ظاهرة عقوق الوالدين تشكل 5% من قضايا المحاكم الشرعية

βō 7šĕēŋ · #1 08-02-2009, 04:30 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ربما ليست ظاهرة، لكنها على قلة الحالات التي تحدث منها يجب عدم اغفالها، عقوق الأبناء من الدعاوى الملحوظة إلى حد ما أو التي تسجل حضورا خجلا في ساحات المحاكم الأسرية، والتي اصبحت تشكل نسبة تصل إلى نحو 5% من اجمالي القضايا الأسرية التي تنظرها المحاكم الشرعية في الدولة، وفقا لتصريح عدد من القضاة الشرعيين، الذين يرجعون تزايدها في الآونة الاخيرة إلى تأثير الأزمة الاقتصادية في الأسر المقيمة تحديدا التي تتعرض لمثل هذه الوقائع .

في مكتب احد المحامين قابلته، أب في الستينات من العمر جاء طالبا رفع دعوى ضد ابنه الموسر الذي يشغل وظيفة مرموقة يتقاضى منها راتبا جيدا إلى حد كبير ومع ذلك يرفض الإنفاق على والده الذي اقعده الكبر والمرض عن مواصلة العمل، يقول والحزن باديا على وجهه، والقهر يختلط بملامحه، أشعر بأسف كبير على ما آل اليه حالي مما اضطرني إلى مد يدي إلى ابني بالضغط بعدما رفض مرارا مساعدتي بالود واللين، يقول انه غير ملزم بي، وان هناك أسرته الأولى بإنفاقه عليها، وهو يعلم تماما انه لامعيل لي، ولا راتب اتقاضاه، ولا دخل يمكنني العيش منه، بعدما هدني المرض عن تكملة سنوات العمل القصيرة التي تبقت قبلما اصل إلى المعاش الاجباري، لم اعرف ماذا افعل بعد ما اعيتني الحيلة معه سوى اللجوء إلى القضاء لطلب الانفاق علي ولو بالقليل الذي يكفيني شر مد يدي للغير، إلى ان يقضي الله أمراً كان مفعولاً .

ومثله كان أب آخر قابلناه في احدى المحاكم، جاء باكيا، يجر اذيالاً من الاحساس بالغبن، والذل، والبؤس، لم يستطع الحديث طويلا كل ماقاله: ربيتهم وانفقت على تعليمهم الكثير وخذلوني في كبري، رفضوا الانفاق على علاجي الذي يتكلف ثلاثة الآف درهم شهريا، في الوقت الذي لا أرتكن فيه لمعاش أو خلافه، وأعيش على الفتات من مساعدات اخواني القليلة التي تصلني، فماذا افعل وزوجتي ايضا في حاجة إلى علاج ومأكل ومشرب، وهم ابنائي الثلاثة في غيهم ماضون، رافضون الانفاق علي وأمهم، ونافضون عن انفسهم مسؤولية علاجنا، ولاحول ولاقوة إلا بالله .

ومن محكمة اخرى في الدولة روى أب ثالث حكايته قائلا: “كان ولدي إنسانا متديناً وكان دائماً يبرني ويحسن لي ولكنه عندما التحق بالوظيفة بدأ يلازم رفاق السوء، حتى اكتشفت والدته بأن ابننا على علاقة غير شرعية مع فتاة وانه يصرف عليها ويغدق عليها الهدايا لدرجة انه استدان من البنك لأجلها فحاولنا نصحه لكننا لم نستطع، حتى وصلت الأمور إلى انقطاع النفقة الشهرية علينا حيث كنا نعتمد على ما يعطينا شهريا من راتبه، من أجل عشيقته لأنه قام بتحويل النفقة الشهرية الخاصة بنا إليها، وفي إحدى المرات خيرته بيننا وبينها فصدمنا من ردة فعله عندما أخذ يشتمني ويصف الفتاة بأنها أولى منا بالنفقة، فشعرت بالغضب وبدأت أسبها فرفع يده محاولا ضربي ولكني أمسكت يده وأنا أقول له حسبي الله ونعم الوكيل فهل تبيع والديك لهذه الدرجة؟ فترك المنزل وأخذ كل أغراضه ليقيم معها في شقتها .

قد تكون ثلاث حالات، لكن هناك مثلها الكثير مما لم نصل إليها، لكنها طي السجلات القضائية، مسجلة قصصاً حياتية مأسوية الأبعاد، ضاربة في نكران وجحود الأبناء، اما اذا فحصنا واقع هذه الحالات ومسبباتها، والحلول الواجبة فسنجد التالي:

بداية، ومن ناحيته اكد خليفة المحرزي المستشار الأسري في محاكم دبي تزايد دعاوى العقوق الأبوي، من خلال اساءة عدد من الأبناء للآباء، عبر عدة صور سلبية ممقوتة من أبرزها الامتناع عن الإنفاق على الوالدين ورفض التكفل باحتياجاتهم الأساسية، وقال: العقوق المادي من أبرز أنواع العقوق والذي بدأ يغزو المجتمع المحافظ بشكل لافت، حيث من الشباب من يتعمدون إيذاء ذويهم بالتجاهل وعدم التواصل معهم، أو الحجر عليهم، فيما وصل الامر ببعضهم إلى الامتناع عن الإنفاق عليهم، ومع ذلك فيرجع البعض اعتداء الأبناء على ذويهم إلى الوضع المادي المتردي، وأثر التكنولوجيا الحديثة بالإضافة إلى الديون المتراكمة عليهم، والتزاماتهم الأسرية تجاه زوجاتهم وابنائهم، والذي يلعب دوراً كبيراً لقيام الأبناء العاقين بهذه التصرفات السيئة .

واضاف: من خلال تعاملي في الاستشارات الأسرية مررت بالعديد من المواقف سواء من أبناء عاقين يبررون تصرفاتهم أو آباء محرومين من مال أبنائهم . . فهذا الأب يصف ما كان يفعله ابنه وعيناه تغرقهما الدموع قائلا: كنت دائما أدخل في معارك طاحنة مع ولدي من أجل منحي بعض الدراهم لشراء احتياجات المنزل لي ولوالدته، فأنا لا أعمل وليس لي دخل مادي بعدما أصبت بالجلطة في كتفي ولم اعد قادرا على الخروج للبحر، وكلما اتصل به لكي أمر عليه في المنزل يخلف وعده ويتحجج بانشغاله لدرجة اني انتظر وصوله بالوقوف أمام باب بيته بالساعات، ظللت انتظر مروره عليّ كما وعدني لأكثر من أسبوعين ولكنه لم يزرني البتة .

ويضيف الأب الذي رفض ذكر اسمه “في إحدى المرات دخلت عليه البيت دون موعد سابق ونهرته على عقوقه لي فصرخ في وجهي وتحجج بكثرة الديون، وعدم امتلاكه للمال، وانه لا يتحمل مسؤولية النفقة علي وحاول إخراجي من منزله، مما أدى إلى إصابتي بصدمة كبيرة ومن شدة قهري ارتفعت درجة حرارتي نقلت على أثرها إلى المستشفى” .

ويواصل المحرزي: اعترف لي شاب التقيته بناء على شكوى من والده بأنه اتفق مع إخوته على عدم الإنفاق على والدهم لأنه تخلى عن والدتهم منذ أكثر من عشر سنوات واستقر عند زوجته الأجنبية التي تخلت عنه بعدما أصيب بالشلل النصفي وغادرت إلى بلدها وحصلت على ورقة طلاقها، كنا نقوم بذلك بتحريض من والدتنا لننتقم لها على ما كان يفعله بها عندما كنا صغارا في السن، وكنا نحن نتولى الإنفاق على والدتنا وبقينا على هذا المنوال طوال تلك المدة حتى سمعنا بما حل بوالدنا فرفضنا أن ندفع له شيئاً .

ويكمل: ومن الآباء من يروي انه تعرض إلى جحود ابنه بسبب زوجته حيث كان مطواعا لها خادما لكل رغباتها، يحاول إرضاءها بشتى الطرق والوسائل لدرجة انه امتنع عن إعطاء والده ووالدته مصروفهما الشهري منه بحجة كثرة الالتزامات تجاه زوجته، حتى اكتشفا بأنه ينفق على أهل زوجته وقام بتحويل شهري لهم، كما انه يتولى شراء كافة الاحتياجات المنزلية لهم، في حين لا يجد أبواه قوت يومهما في المنزل، حتى قرر أن يخرج من البيت بصورة نهائية لأن زوجته طلبت منه ذلك لأنها لا ترغب العيش مع والديه، وتريد الاستقرار عند أهلها فلم يتردد لحظة واحدة في ترك المنزل، ومنذ اللحظة التي غادر فيها لم يعرف والداه عنه شيئا .

ويقول: ليس هناك كفضل الوالدين على الأبناء بعد فضل الله، حيث أمرنا ببر الوالدين وقال سبحانه في سورة الإسراء “وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا”، كما نهانا عن قول أف للوالدين كناية عن الضجر فما بالكم بغيرها من التصرفات التي تنم عن العقوق؟ لكن البعض لسبب ما إما سوء في التربية أو إهمال من قبل الوالدين أثناء الصغر يتطبع بطباع الغير أو طباع شاهدها، فالتربية المادية النفعية القائمة على المصلحة أثناء الصغر هي تربية خاطئة تدعو إلى الأنانية وحب الذات وحب التملك عند الكبر، مما يؤدي إلى ارتباط الأبناء بأهلهم ما دامت هناك فائدة أو مصلحة، وبمجرد انتهاء هذه المصلحة أو غياب الممول تنتهي العلاقة الوالدية، فالأبناء العاقون يكونون مصيبة في كبرهم كما كانوا عبئا في صغرهم، خصوصا إذا كانوا قساة القلوب متحجري الضمائر ولا يخشون عقاب الله . ويتجاهلون ما ورد في الكتاب وما تحدثت به السنة النبوية الشريفة ولم يعوا أن الله شديد العقاب وأن دعوة الوالدين مجابه ولقد ورد أكثر من دليل، ولكن البعض منهم لا يتعظ ولا يعقل إلا بعد أن تصيبه مصيبة وقد أوصى الدين الإسلامي بالوالدين .

المعايرة والاستهانة

أما فاطمة المغني مديرة مركز التنمية الاجتماعية في خورفكان فتشير إلى ان هناك حالات عقوق بالفعل موجودة يرتكبها بعض الأبناء تجاه الآباء، لكنها لاتشكل ظاهرة، وربما تكون من شواذ القاعدة، وتقول: من حالات العقوق التي واجهتني، ابن كان لايعتد بأمه أمام أصدقائه لكونها ليست مواطنة، وكان يذكر لأصدقائه دائماً أن أمه مواطنة، في حين كان دائم القول لأمه إنها لا تستحق أن تكون أمه، ورغم ان ذلك كان يحزن الأم كثيراً إلا انها صبرت على سوء معاملة الابن، ونظرته الدونية لها آملة انصلاح حاله يوما، وقد جلست مع الابن وحاولت توجيهه وردعه عن تصرفاته، وخاطبته بما قاله الله سبحانه وتعالى في حق الأبوين، وذكرته بأن أمه لم تغادر الدولة طيلة 12 عاماً خوفاً عليه واخوانه، وذلك على حساب زيارتها لوالديها في بلدها، اللذين توفيا من دون ان تراهما .

نفقة شاملة

ومن جانبه يوضح المحامي سالم ساحوه أن غالبية حالات العقوق تنتشر في أوساط الجاليات العربية، وتحدث من أبناء غير متعلمين، عدا قلة ممن اكملوا تعليمهم، ويقول: الأبناء ملزمون بالإنفاق على الآباء وان لم يكونوا في حاجة لذلك، والاحكام في مثل هذه القضايا يلزم فيها الأبناء بنفقة للأب تشمل الطعام والكسوة والمسكن والتطبيب والخدمة، وهناك قضية نفقة رفعها الأب البالغ من العمر 70 عاماً ضد ابنائه، يعمل أحدهم طبيباً والثاني موظفاً والثالث محاسباً، والذين امتنعوا عن الانفاق عليه، فقضت المحكمة للأب بنفقة شهرية من الأبناء تصل إلى 5 آلآف درهم موزعة عليهم وفقاً ليسر كل منهم .

رد فعل

أكد مسؤول أمني في شرطة الشارقة تزايد حالات اساءة عدد من الأبناء فوق السادسة عشرة من العمر للآباء، من التعدي عليهم بالضرب والسب، والامتناع عن الانفاق عليهم، مبينا أن الأسباب وراء ذلك ترجع إلى الانفتاح التكنولوجي السلبي، الذي كشر عن أنيابه فالتهم كثيراً من المبادئ والقيم والأصول، ودفع بالابن إلى مد يده ولسانه بسوء الفعل والقول على الأب وأيضا الأم، فيما هناك دور لبعض الآباء آحيانا في ما يحدث لهم بسبب التربية الخاطئة للأبناء في الصغر، أو الاهمال والقسوة، مما يسفر لاحقا عن أبناء قساة راغبين في الانتقام من الآباء بأية صورة من الصور .

هيئة اجتماعية

أوضح القاضي محمد الكعبي رئيس محكمة في محكمة الفجيرة بأن قانون الأحوال الشخصية في الدولة يعد من القوانين القليلة التي رتبت نفقة من الأبناء للأب والعكس، حيث تنص المادة رقم 81 على انه يجب على الولد الموسر ذكراً أو انثى، كبيراً أو صغيراً نفقة والديه اذا لم يكن لهما مال، واشترط القانون في صدد الانفاق على الوالد ان يكون معسرا، وقد أوضحت المذكرة التفسيرية للمادة ان نفقة الابن على ابيه اوسع من نفقة الأب على ولده، وفي رأيي ان تشكيل هيئة تابعة للشؤون الاجتماعية، بعيدة عن القضاء تسعى للصلح في مثل هذه القضايا، فإذا تعذر الوصول اليه يجوز اللجوء إلى القضاء .

الخليج __DEFINE_LIKE_SHARE__

المواضيع المتشابهه
الموضوع	كاتب الموضوع	المنتدى	مشاركات	آخر مشاركة
صور:ظاهرة نادرة لتشكل السحب بشكل غريب + أكبر مسطح ملح في العالم	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	07-06-2010 12:50 PM
سؤال : هل يمكن عقوق الوالدين بعد وفاتهما؟	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	02-20-2010 08:13 PM
كاميرات المراقبة “الشاهد الصامت” أمام المحاكم في قضايا السرقات	خـوار تلي	اخبار محلية و عالمية	5	12-06-2009 08:05 PM
عقوق الابناء ام عقوق الاباء	بنت اصل ما تنوصل	الحوار والنقاش - الرأي والرأي الآخر	12	10-15-2009 03:49 PM
( القتلة المتسترون - عقوق الوالدين ) [ فيديو + صور ]	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	06-03-2009 04:40 AM