فلتكن اولى الاولويات هي تحديد الاولويات

[محروم.كوم]

اسقاط الوفاق قبل اسقاط النظام :

طالما ذكرني هذا الشعار بشعار الوهابية (اسقاط ايران قبل اسقاط اسرائيل )، ذلك الشعار الذي يعتبر المثال الاكبر المعبر عن مقولة ( انحراف البوصلة ).
لايهمني كثيرا اي السقفين تعتمد ( اسقاط النظام او اصلاح النظام ) لان المهم اكثر من هذا الشعار هو العمل لتحقيق الشعار، فانا احترم الذي يقول باصلاح النظام اكثر من الذي يقول باسقاط النظام اذا كان يعمل اكثر وبجد اكبر لتحقيق ما يريد رغم ان قناعتي هي اننا لن نتحرر الا باسقاط هذا النظام.

لذلك ان كان هناك من قصور في تحقيق هدفك فهذا يكون بسبب (اولا) قصور لديك وضعف في حراكك قبل ان يكون بسبب عمل الاخرين من اصحاب الفكر المخالف ( والذي عملهم يؤثر عليك حتما)، من هنا ان اردت تحقيق هدفك فليكن همك الاول هو ( كيف ) اجعل عملي وحراكي قوي ومؤثر وبعد ذلك افكر في المشاريع السياسية المخالفة.

هل من الممكن اسقاط الوفاق ؟

كوننا نعيش في عالم مخلوق قائم على الامكان لا الوجوب، فان كل شيئ بالنتيجة ممكن.
لكن السؤال :
لو افترضنا ان مجموعة من الناس استطاعت اسقاط جمعية الوفاق واستطاعت انهاء عملها السياسي، فهل يعني هذا ان الفكر الذي تمثله الوفاق يكون قد انتهى ؟؟
بمعنى آخر لو حدث وسقطت الوفاق الان، الن يترك سقوطها فراغ سياسي !!
اليس الفراع هو مكان قابل للملأ !!
كيف نعرف ان من سيملأ هذا الفراع لن يكون اسوء من سابقه !!
ضعوا في اعتباركم ان اتباع الوفاق ليسوا كلهم اغنام تسير بالعصا، ففيهم من هو مقتنع فعلا انه لا مجال واقعي ومنطقي لاسقاط النظام وهؤلاء يمثلون فكر وقناعة معينة، فان حدث وسقط ممثل فكر هؤلاء فانهم سيسارعون بخلق ممثل جديد لنفس الفكر.
مع ذلك سأفترض اننا سنسقط الوفاق وان الجميع سيكونون معنا، يبقى هناك سؤال مهم :
كم من الوقت ساحتاج لاسقاط الوفاق مع كم من الجهد سأبذل ؟؟
وهل عندما اسقط الوفاق اخيرا سيكون وضع النظام هو نفسه الوضع الذي تركته عليه عندما ادرت له ظهري واتجهت للوفاق!! اليس هناك من احتمال انه وفي حال بدلت الهدف اكون قد قدت للنظام فرصة ذهبية له لتقوية نفسه ومن ثم القضاء علي للابد !!

العمل vs الكلام :

استطيع ان اجلس هنا وفي كل يوم اطرح فكرة جديدة للعمل لاسقاط النظام، مع ذلك سيكون كلامي كله وافكاري كلها بلا فائدة ان هي لم تتبع بعمل يجعلها فعل واقعي محسوس.
فالعمل هو الذي يؤثر في المعادلات وهو الذي يثبت هذا ويلغي ذاك، وجميعنا هنا رآى فيديوات في اليوتيوب وغيره فيها :
شاب يعتقل والناس تصرخ يا منتقم (كلام)
امرأة تضرب والناس تصرخ يا منتقم (كلام)
بيت تنتهك حرمته والناس تصرخ يا منتقم (كلام)

وكلنا رآى ايضا
شاب يعتقل فيجري بقية الشباب لتخليصة فينجو الشاب (عمل)
مناطق على وشك الاقتحام فيتصدى الشباب فيهرب المرتزقة (عمل)
نقاط تفتيش يخرب منها المرتزقة بعد القاء المولوتوف عليهم (عمل)

للاسف نحن نرى زيد وعمرو يسبون ويلعنون الجمعيات مئة مرة في اليوم لانهم يريدون اسقاط النظام لا اصلاحه، وعند اي فعالية لاسقاط النظام نراهم هنا يتابعون الاخبار ويشاركون في الردود وتكرار ( يا منتقم يا منتقم )، فيأتي السؤال ماذا تفعلان في الملتقى يا زيد ويا عمرو واين انتم عن الفعالية، فيجيبوا وهل من المحال المشاركة ونحن في الشارع !!!
لا ادري كيف يستطيع انسان كتابة موضوع او رد طويل وهو في مسيرة غير مرخصة ومن خلال آيفون!! عن نفسي انا حاولت ولم استطيع، لكني ادري انه ان بقي من يريد اسقاط النظام جالس في المنزل لا يشارك في فعاليات اسقاط النظام فان النظام لن يسقط.

ولست ادري ايضا كيف يمكن ان نقنع فلان او علان بالتخلي عن الجمعيات والالتحاق بركب الثوار في الشارع اذا كنا مجرد ابطال كيبورد لا اكثر ولا اقل.


هل يعني ذلك تجاهل الجمعيات وعدم انتقادهم ؟ :

طبعا لا، فهناك جزء مهم من المعركة يقوم على الفكر والقناعة، لكنه ليس الجزء الاهم (الان ) فوقت كون القناعة هي الجزء الاهم في الحراك كان ذلك قبل ان يبدأ الحراك، ولكن ما ان يبدأ حراك ما فان العمل الفعلي على الارض يتقدم في اهميته على القناعة والفكرة، رغم ان الاخيرة تبقى امر مهم.
فالنقد وابطال قناعات الاخرين المخالفين واثبات قناعاتنا هي امور لايجب ان تتوقف طيلة الحراك بل وحتى بعد ان ينتهي، ولكن ستبقى بلا فائدة ان هي وضعت خارج نطاق الاولويات المنطقي، وكما يقال ان الحكمة هي ان تضع الامور في مواضعها الحقيقية.
لنأخذ هذا الملتقى كمثال :
الا ترون معي انه من المعيب في حق الثورة ان يتحول منبعها الى مركز للكلام ( البذيئ احيانا ) وان يطغى النقد والتسقيط فيه على الاعلام الثوري والافكار الثورية !!!

الا ترون معي ان هناك خلل ما عندما لا تتعدى صفحات التغطية اليومية للثورة الاربع صفحات ( رغم وجود فعاليات تجعل التغطية تصل لعشرات الصفحات ) مع علمنا ان هناك الكثير من الجهات الخارجية تستقي معلوماتها من هذا الموضوع !!!
الا ترون معي تفاهة التركيز على نقاش (هل الوفاق خائنة لانها قدمت القهوة للسفير الامريكي او لا ) واضاعة الوقت والجهد على ذلك ؟؟!!

ليست المشكلة في النقد فلننتقد ولنسقط ونعمل ما نريد، ولكن ضعوا الامر نصب اعينكم، فحالما ترون ان النقد اصبح يطغى على الحراك الميداني فاعلموا ان في الامر خطب ما.


الخلاصة :

نحن في ثورة، وثورتنا سقفها عال جدا، وهناك حراك قوي جدا تقوم به الجمعيات يؤثر سلبا على ذلك السقف، ونحن ان بقينا نجهل ما هي اولوياتنا فان الجمعيات ستمضي بخياراتها بينما نحن لا نزال نناقش هنا ( هل الشيخ علي سلمان عميل للحكم ام لا ).
بالعمل نستطيع ارجاع الزخم الثوري، وبالفعل على الارض نستطيع اسقاط كل الافكار والقناعات المخالفة لنا، وهذا ليس مجرد كلام لا اصل له.
فنحن جميعا نذكر كيف استطعنا بالعمل اخذ الدوار، وكيف وعندما ارادت الوفاق ضرب الحراك الثوري حين الغت مسيرتها من جيان للدوار استطعنا بالعمل افشال خطتها وجعلناها تتبعنا بدل ان نتبعها.
فللامر سوابق واقعية وهو ليس مجرد خيال او محاولة خاوية لرفع المعنويات.

هذا ما لدي والخيار لكم ايها السادة. __DEFINE_LIKE_SHARE__