الأولى في يوم الخندق حين اختاره النبي صلى الله عليه وآله لمهمة التسلل بين الأحزاب ليأتيه بخبرهم حيث كان البرد شديد والرياح عاصفة على جبهتي الجيشين. يقول حذيفة : فَلَمَّا وَلَّيْتُ مِنْ عِنْدِهِ جَعَلْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ حَتَّى أَتَيْتُهُمْ ... }[1] ، والمعجزة الأخرى كانت في عقبة "هرشا" يوم تحدث إلى صخرة واختفى فيها عن أعين المتآمرين لاغتيال النبي صلى الله عليه وآله، وطار بجناحين إلى النبي صلى الله عليه وآله ليعلمه بتفاصيل المؤامرة والمتآمرين. أقعد كل من أبي بكر وعمر وعثمان وأبي موسى الأشعري وطلحة وسعد بن أبي وقاص وأبو سفيان لحذيفة كل مرصد لإرهابه ومنعه من إفشاء سر مشاركتهم مع ستة آخرين في محاولة "هرشا" الفاشلة حتى قال حذيفة: لو كنت على شاطئ نهر ،وقد مددت يدي لأغرف، فحدثتكم بكل ما اعلم، ما وصلت يدي لفمي حتى أقتل} [2]. ثم تمكن منه ابو موسى الأشعري احد متآمري" هرشا"في سنة 36 هجرية فقتله في المدائن التي نفاه إليها عثمان بن عفان وأصدر امرأ للأشعري واليه في الكوفة بتعقبه وقتله، لكن عثمان نفسه لم يشهد إنفاذ أوامره بقتل حذيفة لأن الموت سبقه قبل أربعين يوما من مقتل حذيفة فلم يُصل حذيفة بن اليمان على جنازة عثمان فكان امتناعه عن هذه الصلاة إعلانا صريحا بانتماء عثمان إلى رهط المنافقين الاثنى عشر الذين شاركوا في محاولة اغتيال النبي صلى الله عليه وآله. وكان النبي صلى الله عليه وآله قبل شهادته أنبأ حذيفة بموته غيلة في المدائن حين قال:" يا حذيفة إنك مقتول}[3]. وروى عن حذيفة في قاتله أبي موسى الأشعري "أن عماراسُئل عن أبى موسى فقال لقد سمعت فيه من حذيفة قولا عظيما ، سمعته يقول صاحب البرنس الأسود ثم كلح كلوحا علمت أنه كان ليلة العقبة بين ذلك الرهط }[4] اشتهر حذيفة بكنية "حافظ سر" رسول الله صلى الله عليه وآله بعدما اختصه من علمه واسر له بأسماء المنافقين الذين هموا باغتيال النبي صلى الله عليه وآله فوق عقبة هرشا من بعد رجوعه وجيشه من تبوك. وقال أمير المؤمنين علي عليه السلام في حذيفة: ذاك امرؤ علم المعضلات والمفصلات، وعلم بأسماء المنافقين، وان تسألوه عنها تجدوه بها عالما}[5]. وروى مسلم عنه :" وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِكُلِّ فِتْنَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ السَّاعَةِ ، وَمَا بِي إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله أَسَرَّ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ شَيْئًا لَمْ يُحَدِّثْهُ غَيْرِي }[6] أفاد النبي محمد صلى الله عليه وآله كل الصحابة بمن فيهم المنافقين علما بأنه مَن أسر لحذيفة بأسماء المتآمرين لقتله في هرشا، فكان حذيفة منذ ذلك اليوم هدفا للاغتيال من جهة ، ودليلا لافتا على متآمري هرشا الذين خافوا منه التصريح بأسمائهم ورجوا مقتله قبل حين وفاتهم من جهة أخرى ، لأن المسلمين باتوا عارفين بهوية متآمري هرشا من خلال رفض حذيفة الصلاة على جنائزهم كلما مات احدهم، كما فعل ذلك عند موت أبي بكر وعمر وعثمان. أبو حزم الأندلسي أكد على امتناع حذيفة عن الصلاة على الثلاثة: أبي بكر وعمر وعثمان . وقال في محلاه:"فتورع عن الصلاة عليهم}[7] امتثالا للآية الشريفة (وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ ، إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ) [8] . وكان عمر بن الخطاب أكثر الناس حرصا على تقصي أخبار حذيفة بن اليمان بعد امتناع حذيفة عن الصلاة على جنازة أبي بكر ، ورصد تحركاته وساعة عزمه البوح بأسرار الرسول صلى الله عليه وآله ومنها سر هرشا ، ليتأكد عمر بنفسه ويقف على علم صريح بورود اسمه بين أسماء المشاركين المحاولة الفاشلة ، ليتخذ في عقب ذلك أمرا باغتيال حذيفة . وفي أحيان أخرى حرص عمر على الاجتماع بحذيفة منفردا ليتصيد في بعض ملامح وجهه لائحة الاتهام وأسماء المتآمرين . يقول حذيفة: مر بي عمر بن الخطاب وانأ جالس في المسجد فقال لي: يا حذيفة إن فلانا (ويعني أبا بكر) قد مات فاشهده . ثم مضى، وإذ كاد يخرج من المسجد؛التفت إلي فرآني وانأ جالس فعرف (إن حذيفة ممتنع ولن يشهد جنازة أبي بكر) ،فرجع إليّ فقال: يا حذيفة أنشدك الله ،أمن القوم أنا؟. قلت: لا ولن أبرئ أحدا بعدك. قال: فرأيت عيني عمر جاءتا}[9]. ومنذ ذلك اللقاء كان عمر يحسب كل صيحة من حذيفة عليه بعد أن قطع بعلم حذيفة بأسماء كل متآمري هرشا. ولازال يلتقي عمر حذيفة وحذيفة يكيل له الحرج بطريقته ويزيد في خوفه وحنقه وغيضه!. ففي مرة لقي حذيفة عمر ، فقال له عمر: كيف أصبحت يا ابن اليمان؟.فقال : كيف تريدني أصبح؟ أصبحت والله اكره الحق، وأحب الفتنة، واشهد بما لم أره ، وأحفظ غير المخلوق، وأصلي على غير وضوء ، ولي في الأرض ما ليس لله في السماء! . فغضب عمر لقوله ، وانصرف من فوره وقد أعجله أمر ، وعزم على أذى حذيفة لقوله ذلك. فبينما هو في الطريق إذ مر بعلي بن أبي طالب عليه السلام فرأى الغضب في وجهه فقال: ما أغضبك يا عمر؟. فقال: لقيت حذيفة بن اليمان فسألته : كيف أصبحت؟، فقال: أصبحت أكره الحق. فقال علي أمير المؤمنين: صدق ، يكره الموت وهو حق. فقال: يقول وأحب الفتنة. قال: صدق، يحب المال والولد وقد قال الله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ)[10]. فقال: يا علي: يقول: واشهد بما لم أره. فقال: صدق، يشهد بالوحدانية والموت والبعث والقيامة والجنة والنار والصراط ولم ير ذلك كله. فقال: يا علي: وقد قال: إني أحفظ غير المخلوق. قال: صدق، يحفظ كتاب الله تعالى القرآن وهو غير مخلوق. قال: ويقول: أصلي على غير وضوء. فقال: صدق، يصلي على ابن عمي رسول الله صلى الله عليه وآله على غير وضوء والصلاة عليه جائزة. فقال: يا أبا الحسن ، قد قال أكبر من ذلك. فقال: وما هو؟. قال انه قال: إن لي في الأرض ما ليس لله في السماء. قال: صدق ، له زوجة وولد. فقال عمر: كاد يهلك ابن الخطاب لولا علي بن أبي طالب} [11] ، فاطمئن عمر بما يعني قول حذيفة ! وفي موقف آخر مثير ، أخذ عمر يبدي إشارة لمحاولة ابتزاز لاستنطاق حذيفة بن اليمان بأسماء منافقي هرشا وما إذا كان حذيفة عزم على البوح بسره بعد شهادة النبي صلى الله عليه وآله ويقصده كواحد ممن عرفهم في مؤامرة اغتيال النبي صلى الله عليه وآله. فبعد وصول عمر للخلافة وتوليته لحذيفة على المدائن "سأله عمر : هل في عمالي أحد منهم؟ قال: نعم واحد، قال من هو؟ .قال: لا أذكره، فعزله عمر} [12] كيف تعرف حذيفة رضوان الله تعالى عليه على المنفذين لمحاولة عقبة هرشا؟ وما هو دوره؟ .. هنا نورد عددا من وقائع ما جرى في هرشا بشيء من تفاصيل ضمتها مصادر تاريخية مختلفة أجمعت على وقوع المؤامرة قليل من المعطيات المكملة لأطراف الواقعة: فقد انتهت معركة تبوك وهم الرسول صلى الله عليه وآله وجيشه المؤلف من 30 ألف مقاتل بالرجوع إلى المدينة المنورة .. {وسار رسول الله صلى الله عليه وآله باقي يومه وليلته حتى إذا دنوا من عقبة هرشا، فقدمه القوم فتواروا في ثنية العقبة وقد حملوا معهم دبابا وطرحوا فيها الحصى . فقال حذيفة: فدعاني رسول الله صلى الله عليه وآله ودعا عمار بن ياسر وأمره ان يسوق ناقته وأنا أقودها ، حتى إذا سرنا في رأس العقبة ؛ ثار القوم من ورائنا ودحرجوا الدباب بين قوائم الناقة فذعِرت وكادت ان تنفر برسول الله ، فصاح بها النبي أنِ اسكني فليس عليك بأس ، فأنطقها الله بقول عربي فصيح فقالت: والله يا رسول الله لا أزلت يدا عن مستقر يد ولا رجلا عن موضع رجل وأنت على ظهري . تقدم القوم إلى الناقة ليدفعوها ، فأقبلتُ أنا وعمار لنضرب وجوههم بأسيافنا ، وكانت ليلة مظلمة ، فزالوا عنا وآيسوا مما ظنوا وأدبروا . فقلت يا رسول الله من هؤلاء القوم الذين يريدون ما ترى؟ فقال: يا حذيفة هؤلاء المنافقون في الدنيا والآخرة . فقلت ألا تبعث إليهم يا رسول الله رهطا فيأتوا برؤوسهم ؟ ، فقال ان الله أمرني أن أعرض عنهم وأكره ان يقول الناس انه دعا أناسا من قومه وأصحابه إلى دينه فاستجابوا له فقاتل بهم حتى ظهر على عدوه ثم أقبل عليهم فقتلهم ، ولكن دعهم يا حذيفة فان الله لهم بالمرصاد وسيمهلهم قليلا ثم يضطرهم إلى عذاب غليظ }[13] وفي رواية ثانية ذُكر أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بالرحيل في أول نصف الليل الأخير، وأمر مناديه فنادى: ألا لا يسبقن رسول الله صلى الله عليه وآله أحد إلى العقبة، ولا يطأها حتى يجاوزها رسول الله صلى الله عليه وآله. ثم أمر حذيفة أن يقعد في أصل العقبة، فينظر من يمر به، ويخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وكان رسول الله صلى الله عليه وآله أمره أن يستتر بحجر. فقال حذيفة: يا رسول الله إني أتبين الشر في وجوه رؤساء عسكرك، وإني أخاف إن قعدت في أصل الجبل، وجاء منهم من أخاف أن يتقدمك إلى هناك للتدبير عليك يحس بي فيكشف عني فيعرفني وموضعي من نصيحتك فيتهمني ويخافني فيقتلني. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنك إذا بلغت أصل العقبة فاقصد أكبر صخرة هناك إلى جانب أصل العقبة وقل لها: "إن رسول الله صلى الله عليه وآله يأمرك أن تنفرجي لي حتى أدخل في جوفك، ثم يأمرك أن ينثقب فيك ثقبة أبصر منها المارين، ويدخل علي منها الروح لئلا أكون من الهالكين - فانها تصير إلى ما تقول لها بإذن الله رب العالمين. فادى حذيفة الرسالة ودخل جوف الصخرة، وجاء الأربعة والعشرون على جمالهم وبين أيديهم رجالتهم، يقول بعضهم لبعض: من رأيتموه ههنا كائنا من كان فاقتلوه، لئلا يخبروا محمدا أنهم قد رأونا ههنا فينكص محمد ولا يصعد هذه العقبة إلا نهارا، فيبطل تدبيرنا عليه. وسمعها حذيفة، واستقصوا فلم يجدوا أحدا، وكان الله قد ستر حذيفة بالحجر عنهم فتفرقوا، فبعضهم صعد على الجبل وعدل عن الطريق المسلوك، وبعضهم وقف على سفح الجبل عن يمين وشمال، وهم يقولون، ألا ترون حين محمد كيف أغراه بأن يمنع الناس من صعود العقبة حتى يقطعها هو لنخلوا به ههنا فنمضي فيه تدبيرنا وأصحابه عنه بمعزل؟ وكل ذلك يوصله الله من قريب أو بعيد إلى إذن حذيفة ويعيه. فلما تمكن القوم على الجبل حيث أرادوا؛ كلمت الصخرة حذيفة وقالت: إنطلق الآن إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره بما رأيت وما سمعت. قال حذيفة: كيف أخرج عنك وإن رآني القوم قتلوني مخافة على أنفسهم من نميمتي عليهم؟ . قالت الصخرة: إن الذي مكنك من جوفي وأوصل إليك الروح من الثقبة التي أحدثها فيّ هو الذي يوصلك إلى نبي الله وينقذك من أعداء الله. فنهض حذيفة ليخرج، وانفرجت الصخرة، فحوله الله طائرا فطار في الهواء محلقا حتى انقض بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم أعيد على صورته، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بما رأى وسمع. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أوعرفتهم بوجوههم؟ قال: يا رسول الله كانوا متلثمين وكنت أعرف أكثرهم بجمالهم، فلما فتشوا الموضع فلم يجدوا أحدا، أحدروا اللثام فرأيت وجوههم وعرفتهم بأعيانهم وأسمائهم فلان وفلان حتى عد أربعة وعشرين. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا حذيفة إذا كان الله تعالى يثبت محمدا لم يقدر هؤلاء ولا الخلق أجمعون أن يزيلوه، إن الله تعالى بالغ في محمد أمره ولو كره الكافرون.ثم قال: يا حذيفة فانهض بنا أنت وسلمان وعمار، وتوكلوا على الله، فاذا جزنا الثنية الصعبة فأذنوا للناس أو يتبعونا. فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله وهو على ناقته وحذيفة وسلمان أحدهما آخذ بخطام ناقته يقودها، والآخر خلفها يسوقها، وعمار إلى جانبها، والقوم على جمالهم ورجالتهم منبثون حوالي الثنية على تلك العقبات، وقد جعل الذين فوق الطريق حجارة في دباب فدحرجوها من فوق لينفروا الناقة برسول الله صلى الله عليه وآله، وتقع به في المهوى الذي يهول الناظر النظر إليه من بعده. فلما قربت الدباب من ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله أذن الله تعالى لها، فارتفعت ارتفاعا عظيما فجاوزت ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم سقطت في جانب المهوى، ولم يبق منها شيء إلا صار كذلك، وناقة رسول الله صلى الله عليه وآله كأنها لا تحس بشئ من تلك القعقعات التي كانت للدباب. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعمار: اصعد الجبل فاضرب بعصاك هذه وجوه رواحلهم فارم بها. ففعل ذلك عمار، فنفرت بهم، سقط بعضهم فانكسر عضده، ومنهم من انكسرت رجله ومنهم من انكسر جنبه واشتدت لذلك أوجاعهم، فلما جبرت واندملت بقيت عليهم آثار الكسر إلى أن ماتوا. ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله - في حذيفة وأمير المؤمنين عليه السلام -: إنهما أعلم الناس بالمنافقين، لقعوده في أصل العقبة ومشاهدته من مر سابقا لرسول الله صلى الله عليه وآله، وكفى الله رسوله أمر من قصد له، وعاد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة، فكسى الله الذل والعار من كان قعد عنه، وألبس الخزي من كان دبر على علي عليه السلام ما دفع الله عنه}[14] وفي رواية ثالثة: رجع رسول الله صلى الله عليه وآله قافلا من تبوك إلى المدينة حتى إذا كان ببعض الطريق مكر برسول الله صلى الله عليه وآله ناس من أصحابه فتآمروا أن يطرحوه من عقبة في الطريق فلما بلغوا العقبة أرادوا أن يسلكوها معه فلما غشيهم رسول الله صلى الله عليه وآله أخبر خبرهم فقال من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي فإنه أوسع لكم. وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله العقبة وأخذ الناس ببطن الوادي الا النفر الذين مكروا برسول الله صلى الله عليه وآله لما سمعوا ذلك استعدوا وتلثموا وقد هموا بأمر عظيم، وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله حذيفة بن اليمان رضوان الله تعالى عليه وعمار بن ياسر رضوان الله تعالى عليه فمشيا معه مشيا فأمر عمارا أن يأخذ بزمام الناقة وأمر حذيفة يسوقها، فبينما هم يسيرون إذ سمعوا وكزة القوم من ورائهم قد غشوه ، فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وأمر حذيفة أن يردهم، وأبصر حذيفة رضوان الله تعالى عليه غضب رسول الله صلى الله عليه وآله فرجع ومعه محجن فاستقبل وجوه رواحلهم فضربها ضربا بالمحجن ، وأبصر القوم وهم متلثمون لا يشعروا إنما ذلك فعل المسافر فرعبهم الله حين أبصروا حذيفة رضوان الله تعالى عليه وظنوا ان مكرهم قد ظهر عليه فأسرعوا حتى خالطوا الناس وأقبل حذيفة رضوان الله تعالى عليه حتى أدرك رسول الله صلى الله عليه وآله ، فلما أدركه قال اضرب الراحلة يا حذيفة وامش أنت يا عمار فأسرعوا حتى استووا بأعلاها ، فخرجوا من العقبة ينتظرون الناس ، فقال النبي صلى الله عليه وآله لحذيفة هل عرفت يا حذيفة من هؤلاء الرهط أحدا؟ قال حذيفة عرفت راحلة فلان وفلان ، وقال كانت ظلمة الليل وغشيتهم وهم متلثمون ، فقال النبي صلى الله عليه وآله: هل علمتم ما كان شأنهم وما أرادوا؟ قالوا لا والله يا رسول الله ، قال فإنهم مكروا ليسيروا معي حتى إذا طلعت في العقبة طرحوني منها ، قالوا أفلا تأمر بهم يا رسول الله فنضرب أعناقهم؟ ،قال أكره أن يتحدث الناس ويقولوا ان محمدا وضع يده في أصحابه، فسماهم لهما وقال إكتماهم . وأخرج البيهقي في الدلائل عن حذيفة بن اليمان رضوان الله تعالى عليه قال: كنت آخذا بخطام ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله أقود به وعمار يسوقه أو أنا أسوقه وعمار يقوده حتى إذا كنا بالعقبة فإذا أنا باثني عشر راكبا قد اعترضوا فيها ، قال فانبهت رسول الله صلى الله عليه وآله ،فصرخ بهم ، فولوا مدبرين ، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله: هل عرفتم القوم ؟ قلنا لا يا رسول الله كانوا متلثمين ولكنا قد عرفنا الركاب. قال هؤلاء المنافقون إلى يوم القيامة هل تدرون ما أرادوا؟ قلنا لا ، قال أرادوا ان يزحموا رسول الله صلى الله عليه وآله في العقبة فيلقوه منها . قلنا يا رسول الله إلا تبعث إلى عشائرهم حتى يبعث إليك كل قوم برأس صاحبهم ؟ قال لا إني أكره أن تحدث العرب بينها ان محمدا قاتل بقوم حتى إذا أظهره الله بهم أقبل عليهم يقتلهم . ثم قال: اللهم ارمهم بالدبيلة . قلنا يا رسول الله وما الدبيلة ؟.قال شهاب من نار يوضع على نياط قلب أحدهم فيهلك }[15] ماجريات محاولة الاغتيال هذه كشفت عن دافع محرض خطير أوصل المتآمرين المنافقين إلى خوض أسلوب الاغتيال السري بهذا الشكل وفي هذا الظرف وفي هذه المنطقة. وتعد هذه المحاولة أولى مظاهر الشراكة السياسية بين القرشيين من المنافقين في المدينة المنور وبعض من حلفائهم من الأنصار فيما كانوا يبيتون منذ إن وطئت أرجلهم المدينة المنورة . وإذا ما ثبت بالقطع أن الرسول صلى الله عليه وآله مضى شهيدا بسُم لُد في فيه أثناء مرضه الأخير من قبل أبي بكر وعمر وحفصة وعائشة من ورائهم التي قال لها النبي صلى الله عليه واله : {ويحها لو تستطيع ما فعلت" [16]. واعترف الأربعة بقولهم عن عائشة : لددنا [17] رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه؛ فإن مثل هذا الخيار بالاغتيال كان متاحا للأربعة منذ تزوج النبي صلى الله عليه وآله بعائشة بن أبي بكر وحفصة بنت عمر ، فلماذا استُبعد هذا الخيار المضمون في تلك المرحلة وحُدد مصير النبي صلى الله عليه وآله في مؤامرة كــ"هرشا" التي تقبل الكثير من الاحتمالات ولا تعد نسبة النجاح في أساليبها ووسائلها وعناصرها عالية ومضمونة النتائج ؟ من خلال تتبع تفاصيل ونتائج المخططين باعتبار تاريخيتهما نلمح دافعا كبيرا وخطيرا جدا يشي بدهاء عظيم أبطله النبي صلى الله عليه وآله حين قال بعد فشل عملية الاغتيال: {إن الله أمرني أن أعرض عنهم} ، وحين ابقي أسماء المتآمرين سرا خفيا عند حذيفة لا يُعرفه عامة المسلمين إلا من خلال تتبع حال امتناع حذيفة عن الصلاة على جنائزهم إن ماتوا. "الدهاء" عُرف به العرب وكانوا سادته ، ومنه رُحِِّلت عملية اغتيال النبي صلى الله عليه وآله بسم عائشة إلى ما بعد استنفاذ كل الخيارات القائمة على التحالف بين القرشيين المنافقين من أتباع أبي بكر وغيرهم من القبائل . فخيار عائشة لا يعدو خيارا محصورا بين رجلين لا يمثلان قبائل عظيمة الأثر والنفوذ في التشكيل الاجتماعي الجديد في المدينة المنورة ، وكانت حاجة هؤلاء المنافقين إلى تحالف كبير يتفرق فيه دم النبي صلى الله عليه وآله ضرورية جدا لا بد وان يفضي في نهاية الأمر إلى تماسك هذا التحالف أمام تحد كبير متمثل في شخص عظيم كعلي أمير المؤمنين عليه السلام المؤيد في ولايته على المسلمين بنص والمدعوم بقدرات المدينة الجديدة التي ولّي عليها أمير المؤمنين عليه السلام في دور مشابه في معطياته دور هارون من موسى عليهما السلام. نظم المنافقون شأنهم بعد أن اتخذوا قرار بتصفية النبي محمد صلى الله عليه وآله في عقبة هرشا ، وبه ضُمن سير الحوادث من خلال التحالف بنسبة عالية فيما لو نجحوا في تنفيذ تفاصيل "هرشا" من بعد محاولات عديدة فاشلة سجلت للمنافقين وكان النبي صلى الله عليه وآله يتبعها بإعلان تفاصيل الإرادة الإلهية التي قضت بتثبيت قواعد الرسالة بالولاية والتأكيد عليها. وبذلك لم يعد هناك ملجئ للمنافقين إلا القبول بالرسالة قبولا صوريا مع المبادرة الجادة إلى فصل الولاية عنها بضمان سير الخلافة من بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله إلى غير مستحقها. جاء في واقع الحال حصر الولاية في علي أمير المؤمنين عليه السلام ، وجرى فيه جعله عليه السلام وصيا على المدينة التي تمثل العمق الاستراتيجي للمسلمين، ثم عزم النبي محمد صلى الله عليه وآله على الخروج إلى تبوك مصطحبا معه رؤوس النفاق بعد أن صرح بينهم ما لعلي عليه السلام مما يغيضهم ويزيد من حنقهم ، قائلا : {ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي}[18]. إن سعي منافقي قريش في المدينة المنورة إلى عقد شراكة حقيقة مع بعض الأنصار المنافقين في تنفيذ محاولة اغتيال النبي صلى الله عليه وآله، ومن ثم تأجيل خيار القتل بالسم عبر عائشة أو حفصة فيه نكتة لافتة كشفت عن أمر خطير جدا دبر بليل ويستهدف فيما يستهدف صناعة حرب أهلية في المدينة. فالتحالف مع الأنصار ابتغي القرشيون المنافقون من وراءه في هذه المرة إقحامهم في ثارات جاهلية جديدة في كلتا الحالين: في حال نجاح محاولة الاغتيال أو في حال فشلها بعد أن سادت في المدينة بعض روايات النبي صلى الله عليه وآله في مدح الأنصار وذم قريش وما ترتب على ذلك من حلول للأنصار في مكانة وشرف طمع فيه القرشيون من قبل لضمان الخلافة فيهم. فالمدينة المنورة أصبحت بلا ريب واقعة تحت ولاية علي عليه السلام لا لولاية رجل من أصحاب المدينة نفسها من الأنصار ، وبه تماسكت كل مقومات الدولة القوية القائمة وحدة اجتماعية شكل الأنصار عمدتها بتدبير من الإمام علي عليه السلام، ولا يُستكمل مخطط انتزاع السلطة من علي أمير المؤمنين عليه السلام بعد ذلك على يد القرشيين المنافقين بعد نجاح قوى التحالف على قتل النبي محمد صلى الله عليه وآله إلا بدور مباشر فاعل لمجتمع الأنصار . وإن أخفقت عملية الاغتيال فإن حظوة الأنصار عند النبي صلى الله عليه وآله سينتهي أمدها فيجمع بذلك بينهم وبين منافقي المدينة العداء للنبي صلى الله عليه وآله ووصيه عليه السلام. يضاف إلى ذلك أن جيش المسلمين الـمؤلف من 30 ألف مقاتل كان عائدا للتو من تبوك منتصرا بقيادة الرسول صلى الله عليه وآله وممتنا لقائده صلى الله عليه وآله على هذا النصر الذي كان يبدو مستحيلا في رحلة الانطلاق إلى تبوك، فكيف يمكن إقناع هذا الجيش بخضوعه إلى القرشيين وحدهم فيما لو فكوا تحالفهم مع الأنصار وانفردوا في تنفيذ عملية الاغتيال . فالقرشيون المنافقون كانوا أحرص الناس على كسب رضا الجيش بعد قتل النبي صلى الله عليه وآله وتوجيه كامل الجيش إلى حرب أهلية في المدينة تفلت زمام الأمور وتفقد أمير المؤمنين عليه السلام فرص السيطرة على المدينة وتنزع منه ولايته كل هذه المعطيات ترجح غلبة دهاء القرشيين المنافقين ، وربما كان امتناع النبي صلى الله عليه وآله عن كشف أسماء المشاركين في محاولة اغتياله ورهن أسمائهم في حافظة حذيفة اليمان قائما على مقصد تفتيت مقاصد المنافقين وتفادي تلك الحرب والمحافظة على تماسك مجتمع المدينة محل إقامته وعاصمة دولته، والمنافقون يعلمون مدى حرص النبي صلى الله عليه وآله على إبقاء المدينة المنورة عاصمة مثلى وقاعدة الانطلاق لبث رسالته في محيطه الإقليمي . ولو عمد النبي صلى الله عليه وآله إلى كشف أسماء المنافقين جميعهم دفعة واحدة بعد تلك المؤامرة لتغيرت الأحوال وانقلبت رأسا على عقب. ومع كل هذا الحرص من النبي صلى الله عليه وآله على تفادي كارثة الحرب الأهلية من خلال دور ضروري أنيط بحذيفة بن اليمان رضوان الله تعالى عليه ؛ فإن المتآمرين في هرشا "ثمانية منهم من قريش، والباقين من أهل المدينة}[19] لم يترددوا في إلقاء الأئمة على جملة الأنصار لوحدهم واتهامهم بالوقوف وراء العملية وتنفيذها بلا اية مشاركة لمنافقي قريش . فقد جاء عن نافع بن جبير بن مطعم {لم يخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بأسماء المنافقين الذين بخسوا به ليلة العقبة بتبوك وهم اثني عشر رجلا . وزادوا في الحديث قولهم: ليس فيهم قرشي وكلهم من الأنصار أو من حلفائهم}[20] وذلك يمكّننا من قراءة واضحة لموقف الأنصار من عملية اغتيال النبي صلى الله عليه وآله التي انفرد بتنفيذها رجلان من قريش وابنتاهما من أزواج النبي صلى الله عليه وآله بشكل مباشر بلا استعانة بأي عنصر من أنصار المدينة وبعد أقل من فترة عامين من مؤامرة هرشا .. هؤلاء الأربعة استعملوا حلفائهم ثم منعوهم مشاركتهم حصاد دورهم بعد محاولة هرشا الفاشلة، ثم أطلقوا للأمويين دورا أتموا به مهمة القضاء على ولاية أهل البيت عليهم السلام. ------------ [1] - مسلم (1788) [2] - مختصر تاريخ ابن عساكر6/259 [3] - رجال الكشي ص77 [4] - ابن أبي الحديد في (شرح النهج ج3 / 292 ط مصر /الأولى) [5] - اسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير 1/468 [6] - مسلم (2891) [7] - المحلى ،ابن حزم الأندلسي ص225 مجلد11 [8] - التوبة 84 [9] - مختصر تاريخ دمشق 6/253 [10] -(التغابن 15). [11] - نهاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب 218 [12] - النووي (في تهذيب الأسماء واللغات ج1 / 154 [13] - الدرجات الرفيعة لطبقات الشيعة ص 292 [14] -.تفسير الإمام أبي محمد الحسن العسكري ص305 تحقيق السيد علي عاشور ط2005 [15] - الدر المنثور ج 3 ص 259 [16] - الطبقات، ابن سعد 2 / 203 طبعة دار صادر، بيروت. [17] - قال أبو عبيد عن الأصمعي: اللدود ما يسقى الإنسان في أحد شقي الفم، الطب النبوي، ابن القيم الجوزي 1 / 66. ولدد: اللدود: هو بالفتح من الأدوية ما يسقاه المريض * كنز العمال، المتقي الهندي 7 / 268. اللد: فعلك باللدود حين تلد به، وهو الدواء يوجر في أحد شقي الفم، وتقول: لددته ألده لدا والجمع الدة * كتاب العين، الخليل الفراهيدي 8 / 9. (*) [18] - الكامل في التاريخ 2/278 [19] - المغازي النبوية 3/1042 [20] - مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 6/253 * جزء من مخطوط للكاتب بعنوان: "صراع الطوائف في ولاية علي بن ابي طالب" __DEFINE_LIKE_SHARE__ |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
![]() | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
كن "غنمة" ولك علينا حق معارضة بلا سجون - كريم المحروس | محروم.كوم | منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية | 0 | 06-14-2010 08:13 AM |
سقط "البرلمان" سهوا واستبدلت التجاوزات بـ"أخطاء فردية" - كريم المحروس | محروم.كوم | منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية | 0 | 04-05-2010 10:10 PM |
"التايرات" و" المولوتوف" أدوات نضالية خذلها الشركاء - كريم المحروس | محروم.كوم | منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية | 0 | 03-10-2010 11:50 PM |
تيار الانتفاضة يستعيد عافيته ويخترق حد "الوفاق" - كريم المحروس | محروم.كوم | منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية | 0 | 12-04-2009 09:37 PM |
وهابي متجنس يزرع " بلابل " في حسينيات شيعية - كريم المحروس | محروم.كوم | منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية | 0 | 09-24-2009 05:50 AM |