بسم الله الرحمن الرحيمالحمدُ لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله الطيّبينَ الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم إلى قيام يوم الدين. تبزغُ علينا شمس عاشوراء أبيةً قد اتّشحت بوشاح العزّة الحسينيّة، وربطت على معصمها عزماً لا يلين أبد الدهر، وتعصبت بعصابة الشهادة القانية، وتجلّى في طلعتها بهاء الأرواح العالية التي سطّرت ملاحم الخلود، وقد كساها نور حسيني أخّاذ تقشعر لعظمته الأبدان وتشغل به عن أنفسها النفوس، تعكس ألقَ كربلاء على صفحة الوجود صوراً لأجساد قُدمت قرابين للإله، وصدى قرآنٍ يتلى، وفكراً دفاقاً لا ينضب، وملحمةً بطولية فاقت كلَ ملاحمِ البشريّة، وخلاصةَ الأنبياء والرسل وحكماء الدهر، وكل ألوان العطاء الخالد الذي لا يمكن سبر غوره . هذا المشهد العاشورائيّ تصدحُ به حناجر الخطباء والرواديد فناً راقياً، حيث تبرز معالم ثورة سيد الشهداء والأحرار وتتشكل آياتٍ من فجائع ممضة تحرق القلوب، فترتشف النفوس العطشى من ماء أبي الضيم إباءً، وتغترف منه لتبرد الأكباد الحرّى؛ فيصوغونها مراسم حيّة لما جرى على الحسين(عليه السلام) وأهله وأصحابه ، تستنهض الجماهير ضد يزيد عصرهم. فخطباء المنبر الحسيني والرواديد هم المبلغون عن لسان سيد البشر وآله الميامين الغرر، هم اللسان الزينبي المسقط لكبرياء الطغاة والمدمر لعروشهم، هم الخطاب السجادي المزلزل الذي ينقض على عروش الجور فيسحقها، هم سنام المنابر الحسينيّة الواعية المؤدية لرسالة عاشوراء، وهم المتصدّرون للمواكب الحسينيّة .هم الذين يجاهدون صابرين على كل الصعوبات، هاجرين النوم والراحة، مركزين كل قواهم لفتح نوافذ مهمة لتدخل منها شمس الطف فتنعش الوجود وتحيي النفوس وتبعث الحياة من جديد . إنهم يحملون أمانة عظيمة وهي أمانة حفظ عاشوراء وصونها عن التحريف وضياع الأهداف. ها هي الذكرى العاشورائيّة الثانية وبلدنا يقاوم حاكماً ظالماً جائراً، لذا فإننا نلتمسُ منَ الخطباء الكرام والرواديد الأعزاء أنْ يقدموا المزيد من عطائهم في المنبر والموكب، وأن يبيّنوا النهج الحسيني في الدفاع المقدّس الشرعي، وأبعاد الثورة الحسينية التي أسقطت الشرعية عن الحكم الأموي الفاسد، فلقد علّمنا سيد الشهداء ما ينبغي فعله في مواجهة الظلم والجور والأنظمة الفاسدة المفسدة، فرغم علمهِ منذ البداية بطبيعة الطريق التي اختارها بيد أنّ الهدف الذي خرج لأجله هو من الأهداف السامية التي لابدّ من التضحية لأجلها، فالإسلام الذي نعيشه قد أحياه أبو الأحرار بعد أن ضحى بنفسه وأولاده وأصحابه في سبيل الله وثار على طاغية ذلك الزمان، فسحق الظلم وتغلب عليه وانتصر الدم على السيف وأسقط كبرياء النظام الأموي ومرغه في الحضيض. إن دافع الإمام الحسين (ع) قد بينه قائلاً : سمعتُ جدي رسول الله ( ص ) يقول: "من رأى منكم سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله ناكثاً لعهد الله مخالفاً لسنة رسول الله يعمل في عباده بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بقول ولا فعل كان حقاً على الله أن يدخله مدخله ". لقد كانت ثورته سلمية مسالمة وتجلى فيها الدفاع المقدّس بأجلى صوره بعد أن رفض بنو أمية السلم واحترام بيضة الإسلام وتعدوا وانتهكوا الحرمات، فقابلهم بأبطالٍ إذا برقت سيوفهم، مطروا حتفاً وما رعدوا.وحكي أنه قال :سأمضي ومابالموت عارٌ على الفتىإذا مـا نـوى حقـاً وجـاهـد مسـلـماًوواسـى الـرجـال الصالحين بنفسهوفـارق مذمـومـاً وخـالـف مجــرمـافإن متّ لم أندم وإن عشت لم أُلمكفـى بـك ذلاً أن تعيـش وتُـرغـمـا وفقنا الله جميعاً للجهاد ومشاركة أبطال الميادين في المسيرات والفعاليات، آخذين بقوله تعالى :" كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ، إِن اللهَ يُحِب الذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنهُم بُنيَانٌ مرْصُوصٌ" سورة الصف / الآيات 2 – 4 اللّهم ارحم شهداءنا الأبرار وثبت لهم قدم صدقٍ عندك يا كريم .صادر عنْ: ائتلاف شباب ثورة 14 فبرايرالرابع منْ شهرُ محرّم الحرام 1434 هـالاثنين 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 م