إنضمامك إلي منتديات استراحات زايد يحقق لك معرفة كل ماهو جديد في عالم الانترنت ...

انضم الينا
استراحات زايد الصفحة الرئيسية


الإسلام والشريعة أحكام الدين , واجبات المسلم , سيرة الرسول , غزوات الرسول , سيرة الصحابه , أناشيد أطفال

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-13-2008, 02:42 AM
الصورة الرمزية ღشمـوس دبـيღ
عضو ماسي
بيانات ღشمـوس دبـيღ
 رقم العضوية : 1051
 تاريخ التسجيل : Jan 2008
 العمر : 35
الجنس : female
علم الدوله :
 مكان الإقامة : { حَتَّى أنا تهت ويِنّي !
 المشاركات : 5,272
عدد الـنقاط :210
 تقييم المستوى : 24




بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين


أَسْئِلَةُ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسْ
ضِمْنَ مَنْشُوْرَاتِهِ لإِغْوَاءِ النَّاسْ
د. عبدالرحمن الأهدل
المنشورات 1 و 2 و 3



بَثَّ الشَّيْطَانُ وَأَعْوَانُهُ عِدَّةَ أَسْئِلَةٍ فِي النُّفُوسْ ، وَغَزَاهَا بِحِوَارٍ
مُلَفَّقٍ مَدْسُوسْ ، ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ كُلَّ بَنِيْ آدَمَ ضَعِيْفُ التَّفْكِيرْ ،
لا يَعْرِفُ عَنِ الْكَائِنَاتِ الْيَسِيرْ ، فَلِذَا وَسْوَسَ لَهُمْ عَنْ أُمُوْرٍ
لا يَعْرِفُهَا الْكَبِيرُ قَبْلَ الصَّغِيرْ ، حَسْبَ ظَنِّهِ الْحَقِيرْ .

فَنَشَرَ تَشْكِيْلَةً مِنَ الأَسْئِلَةِ وَالتَّسَاؤُلاتْ ، فِي شَتَّى الْمَوَاضِعِ
وَالْمَجَالاتْ ، وَكُلَّهَا تَنُمُّ عَنْ خُبْثِ الطَّوِيَّةْ ، وَسُوْءِ النِّيَّةْ ،
وَالْقُدْرَةِ عَلَى الأَذِيَّةْ ، وَإِلَيْكَ بَعْضَ هَذِهِ الْمَنْشُوْرَاتِ الرَّزِيَّةْ وَالرَّدَّ
عَلَيْهَا وَتَفْنِيْدَهَا بِالأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةْ ، بِعِبَارَةٍ وَاضِحَةٍ جَلِيَّةْ ،
لِيَتَمَكَّنَ مِنْ فَهْمِهَا جُلُّ النَّاسْ ، فَتُزِيْلُ مَا فِيْ نُفُوْسِهِمْ مِنْ إِلْبَاسْ ،
رَسَمَهُ لَهُمْ خِنْزَبُ بِوَاسِطَةِ الْوَسْوَاسْ .

الْمَنْشُوْرَةُ الأُوْلَى


يَقُوْلُ فِي مَنْشُوْرَتِهِ الأُوْلَى :
أَنَا فِيْ حِيْرَةٍ مِنْ أَمْرِيْ ، وَارْتِبَاكٍ فِيْ فِكْرِيْ ، إِذْ يَقُوْلُوْنَ :
أَنَّهُ يُوْجَدُ عَلَى هَذِهِ الْبَسِيْطَةِ مَخْلُوْقَاتٌ اسْمُهَا ( الْجِنُّ )
تَرَانَا وَلاَ نَرَاهَا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى
{ يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ
عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ
لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ}
( الأعراف/27 )
وَكَمْ فَكَّرْتُ فِيْ هَذَا الْمَخْلُوْقِ الْعَجِيْبِ ، الشَّبِيْهِ بِالْعَنْقَاءِ ،
فَهِيَ اسْمٌ وَلا رَسْمٌ ، وَخَيَالٌ وَلا جِسْمٌ ، لِذَا لَمْ أَصِلْ إِلَى قَنَاعَةٍ
تَامَّةٍ بِأَنَّ مَخْلُوقًا يَعِيْشُ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ ،
وَكُلَّمَا أَقْرَأُ قَوْلَ اللهِ عَزَّوَجَلَّ
{ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ }
( الرحمن/33 )

وَقَوْلَ اللهِ عَزَّوَجَلَّ
{ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا
إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا } ( الجن/1 ) الآيَاتُ ،

أَقُوْلُ فِيْ نَفْسِيْ : مَنْ هُمُ الْجِنُّ الَّذِيْنَ اسْتَمَعُوْا إِلَى الرَّسُوْلِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ وَيَطْغَى التَّشْكِيْكُ عَلَى التَّصْدِيْقِ
فَلِذَا لَمْ تَتَقَبَّلْهُ خَوَاطِرِيْ ، وَلَمْ تَصُغْهُ أَفْكَارِيْ ،
فَأَنَا فِيْ حِيْرَةٍ مِنْ أَمْرِيْ !.




الرَّدُّ عَلَى الْمَنْشُوْرَةِ الأُوْلَى

إِعْلَمْ أَيُّهَا الْحَيْرَانُ فِيْ أَمْرِهِ مِنْ وُجُوْدِ مَخْلُوْقَاتٍ عَلَى الدُّنْيَا اسْمُهَا
( الْجِنُّ ) لايَرَاهَا بَصَرُكَ وَهِيَ تَرَاكْ ، وَرُبَّمَا دَخَلَتْ فِيْ مَنْزِلِكَ
وَهُوَ مُغْلَقٌ بِوَسَائِلَ صَنَعَتْهَا يَدَاكْ ! فَإِلَيْكَ أَيُّهَا الْمُحْتَارُ هَذَا الرَّدّْ ،
فَإِنَّهُ يَهْدِمُ مَا بَنَاهُ الشَّيْطَانُ مِنْ سَدّْ ، وَلَنْ أَذْهَبَ بِكَ بَعِيْدًا ،
فَوُجُوْدُ مِثْلِ الْجِنِّ لَيْسَ غَرِيْبًا وَلا جَدِيْدًا .

أُدْخُلْ مَعِيْ فِيْ هَذَا الْقَصْرِ الْمُنِيْفْ ، الْمَصْنُوْعَةِ أَحْجَارُهُ مِنْ كُلِّ
غِرْبِيْبٍ ظَرِيْفْ ، وَأَغْلِقْهُ بِكُلِّ أَقْفَالِ الدُّنْيَا ، وَاجْعَلْ فِيْ كُلِّ زَاوِيَةٍ
مِنْ زَوَايَاهُ حَارِسًا مِنَ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَاءْ ، ثُمَّ افْتَحْ جِهَازَكَ الْمَعْرُوفَ
بِـ ( التِّلْفَازِ ) وَانْظُرْ مَاذَا تَرَى مِنْ مَخْلُوْقَاتٍ تَتَحَرَّكُ يُمْنَةً
وَمَيْسَرَةْ ! وَتَلْعَبُ أَمَامَكَ بِكُلِّ مَا فِيْهِ لَهْوٌ وَمَسْخَرَةْ ! وَرُبَّمَا جَاءَ
شَيْخٌ يُحَدِّثُكَ بِعِبَرٍ مُعْتَبَرَةْ ! فَقُلْ لِيْ أَيُّهَا الْمُحْتَارْ ، مِنْ أَيْنَ دَخَلَتْ
هَذِهِ الصُّوَرُ لِلدَّارْ ؟ وَأَيْنَ أَقْفَالُكَ الْمَتِيْنَةْ ؟ وَأَيْنَ حُرَّاسُكَ لِلْخَزِيْنَةْ ؟
طَبْعًا لَمْ يَرَهَا وَهِيَ تَدْخُلُ أَحَدْ ! وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهَا وَالِدٌ وَلا وَلَدْ !
وَالأَمْثِلَةُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيْرَةٌلا تُحْصَى وَلا تُعَدّْ ! فَكَمْ مَخْلُوْقَاتٍ تَعِيْشُ
بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَلا نَرَاهَا ؟! تِلْكَ ( الْكَهْرُبَاءُ ) بِنُوْرِهَا الْوَضَّاءِ ،
وَشَرَارَتِهَا الْقَوِيَّةِ ، تَمُرُّ فِيْ سِلْكٍ كَشَعْرَةِ الْحَسْنَاءِ ، لَمْ تَرَهَا عَيْنُكْ
، وَلَمْ يُدْرِكْهَا طَرْفُكْ ! وَإِذَا تَأَمَّلْتَ فِيْ هَذَا الْكَوْنِ سَتَجِدُ الْكَثِيْرَ مِنْ
هَذَا الْقَبِيْلِ ، وَإِذَا كَانَ هَذَا صُنْعُ مَخْلُوْقٍ ، أَتَسْتَغْرِبُ مِنْ صُنْعِ
الْخَالِقِ ! فَارْجِعْ عَنْ غَيِّكَ ، وَأُبْ إِلَى رُشْدِكَ ، وَتُبْ إِلَى اللهِ مِنَ
الْجِدَالِ الْعَقِيْمْ ، وَلا تُلْقِ بَالاً لِوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمْ ، حَتَّى وَإِنْ
عَدِمَ النَّظِيْرْ ، فَآمِنْ بِأَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرْ .




********************




الْمَنْشُوْرَةُ الثَّانِيَةُ


أَنَا فِيْ حِيْرَةٍ مِنْ أَمْرِيْ ، وَارْتِبَاكٍ فِيْ فِكْرِيْ ، إِذْ يَقُوْلُوْنَ :
أَنَّ الرَّسُوْلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَى السَّبْعَ السَّمَاوَاتِ الطِّبَاقْ ،
عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهُ الْبُرَاقْ ، وَكُلَّمَا تَرَدَّدَ عَلَى سَمْعِيْ قَوْلُهُ تَعَالَى
{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ
الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا
إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } ( الإسراء/1 )

وَقَوْلُهُ تَعَالَى { وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ
قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى } ( النجم/ 7 -10)

فَتَزْدَادُ حِيْرَتِيْ فِيْ هَذَا الأَمْرِ الْعَظِيْمْ ، أَنَا وَكُلُّ صَدِيْقٍ لِيْ وَنَدِيْمْ ،
وَلَمْ أَجِدْ ذَرَّةَ صِدْقٍ فِيْ نَفْسِيْ ، وَلا أَنْمَلَةَ تَقَبُّلٍ يَخْتَلِجُ فِيْ عُصَارَةِ
رَأْسِيْ ، وَلَمْ يَدْنُ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ عَقْلِيْ ، أَوْ يَسْتَقِرَّ بِخَلَدِيْ ،
حِيْنَهَا قُلْتُ : أَبَشَرًا مِنَّا يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ عَلَى فَرَسْ ؟! أَلَمْ
يُصَادِفْ طَبَقَةً فِيْ صُعُوْدِهِ لا فِيْهَا أُكْسُجِيْنٌ وَلا نَفَسْ ؟!

وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا ذُكِرَ فِيْ الْقُرْآنِ الْعَزِيْزِ عَنْ نَبِيِّ اللهِ سُلَيْمَانَ
عَلَيْهِ السَّلامُ فِيْ قَوْلِهِ تَعَالَى
{ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي
بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ } ( الأنبياء/81 )

تَذْهَبُ بِهِ الْمَسَافَاتِ الشَّاسِعَةْ ، ذَاهِبَةً بِهِ وَرَاجِعَةْ ، كَيْفَ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الرِّيْحُ وَسَارَتْ بِسَاطًا تَحْمِلُ هَذَا الْمَخْلُوْقَ ؟!
فَأَنَا فِيْ حِيْرَةٍ مِنْ أَمْرِيْ ، وَيَدُوْرُ رَحَى الشَّكِّ فِيْ خَلَدِيْ وَفِكْرِيْ !




الرَّدُّ عَلَى الْمَنْشُوْرَةِ الثَّانِيَةِ



إِعْلَمْ أَيُّهَا الْحَيْرَانُ فِيْ أَمْرِهِ فِيْ مَسْأَلَةِ الإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ بِالرَّسُوْلِ
الْكَرِيْمْ ، مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَأَزْكَى التَّسْلِيْمْ ،
فَأَنْتَ مُحْتَارٌ فِيْ أَمْرٍ لا حِيْرَةَ فِيْهْ ، وَتَغُوْصُ فِيْ بَحْرٍ لُجِّيٍّ مِنَ
الشُّكُوْكِ وَمَا زِلْتَ فِيْهْ ، فَدَعْ عَنْكَ هَذِهِ الأَوْهَامْ ، فِيْ زَمَنٍ وُجِدَتْ
فِيْهِ طَائِرَاتٌ وَصَوَارِيْخُ جِسَامْ ، تَرْتَقِيْ إِلَى مُرْتَفَعَاتٍ مِنْ فَوْقِ
السُّحُبِ الْعُظَامْ ، وَمَا كَانَ يَتَصَوَّرُ وُقُوْعَهَا إِنْسٌ قَبْلَ ذَلِكَ وَلا جَانّْ
، فَإِذَا كَانَتِ الطَّائِرَاتُ وَالصَّوَارِيْخُ وَهِيَ مِنْ صُنْعِ بَشَرْ ، تَرْتَفِعُ
ارْتِفَاعًا حَتَّى يَعْجَزَ عَنْ رُؤْيَتِهَا الْبَصَرْ ! وَأَمَّا الصَّوَارِيْخُ فَهِيَ عِبْرَةٌ
لِمَنِ اعْتَبَرْ ، تُنْبِيْكَ عَنْ خَبَايَا فِيْ طَيِّ هَذَا الْكَوْنِ الأَغَرّْ ، فَسُبْحَانَ
مَنْ سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَقَدَّرْ ، وَبَثَّ فِيْ هَذَا الْكَوْنِ الْعَجَائِبَ وَسَخَّرْ ،
فَاحْذَرْ أَيُّهَا الْمُحْتَارُ أَنْ تَشُكَّ فِيْ عُرُوْجِ الْمُصْطَفَى إِلَى السِّدْرَةِ
الْمُنْتَهَى فَتَخْسَرْ ، وَقَدْ أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرْ ، فَقُدْرَةُ اللهِ لَيْسَتْ كَقُدْرَةِ جِنٍّ
أَوْ بَشَرْ ! فَالْمَخْلُوْقُ وَهُوَ ضَعِيْفٌ صَنَعَ مَا تَرَى ، وَصَعَدَ إِلَى الْقَمَرِ
سِرًّا وَجَهْرَا ! فَكَيْفَ بِخَالِقِ الْكَوْنِ وَمَا فِيْهْ ؟! وَهُوَ الَّذِيْ بَعَثَ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَزَّزَهُ بِمُعْجِزَاتٍ لِتَثِقَ النَّاسُ فِيْهْ ،
فَكَانَ كَمَا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى ، فَتَأَدَّبْ مَعَ رَسُوْلِ الْهُدَى ، وَقِفْ لَهُ
احْتِرَامًا وَإِجْلالاَ ، صَلَوَاتُ رَبِّيْ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ مَادَامَ للهِ فِيْ كَوْنِهِ
خَلْقًا وَإِيْجَادَا .

ثُمَّ الرِّيْحُ يَا أَيُّهَا الْمُحْتَارُ هِيَ الَّتِيْ تَرْفَعُ الطَّائِرَاتِ إِلَى الأَعْلَى ،
بِوَاسِطَةِ مُحَرِّكَاتٍ تَدُوْرُ يَرَاهَا الْعُلَمَاءُ وَالْجُهَلاءْ ، وَإِذَا تَأَمَّلْتَ فِيْ
هَذَا الْكَوْنِ سَتَجِدُ الْكَثِيْرَ مِنْ هَذَا الْقَبِيْلِ ، وَإِذَا كَانَ هَذَا صُنْعُ
مَخْلُوْقٍ أَتَسْتَغْرِبُ مِنْ صُنْعِ الْخَالِقِ ؟!
فَهُوَ سُبْحَانَهُ سَخَّرَ لِسُلَيْمَانَ الرِّيْحَ
{ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ } ( سبأ/12)

وَلا نَحْتَاجُ إِلَى مَزِيْدٍ مِنَ الأَدِلَّةِ يَا مُرْتَابْ ، فَالَّلبِيْبُ بِالإِشَارَةِ يَفْهَمُ
الْمُسَبِّبَ وَالأَسْبَابْ ، فَارْجِعْ عَنْ غَيِّكَ ، وَأُبْ إِلَى رُشْدِكَ ، وَتُبْ إِلَى
اللهِ مِنَ الْجِدَالِ الْعَقِيْمْ ، وَلا تُلْقِ بَالاً لِوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمْ ،
حَتَّى وَإِنْ عَدِمَ النَّظِيْرْ ، فَآمِنْ بِاللهِ وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرْ .




********************




الْمَنْشُوْرَةُ الثَّالِثَةُ


أَنَا فِيْ حِيْرَةٍ مِنْ أَمْرِيْ ، وَارْتِبَاكٍ فِيْ فِكْرِيْ ،
حَيْثُ وَرَدَ فِي الْحَدِيْثِ الْقُدْسِيِّ

( أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِيْنَ مَالا عَيْنٌ رَأَتْ ! وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ ! وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ! )

وَيَقُوْلُ عَزَّوَجَلَّ
{ يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا
مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }
( الزخرف/71 )

وَعَلِمْتُ مِنْ قِرَاءَتِيْ فِيْ الْكُتُبِ أَنَّ مَا يَتَمَنَّاهُ الْمَرْءُ فِيْ الْجَنَّةِ
يَتَحَقَّقُ بِمُجَرَّدِ أَنْ يَخْطُرَ بِبَالِهِ ذَاكَ الْمَطْلَبُ ! فَقُلْتُ فِيْ نَفْسِيْ هَذَا
أَمْرٌ لا يَتَنَاسَبُ مَعَ الْعُقُوْلْ ، وَلا يَرْضَى بِهِ فِكْرُ عَالِمٍ فَضْلاً عَنِ
الْجَهُوْلْ ، وَمِنْ أَيْنَ سَتَدْخُلُ الْقَنَاعَةُ بِهِ فَمَآلُهَا إِلَى الأُفُوْلْ ، فَأَنَا فِيْ
حِيْرَةٍ مِنْ أَمْرِيْ ، وَازْدَادَتِ الْحِيْرَةُ حَتَّى تَوَقَّفَ عَنِ التَّفْكِيْرِ فِكْرِيْ !!




الرَّدُّ عَلَى الْمَنْشُوْرَةِ الثَّالِثَةِ



إِعْلَمْ أَيُّهَا الْحَيْرَانُ فِيْ أَمْرِهِ فِيْ مَسْأَلَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَا أَعَدَّهُ اللهُ لَهُمْ
{ مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ( السجدة/17)

وَأَنَّ فِيْ الْجَنَّةِ
{ مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ } ( الزخرف/71 )

وَأَنَّ مَا يَتَمَنَّاهُ الْمَرْءُ فِيْ الْجَنَّةِ يَتَحَقَّقُ بِمُجَرَّدِ أَنْ يَخْطُرَ بِبَالِهِ ذَاكَ
الْمَطْلَبُ ! فَحِيْرَتُكَ هَذِهِ دَلِيْلٌ عَلَى ضَعْفِ عَقْلِكَ ، وَسُوْءِ فَهْمِكَ ،
وَعَدَمِ مَعْرِفَتِكَ ، فَأَهْلُ الْجَنَّةِ يَحْصُلُوْنَ عَلَى مَطَالِبِهِمْ بِالتَّمَنِّيْ !
وَيَجِدُوْنَ مَا أَرَادُوْهُ بِمُجَرَّدِ الإِرَادَةْ ! فَيَحْصُلُوْنَ عَلَى الْمُرَادِ دُوْنَ
نَقْصٍ وَلا زِيَادَةْ ، وَهَذَا لَيْسَ يَا مُحْتَارُ غَرِيْبًا ، وَلا يُعْتَبَرُ فِيْ
زَمَانِنَا بِالذَّاتِ أَمْرًا عَجِيْبًا ، فَالآنَ أَصْبَحَ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسْ ، أَيُّهَا
الْمُحْتَارُ الَّذِيْ أَغْرَاهُ الْخَنَّاسْ ، يَشْتَرُوْنَ مُحْتَاجَاتِهِمْ وَهُمْ أَمَامَ
جِهَازِ ( الْحَاسُوْبِ ) جُلُوْسٌ، فَيَكْتُبُوْنَ مَا أَرَادُوا عَلَى سَطْحِ زُجَاجْ،
بِدُوْنِ قَلَمٍ وَلا مِدَادْ ! وَإِنَّمَا هُنَاكَ بَرْنَامَجٌ وَإِعْدَادْ ، وَبِمُجَرَّدِ ضَغْطٍ
عَلَى آلَةٍ يُقَالُ لَهَا الْمَاوْسُ أَوِالْفَارَةْ , يَأْتِيْهِمْ بَعْدَ لَحَظَاتٍ مَا طَلَبُوْهُ
بِأَخْصَرِ عِبَارَةْ ! وَهُمْ فِيْ بُيُوْتِهِمْ عَلَى الْكَرَاسِيْ جُلُوْسْ ! فَيَأْتِيْهِمْ
مَا أَرَادُوْهُ وَمَا تَشْتَهِيْهِ النُّفُوْسْ ! أَلَدَيْكَ جِهَازُ ( الْحَاسُوْبِ ) أَمْ
أَهْدِيْ لَكْ ، لِتَتَحَقَّقَ مِمَّا أَقُوْلُهُ لَكْ ؟ وَسَأَشْتَرِيْ لَكَ مِنْ ( سُوْبَرِ
مَارْكِتْ ) مَا تُرِيْدُ أَنْ تَمْلِكْ ! دُوْنَ أَنْ تَذْهَبَ وَفِيْ رُفْقَتِكَ أَهْلِكْ ، فَإِذَا
كَانَ هَذَا صُنْعُ بَشَرٍ مَخْلُوْقْ ، هَيَّأَ لَكَ وَنَظَّمَ كُلَّ مَا تَحْتَاجَهُ مِنَ
السُّوْقْ ! أَتَسْتَغْرِبُ مِنْ صُنْعِ الْخَالِقِ وَمَا أَعَدَّهُ لَكْ ، وَهُوَ خَالِقُ مَنْ
صَنَعَ الْجِهَازَ وَمَا مَلَكْ ؟! فَسُبْحَانَهُ الْقَوِيُّ الْقَدِيْرْ ، السَّمِيْعُ الْبَصِيْرْ
فَارْجِعْ عَنْ غَيِّكَ ، وَأُبْ إِلَى رُشْدِكَ ، وَتُبْ إِلَى اللهِ مِنَ الْجِدَالِ
الْعَقِيْمْ ، وَلا تُلْقِ بَالاً لِوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمْ ، حَتَّى وَإِنْ عَدِمَ
النَّظِيْرْ ، فَآمِنْ بِاللهِ وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرْ .








الْمَنْشُوْرَةُ الرَّابِعَةُ

أَنَا فِيْ حِيْرَةٍ مِنْ أَمْرِيْ ، وَارْتِبَاكٍ فِيْ فِكْرِيْ ، فِيْ قَوْلِ الرَّسُوْلِ
الْكَرِيْمِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالتَّسْلِيْمِ
« إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الأَرْضَ ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا ،
وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا »

فَكُلَّمَا أَتَصَوَّرُ هَذِهِ الأَرْضَ بِهَذَا الْحَجْمِ الْهَائِلِ يَأْبَى الْفِكْرُ أَنْ يَتَقَبَّلَ
هَذَا الانْزِوَاءَ ، وَأَنَّ الأَرْضَ بِكُلِّ مَا فِيْهَا تُرَى لِذِيْ عَيْنَيْنْ ! وَيَعْرِفُ
مَا فِيْهَا فِيْ غَمْضَةِ عَيْنْ ! وَلَيْسَ أَنَا الْمُحْتَارُ وَحْدِيْ ، فَكَثِيْرٌ مِنَ
الْمُلْحِدِيْنَ جَاؤُا بَعْدِيْ ، احْتَارُوا حِيْرَتِيْ ، وَرَفَضُوْهُ جُمْلَةً وَتَفْصِيْلا
يَا سَيِّدَاتِيْ و سَادَتِيْ .



الرَّدُّ عَلَى الْمَنْشُوْرَةِ الرَّابِعَةِ


إِعْلَمْ أَيُّهَا الْحَيْرَانُ فِيْ أَمْرِهِ فِيْ مَسْأَلَةِ انْزِوَاءِ الأَرْضِ ، لأَحْمَدَ
الْمُخْتَارِ مَنْ عَلَّمَنَا بِالسُّنَّةِ وَالْفَرْضِ ، وَأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ
رَأَى مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فِيْ سَاعَةٍ وَلَحْظَةٍ ! فَلِذَا لَمْ يَقْبَلْ
عَقْلُكَ مَا سَمِعْ ، وَلَمْ يَرْضَ بِهِ فِكْرُكَ وَمَا قَنِعْ .

إِلَيْكَ أَيُّهَا الْحَيْرَانُ الإِجَابَةْ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْجُوْدَةً فِيْ عَهْدِ
الصَّحَابَةْ ، فَقَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ زَمَنٍ مَا يَحْتَاجْ ، فَهُوَ الْعَالِمُ بِهَذَا
الْكَوْنِ مِنْ صَلاحٍِ وَاعْوِجَاجْ ، أُدْخُلْ أَيُّهَا الْمُحْتَارُ فِيْ مَا يُسَمَّ
بِـ ( الانْتِرْنِتْ ) وَادْخُلْ بَرْنَامَجَ الْبَاحِثِ جُوْجَلٍ عَبْرَ ( النِّتّْ ) فَفِيْهِ
بَرْنَامَجٌ يَعْرِفُهُ الرَّجُلَ وَالسِّتّْ ، يُرِيْكَ هَذَا الْبَرْنَامَجُ الْبِلادَ الشَّاسِعَةْ
، بِبُيُوْتِهَا وَطُرُقِهَا الضَّيِّقَةِ وَالْوَاسِعَةْ ، وَأَنْتَ فِيْ نِهَايَةِ الْمَشْرِقْ ،
سَتَرَى مَا تُرِيْدُهُ فِيْ نِهَايَةِ الْمَغْرِبْ ! وَادْخُلْهُ إِنْ لَمْ تُصَدِّقْ ، فَأَنَا
دَخَلْتُهُ بِنَفْسِيْ ، وَرَأَيْتُ مَنْزِلِيْ وَأَنَا جَالِسٌ عَلَى الْكُرْسِيْ ، وَكُنْتُ
بَعِيْدًا عَنْهُ مَسَافَةَ أَلْفِ مِيْلٍ أَوْ أَكْثَرْ ، وَكُنْتُ بِرُفْقَةِ عُلَمَاءَ يَحْمِلُوْنَ
الإِجَازَةَ الْعِلْمِيَّةَ مِنَ الأَزْهَرْ ، فَازْدَادَ إِيْمَانُنَا بِالدِّيْنْ ، وَعَلِمْنَا عِلْمَ
الْيَقِيْنْ ، أَنَّ الرَّسُوْلَ صَادِقٌ وَأَمِيْنْ ، وَإِذَا كَانَ يَا مُحْتَارُ هَذَا صُنْعُ
مَخْلُوْقٍ مِنَ الْمَخْلُوْقَاتْ ، صَنَعَ مَا يَرَى بِهِ الإِنْسَانُ الْبَعِيْدَ مِنَ
الْمَسَافَاتْ ، مُتَحَرِّكَةً وَجَامِدَةْ ، وَيَرَى الْحَزْنَ وَالسَّهْلْ ، وَيُفَرِّقُ فِيْ
رُؤْيَتِهِ تِلْكَ بَيْنَ الْحِصَانِ وَالْبَغْلْ ! أَتَسْتَغْرِبُ مِنْ صُنْعِ رَبِّ الْعِزَّةِ
وَالْجَبَرُوْتْ ، الْحَيِّ الْقَيُّوْمِ الَّذِيْ لا يَمُوْتْ ، وَأَنَّهُ زَوَى الأَرْضَ
لِلرَّسُوْلِ الْمُجَتَبَى ، فَرَأَى الْمَشَارِقَ وَالْمَغَارِبَ ؟! صَدَقَ الرَّسُوْلُ
وَالْخِنْزَبُ كَاذِبْ ، فارْجِعْ أَيُّهَا الْمُحْتَارُ عَنْ غَيِّكَ ، وَأُبْ إِلَى رُشْدِكَ ،
وَتُبْ إِلَى اللهِ مِنَ الْجِدَالِ الْعَقِيْمْ ، وَلا تُلْقِ بَالاً لِوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ
الرَّجِيْمْ ، حَتَّى وَإِنْ عَدِمَ النَّظِيْرْ ، فَآمِنْ بِاللهِ وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيْرْ .



********************




الْمَنْشُوْرَةُ الْخَامِسَةُ


أَنَا فِيْ حِيْرَةٍ مِنْ أَمْرِيْ ، وَارْتِبَاكٍ فِيْ فِكْرِيْ ،
حِيْنَمَا أَقْرَأُ قَوْلَ اللهِ
{ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن
كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ }
( الأنبياء/47) .

وَقَوْلَهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى

{ اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ
لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ } ( الشورى/17)

وَقَوْلَهُ سُبْحَانَهُ
{ وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ } ( الرحمن/7)

وَقَوْلَهُ سُبْحَانَهُ
{ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ،
وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } ( الزلزلة/7-8 ) .

فَحِيْنَمَا أَقْرَأُ هَذِهِ الآيَاتِ وَأَتَصَوَّرُ الأَعْمَالَ وَوَزْنَهَا بِهَذَا الْمِيْزَانِ
الْمَذْكُورِ فِي النُّصُوصِ تَزْدَادُ حِيْرَتِي ، لأَنِّي أَرَى أَنَّ هَذِهِ الأَعْمَالَ
كالصَّلاةِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِهِمَا أَعْرَاضٌ وَلَيْسَتْ أَجْسَامًا حَتَّى تُوزَنَ
بِمِيْزَانٍ ، ثُمَّ أَيْنَ هِيَ هَذِهِ الأَعْرَاضُ ، أَقْصِدُ الْحَرَكَاِتِ مِنْ صَلاةٍ
وَحَجٍّ وَغَيْرِهِمَا أَفِي كِيْسٍ وُضِعَتْ أَمْ فِيْ بَاطِنِ صُنْدُوقٍ حُفِظَتْ ،
فَالْعَرَضُ غَيْرُ الْجَوْهَرِ ضِدُّهُ تَمَامًا لا يُحَسُّ وَلا يُذَاقْ ، وَلا يُحْمَلُ
عَلَى الأَعْنَاقْ ، فَضْلا عَنْ أَنْ يُحْفَظَ فِي حَافِظَةٍ أَوْ يُوزَنَ بِمِيْزَانٍ لِذَا

الْحِيْرَةُ فِي ذُِرْوَتِهَا مِنْ مِيْزانِ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لِمَا ذَكَرْتُ ، وَمَا
سَطَّرْتُ ، وَلَيْتَنِيْ فِيْهَا مَا فَكَّرْتُ ، وَلا تَدَبَّرْتُ .




الرَّدُّ عَلَى الْمَنْشُوْرَةِ الْخَامِسَةِ



إِعْلَمْ أَيُّهَا الْحَيْرَانُ فِيْ أَمْرِهِ فِيْ مَسْأَلَةِ مَا وَرَدَ فِيْ الْقُرْآنْ ،
مِنْ ذِكْرِ الْمِيْزَانْ ، وَإِنَّنِيْ لأَشَدُّ حِيْرَةً مِنْكَ فِيْكْ ! وَأَسْأَلُ اللهَ مِنْ
وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ أَنْ يَشْفِيْكْ ، أَأَنْتَ تَعِيْشُ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ،
أَمْ غَرِيْبٌ عَنِ الأَرْضِ فَلا تَرَى وَلا تَسْمَعُ مَا رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا ؟!
فَمِيْزَانُ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ أَمْرٌ لَيْسَ بِالْغَرِيْبْ ، فَقَدْ رَأَيْنَا مَا هُوَ
أَعْجَبُ مِنَ الْعَجِيْبْ ! فَمَا ذَكَرْتَهُ مِنَ الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ وَأَنَّهَا
أَعْرَاضٌ لا تُحْمَلُ عَلَى الأَعْنَاقِ ، وَقَصْدُكَ أَنْ تُنْكِرَ مَا وَرَدَ فِي
الْقُرْآنْ ، فَإِلَيْكَ الْبَيَانُ وَالتِّبْيَانْ ، بِمَا صَنَعَهُ الإِنْسَانْ ، لِحِفْظِ
الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ فِيْ هَذَا الزَّمَانْ ، فَإِنَّهُ تَيْسِيْرٌ مِنَ اللهِ لِضُعَفَاءِ
الإِيْمَانْ ، أَيُّهَا الْحَيْرَانُ أَلَمْ تَرَ جِهَازًا يُسَجِّلُ الصَّوْتَ وَالصُّوْرَةَ ؟!
وَهِيَ مُتَحَرِّكَةٌ وَسَاكِنَةْ ، وَتُحْفَظُ فِيْ مَلَفَّاتٍ فِيْ أَمَاكِنَ آمِنَةٍ وَغَيْرِ
آمِنَةْ ! فَلَدَيَّ تَسْجِيْلٌ بِالصَّوْتِ وَالصُّوْرَةِ لِشَيْخٍ مَاتَ مِنْ زَمَانْ ،
وَأَكَلَ أَدِيْمَهُ الدِّيْدَانْ ! وَمَا زَالَتْ أَعْمَالُهُ مَحْفُوْظَةً تَرَاهَا الْعَيْنَانْ !
وَهَذَا لا يَخْفَى عَلَى مِثْلِكْ ، وَإِنْ غُصْتَ فِيْ غَبَائِكَ وَجَهْلِكْ ، فَهَاهِيَ
الْحَرَكَاتُ مَحْفُوْظَةْ ، وَأَعْمَالُ صَاحِبِهَا لِلنَّاسِ مَعْرُوْضَةْ ، بَعْدَ
زَمَانٍ مِنْ مَوْتِهْ ، وَحِقْبَةً مِنْ مُفَارَقَةِ أَهْلِهِ وَبَيْتِهْ ، وَأَمَّا مِيْزَانُ هَذِهِ
الأَعْمَالِ وَهِيَ كَمَا قُلْتَ لَيْسَتْ أَجْسَامًا ، فَقَدْ صَنَعَ النَّاسُ مِقْيَاسًا
لِقُوَّةِ الضَّرْبَةِ وَلِشِدَّةِ الْحَرَارَةْ ، وَلِسُرْعَةِ الطَّيَّارَةْ ، وَلِلْعَمَائِرِ
الْقَائِمَةِ وَالْمُنْهَارَةْ ، وَانْظُرْ لِعَدَّادِ سَيَّارَتِكَ فِي السَّيَّارَةْ ، وَهِيَ
تَسِيْرُ فِيْ الْفَلاةِ أَوْ فِيْ الْحَارَةْ ، سَتَعْرِفُ مِقْيَاسَ سُرْعَتِهَا بِدِقَّةٍ
مُتَنَاهِيَةْ ! وَضَبْطٍ كَأَنَّهُ صُنْعُ دَاهِيَةْ ، وَهِيَ عَرَضٌ لا جَوْهَرٌ أَيْ
لَيْسَتْ بِجِسْمٍ مِنَ الأَجْسَامْ ، وَلا يُمْسِكُهَا مُمْسِكٌ مِنَ الأَنَامْ ، بَلْ
حَرَكَةٌ مَعْرُوْفَةْ ، وَسُرْعَةٌ مَأْلُوْفَةْ .

وَإِذَا كَانَ يَا مُحْتَارُ هَذَا صُنْعُ مَخْلُوْقٍ مِنَ الْمَخْلُوْقَاتْ ، صَنَعَ مَا
يَحْفَظُ الْحَرَكَاتْ وَلَوْ حُفِظَتْ هَذِهِ الْحَرَكَاتُ وَالسَّكَنَاتُ أَلْفَ عَامْ ،
لَبَقِيَتْ مَوْجُوْدَةً وَيَرَاهَا الأَجْيَالُ بَعْدَنَا كَأَنَّهَا أَجْسَامْ ، وَصَنَعَ هَذَا
الْمَخْلُوْقُ مَا يَعْرِفُ بِهِ النَّاسُ مِقْيَاسَ الْحَرَكَاتِ وّاللَّفِّ وَالدَّوَرَانْ فِيْ
سُرْعَةِ السَّيْرِ وَالطَّيَرَانْ ! وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الأَقْيِسَةِ وَالْمَوَازِيْنِ ،
أَتسْتَغْرِبُ بَعْدَ هَذَا مِنْ صُنْعِ رَبِّ الْعِزَّةِ وَالْجَبَرُوْتْ ، الْحَيِّ الْقَيُّوْمِ
الَّذِيْ لا يَمُوْتْ ، وَأَنَّهُ يَزِنُ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ
{ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }
( الشعراء/88-89 )

فَارْجِعْ أَيُّهَا الْمُحْتَارُ عَنْ غَيِّكَ ، وَأُبْ إِلَى رُشْدِكَ ، وَتُبْ إِلَى اللهِ مِنَ
الْجِدَالِ الْعَقِيْمْ ، وَلا تُلْقِ بَالاً لِوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمْ ،
حَتَّى وَإِنْ عَدِمَ النَّظِيْرْ ، فَآمِنْ بِاللهِ وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرْ .




********************




الْمَنْشُوْرَةُ السَّادِسَةُ


أَنَا فِيْ حِيْرَةٍ مِنْ أَمْرِيْ ، وَارْتِبَاكٍ فِيْ فِكْرِيْ ،
حِيْنَمَا أَقْرَأُ قَوْلَ اللهِ عَزَّوَجَلَّ
{ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } ( الفرقان/59)
وَقَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( يَنْزِلُ رَبُّنَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِيْنَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرِ فَيَقُوْلُ :
مَنْ يَدْعُوْنِيْ فَأَسْتَجِيْبُ لَهُ )
الْحَدِيْثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَغَيْرَهَا مِنْ آيَاتِ وَأَحَادِيْثِ الصِّفَاتِ .

وَسَبَبُ حِيْرَتِيْ مَا يَكْتُبُهُ الْمُفَسِّرُوْنَ فِيْ هَذِهِ الآيَاتِ وَالأَحَادِيْثِ
فَبَعْضُهُمْ أَوَّلَ هَذِهِ الآيَاتِ وَالأَحَادِيْثَ بِتَأْوِيْلاتٍ لا صِلَةَ لَهَا
بِالصِّفَاتِ ، وَآخَرُوْنَ أَثْبَتُوْهَا كَمَا هِيَ وَنِعْمَ بِالإثْبَاتْ .

فَلِمَ الاخْتِلافُ مَادَامَ اللهُ وَاجِبُ الْوُجُوْدْ ، وَصِفَاتُهُ ظَاهِرَةٌ جَلِيَّةٌ تَدُلُّ
عَلَى الْخَالِقِ الْمَعْبُوْدْوَهِيَ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَاضِحَةُ الْمَعْنَى ،
يَعْرِفُهَا الْعُلَمَاءُ الْقَاصِيْ مِنْهُمْ وَالأَدْنَى ؟! فَأَنَا فِيْ حِيْرَةٍ مِنْ أَمْرِيْ ،
حَتَّى تَوَقَّفَ عَنِ التَّفْكِيْرِ فِكْرِيْ، بِسَبَبِ الْخِلافِ فِيْ مَعَانٍ وَاضِحَةْ،
وَنُصُوْصٍ مَعَانِيْهَا فِي اللُّغَةِ كَالشَّرَارَةِ قَادِحَةْ ، فَصِفَةُ الاسْتِوَاءِ
مَعْلُوْمَةْ ، وَصِفَةُ النُّزُوْلِ مَعْلُوْمَةْ فَلِمُ الْهُرُوْبُ مِنَ الْحَقِيْقَةْ ؟ وَلِمَ
يُنْكِرُ الْمُؤَوِّلُ عَلَى الْمُثْبِتِ وَإِنْ كَانَ شَقِيْقَهْ ؟ أَلَيْسَ هَذَا يَبْعَثُ عَلَى
الْحِيْرَةْ ؟! فِيْ صِفَةِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّيْنِ وَهُوَ الْمَعْبُوْدُ بِحَقٍّ لا غَيْرَهْ .




الرَّدُّ عَلَى الْمَنْشُوْرَةِ السَّادِسَةِ



إِعْلَمْ أَيُّهَا الْحَيْرَانُ فِيْ أَمْرِهِ فِيْ مَسْأَلَةِ مَا وَرَدَ فِيْ الْقُرْآنْ ،
مِنْ صِفَاتِ الْمَلِكِ الدَّيَّانْ وَمَا وَرَدَ مِنْهَا فِيْ أَحَادِيْثِ الرَّسُوْلِ
بِأَفْصَحِ عِبَارَةٍ وَأَوْضَحِ بَيَانْ .

أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ هُوَ إِثْبَاتُ مَا أَثْبَتَهُ اللهُ لِنَفْسِهِ مِنَ
الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَلَى مَا يَلِيْقُ بِجَلالِهِ وَعَظَمَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
مِنْ غَيْرِ تَحْرِيْفٍ ، وَلا تَعْطِيْلٍ ، وَلا تَكْيِيْفٍ وَلا تَمْثِيْلٍ ،
وَهَذَا أَمْرٌ لا يَحْتَاجُ إِلَى إِيْضَاحٍ ، فَإِنَّ الصِّفَاتِ كَالذَّاتِ ،
فَكَمَا أَنَّ ذَاتَ اللهِ ثَابِتَةٌ حَقِيْقَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُوْنَ مِنْ جِنْسِ
الْمَخْلُوْقَاتِ ، فَصِفَاتُهُ ثَابِتَةٌ حَقِيْقِيَّةً ، مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُوْنَ مِنْ جِنْسِ
صِفَاتِ الْمَخْلُوْقَاتِ ، وَمِنَ الْمَعْلُوْمِ أَنَّ صِفَاتِ كُلِّ مَوْصُوْفٍ تُنَاسِبُ
ذَاتَهُ وَتُلائِمُ حَقِيْقَتَهُ ؛ فَنَسْأَلُ اللهَ عَزَّوَجَلَّ أَنْ يَتَوَفَّانَا عَلَى عَقِيْدَةِ
أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ .

وَاعْلَمْ أَيُّهَا الْمُحْتَارُ أَنَّ مَا جَرَى مِنَ الْخِلافِ سَبَبُهُ الْخَوْفُ مِنْ
تَشْبِيْهِ اللهِ بِخَلْقِهِ وَهُوَ
{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } ( الشورى/11) .

وَلا تُحَدِّثْ نَفْسَكَ أَيُّهَا الْمُحْتَارُ فَتًقُوْلُ : كَيْفَ الاسْتِوَاءُ وَكَيْفَ
النُّزُوْلُ ؟ فَدَعْ عَنْكَ هَذَا الْوَسْوَاسْ ، فَإِنَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ الْخَنَّاسْ .
__DEFINE_LIKE_SHARE__
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الخناس, الوسواس, اسئلة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مرض الوسواس القهري واعراضه...حياكم .... الرهيب القطراوي الإستشارات النفسية والاحتياجات الخاصة وتطوير الذات 4 07-04-2010 09:04 AM
تكفون يلغالين ابي فزعتكم والله بنهبل من الوسواس محروم.كوم منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية 0 06-11-2010 07:10 AM
الوسواس القهري.. الأسباب والعلاج.. رًوَحًيَ بًدَوًيهَ الإستشارات النفسية والاحتياجات الخاصة وتطوير الذات 1 04-03-2010 11:00 PM
مرض الوسواس القهري... حياكم .... الرهيب القطراوي الإستشارات النفسية والاحتياجات الخاصة وتطوير الذات 5 04-01-2010 09:01 AM
علاج الوسواس القهري 100 % بدون اي ادويهـ محروم.كوم منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية 0 02-10-2010 01:30 AM


الساعة الآن 10:37 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML