*خرجتُ من المستشفى القريب من منزلي والذي كُتب على بابه الرئيسي من الخارج وبالبنط العرض - أدخلوه بلا أمل-، فعزمت على السفر إلى تايلند للعلاج بعد أن شخص الأطباء حالتي هنا على أنها أعراض حمل !* *وبما أنني أعتبر من الأشخاص الذين تم سحب بساط الفقر من تحت أقدامهم فقد أقدمت على بيع فساتين وشباصات المدام لكي أوفر تكاليف العلاج ، بعدها قام –حامد- إمام المسجد مدفوعا بالإنسانية وحدها بتسليفي باقي المبلغ مع إضافة فائدة بسيطة قدرها خمسة في المئة.* *كانت الطائرة تعج بالعديد من المرضى المتجهين إلى أرض الميعاد تايلند، غالبيتهم من العرب من ذوي الدماء النبيلة والبقية الباقية من دون دماء، كنت أجلس بالقرب من مخرج الطوارئ وذلك دليل شؤم، وبينما أنا منهمك بمتابعة أحد الأفلام أخذتني سنةُ من النوم، فرأيت فيما يرى النائم أن الطائرة سقطت فوق إحدى المقابر المهجورة فقامت السلطات بإستخراج 500 جثة مع أن جميع ركاب الطائرة كان عددهم 200، قمت فزعا وأمتقع وجهي من هذا الكابوس الغريب. * *وصلت إلى بانكوك تلك العاصمة الآثمة والتي كان زميلي-صلاح- يحذرني منها و يخبرني بأنها أرض فسق ورذيلة مع أنه لم يقم بزيارتها ولم يرها بعينه وذلك لسبب بسيط ومقنع وهو أنه ضرير؟* *في اليوم التالي لوصولي ذهبت إلى -المستشفى الملكي- حيث شاهدت العجب العجاب، فالعرب منتشرون بممرات وأزقة وغرف المستشفى، العشرات بإنتظار مقابلة دكتور القلب، آخرون بإنتظار استشاري المسالك، فتيات في سن الزهور- طبعا زهور البلاستيك- بإنتظار اخصائية التجميل، للوهلة الأولى تعتريك وسوسة بأننا متقدمون خطوة إلى الخلف بمسألة العلاج، وبأن الأخطاء الطبية لدينا تعتبر –كارثية-، وكلمة كارثية عربية الأصل لا يتناطح على فصاحتها كبشان؟* *تقابلت مع ضحايا الأخطاء الطبية فأحدهم تم إستئصال بنكرياسه بدلا من المرارة، والآخر تم إستئصال البروستاتا بحجة عدم ملائمتة للجو الحار، أما –خالد- الذي ما أن سمعت حكايته حتى تحدرت دمعتان على خدي فمسحتهما بطرف كُم أحد الأخوة الخليجيين الذي كان بإنتظار عملية ختان، بدأت قصة خالد عندما أخبره الطبيب بضرورة إستبدال عينيه الاثنتين بحجة إصابتهما بروماتيزم القرنية، ولسوء تقدير الطبيب قام بتركيب عيون أحد القطط، ومن يومها وهو يرى جميع البشر على هيئة فئران؟* *الغريب هناك أنك تجد الطبيب عندهم في أناقة اللورد ونظافة اللورد وأخلاق اللورد، يحضر مبكرا ولا يقرأ جريدة أو يشرب قهوة بحجة أن مزاجه متعكر، أخبرني أحد المترجمين بأن الأطباء بتايلند قد أصبحت لهم كرامات، وآية ذلك أن بعضهم يولد له من الأولاد من يحمل على رقبته سماعة ؟* *قبل دخولي على الطبيب سمعت التكبير والتهليل والتصفيق وبشكل هستيري، فلما استعلمت عن الأمر أخبرتني المترجمة بأن نتيجة فحص أحد المراجعين أثبتت بأنه لا يحمل غدد سرطانية بعكس التقرير الذي أحضره من بلده والذي يؤكد إنتشارها بجسده وجسد جميع أفراد أسرته؟* *بخٍ بخٍ يا تايلند، وويل للعرب من شر قد إقترب، فالأخطاء الطبية منتشرة كمسلسل مكسيكي له بداية ولكن ليس له نهاية، وإنك لتمر على المتحذلقين من الأطباء وهم سكارى من التخمة واللامبالاة، فليحافظ كل منكم على لغاليغو، اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد.* *قوموا إلى صلاتكم*