قال الفتح ابن شحرف:"كان سعدون المجنون صاحب محبة لله صام ستين سنة حتى خف دماغه فسماه الناس مجنوناً،لتردد قوله في المحبة ،فغاب عنا زمانا فبينا أنا قائم على حلقة ذي النون رأيته عليه جبة صوف وعليها مكتوب:لاتباع ولاتشترى، فسمع كلام ذي النون فصرخ وأنشأ يقول:
ولاخير في شكوى ألى غير مشتكي...........ولابد من سلوى إذا لم يكن صبر
عن الفضل بن الربيع قال:"حججت مع هارون الرشيد ،فمررنا بالكوفة فإذا بهلول المجنون يهذي ،فقلت:اسكت فقد أقبل أمير المؤمنين ،فسكت،فلما حاذاه الهودج قال:يا أمير المؤمنين حدثني أيمن بن نابل قال :أنبأنا قدامة بن عبد الله العامري،قال:رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بمنى على جمل وتحته رحل رث فلم يكن ثم طرد ولاضرب ولاإليك إليك،قلت :ياأمير المؤمنين:
إنه بهلول المجنون،قال قد عرفته ،قل يابهلول،فقال:ياأمير المؤمنين:
هب أنك قد ملكت الأرض طُرّاً ..............ودان لك البلاد فكان ماذا؟
أليس غداًمصيرك رهن تُربٍ .................ويحثو الترب هذا ثم هذا؟
قال أجدت يا بهلول ،أفغيره؟قال:نعم ياأمير المؤمنين،من رزقه الله جمالاً ومالاً فعف في جماله،
واتقى في ماله ،كُتب في ديوان الأبرار.
قال :فظنَّ أنه يريد شيئاً،قال:فإنا قد أمرنا بقضاء دينك،قال:لاتفعل ياأمير المؤمنين ،لاتقض ديناً بدين،
اردد الحق إلى أهله،واقض دين نفسك من نفسك.
قال: إنا قد أمرنا أن تجرى عليك جراية،قال:لاتفعل يا أمير المؤمنين،لايعطيك وينساني ،أجرى علي الذي أجرى عليك، لحاجة لي في جرايتك".