عَلَمُ الحسين في البسيتين..

[محروم.كوم]

على الوتر
عَلَمُ الحسين في البسيتين..
لميس ضيف

قضيتان كاريكاتوريتان لا يبدو أن قاسماً يجمعهما بيد أنهما في القلب قضية واحدة، قضية أولئك المعتدِّين بنظم معتقداتهم بصورة تجعلهم يتعسفون في رفض سواها.. قضية من لا يقبلون أن تكون مذاهبهم وممارساتهم موضع تساؤل فيما يسائلون -بتعجرف- الآخرين عن مذاهبهم وتصرفاتهم.. قضية وجدان ما استقرت قيمه ومبادئه بعد.. وهي قضية في كل الأحوال -خاسرةٌ- لكل المشتبكين فيها..

الواقعة الأولى مسقطها البسيتين ملكة جمال المحرق سابقاً ''قبل أن تخطف أمواج التاج'' في تفاصيلها شكا مواطن من تكرار تعرضهم للمضايقات والتهديدات والتجريح اليومي بعد أن علقوا علماً كتب عليه ''يا حسين'' كتلك الأعلام الخضراء الخفاقة التي تعلو المآتم.. المواطن ''على لسان قريبه'' شكا تحامل أهل المنطقة وتخاذل الشرطة عن حمايتهم؛ مؤكداً أن سيارة صاحب المنزل ونوافذه قد تعرضت للتخريب المتعمد مؤخراً ولم يحرك العسكر ساكنا رغم علمهم بوجود كوكبة من الرسائل التي تهدد بالمزيد في حال لم ينزعوا العلم!!

الشاكي اتصل يطلب المدد والعون؛ لذا فاجأته على الأرجح حين سألت ببساطة: ولم لا تنزع العلم؟! أعني أن عاشوراء قد انقضى و''حرقنا'' صفر ولا تحاريم اليوم فما داعي العلم!! باغته السؤال فصمت لبرهة قبل أن يجيب بشيء من الحدة: يا سيدتي سألت مراراً الشرطة إن كان ثمة ما يمنع - دستورياً أو قانونياً- وضعي للعلم طوال العام إن أحببت فأجابوا بالنفي..أليس من حق المرء أن يفعل ببيته ما يشاء - والكلام مازال للمتصل- ولا حقّ لأحد أن يحجب هذا الحق..


لهذا المشهد وجهان؛ يمكن المجادلة فيهما من زوايا عدة وإلى ما لا نهاية:
الأول عنوانه السؤال: ما الذي يستفز السكان لو أن أحدهم وضع علماً أخضر أو أسود أو بنفسجياً فوق بيته..؟! علم مأتم أو حتى علم نادٍ رياضي!! ما الذي يجرح مشاعر أحد في ذلك سيما أن المشار إليه من آل البيت الموقرين والمقدرين عند عموم المسلمين سنة وشيعة على حد سواء.. أيستدعي ذلك تخريب الأملاك الخاصة والتهجم على الأفراد وترهيبهم والاعتداء عليهم والدعوة لطردهم من المنطقة والاستنجاد بالنواب وكتابة العرائض!!
المآتم غير مرحب بها في مناطق عدة جراء ما تسببه من ضوضاء بسبب مكبراتها سيما في مواسم التحاريم، وهذا مفهوم جزئيا؛ ولكن هذا علم أخرس فلماذا يؤرق وجوده البعض ويستثير مشاعرهم ويستفزها بهذا الشكل العدائي!!

- ويمكننا المجادلة في الأمر من وجهة النظر الأخرى - وهي مسوغة تماماً كسالفتها- فلماذا يصر مواطن، يقطن منطقة ذات أغلبية سنية، على وضع علم ذي خصوصية مذهبية هو على يقين - سلفاً- أنه سيستفز بعض جيرانه..!!
اعذروا برغماتية الطرح ولكن ماذا سيقدم وضع العلم وماذا سيؤخر.. وأي انتصار يمثله بقاء هذا العلم.. هل يستحق الأمر المواجهة؟! هل يستحق إثارة حفيظة الجيران الذين وصى عليهم الرسول؛ هل يستحق الأمر المغامرة بتوتير العلاقات الهشة بين الطائفتين في المنطقة..؟!

وماذا لو حصل العكس في قلب قرية أو منطقة ذات أغلبية شيعية؛ أكان الأمر سيمر مرور الكرام أم سيصعد بالوتيرة ذاتها أو أكثر.. في الكويت ثارت ثورة الناس بشكل استدعى تدخل القيادة لأن متشددين علقوا لافتة تقول ''عاشوراء يوم فرح'' وهو شعار فارغ لا قيمة له ولكن الناس متأهبة للانفجار وليست بحاجة إلا لشرارة.
الأمر أكبر من علم.. وأكبر من شعار.. ولا أدل على ذلك من قضيتنا الثانية التي لا تقل سماجةً عن سالفتها.


يتبع __DEFINE_LIKE_SHARE__