واليوم أقف أمامكم لا يائساً ولا قانطاً، ولكن مصارحاً ناصحاً، أمانةً للتاريخ، فليس هذا هو البرلمان الذي ناضل من أجله الشعب سنةً وشيعة وبجميع فعالياته ورموزه، وليس هذا هو الذي صوتنا عليه جميعاً!!
ولكن لا يعني هذا نهاية المطاف، ولا يفكرن أحد منكم أن يتخلّى عن أسلوب العمل السلمي الحضاري الذي عاهدنا أنفسنا عليه، وعرفنا العالم من خلاله، خصوصاً في هذه المرحلة الحرجة، فهذه مرحلة سياسية لها أدواتها وآلياتها وقوانينها، وهناك جمعيات سياسية ستواصل الدرب بنفس النهج، معتمدةً في ذلك على حضوركم الفاعل السلمي بعيداً عن كل أشكال العنف أو الفوضى، حتى يتحقَق ما يطمح إليه كل مخلصٍ لوطنه ودينه فحذار حذار فهناك من يتربَّص بنا الدوائر، وقد يجد هؤلاء بعض المتحمسين البسطاء وسيلة لجر الساحة للعنف، فلنكن واعين ولنبقى كما بدأنا أصحاب حق وعدل ودعاة أمن وسلام.
هذه هي وصية الشيخ الجمري رضوان الله تعالى عليه قبل رحيله، في آخر خطبة له قبل أن ينال المرض منه ما ينال، انها دستور المعارضة الإسلامية الواعية، التي لا تقبل بأن يقودها بعض المتحمسين كما يصفهم خطاب الشيخ، هؤلاء يصبحون بأفعالهم عالة على الحركة السياسية، لأنهم بسطاء لا يعرفون أن هذا النظام يعمل ليل نهار لجر الساحة لدوامة العنف، حتى يستنزف هذا المجتمع من جديد ويدخله في الظلام، انه مستعد للإنقضاض علينا كلما سنحت له الفرصة، متذرعاً بما يفعل المتحمسون والبسطاء، وفي هذا لا نحمل هؤلاء البسطاء كل المسؤولية، وانما نحملها هذا النظام الوحشي الهمجي، ويبقى أن هؤلاء المتحمسون لابد أن يتم ارشادهم، لا التواطؤ معهم ودعمهم ودعوة الناس لتقبيل أيديهم!!
الشيخ الجمري الذي تحمل اليوم رايته من قبل كل من هب ودب، لم يكن حماسياً خارجاً عن الواقعية، ولم يكن واقعياً خارجاً عن الحماسة، انه الشيخ الجمري القضية والوعي والحكمة والتروي، الشيخ الجمري المسالم الذي لا يساوم، الواعي الذي لا يجارى في وعيه، ولا تنطلي عليه ملابسات الساحة، هو هو ذاته من قيل عنه بأنه تنازل عن كل شيء عندما ظهر في التلفزيون نهاية التسعينات معتذراً للأمير، وهو هو ذاته من أكد وظل يؤكد على حقوقنا ومطالبنا ومنهجنا السلمي.
__DEFINE_LIKE_SHARE__
|