مقال : حيث يوجد احتلال توجد مقاومة _ بقلم دماء الشهداء

محروم.كوم · #1 04-22-2013, 12:50 PM

حيث يوجد احتلال توجد مقاومة

معادلة تفهمها الشعوب الحرَّة ويفهمها حكام الجور والطغيان وتفهمها النخب والمجاميع السياسية. عندما تبتلى الأوطان بطغاة فاسدين وبطانة جشعين فإنَّ أولئك الجائعين المعوزين الذين تضيق بهم سبل العيش الكريم ويشتد الخناق عليهم في حياتهم العادية وتغلق عليهم آفاق الحياة السياسية والإستقلالية الفكرية والإجتماعية يخرجون وينتفضون من أجل تغيير واقعهم البائس.

وإن كانت الشعوب ستصبر ~ لوقت ما ~ على شظف العيش وقسوة الحياة لأسباب طبيعية أو سياسية محلية وداخلة في تشكيل وتركيبة المجتمعات الطبيعية فإنها لا يمكن أن تصبر أو تتعايش مع قوى وحكومة تحتل أوطانها وتجعلها تخضع لإملاءات خارجية وتعمل تحت رحمة الإحتلال وسلطته فتكون مسلوبة الإرادة وفاقدة لحقها في الإستقلالية والحرية وتقرير المصير.

في البحرين، عندما خرج الشعب من أجل أن ينتزع سيادته وحريته عمل على التغيير السلمي وتحقيق مكاسب سياسية واجتماعية جذرية تنتشله مما يعانيه من فقدان الشعور بالمواطنة الحقَّة والتمتع بحقوقه في ثورة بلاده النفطية وعوائدها وأن يحصل على الأمن والسكينة والإستقرار المعيشي والإجتماعي ويستفيد من الفرص التي يجب أن تكون متاحة لكافة المواطنين ويتنافسون على الحصول عليها بما يمتلكونه من كفاءة وجدارة وليس بالمحسوبية والواسطة والعلاقات التجارية والسياسية الفاسدة.

ابتلي شعب البحرين بعائلة ذات جذور ليست بحرانية أتت من شبه الجزيرة العربية في العام 1783 ميلادي واحتلت البلاد بالقوة والمكر وتوطّنت ومكّنت لنفسها وبسطت سيطرتها ونفوذها على البحرانيين مستفيدة من الدعم والتمكين الأجنبي المتمثل في حكومة بريطانيا العظمى التي كانت تحتل نصف العالم آنذاك.

برزت منذ وقت مبكّر قوى وطنية تقاوم الإحتلال وتطالب برحيله، وفي الخمسينات ~ 1954 – 1956 ~ تشكّلت هيئة مشتركة من قيادات سنية وأخرى شيعية عرفت بهيئة الإتحاد الوطني بهدف تجاوز محاولة التفريق وإثارة الإنقسامات الطائفية التي كان يعمل عليها الحاكم المنتدب من جهة الإحتلال الإنجليزي تشارلز بلكريف مع حاكم البحرين الصوري حمد بن عيسى بن علي آل خليفة، وعملت الهيئة على مناهضة سياسات المستشار الإنجليزي بلكريف والمطالبة بحق شعب البحرين في تقرير مصيره وبناء دولته الحُرَّة. حقبة الستينات شهدت انتفاضة مارس الخالدة في العام 1965ضد الإستعمار وشارك فيها الطلاب والعمال بعد قيام شركة النفط بابكو بفصل العمال الوطنيين من الشركة وإحلال العمالة الأجنبية مكانهم، حصل ذلك بينما كانت البلدان العربية الرائدة تشهد حركات تحرُّر منتصرة على المستعمر الخارجي والمستبدّ الداخلي في مصر والعراق والجزائر.

قبيل انسحابها، عملت بريطانيا على تثبيت حكم آل خليفة على البحرين ولكن المشكلة التي كانت تواجهها هي حالة الإنتفاضة والرفض الشعبي لهذه العائلة المجرمة التي سفكت الدماء وانتهكت الأعراض واعتبارها عائلة محتلة لا تمت للأرض بصلة. برزت السنوات الأخيرة من حقبة الستينات مطالبة صريحة من إيران ممثلة في الشاه محمد رضا بهلوي بضم البحرين إليها كجزء لا يتجزء من سلطانها ونفوذها. وأمام الموقف الشعبي المتحرك تم الإتفاق مع الأمين العام للأمم المتحدة على إرسال مبعوث خاص لاستطلاع آراء شعب البحرين ومعرفة موقفه من إيران وما إذا كانوا يرغبون بالعيش تحت الحكم والنفوذ الإيراني أم يرغبون بأن تكون البحرين دولة مستقلة. اختار البحرانيون الإستقلال ~ وهم شعب الكرامة والحرية ~ لكن الذي حصل أن تم فرض آل خليفة عليهم ووعد الشعب بأن يقوم الخليفيون بإصلاحات سياسية وإدارية ويوقفوا قمع الحريات العامة وتم انتخاب لجنة تأسيسية لكتابة دستور يكون بمثابة العقد بين الشعب والحكم الخليفي وبذلك يحصل على شرعيته مقابل ما تفعيل الإصلاحات وإطلاق الحريات. تشكل البرلمان وكتب وتمت المصادقة عليه من قبل عيسى بن سلمان آل خليفة في العام 1973 ولكن مع إصرار الحكومة الخليفية على فرض قانون أمن الدولة ورفض البرلمان له بشدة والتصادم مع رئيس الحكومة خليفة بن سلمان آل خليفة ~ الذي لا يزال في منصبه حتى الوقت الحاضر ~ قام أمير آل خليفة بحل البرلمان وذلك في العام 1975 ميلادي. واستمر هذا الحل حتى الألفية الجديدة وطرح مشروع ميثاق العمل الوطني في العام 2000 لإنهاء انتفاضة التسعينات التي اندلعت في شهر ديسمبر من العام 1994 وحتى 2000 مطالبة بعودة البرلمان وتفعيل العمل بالدستور الذي عطّل منذ حلّ البرلمان. ولا ننسى أن نذكر بأنّ دول الخليج بقيادة السعودية والإمارات تدخلتا في الشأن الداخلي وقامتا بإرسال جنود وآليات لقمع الإنتفاضة ما بين 1995 و 2000.

في حقبة الثمانينات تمّ تفعيل قانون أمن الدولة الذي رفضه النواب المنتخبون من قبل الشعب وكانت أشرس مرحلة عانى فيها الأحرار من هجوم وبطش وتنكيل ونفي خارج البلاد. شهدت هذه الفترة إلى الآن صعود الحركة الإسلامية الثورية والتوعوية إلى واجهة الأحداث وتصدَّرها المشهد السياسي.

وبعد أن نقض حمد بن عيسى الذي صعد إلى الحكم بعد وفاة والدة في 7 مارس 1999 ووعد بالقيام بإصلاحات وقام بالإفراج عن المعتقلين والسماح بعودة المبعدين وأطلق ما سمي بميثاق العمل الوطني واعداً بإعادة البرلمان وتفعيل العمل بالدستور العقدي لعام 1973 وصوت شعب البحرين على الميثاق في 14 فبراير 2001 لكنه عاد في الذكرى السنوية الأولى 14 فبراير 2002 وقام بإجراء تعديلات على الدستور العقدي ومنح نفسه صلاحيات مطلقة وأبعد نفسه عن المساءلة وبذلك فقد ألغى كل اتفاق وعقد بين عائلته الغازية والشعب. وانقسمت المعارضة بين مسايرة الحكم للحصول على بعض المكتسبات وبين من ترى وجوب إكمال المسيرة من أجل انتزاع الحرية وانتزاع المكتسبات السياسية ممن لا يعرفوا إلا لغة القوة والضغط. وخلال عشر سنوات تدهورت الأوضاع المعيشية وضاقت هامش المساحة المتاحة للتعبير عن الرأي وحرية التجمع والتحشيد السياسي إلى أن انفجرت الأوضاع في 14 فبراير 2011 مع هبوب رياح الكرامة والتحرر في محيطنا العربي وتهاوي الأنظمة المستبدة والعميلة واحدة تلو الأخرى.

خرجنا في ثورة غاية في السلمية والتحضُّر بصدور مفتوحة وبهتافات مجرَّدة وبأيدٍ تحمل الورود وتتقدَّم بها ناحية الجنود والعساكر. استمرَّ الخليفيون على نهجهم في القمع وإسالة الدماء ولم يتوقفوا عند هذا الحد بل لجؤوا إلى السعودية التي بادرت بإرسالة جيشها بما لا يقل عن 1500 جندي هي والإمارات بـ 500 جندي من أجل إخماد الثورة بالحديد والنار. الشعب من جانبه رفع شعار إسقاط النظام بعد أن حاول مراراً الوصول إلى حل وسط ومحاولة التعايش مع هذا الجاثوم القابض على صدره ولكنه لم يستطع لأنَّ حكومة آل خليفة تعتقد بأن على الشعب أن يسلّم ويبايع من دون اعتراض ويقبل بسياسة المكرمات.

ومنذ تاريخ 13 مارس 2011 مع بدء دخول القوات الغازية بأغلبية سعودية كبيرة عاشت البحرين تحت سلطة الإحتلال وإدارته الفعلية وخرج الوضع من يد آل خليفة مع توفير الأمريكان الغطاء السياسي والإعلامي للمؤامرة الدنيئة على ثورة اللؤلؤة الكبرى.

وبما أن بلدنا ترزح تحت وطأة الإحتلال السعودي الذي يحاول أن يفرض علينا الإستبداد والعبودية كما يفرضها في شبهة الجزيرة العربية فإنَّ من حقنا كشعب له حق كما لشائر الشعوب في الحرية والإستقلال وتقرير المصير أن يقاوم الإحتلال ويطرده بكافة الوسائل المشروعة.

وحينما يوجد احتلال تنشأ تلقائياً مقاومة لهذا الإحتلال وتنتفي الحكمة والحاجة للحديث عن شعار السلمية لأنَّ في ذلك تجنّ واتهام للثورة ولشعب البحرين واستهانة بتضحياته وحرماته المنتهكة. ولكن يجب أن تطرح شعارات المقاومة وأن نفكِّر جميعاً كيف نقاوم الإحتلال ونتخلّص منه ونفرض إرادتنا ونقرر مصيرنا. وإلى جانب الإحتلال الأجنبي فإنّ الخليفيين يعتمدون على جيشٍ من المرتزقة فلا وجود لجيش وشرطة وطنية في البحرين.

يمكن أن يطرح البعض بدلاً من مفاهيم وشعارات الإستسلام والرضوخ لإرادة المحتل شعار ~ المقاومة المدنية ~ التي تفعّل الجانب الجماهيري وتعتمد عليه في المواجهة ولكن من المستبعد والمقزز أن تطرح شعارات فضفاضة من مثل ~ يجب أن تكون ثورتنا سلمية ~ وكأنّ ثورتنا ليست كذلك وأنَّها ثورة دموية وبأنَّ عليها أن تقف مكتوفة اليدين لتقتل وتذبح بدمٍ بارد ويستباح الوطن أمام ناظريها فلا تقاوم حتى لا يقال عنها أنَّها لم تعد سلمية!

ولا عدوان إلا على الظالمين.

دماء الشهداء

ملتقى شهداء البحرين وضحايا التعذيب
__DEFINE_LIKE_SHARE__

المواضيع المتشابهه
الموضوع	كاتب الموضوع	المنتدى	مشاركات	آخر مشاركة
مقال: ورطة المصطلحات ووهم الوصاية - بقلم : دماء الشهداء	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	04-22-2013 12:10 PM
هل يمكن أن نقبل باستفتاء؟ \ بقلم : دماء الشهداء	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	03-04-2013 02:50 PM
مقال : لماذا تجب محاربة العصيان واستهداف الإقتصاد؟ بقلم: دماء الشهداء	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	01-09-2013 03:10 AM
مقال : لماذا تجب محاربة العصيان واستهداف الإقتصاد؟ بقلم: دماء الشهداء	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	01-09-2013 02:40 AM
مقال : لماذا تجب محاربة العصيان واستهداف الإقتصاد؟ بقلم: دماء الشهداء	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	01-09-2013 02:30 AM