طوال العامين المنصرمين من عمر العمل الثوري الشعبي لم يكن هناك بمقاييس ميزان القوى على الأرض من كسر لإرادة النظام وقوته الأمنية الغاشمة رغم كثرة الفعاليات الثورية وتنوعها، وعدم تغير الموازين في الميدان أفضى كنتيجة تلقائية إلى عدم تغير الموازين في السياسة. الجمعيات السياسية وعلى رأسها الوفاق صفر على مستوى صناعة موازين القوى - وهي بكل أمانة وصدق وحيادية وموضوعية - تقتات على العمل الثوري المخالف لأوامر السلطة وقوانينها، ولولا هذا العمل الثوري على الأرض في حده الأدنى، وفي إبقاء موازين القوى في دائرة التعادل، لكان مصير فعاليات الوفاق التي يحضرها عشرات الآلاف ومئات الآلاف، هو مصير فعالياتهم المقموعة التي تتغيب عنها دائما قيادات الصف الأول، والتي لا فرق بينها وبين فعاليات القرى الشبابية في شيء، بل تتفوق عليها فعاليات القرى بالتحدي والاستمرارية. العمل الثوري الذي كسر موازين القوى على الأرض كان الإضراب الأول الإجباري الذي استنكفت الوفاق من دعمه ولو بكلمة كعادتها في النظر لفعاليات الائتلاف وغيرها من قوى الممانعة، وهذا يعطي الائتلاف حصرية امتياز هذا الإضراب وحصرية استحقاقه ونتائجه، حتى لو كانت الوفاق والجمعيات السياسية ترغب في تثميره لصالحها، فهناك استحالة، لأن إرادة الاستمرار في الإضراب الثاني وفيما هو أكبر من الإضراب من خطوات تصعيدية بيد الائتلاف. من هذا الباب فقط، يمكن قراءة تعيين المدعو سلمان بن حمد ((ولي العهد)) نائبا لرئيس الوزراء للعب على نبرة التسوية بعد سقوط الخيار الأمني بشكل كامل، واتجاه الوضع في سوريا نحو التسوية أيضا حيث الارتباط العضوي بملف السوري وفق المنظور الإيراني للملفين والرغبة الأمريكية في مجاراة الإيرانيين في هذا الاتجاه. لا أستبعد مطلقا بعد الإضراب الثاني إطلاق سراح الرموز بشكل مفاجئ، وجنوح النظام لنبرة التهدئة مع الشارع لا مع الوفاق لتأكيد أن زمام المبادرة بيد ثوار الائتلاف وتيار الوفاء وتيار الممانعة ككل. ننتظر تثميرا من الثوار لنجاحاتهم الميدانية بضبط إيقاع سقف المطالب ومحاورة الأسياد لا الأذناب والأدوات، وهذا يتطلب من تيار الممانعة في الخارج حراكا دبلوماسيا نوعيا لتثمير نتائج عمل الثوار على الأرض. كلمة أخيرة للائتلاف: أخطاؤكم في العامين السابقين في عدم مراكمة العمل الثوري التصعيدي أجلت حصول التوازن على الأرض إلى وقت نجاح الإضراب الأول، حيث زاوجت بين الفعاليات الناجحة والمؤثرة والفعاليات الروتينية والتقليدية والمكلفة على المستوى المادي والمعنوي، فبعد الإضراب الثاني، لا مجال للمراوحة في العمل الثوري، ولا مجال للمزاوجة بين الغث والسمين في الفعاليات الثورية، حيث هناك حاجة استثنائية للتفكير في عمل ثوري تصاعدي يراكم منجزات الإضرابين ويوصل الساحة إلى تحقيق الأهداف الجزئية كالإفراج عن الرموز المعتقلين وبقية المحكومين وصولا للأهداف الكبرى بسقوفها العالية تساوقا مع الحراك الإقليمي اللافت في المنطقة
__DEFINE_LIKE_SHARE__
|