بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا وحبيبنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام

موضوعي لهذا اليوم هو عبارة عن سلسلة من الأحداث التي تمر على كل مزارع وبالأخص مزارعي العلا فهم يحسبون له الأيام والليالي والأشهر

استغرق مني الجهد والتعب والوقت حيث استغرقت في متابعة أحداثه أكثر من ثمانية اشهر وبالتحديد منذ دخول مربعانية الشتاء الماضي لعام 1431هـ فقد قمت بحمد الله بتصوير جميع مراحله منذ الوهلة الأولى وها أنا اليوم وقد أخذت آخر الصور وتحديدا في يوم الثلاثاء الموافق 20/11/1432هـ وكلي آمل أن يلقى الموضوع استحسان الجميع وأستطيع أن أقدم شي ولو بسيط لأهالي وناسي في محافظة العلا ولكي أعيد شي من الماضي واضعه في الحاضر ويستفيد منه المستقبل

موضوعي اليوم هو (( موسم الجداد )) جني ثمار النخيل

تميز أهالي العلا قديما وحديثا بالعناية بالزراعة خصوصا لفلذة الكبد (( النخلة )) نعم إنها فلذة كبد كل مزارع فلا أبالغ إن قلت بأن الكثير من آبائنا واجدانا يهتمون بهذه المعشوقة حتى الجنون وتوارثنا عشقهم لها جيل بعد جيل كيف لا وقد قال الله تعالى في كتابة الكريم


بسم الله الرحمن الرحيم ))وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ((



وقال تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم ))وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ((

والعديد من الآيات التي ذكرها القرآن بالنخلة



وأيضا السنة النبوية تحدثت عن النخلة بالكثير من الأحاديث النبوية ألشريفه



وفي سنن النسائي وابن ماجة من حديث جابر وأبي سعيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( العجوة من الجنة وهي شفاء من السّم والكمأة من المن وماؤها شفاء للعين ) زاد المعاد لابن قيّم الجوزية .



جاء في كتاب زاد المعاد – في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوس إذ أتي بجمار نخلة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن من الشجر شجرة مثلها مثل الرجل المسلم : لا يسقط ورقها , أخبروني ما هي ؟ فوقع الناس في شجر البوادي فوقع في نفسي : أنها النخلة فأردت أن أقول : هي النخلة ، ثم نظرت فإذا أنا أصغر القوم سنّا فسكتّ . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي النخلة . فذكرت ذلك لعمر . فقال : لأن تكون قلتها أحب إليّ من كذا وكذا



صدق الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام



إذن مما وضعته لكم سابقا يجعلنا نتأمل في هذه النعمة العظيمة التي خلقها الله لنا وانعم بها علينا

في الحقيقة لو قمت بالتكلم عن النخلة من جذورها وحتى سعفها لأطلت عليكم ولن يتسع المجال لذكرها وإنما هنا سأكتفي بموضوع واحد حتى لا أتشعب وكما قلت لكم سابقا هو موسم الجداد أو جني ثمار النخيل

بعد دخول فصل الشتاء وبالتحديد بعد دخول مربعانية الشتاء يبدأ النخيل بالطلع وهي المرحلة الأولى لموسم طويل يمتد قرابة تسعة اشهر تقريبا ويحرص الفلاح في هذه الفترة على سقاية النخيل بشكل ممتاز حتى تكون ثمار النخل أفضل في الحصاد وأيضا يتم تسميدها والاعتناء بها وبعد ذلك بما يقارب الشهر تقريبا تبدأ مرحلة أخرى تسمي مرحلة البار والتي أفردت لها موضوع كامل على الرابط التالي

ملتقى الفريد



وكما يعلم الجميع فإن لكل مرحلة جهد وتعب وعناية خاصة لا بد من الإخلاص بها لأنه في حال إهمال أي مرحلة فربما يكون المحصول غير جيد فكما يتم سقاية النخلة جيدا أيضا توبيرها لا بد أن يكون متقن وإلا لخرج التمر بجودة اقل

بداية طلع النخل










أنا هنا سأتكلم عن اهتمام أهالي العلا بنوع

التمر فتمر البرنيه والحلوة والعنبرة وهما أكثر تركيزا من غيرها
بعد الانتهاء من التوبير تستمر عملية السقاية بشكل جيد


الان تبدأ مرحلة توبير النخل

















بعد ذلك يستمر سقاية النخل وعندها تكبر ح بات البلح ويخرج فصل الشتاء ويبدأ فصل الصيف وهبوب الرياح يبدأ

يتغير لون البلح وتسقط بعض من تلك البلحات وهي لا تزال باللون الأخضر خصوصا عند اشتداد الرياح ويتغير لون البلحة إلى اللون البني تقريبا وتسمى في هذه الحالة (( سديه )) طعمها لا يقاوم أيضا



لم استطيع المقاومه




لوحة تعبيرية



















تبدأ مرحلة تلوين البلح (( الأصفر أو الأحمر )) وعندها يستساغ أكله وطعمه لا يقاوم



هذه البلحات لنخلة الحلوة الحمراء
















بلحات لنخلة البرنية وهي المشهوره في محافظة العلا ومنها يستخرج نوعين من التمر المبروم وابو قشيرة وللاسف مبروم العلا اخذ اسم مبروم المدينة والسبب يعود الى طمع التجار من اجل تنفيقة في داخل وخارج السعوديه









بعد ذلك وعند اشتداد الحر يبدأ التمر بمرحلة الجفاف أو مرحلة تكون التمرة وعندنا في محافظة العلا تسمي (( بالزهوه )) أي تنتصف حبة البلح فنصفها تمر رطب والأخر بلح وتبدأ عندها مرحله بيع الرطب لبعض الأنواع










تبدأ مرحلة مربعانية الصيف وفيها يشتد الحر ويتم قطع الماء عن النخلة حتى تجف ثمارها وعندها تتحول البلحة إلى تمره ناضجة ولكن لم يحن وقت جنيها وجدها بعد ذلك بفترة تقارب الشهرين تقريبا تكون ثمار النخيل قد حان وقت قطافها وقد أصبحت تمرة خالصة ويستدل عليها غالبا من الجنو ( القنو )) حيث يتضح عليه بداية الجفاف


نلاحظ بداية تكون التمر ولكن يبدو عليه بأنه لا يزال رطب






















في تلك الفترة يخرج الأولاد غالبا ومعهم مكاتل التمر ويقومون بجمع التمر الساقط على الأرض وتسمي هذه المرحلة (( الصرب )) أي لقط ما سقط من التمر وكان له أجواء خاصة كنا نقوم من الفجر ونذهب إلى المزارع من اجل أن نتصرب نضل فترة ليست بالقصيرة نجمع التمر وفي نهاية الصرب نقوم بعملية تسمى (( اللقط )) وفيها نقوم بعزل نوعين من التمر النوع الأول وهو الغالي والمطلوب يسمي (( المبروم )) والنوع الثاني اقل جوده وارخص في السعر (( أبو قشيره )) حيث كان في ذلك الوقت أناس يشترون منا مقابل المال وكنا نخرج ولله الحمد الشيء الكثير



هذه تمرة المبروووم كانت كسبيكة الذهب والجميع يبحث عنها










ألان وقد وصلنا إلى الاستواء الكامل للتمر تأتي المرحلة ما قبل الأخيرة وهي حصاد الثمر (( الجداد ))

قديما ولعدم وجود عمال في المزارع كما عليه الوضع ألان كان أهل المزرعة هم من يقومون بتلك المراحل جميعها من الأبوين وحتى اصغر الأولاد فالجميع

طبعا أيام المدارس كان العمل يبدأ من بعد المدرسة تماما وحتى أذان المغرب وأيام العطل من بعد صلاة الفجر وحتى أذان المغرب والجميع في عمل وكد وتعب ووناسه

تأخذ هذه المرحلة وقت على حسب كبر حجم المزرعة وكثر العائلة فنحن في مزرعتنا كنا نأخذ فترة ثلاثة أسابيع إلى أربعة تقريبا

طبعا الأولاد يرقون النخل ويقومون بجد القنوان والبنات والصغار يفرشون الاشرعه علشان تسقط عليها تلك القنوان

وتستمر هذه المرحلة حتى آخر نخله ما بين جد ولقط

كان سابقا يتم وضع التمر في براميل (( هذا وقت جيلي أنا قبل 25 سنه أما ما قبلي فكانت هناك طرق أخرى للتخزين ))


النخل ما شاء الله تبارك الله متحمل بالتمر




























العامل وهو يصعد للنخله

هذه احدى طرق النزول السريع من النخله ولكن يلزمها حرفيه ولياقه ومرونه عاليه





















التمر اللي باللون البني الغامق القريب من الاسوداد هذا يسمى مبروم اما البني الفاتح فيسمى ابو قشيرة او عادي



























هذا هو القنو بعد ان تم اخراج التمر منه



















طبعا ايام الجداد لازم تكون هناك فتراة راحه ونقوم فيها بالتنزه في البستان

ليمون بن زهير وعند اهالي العلا (( المصه ))







وهنا تكون انتهت مرحلة الجداد لنخل البرنيه ويتبقى الحلوة الحمراء والبيضاء ويكون بعدها بفترة

أما الحلوة فحدث ولا حرج فهي اتعب من البرنية في جدها ولقطها وتخزينها حيث تحتاج إلى مهارة عاليه ودقه وصبر

عند جدها يتم فرز التمر الربط من الناشف وكل له طريقته وبعدها يتم وضع التمر في الشمس حتى يكون لين وسهل التخزين فقد كنا نقوم بوضع التمر بما يسمى (( التنك )) وتلك العملية تسمى (( ألحشي )) وهي اتعب شي في الجداد وتتطلب مهارة عاليه ودقه كبيرة حيث إن أي غلطه ستكلف الكثير فعند العشي يجب عدم وضع ماء كثير على التمر حتى لا يخرب

بعد تلك المراحل تأتي المرحلة الاخيره وهي عملية تنظيف النخل والمزرعة من المخلفات

حيث يتم قص الجريد اليابس من النخلة وتسمى تلك المرحلة (( التعديل ))


بعدها يكون قد اقترب فصل الشتاء الأخر وبداية تلك المراحل من جديد

هكذا هي حياة الفلاح فهي حياة مليئة بالعمل والجد والاجتهاد والصبر فالكثير ممن عاشوا في العلا لن ينسوا تلك الأيام حتى ولو بعد مليون سنه وأنا أولهم



اشكر الله واحمد على أن من علي بكتابة هذا الموضوع وتصوير أحداثه وأنا على علم بأن هناك الكثيرين لديهم نفس هذا الموضوع ولكن هو فضل الله علي

الموضوع يحتاج ممن عاشوا تلك الأيام أن يذكروا لنا تجاربهم وان كنت قد نسيت شيئا فذكروني وأفيدونا جميعا وان أزدت في شي فأتمنى أن تبينوا لي ذلك فأنا بشر إن أصبت فمن الله عز وجل وان أخطأت فمن نفسي والشيطان



الموضوع حصري لملتقى الفريد فمن يرغب بنقله فأهلا وسهلا به ولكن بعد ذكر تلك الحصريه للموقع ولي أنا بالاعداد والتصوير



أخوكم المحب : محمد المريزيق