01-14-2016, 08:11 PM
|
عضو ماسي | | |
اَلْحَمْدُ لِلهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُمْ وَبَعْدُ: اَيُّهَا الْاِخْوَة: قَبْلَ الْبَدْءِ بِالْمُشَارَكَةِ: نُلْقِي اَوَّلاً ضَوْءاً سَرِيعاً عَلَى آَيَةٍ كَرِيمَةٍ مِنْ سُورَةِ التَّغَابُنِ: وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِن( نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا رُبَّمَا يَفْهَمُ هَذِهِ الْآَيَةَ مَفْهُوماً مَغْلُوطاً ثُمَّ يَقُومُ وَيَدْعُو اِلَى مَذْهَبِ الْجَبْرِيَّةِ دُونَ اَنْ يَشْعُر! نَعَمْ اَخِي: وَالْجَبْرِيُّونَ هُمُ الَّذِينَ زَعَمُوا اَنَّ الْاِنْسَانَ لَا اِرَادَةَ وَلَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي اَعْمَالِهِ وَاَقْوَالِهِ! بَلْ هُوَ كَالرِّيشَةِ فِي مَهَبِّ الرِّيحِ! اَوْ كَالسَّفِينَةِ فِي خِضَمِّ الْبَحْرِ! وَقَدْ عَتَتِ الْاَمْوَاجُ! وَلَايَسْتَطِيعُ الرُّبَّانُ اَنْ يُمْسِكَ بِهَا وَلَابِمِقْوَدِهَا! نَعَمْ اَخِي: وَهَذَا مَذْهَبٌ ظَهَرَ فِي الْاِسْلَامِ! وَلَكِنَّهُ خَاطِىءٌ جِدّاً، بَلْ هُوَ خَطَاٌ خَطِيرٌ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ، وَاِنَّمَا قَالَ: فَمِنْكُمْ بِالْفَاءِ، نَعَمْ اَخِي: وَفِي عَهْدِ الْجَبْرِيَّةِ فِي اَيَّامِهِمْ، وَنَحْنُ اَيْضاً فِي اَيَّامِنَا، اَعْظَمُ مَااُصِبْنَا بِهِ نَحْنُ وَهُمْ: اَنَّنَا جَمِيعاً جَهِلْنَا التَّذَوُّقَ، وَلَمْ نَشْعُرْ، وَلَمْ نَتَذَوَّقْ حَلَاوَةَ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ كَمَا سَيَاْتِي فِي نِهَايَةِ الْمُشَارَكَةِ اَيْضاً، نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ اَعْظَمُ كَارِثَةٍ لِمَاذَا؟ لِاَنَّنَا صِرْنَا لَانَنْفَعِلُ بِالْقُرْآَن، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا مَنْ تَذَوَّقَ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُسْلِماً! فَاِنَّهُ يَنْفَعِلُ مَعَ الْقُرْآَن(نَعَمْ اَخِي: وَفِي طُفُولَتِي عِنْدَمَا كُنْتُ فِي بِدَايَةِ الْمَرْحَلَةِ الثَّانَوِيَّةِ فِي الصَّفِّ الْعَاشِرِ، كَانَتْ مُدَرِّسَةُ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ تَقْرَاُ اَمَامِي قَوْلَهُ تَعَالَى{(اَيَمَّا(الْاَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَاعُدْوَانَ عَلَيَّ(فَقُلْتُ لَهَا{اَيَّمَا(فَكَانَتْ مُصِرَّةً اِصْرَاراً شَدِيداً عَلَى (اَيَمَّا( الَّتِي لَانَجِدُ مَثِيلاً لَهَا فِي الْقِرَاءَاتِ الْعَشْرِ الْمُتَوَاتِرَةِ اِنْ لَمْ اَكُنْ مُخْطِئَة، فَانْظُرْ اَخِي اِلَى هَذَا الْجَهْلِ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الَّذِي نَجِدُهُ اَيْضاً عَلَى مُسْتَوىً رَاقٍ جِدّاً مِمَّنْ يَحْمِلُونَ الدُّكْتُورَاهْ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّة(نَعَمْ اَخِي: لَوْ قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ(فَمِنَ الْجَائِزِ اَنْ يَقُولَ اِنْسَانٌ مَا: اَللهُ تَعَالَى خَلَقَنَا، وَاخْتَارَ لِبَعْضِنَا الْكُفْرَ، وَاخْتَارَ لِبَعْضِنَا الْاِيمَانَ، نَعَمْ اَخِي: فَلَوْلَا وُجُودُ هَذِهِ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ{فَمِنْكُمْ( لَاَصْبَحَتْ هَذِهِ الْآَيَةُ مِنَ الْآَيَاتِ الْمُتَشَابِهَةِ غَيْرِ الْمُحْكَمَةِ مُوَافِقَةُ لِمَذْهَبِ الْجَبْرِيَّة، وَلَكِنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ اَنْ يَجِدَ الْجَبْرِيَّةُ مُسْتَنَداً اَوْ مُرْتَكَزاً لِاَقْوَالِهِمْ فِي آَيَاتِ الْقُرْآَنِ وَلَوْ كَانَتْ مُتَشَابِهَةً غَيْرَ مُحْكَمَةِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُول{فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا، لَاتَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ، ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ، وَلَكِنَّ اَكْثَرَ النَّاسِ لَايَعْلَمُونَ، مُنِيبِينَ اِلَيْهِ(وَهَذِهِ الْآَيَاتُ هِيَ مِنْ سُورَةِ الرُّومِ يَقُولُ اللهُ فِيهَا{فِطْرَةَ اللهِ( وَالْمَعْنَى: اَيُّهَا النَّاس: اِلْزَمُوا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ اللهُ فِيهَا النَّاسَ عَلَى التَّوْحِيدِ، نَعَمْ اَخِي: وَاِنَّمَا اَشْرَكُوا اَوْ ضَلُّوا؟ بِسَبَبِ مُؤَثِّرَاتٍ نَفْسِيَّةٍ اَوْ خَارِجِيَّة، وَلَكِنَّ الْحَقِيقَةَ: اَنَّ النَّاسَ جَمِيعاً مَفْطُورُونَ عَلَى الْاِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ فُطُوراً وَغَدَاءً وَعَشَاءً يَجْرِي فِي دِمَائِهِمْ مُذْ كَانُوا فِي بُطُونِ اُمَّهَاتِهِمْ، بَلْ مُذْ كَانُوا ذَرَارِي فِي اَصْلَابِ آَبَائِهِمْ، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ يَقُولُ سُبْحَانَهُ{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ *فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ(نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ الْفَاءُ لَاتُسَمَّى فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ فَاءَ التَّعْقِيبِ؟ لِاَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلتَّعْقِيبِ، فَاِنَّ الْمَعْنَى سَيَاْتِي عَلَى غَيْرِ مُرَادِ اللهِ، وَهُوَ اَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَلَقَنَا وَفَوْراً جَعَلَنَا كَافِرِينَ اَوْ مُؤْمِنِينَ، وَهَذَا يُوَافِقُ مَذْهَبَ الْجَبْرِيَّةِ، وَلِذَلِكَ لَاتُسَمَّى فَاءَ التَّعْقِيبِ، وَاِنَّمَا تُسَمَّى فَاءَ التَّفْرِيعِ، فَمَثَلاً اَخِي: اَنْتَ غَرَسْتَ الشَّجَرَةَ، فَتَفَرَّعَتْ اِلَى فُرُوعٍ: بِمَعْنَى اَنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَنَا عَلَى الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ وَغَرَسَهَا فِي قُلُوبِنَا، فَتَفَرَّعَ عَنْ ذَلِكَ: اَنَّ الْبَعْضَ كَفَرَ، وَالْبَعْضَ آَمَنَ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الَّذِي كَفَرَ مُذْ كَانَ طِفْلاً صَغِيراً، جَاءَتْهُ الشَّيَاطِينُ الْجِنِّيَّةُ وَالْاِنْسِيَّةُ كَوَالِدَيْهِ مَثَلاً، وَنَزَعَتْ مِنْ قَلْبِهِ مَاغَرَسَهُ اللهُ، كَمَا نَزَعَ اِبْلِيسُ مِنْ قَلْبِهِ مَاغَرَسَهُ اللهُ فِي قَلْبِ اِبْلِيسَ مِنْ طَاعَتِهِ سُبْحَانَهُ فِي السُّجُودِ لِآَدَمَ وَمِنْ تَوْحِيدِهِ اَيْضاً سُبْحَانَهُ مُتَمَرِّداً عَلَى الله، نعم اخي: فَلَمَّا اَصْبَحَ الَّذِي كَفَرَ شَابّاً يَانِعاً نَاضِجاً، رَفَضَ اَنْ يُعِيدَ اِلَى قَلْبِهِ مَاغَرَسَهُ اللهُ كَمَا فَعَلَ اَبُوهُ آَدَمُ مِنَ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ بَعْدَ اَكْلِهِ مِنَ الشَّجَرَةِ الْمُحَرَّمَةِ، بَلْ فَضَّلَ اَنْ يَكُونَ مُتَمَرِّداً عَلَى اللهِ كَمَا فَعَلَ اُسْتَاذُهُ وَمُعَلِّمُهُ اِبْلِيسُ مِنْ قَبْلُ فِي تَمَرُّدِهِ عَلَى الله، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْمُؤْمِنُ: فَاِنَّهُ اسْتَغَلَّ قَوْلَهُ تَعَالَى خَيْرَ اسْتِغْلَالٍ حِينَمَا اَخْبَرَهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: لَايَغُرَّنَّكَ عَبْدِي الْمُؤْمِنَ كَيْدُ الشَّيْطَانِ وَلَاتَخَفْ مِنْهُ{اِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفَا(وَلِذَلِكَ حَاوَلَ اَنْ يَتَغَلَّبَ عَلَى كَيْدِ الشَّيْطَانِ بِكُلِّ مَااُوتِيَ مِنْ قُوَّةٍ مُحَافِظاً عَلَى مَاغَرَسَهُ اللهُ فِي قَلْبِهِ مُذْ كَانَ نُطْفَةً فِي ظَهْرِ اَبِيهِ، فَكَتَبَ اللهُ لَهُ النَّجَاحَ؟ لِاَنَّهُ يَسْتَحِقُّ النَّجَاحَ، وَاَمَّا الَّذِي يَتَمَرَّدُ عَلَى اللهِ مُتَجَاهِلاً لِلتَّوْبَةِ النَّصُوحِ وَمُتَجَاهِلاً لِمَا بَقِيَ مِنْ اَثَرٍ وَلَوْ ضَعِيفٍ لِمَا غَرَسَهُ اللهُ فِي قَلْبِهِ، فَاِنَّهُ لَايَسْتَحِقُّ هَذَا النَّجَاحَ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اَثَرَ اللهِ وَلَوْ كَانَ ضَعِيفاً، فَاِنَّهُ لَابُدَّ اَنْ يَتَغَلَّبَ عَلَى الضَّعِيفِ مِنْ كَيْدِ الشَّيْطَانِ، وَلَكِنَّ هَذَا الْاَحْمَقَ الْمَعْتُوهَ الْكَافِرَ لَا يُرِيدُ اَنْ يُنِيرَ قَلْبَهُ بِاَثَرٍ وَلَوْ ضَعِيفٍ مِنْ نُورِ الله، بَلْ يُرِيدُ اَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ قَلْبِهِ، بَلْ لَايُرِيدُ اَنْ يَبْقَى فِي قَلْبِهِ ذَرَّةٌ مِنْ اِيمَانٍ، بَلْ يُرِيدُ اَيْضاً اِطْفَاءَهُ بِنَارِ اُسْتَاذِهِ وَمُعَلِّمِهِ الشَّيْطَانِ الَّذِي يُرِيدُ بِدَوْرِهِ اَيْضاً اَنْ يُخْرِجَ اللهَ مِنْ قَلْبِهِ وَقَلْبِ تِلْمِيذِهِ وَهُوَ هَذَا الْكَافِرُ الْمَعْتُوهُ اِلَى الْاَبَد!!! نَعَمْ اَخِي: وَنَاْتِي الْآَنَ اِلَى تَكْمِلَةِ الشَّرْحِ لِلْآَيَاتِ الَّتِي بَدَاْنَا بِهَا مِنْ سُورَةِ الْمُمْتَحَنَةِ، نَعَمْ اَخِي: وَلَقَدْ وَصَلْنَا اِلَى قَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{ يَااَيُّهَا النَّبِيُّ اِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى اَلَّا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً، وَلَايَسْرِقْنَ، وَلَايَزْنِينَ، وَلَايَقْتُلْنَ اَوْلَادَهُنَّ، وَلَايَاْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ اَيْدِيهِنَّ وَاَرْجُلِهِنَّ، وَلَايَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ، فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ، اِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيم(نَعَمْ اَخِي: وَفِي الْمُشَارَكَةِ السَّابِقَةِ: شَرَحَتْ لَكُمْ اُخْتِي غُصُونُ قَوْلَهُ تَعَالَى{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ(نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَةِ هُنَا{يَااَيُّهَا النَّبِيُّ اِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ(نَعَمْ اَخِي: وَطَبْعاً هَذِهِ الْآَيَةُ الْكَرِيمَةُ نَزَلَتْ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ، حِينَمَا فَتَحَ اللهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ مَكَّةَ، وَجَاءَ الرِّجَالُ فَبَايَعُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: وَقَبْلَ اَنْ نُتَابِعَ الشَّرْحَ اُحِبُّ اَنْ اُنَبِّهَ الَّذِينَ يَجْلِسُونَ عَلَى عَامُودِ الْمَسْجِدِ اَوْ سَارِيَتِهِ، فَاِذَا شَعَرْتَ اَخِي بِالنُّعَاسِ وَاَنْتَ جَالِسٌ تَسْتَنِدُ بِظَهْرِكَ عَلَى سَارِيَةِ الْمَسْجِدِ: فَاِنَّ جُلُوسَكَ عَلَى الْعَمُودِ اَوِ السَّارِيَةِ مَكْرُوهٌ عِنْدَ اللهِ كَمَا قَالَ الْفُقَهَاءُ: بِمَعْنَى اَنَّكَ اِذَا جَلَسْتَ فِي مَكَانٍ مُرِيحٍ وَكَانَ هَذَا الْمَكَانُ سَبَباً فِي نُعَاسِكَ وَ نَوْمِكَ وَغَفْلَتِكَ عَنْ دُرُوسِ الْعِلْمِ وَعَنْ خُطْبَتَيِ الْجُمُعَةِ اَيْضاً: فَلَا يَجُوزُ لَكَ شَرْعاً اَنْ تُسْنِدَ ظَهْرَكَ عَلَى جِدَارٍ اَوْ حَائِطٍ اَوْ سَارِيَةٍ يُسَبِّبُ لَكَ النُّعَاسَ: اِلَّا اِذَا كُنْتَ مِنْ اَصْحَابِ الْاَعْذَارِ الشَّدِيدَةِ الْقَاهِرَةِ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا مَاعَدَا ذَلِكَ: فَاِذَا كَانَ مِنْ عَادَتِكَ اَنَّكَ تَبْقَى مُتَيَقِّظاً وَصَاحِياً وَمُنْتَبِهاً وَمُرَكِّزاً عَلَى كُلِّ كَلِمَةٍ يَقُولُهَا الْاُسْتَاذُ اَوْ خَطِيبُ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ: فَلَا بَاْسَ اَنْ تَجْلِسَ وَتَسْتَرِيحَ كَمَا يَحْلُو لَكَ، نَعَمْ يَارَسُولَ الله{اِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ(وَالْمُبَايَعَةُ اَخِي هُنَا: بِمَعْنَى الْمُعَاهَدَة، وَسُمِّيَتْ مُبَايَعَةً؟ لِاَنَّهُ يَحْصَلُ بِمُوجَبِهَا تَبَادُلٌ لِلْمَنَافِعِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ كَالْبَيْعِ تَمَاماً، نَعَمْ اَخِي: فَالْمُشْتَرِي يَدْفَعُ الثَّمَنَ، وَالْبَائِعُ يُسَلِّمُ السِّلْعَةَ: بِتَبَادُلٍ لِلْمَنَافِعِ هُنَا اَيْضاً بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ الْمُعَاهَدَاتُ وَالْمُبَايَعَاتُ: فِيهَا تَبَادُلٌ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ لِلْاَسْرَى مَثَلاً اِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْاُمُورِ، فَاَنْتُنَّ اَيُّهَا الْمُؤْمِنَاتُ كَمَا ذَكَرَتِ الْآَيَةُ: اِذَا فَعَلْتُنَّ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا، وَانْتَهَيْتُنَّ عَنْ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا: فَاَنْتُنَّ طَرَفٌ وَجَانِبٌ، وَاللهُ هُوَ الْجَانِبُ وَالطَّرَفُ الْآَخَرُ فِي هَذِهِ الْمُبَايَعَةِ اَوِ الْمُعَاهَدَةِ، فَاِذَا وَفَّيْتُنَّ بِبَيْعَةِ اللهِ وَعَهْدِ اللهِ تَعَالَى، وَفَّى اللهُ بِعَهْدِكُمْ عَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَاَوْفُوا بِعَهْدِي اُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَاِيَّايَ فَارْهَبُونِ( نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ هِيَ الْمُبَايَعَة، نَعَمْ اُخْتِي: وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ اَنَّهُمْ اِذَا بَايَعُوا: اَنْ يَضَعَ اَحَدُهُمْ يَدَهُ فِي يَدِ الْآَخَرِ تَوْثِيقاً وَمُصَادَقَةً عَلَى الْعَقْدِ وَالْمُبَايَعَةِ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: اَلْحُرُّ يُرْبَطُ بِلِسَانِهِ لَا بَيَدِهِ: بِمَعْنَى اَنَّ الْحُرَّ اِذَا اَعْطَى وَعْداً اَوْ عَهْداً، فَاِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ اَنْ يُنَفِّذَ هَذَا الْوَعْدَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَكْتُوباً فِي وَرَقَةٍ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُصَادَقاً عَلَيْهِ، وَاَمَّا فِي اَيَّامِنَا: فَمَعَ الْاَسَفِ: فَاِنَّكَ اَخِي تَرَى مِنَ الْوُعُودِ وَالْعُهُودِ الْمَكْتُوبَةِ رَسْمِيّاً وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهَا، وَمَعَ ذَلِكَ يُحَاوِلُ النَّاسُ الْمُنَافِقُونَ الْمُحْتَالُونَ الْخُبَثَاءُ بِكُلِّ طَاقَتِهِمْ وَجُهْدِهِمْ: اَنْ يَجْعَلُوهَا حِبْراً عَلَى وَرَقٍ، وَاَنْ يَتَمَلَّصُوا مِنْ هَذِهِ الْعُهُود، نَعَمْ يَارَسُولَ اللهِ:{اِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ(قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: كَانَ رَسُولُ اللهِ يُبَايِعُهُنَّ بِدُونِ مُصَافَحَةٍ، وَاَمَّا الرِّجَالُ فَكَانَ يُصَافِحُهُمْ، وَقَالَتْ كَذَلِكَ: مَامَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَاَةٍ اَوْ كَفَّ امْرَاَةٍ لَاتَحِلُّ لَهُ، نَعَمْ اَخِي: فَكَانَتْ مُبَايَعَةُ الرِّجَالِ مَعَ الْمُصَافَحَةِ، نَعَمْ اُخْتِي: وَاَمَّا مُبَايَعَةُ النِّسَاءِ: فَلَمْ تَكُنْ مَعَ الْمُصَافَحَةِ، نَعَمْ يَارَسُولَ اللهِ:{اِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ( فَمَاهِيَ بُنُودُ هَذِهِ الْمُبَايَعَةِ اَوِ الْمُعَاهَدَة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: هِيَ سِتُّ بُنُودٍ{اَلَّا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً، وَلَايَسْرِقْنَ، وَلَايَزْنِينَ، وَلَايَقْتُلْنَ اَوْلَادَهُنَّ، وَلَايَاْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ اَيْدِيهِنَّ وَاَرْجُلِهِنَّ، وَلَايَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ(نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ هِيَ بُنُودُ هَذِهِ الْمُعَاهَدَةِ السِّتَّةِ، نَعَمْ اَخِي: فَلَمَّا قَرَاَ رَسُولُ اللهِ عَلَى النَّاسِ هَذِهِ الْآَيَةَ، جَاءَتِ النِّسَاءُ، وَجَاءَتْ مَعَهُنَّ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ وَهِيَ اُمُّ مُعَاوِيَةَ وَهِيَ امْرَاَةُ اَبُو سُفْيَانَ، فَجَاءَتْ وَهِيَ مُنْتَقِبَةٌ؟ حَتَّى لَايَرَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! لِمَاذَا؟ وَهَلْ نَسِيتَ اَخِي يَوْمَ غَزْوَةِ اُحُدَ! وَمَاذَا فَعَلَتْ بِحَمْزَةَ عَمِّ رَسُولِ اللهِ! وَكَيْفَ بَقَرَتْ بَطْنَهُ! وَاَخْرَجَتِ الْكَبِدَ فَلَاكَتْهُ! فَلَمْ تَسْتَسِغْهُ! فَلَفَظَتْهُ! وَوَضَعَتْ اَمْعَاءَهُ قَلَائِدَ فِي عُنُقِهَا! وَحَتَّى اُذُنَيْهِ اَيْضاً وَضَعَتْهُمَا فِي اُذُنَيْهَا! نَعَمْ اَخِي: فَظَنَّتْ هِنْدُ بَعْدَ كُلِّ هَذَا: اَنَّ ثَاْراً لَايَزَالُ قَائِماً بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَلِذَلِكَ جَاءَتْ مُنْتَقِبَةً مُقَنَّعَةً مُتَخَفِّيَةً بِهَذَا النِّقَابِ الَّذِي وَضَعَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا، فَلَمَّا قَرَاَ الرَّسُولُ الْكَرِيمُ هَذِهِ الْآَيَةَ، قَالَتْ يَارَسُولَ اللهِ: لِمَاذَا لَمْ تُبَايِعْنَا كَمَا بَايَعْتَ الرِّجَالَ،
__DEFINE_LIKE_SHARE__
|