|
إنضمامك إلي منتديات استراحات زايد يحقق لك معرفة كل ماهو جديد في عالم الانترنت ...
انضم الينا
#1
| ||
| ||
«شامليدرات» لغسيل البقع والشبهات! قبل يومين كنت أقرأ في كتاب رياض نجيب الريّس «آخر الخوارج»، يروي فيه قصة اصطدامه مع رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، بعد إقدام الأمن اللبناني على مصادرة ثلاثة كتب أصدرتها دار الريّس الشهيرة. الخطوة كانت بإيعازٍ من دار الفتوى اللبنانية، التي تلقت إيعازا في منتصف التسعينيات من دولةٍ خليجيةٍ سيطرت على أغلب الأجهزة الإعلامية هناك. حينها نشر الريّس رسالة مفتوحة احتجاجا على هذا الإجراء القمعي غير المسبوق الذي يهدّد الحريات في أكبر تجربة ليبرالية بالعالم العربي. الرسالة قد تُصنّف من عيون الرسائل في الأدب العربي، انتقد فيها الحريري وحكومته ومستشاريه، الذين لم يتحملوا النقد، فنصحوا الحريري بعدم السكوت. وجهّزوا بأنفسهم الردّ مكتوبا وبعثوه إلى غسان تويني صاحب «النهار»، الذي اتصل بالحريري ونصحه بإيقاف هذه المهزلة، لأنه سيحرّض عليه كل الصحافيين والأدباء والشعراء والمثقفين في لبنان. واستجاب الرجل السياسي للنصيحة وأوقف الرد. هذا ما جرى في بلد الصحافة والإعلام الحر، أما في أماكن أخرى فيجري التعامل مع مثل هذه الوقائع بطريقةٍ تدلّ على السطحية والغباء. فإذا كان هناك نائبٌ له تاريخٌ وطنيٌ مشرّفٌ في خدمة الناس، غيّر مساره إلى مسارٍ فيه الكثير من المثالب والمآخذ والهِنات، فتجري استضافته في برنامج نفافيخ تلفزيونية للقيام بعملية غسيلٍ وتجفيفٍ، وكيٍّ وتلميعٍ، حتى يخرج كما ولدته أمه! هذه البرامج تضمن لكل من تُوجّه لأدائه أو سياساته انتقادات أو مؤاخذات، تبييض كل البقع وغسل كل الشبهات. والوزراء الذين تعاني سياساتهم من رفض شعبي شامل، يمكننا أن نعمل حلقات خاصة للدفاع عنهم، وإقناع الناس بأن البيوت الذكية جدا، التي لا تزيد مساحتها عن 100 متر مربع، هي أفضل من بيت الإسكان القديم وأوسع وأكشخ! في هذا البرنامج، نحن مستعدون لزيارة الوزير في مكتبه للاتفاق معه على محاور اللقاء، ووضع الأسئلة بالطريقة التي تريحه، واستبعاد كل ما يكدّر خاطره! ونحن نضمن له المساعدة وتقديم عدد من الخيارات إذا تلجلجت في صدره الكلمات، فالمذيعة ستسعفه بالإجابات، وتقدّم له الخرائط واللوحات التوضيحية، وفوق ذلك نمنحه خيار الاستعانة بصديق لتعذّر الاتصال بالجمهور، أو بالأحرى لعدم اعترافنا بوجود شيء اسمه الجمهور، فالجمهور غبيٌ ولا يفهم مثلنا، ويجب أن يسكت عندما يتكلّم المسئول! في هذا البرنامج نحن مستعدون لتبييض صفحتك، وإزالة البقع الداكنة من حول صورتك، وللتأكد اسأل من جاءنا قبلك، وخرج وهو مرتاحٌ سيكولوجيا ورومانسيا وهيرمونطيقيا، فنحن نقدّم أرقى خدمة مساج تايلندي للمسئولين، نضحك لهم طوال الحلقة، و «نشق البوز»! أما إذا استضفنا أحدا من المعارضة، وهو نادرا ما يحدث وبالغلط، فإنما ذلك لنغسل شراعه، فلا يخرج إلا وهو يترحّم على طرق الاستجواب والتحقيق أيام «أمن الدولة»! وفي هذه الحالة يحلم أن يحصل منا على ضحكةٍ أو حتى ابتسامة صفراء، وما له إلا العين الحمراء! قبل أشهر، أخرجنا كم حلقة لصالح بعض الوزارات، أما في هذه المرحلة، ومع انتشار «تقرير أملاك الدولة»، فسيزداد الطلب على خدماتنا، فكثيرون بحاجةٍ إلى عمليات شفط دهون وإزالة للشحوم المترسبة، ليخرج في عيون المشاهدين قديسا أو «دالاي لاما»! في لبنان أنقذ تويني الحريري رحمه الله من فضيحة، أما في بلدان يكثر فيها الطلب على «الشامليدرات»، فما خاب من استعان بالمذيعين العباقرة والمستشارين الأذكياء! قاسم حسين العدد : 2764 | الخميس 01 أبريل 2010م الموافق 16 ربيع الثاني 1431هـ __DEFINE_LIKE_SHARE__ |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |