|
إنضمامك إلي منتديات استراحات زايد يحقق لك معرفة كل ماهو جديد في عالم الانترنت ...
انضم الينا
#1
| ||
| ||
هل قررت الحكومة الزواج من المعارضة اليسارية؟ لحد بعيد كانت العلاقة بين الحكومة والتيار الديمقراطي يشوبها هاجس عدم الثقة التي سجلت ذروتها في مرحلة كسر العظم في الانتخابات البرلمانية في العام 2006 حين عملت الماكنة الرسمية بكل ما أوتيت من قوة لإقصاء التيار الديمقراطي من الوصول إلى مقاعد البرلمان لأسباب شتى. ما منع المزاج الحكومي من تقبل وصول التيار الديمقراطي وجود حواجز نفسية وتاريخية ومصلحية خلقت معاً رؤية النظام لصورة المشهد السياسي في البحرين، فالسبب الأول لرفض دخول التيار الديمقراطي مركون للتاريخ، إذ لم تكن العلاقة عاطفية في أغلب الأحيان بين الحكومة وقوى اليسار البحريني التي تتمثل اليوم في ثلاث كيانات رئيسية كبرى هي: جمعية العمل الوطني «وعد»، والمنبر الديمقراطي التقدمي وجمعية التجمع القومي الديمقراطي، وهذه الكيانات الثلاثة هي امتداد لتيارات تاريخية هي الجبهة الشعبية والجبهة البحرانية فضلاً عن آخرين منتمين عاطفياً أو تنظيمياً لحزب البعث العربي الاشتراكي. لقد أودعت الحكومة رموز التيار اليساري السجون أو المنافي بعد تفجر العلاقة معهم في مراحل زمنية متواصلة منذ بواكير القرن العشرين، والكثير من رموز اليسار البحريني اضطروا للتنقل بين بيروت ودمشق وظفار وموسكو فيما اختار آخرون اللجوء إلى عواصم أوروبية، كما سقط بعض الضحايا في المواجهات بين السلطات وقوى اليسار. المواجهة الحقيقية بين السلطة واليسار البحريني بدأت بعد حل المجلس الوطني في العام 1975 الذي كانت تهيمن عليه قوى يسارية، وبعد حل المجلس أيضاً ارتفعت أصوات اليسار المنددة بإعلان حالة الطوارئ وقانون أمن الدولة، ولكن الحكومة حينها نجحت في استغلال عوائد النفط في الطفرة النفطية القياسية في منتصف السبعينيات وتم بناء مدن إسكانية جديدة، ولقد ساعد الحكومة على تقييد يد قوى اليسار تراجع المد القومي العربي الذي عاش ازدهاره الأدبي في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر. وتراجع المد اليساري كأن له سبباً آخر وجيهاً وهو التغيرات الجذرية في المشهد السياسي في المنطقة بعد الثورة الإسلامية في إيران في العام 1979 ليبزغ فجر الإسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني بفعل أو كردة فعل. على أن السلطة حققت نجاحاً كبيراً على الدوام في استقطاب بعض رموز وناشطي المعارضة اليسارية، ويكفي أن نعرف أن عدداً كبيراً من الوزراء وكبار المسئولين من الحاليين والسابقين هم بالأساس معارضون يساريون سابقون. وعينت السلطة بعضهم وزراء وسفراء وفي مناصب استشارية أخرى. وغالبية هؤلاء من الناشطين الطلابيين الذين تشربوا الأفكار اليسارية أثناء تلقيهم تعليمهم الجامعي في عواصم القرار العربي (دمشق، القاهرة، بغداد، بيروت) التي كانت تصّدر المد القومي اليساري في قوالب فكرية وسياسية لكل العواصم العربية الأخرى ونجحت فعلاً في الهيمنة على الشارع السياسي لفترات طويلة نسبياً. وفي ثمانينيات القرن العشرين كان اليسار البحريني منهكاً؛ لأنه دفع ثمناً باهضاً في المواجهة شبه المنفردة في عقد السبعينيات، كما أن غالبية رموزه أودعوا السجون أو نفذوا بجلدهم في منافي الشتات العربي والغربي. كما انتقلت الساحة من حضن اليسار إلى الدفة الإسلامية، فعاشت الساحة البحرينية والمنطقة عموماً عصر الصحوة الدينية بشكل حماسي منقطع النظير. هناك ثمة أذرع تقليدية لليسار البحريني تمثل الوقود الحقيقي لهذا التيار، ويمكن حصر ذلك في السعي الدؤوب لقوى اليسار للسيطرة على مثلث الطبقة العاملة عبر النقابات العمالية، والحركة الشبابية عبر التنظيمات الطلابية، ونصف المجتمع (التنظيمات النسائية)، والحق يقال إن التيار اليساري نجح في هذه المهمة بإتقان؛ لأن الحركة اليسارية البحرينية هي التي زرعت ورعت بذور المثلث الاجتماعي السابق، فالنقابات العمالية كانت على الدوام حكراً على اليسار، وخصوصاً الفئات القريبة من الفكر الماركسي القائم على فكرة كسب معركة الطبقة العاملة، لذا ورغم تبدل الساحة لصالح الإسلاميين إلا أن اليسار لايزال ممسكاً بتضاريس المشهد النقابي البحريني حتى لو نافسهم الإسلاميون أخيراً. كما أن التنظيمات الطلابية والشبابية هي مشروع يساري بلا منازع؛ لأن طلبة البحرين في الخارج وكانوا يساريين في الأعم الأغلب هم رواد مشروع الاتحاد الوطني لطلبة البحرين، وحين لم يتمكنوا من تحقيق هذا الحلم لجأوا لتأسيس تشكيلات شبابية ناشطة أصبحت الذراع الحقيقي للإطارات السياسية اليسارية حالياً. المحور الثالث في حركة اليسار البحريني هو الهيمنة على النشاط النسائي، ويمكن هنا استذكار أن الجمعيات النسائية يعود تأسيسها لزهاء 50 عاماً (نصف قرن من الزمان)، واليوم يسيطر اليسار أيضاً على الاتحاد النسائي البحريني الذي شهد النور بعد طول عناء. وناصر اليساريون الحراك السياسي في عقد التسعينيات الذي كان الإسلاميون الشيعة في صدارته، وشاركت رموز يسارية في التحالف مع حراك التسعينيات على قاعدة مطالب مشتركة كان أبرزها وقف العمل بقانون ومحكمة أمن الدولة وعودة الحياة البرلمانية المنقطعة منذ ربع قرن آنذاك. ومنذ العام 2001 مع ولوج البحرين مرحلة الانفتاح السياسي عاد اليسار البحريني إلى الواجهة السياسية مرة أخرى مع عودة القيادات التاريخية لليسار من شتى منافي العالم، وسرعان ما التأم شمل اليسار البحريني على حلم التأثير في الساحة السياسية الجديدة، ولكن تقاطع المصالح والاختلافات بين التيارات والزعامات أتت على حساب ولادة مشروع سياسي واحد للكيان اليساري البحريني، فتأسست جمعية العمل الوطني «وعد» وأعقبتها جمعيتان أخريان هما المنبر الديمقراطي والتجمع القومي ودخلت (العمل الوطني والتجمع الوطني) في تحالف تاريخي مع الإسلاميين الشيعة مجدداً والمتمثلين في جمعيتي الوفاق الوطني الإسلامية وجمعية العمل الإسلامي، وهذا التحالف الرباعي قاد الساحة السياسية نحو مقاطعة برلمان 2002 على خلفية معارضة التعديلات الدستورية قبل أن ينفض عقد هذا التحالف بعد الاستحقاق الانتخابي في العام 2006. لم تسمح الحكومة في 2006 بالزعامات التاريخية للتيار الديمقراطي من دخول البرلمان، ربما لأنها أرادت أن ينحصر البرلمان في سماطين طائفيين بحكم الواقع بعد إفشال مسلسل التحالف المفترض بين الاسلاميين الشيعة واليساريين تحت قبة البرلمان. إلا أن ثمة قراءة أخرى للسلطة تبدو ماثلة حالياً، وهي «الاحتواء الناعم» للتيار الديمقراطي، وسرت شائعات عن اتصالات بين اليسار البحريني والحكومة للتفاهم على انتخابات 2010، فيما فاجأت التشكيلة الأخيرة للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بعض المراقبين لاحتوائها على عدد من الأسماء اللامعة في أوساط التيار الديمقراطي، وهي مغازلة حكومية صريحة نحو البديل الليبرالي. ما ساعد الحكومة على إجراء المراجعة الضرورية هو النجاح الباهر لتجربة النائب عبدالعزيز أبل الذي انتقل من قيادة المؤتمر الدستوري ومن ثم مسلسل «17+1» الذي كان حلماً يراوغ المعارضة الوفاقية إلى رقم صلب في دعم الموقف الرسمي. ليس عزيز أبل وحده من اختار الانتقال من معسكر المعارضة إلى معسكر آخر، وربما هذا ما يدفع السلطة لاعتماد سياسة «الاحتواء الناعم» بدلاً من «المواجهة المفتوحة» مع قيادات التيار الديمقراطي، ولا استبعد شخصياً أن ترفع السلطة الحظر على الديمقراطيين من دخول قبة برلمان 2010 بتوافقات مسبقة. السلطة ربما بدأت تدرك أن إقصاء التيار الليبرالي كان خطأً استراتيجياً لمصالحها رغم المكاسب الحكومية الآنية لغيابهم عن المشهد البرلماني، كما بدأت تقرأ في عيون المناضلين التاريخيين في صفوف التيار الديمقراطي الرغبة في الزواج مع السلطة؛ لأن رموز اليسار البحريني اليوم يرون أن تيارهم خسر مرتين حين تحالف مع المعارضة الإسلامية، فهو لم يصل إلى السلطة لا عبر معارضة الموالاة ولا موالاة المعارضة! حيدر محمد العدد : 2792 | الخميس 29 أبريل 2010م الموافق 14 جمادى الأولى 1431هـ __DEFINE_LIKE_SHARE__ |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |