ليست نصيحة طفل... بين خيار المشاركة وخيار التكامل

محروم.كوم · #1 04-19-2010, 05:00 PM

ليست نصيحة طفل... بين خيار المشاركة وخيار التكامل

ليست نصيحة طفل.. كلمة تم من خلالها لي معنى عام وتحويله إلى معنى خاص شديد الخصوصية، جاء في سياقه تأثيم كل مقاطع للانتخابات النيابية، فقد صدرت هذه الكلمة على لسان الشيخ عيسى قاسم في العام 2006 تعقيبا على النصيحة لعامة التي وجهها السيد السيستاني حول المشاركة في البحرين، والتي كشف عن مضمونها الفعلي والحقيقي وفد تيار الوفاء وحركة حق حينما التقى السيد السيستاني (دام ظله) قبل أربعة أشهر تقريبا، إذ أكد أن هذه النصيحة عامة ولم يوجهها للبحرين بالخصوص، وأنه قد يكون لكل قاعدة استثناء وفق ظروف كل بلد وأن من يشخص ذلك أهل الاختصاص من أهل البلد. ومع ذلك: قيل في وقتها ليست نصيحة طفل، وتم تسييل هذه النصيحة لصالح "الكتلة الإيمانية" وهو ما أثار استغراب واستنكار ابن السيد السيستاني حينما فهم هذا التخصيص المغرض الذي حصل في البحرين!!

هذا المعنى نقله - بحسب المصادر - وفد من تيار الوفاء إلى أحد كبار العلماء المتحالفين مع الشيخ عيسى قاسم، وقد كان لهذا العالم دور بارز في إظهار مضمون النصيحة العامة وتخصيصها على الوضع في البحرين بما خدمت في إسكات الرأي الآخر والتحشيد الجارف باتجاه المشاركة، فإذا بهذا العالم يقول للوفد: أن السيد السيستاني ليس مشخصا للوضع السياسي في البحرين، وأن من هو موكل به هذه المهمة هو الشيخ عيسى قاسم، فذهل وفد الوفاء من هذا الرد، وخصوصا في ظل توظيف هذه النصيحة قبل أربع سنوات باتجاه المشاركة وإسكات كل معارض لها، وحين تم نقل هذا الرد إلى قيادة تيار الوفاء، ظهر الغضب الشديد على أحدهم وخاطب الناقل بالقول: كنت أتمنى أن تسأله إن كان يستطيع التصريح بهذا كلام أمام الناس أم لا؟!!!
بالعودة إلى موقف الوفاق ومرجعياتها من المشاركة في انتخابات 2006، فقد كان واضحا وضوح الشمس حجم التحشيد الثأري من التحشيد الذي حصل للمقاطعة في انتخابات 2002، وقد وظف الداعون إلى المشاركة والمتبنون لها كل شيء في سبيل تحويل خيارات الشارع باتجاه المشاركة، وأهم ما وظفوه هو سلاح الدين وأسم المرجعيات ومنها اسم السيد السيستاني لتحقيق مبتغاهم من المشاركة، وحين وجدوا أن ما قاله السيد السيستاني ليس بفتوى، بل نصبحة عامة ليست لها علاقة بالشأن البحريني تحديدا، تم لي هذه النصيحة وتحويرها بالقول "ليست نصيحة طفل".
ومن الواضح أن هذا السلوك سياسي بامتياز، وليس سلوكا دينيا قائما على أسس التكليف والعمل بالوظائف الشرعية حتى لو صدر هذا االسلوك من العلماء الكبار، فإن التشخيص له هو هذا، والأدهى ذلك: أنه وظف الدين لخدمة السياسة، ليس في المضامين الشرعية الصحيحة، بل في المضامين المعكوسة للشرع كما حصل بتخصيص العام من دون احتمال العام لذلك، وأترك الحكم على هكذا سلوك للناس، لأنني لا أتحمل نتيجة توصيف كهذا! ثم بعد أربع سنوات يتنصل أحد كبار المروجين لهذه النصيحة من مفاعيل توظيفها بالشكل الخاطئ، بالقول "أن المشخص هو الشيخ عيسى قاسم وليس السيد السيستاني"، أي بعدما انتهت الوظيفة السياسية لهذا التوظيف بانكشاف حقيقته الفعلية!!
هذا فيما يتعلق بتوضيح الشق الخاص بالمشاركة والموقف الفعلي للسيد السيستاني منها، وكيف تصرف كبار القوم معها سابقا حينما تم توظيفها، وحاليا حينما انكشف مضمونها الفعلي. أما الشق الثاني من الحديث عن نصائح السيد السيستاني، فهو العرض الذي تقدم به وفد تيار الوفاء إليه (أي السيد السيستاني) بتشكيل هيئة قيادية من جميع الأطياف لقيادة الطائفة وهو ما ثبته تيار الوفاء حتى قبل زيارته للسيد السيستاني في بيان الانطلاق، ورحب به السيد السيستاني أيما ترحيب، ودعاهم إلى محاولة تفعيله، وجزء مكمل لهذا التوجه هو التكامل بين المقاطعين والمشاركين، وكذلك أثنى عليه السيد السيستاني ودعا وفد الوفاء إلى تفعيله!
والسؤال للشيخ عيسى قاسم الذي قال بملء الفم عن نصيحة السيد السيستاني الأولى الخاصة بالمشاركة رغم عموميتها وتأكيده (أي السيستاني) على وجود استثناء لقاعدة المشاركة بأنها ليست نصيحة طفل، هل النصيحة الثانية الصادرة من السيد السيستاني نفسه بضرورة تشكيل هيئة قيادية موحدة للطائفة والتكامل في الأدوار بين المقاطعين والمشاركين نصيحة من طفل؟!! أليست هذه النصيحة أأكد من الأولى لخصوصيتها وتحديدها فيكم وفيمن تختلفون معهم من إخوانكم؟!! أو لا يستدعي توظيفكم السلبي للنصيحة الأولى تصحيح هذا التوظيف في الإطار الإيجابي فيما يخص النصيحة الثانية؟!!
فالمتتبع لكلامكم يا سماحة الشيخ: يجد فيه انتصارا نظريا للشرع ورموزه، إلى الدرجة التي فصلتم فيه أي تأتير عليكم، لا من السلطة ولا من الجماهير، وقد لمسنا عدم تأثير الجماهير على قراراتكم بقوة، لكنا وجدنا بوضوح تأثير ضغوط السلطة على قراراتكم كما حصل بالتنازل عن التوصيف المفضي إلى الموقف في قانون الجمعيات السياسية، وبعدم وجود ردة فعل واضحة بشأن تقرير البندر بعد إمهال السلطة ثلاثة أشهر لمعالجته، وغيرها من المواقف التي يظهر فيها تأثير ضغوط السلطة على حساباتكم ومواقفكم وخياراتكم، فلم لا تحكمون كلامكم أنتم لا كلام غيركم في إعادة النظر في مواقفكم، والاحتجاج هنا بقولكم "ليست نصيحة طفل"؟!!

كلمة أخيرة: إن الموقف من نصيحة السيد السيستاني الأولى والثانية سيعطي للمتابع ورجل الشارع العادي القدرة على وضع حد فاصل لفهم العلماء الكبار تحديدا لما هو سياسي متغير يمكن الاستغناء عنه، وما هو ديني ووظيفة شرعية وأخلاقية لا يفرط فبها، فإذا وقع العلماء في الخلط بين هذين الدورين وانتصروا للسياسي منه على الديني، فقد يسقط كل مقدس عند الناس، ويسقط كل فهم صحيح أو ملتبس عن الدين، وتضعف الحالية الإيمانية التي هي مركز الاشتغال النظري عند العلماء الكبار!

سلمان عبدالحسين
__DEFINE_LIKE_SHARE__