لم يكن الحديث عن الثورة الاسلامية للشعب الايراني امرا سهلا خاصة وانها اندلعت في وقت لم يكن فيه العالم يشهد ثورة الاتصالات ولا شبكة الهواتف المحمولة، فبالرغم من هيمنة ازلام نظام الشاه على الشعب ومقدراته الا ان الشعب الايراني تمكن وبفضل قيادته الحكيمة التي تمثلت بالإمام الخميني الراحل، تمكن من النزول الى الشارع وفرض وجوده في الساحة وارغام رأس النظام الملكي على الاستسلام لمطالب الشعب، فبالرغم من نفي الإمام الخميني الراحل عن الوطن ولعقد ونصف من الزمن الا انه تمكن من التواصل مع ابناء الشعب وبمختلف التوجهات والمشارب وساقهم الى ثورة شعبية ارغمت الشاه على استبدال رئيس حكومته امير عباس هويدا الذي رأس حكومة الشاه لاكثر من احد عشر عاما ليخلفه جعفر شريف امامي رجل المخابرات والدبلوماسية الملكية، لكن بالنهاية لم يستقم الامر معه لاكثر من ثلاثة اشهر واضطر الملك البهلوي الى استبداله بجمشيد اموزكار فلم يؤثر هذا الامر قيد انملة على ارادة الشعب المتواجد في الشارع.
ولذا دعا الشاه المقبور للاستنجاد بقوات الجيش وتكليف الجنرال ازهاري ليترأس حكومة عسكرية تهيمن بالقبضة الحديدية على الشارع حسب تصورات الملك المهزوم نفسيا، هذه النزعات الانتقامية حملت قيادة الثورة الاسلامية وعلى رأسها الإمام الخميني الراحل بالتأكيد للشعب على الحضور في الساحة وعدم الاعتناء للاحكام العرفية وما يسمى بحظر التجول نهارا كان او مساء، النظام جرّب كل المحاولات بدءا من تسمية المتظاهرين بكتلة من المشاغبين واللصوص والسرّاق وزمر السلب والنهب وانهم يرجعون للعصابات المافيا الا ان رئيس الحكومة العسكرية راح يتغاضى عن كل الجماهير التي تعج بها شوارع مدن ايران وعلى رأسها العاصمة طهران ويقول للملك ان هناك حفنة من المشاغبين يقومون بتسجيل اصوات في الكاسيتات وينشرون الرعب بين الناس و يبثوها من اسطح المنازل ليلا، حتى كرّس الشعب هتافاته على نفي اكذوبة الجنرال الذي راهن عليه الملك المهزوم ومن ثم اعترف الشاه بانه سمع صوت ثورة الشعب وسيقوم بتلبية ما يطلبه منه فبدأ بعزل الجنرال ازهاري وصولا الى تكليف شابور بختيار احد ابرز اقطاب معارضة النظام آنذاك، لكن هذه الخطوة هي الاخرى لم تشفع له ولحكومته، وتواصلت قيادة الإمام الخميني الراحل لثورة الشعب الايراني من النجف الاشرف والعاصمة الفرنسية باريس الى الاول من شباط عام (1978) ليعود الإمام الخميني من منفاه الى ارض البلاد ويقود الثورة عن كثب ويسجل تحطيم عرش طالما تباها بعمره الذي طال لاكثر من خمسة وعشرين قرنا ويفسح المجال للشعب ليحكم نفسه بنفسه ويختار النظام الذي يريده، فسلام على الإمام الخميني مفجر الثورة الشعبية في ايران الاسلامية يوم ولد ويوم انتصر على طاغوت زمانه ويوم ارتحل الى الرفيق الاعلى ويوم يبعث حيا، وتحية للشعب الايراني المسلم في الذكرى الرابعة والثلاثين لانتصار ثورته الاسلامية.