كيف نحول تقرير بسيوني من ورطة إلى فرصة؟!!

محروم.كوم · #1 11-25-2011, 11:30 AM

أبدعت كثير من الكيانات السياسية والدول التي تريد تأكيد نهج استقلالها عن الشرق والغرب في لعبة امتصاص الضغوط وتحويلها إلى فرص أو استراتيجية دفاع طويل الأمد من دون التنازل عن النهج الاستقلالي في الممارسة السياسية والعلاقات السياسية، وكذلك من دون التنازل عن الحقوق!!
وتعتبر دول الممانعة من أكثر الدول إجادة لامتصاص الضغوط الهائلة عليها، عبر إشغال الخصم بتفاصيل هذه الضغوط بحيث تتحول مع الوقت إلى تمارين معتادة من أجل المراس على الأداء السياسي المتفوق في ظل الضغط العالي، مما يرهق الجهات التي تريد استثمار ضغوطها حالا وهي غير قادرة على ذلك، فيجعلها تيأس بشكل كامل من إمكانية تحقيق ما تريده من أهداف!!
إيران نموذجا في ملفها النووي الإيراني: فلو أن إيران ثبتت على ظاهر حقها الذي هو حق لا مواربة فيه في امتلاكها للتقنية النووية السلمية من دون أن تتعاطى مع ما يطرحه الطرف المعادي من أوراق يريد من خلالها السيطرة على قرارها الاستقلالي في إدارة ملفها النووي، ولم تشتغل تكتيكيا على تفاصيل ما يقدمه من أوراق ضغط بحيث تجعل من تنفيذ ضغوطه أمرا غير ممكن في الوقت الذي هو يريد تطبيق هذه الضغوط، لسقطت من أول ضربة حتى مع كونها صاحبة حق!!
والحال أن إيران في الوقت الذي لعبت فيه على تفاصيل الضغوط فذوبتها وجعلتها خاضعة للمدى الزمني الذي تقدره باللعب على ورقة التعاون من جهة والردع واستعراض القوة من جهة، فإنها مازالت تستكمل منظومة قوتها العسكرية الضاربة وتثبت تحالفاتها وتكسب مناطق نفوذ جديدة مع خسارة الأمريكان لهذه المناطق، ما يجعل الضربة العسكربة صعبة جدا ويوصلها في مستقبل الأيام إلى أن تتحول من المستحيلات بعد أن تتحول إيران إلى القوة العظمى الوحيدة في المنطقة!!
وقد أقف عند النموذج السوري في تعاطيه مع الضغوط في وقت لاحق، لكني الآن سأكتفي بالنموذج الإيراني لأصل لما أريده من كيفية التعاطي مع تقرير بسيوني بغية تحويله من ورطة أمريكية تريد إنهاء الثورة في ظل وجود مقدمات وأدوات محلية لديها الاستعداد لذلك، إلى فرصة حقيقية مع المناضلين والمجاهدين المستعدين للذهاب في الصراع مع النظام إلى خواتيمه حتى يتحقق النصر!!
وهنا، يجب لفت الانتباه إلى أمرين خطرين فيما يتعلق بتقرير بسيوني يجعلان من مهمة إبطال مفاعيله المحلية والأقليمية واجبا مقدسا على التيار الممانع (التحالف من أجل الجمهورية) والائتلاف قبل غيرهما!!
الأمر الأول: أن تقرير بسيوني وفق صيغته الحالية التي تجهل مرتكبي جرائم الحرب وتدس مغالطات عن الثوار ذات صبغة طائفية عنفية، سيكون محل اعتماد إقليمي من قبل دول الخليج بوصفه خارطة طريق لا تتكافئ فيها أطراف الحل على غرار ما تم تثبيته من حل ملغَّم في اليمن، وما مباركة السعودية وأمريكا وغيرهما من الدول الأوروبية إلا بداية المشوار في تثبيت نتائج هذا التقرير، مع تغافل تام لتفاصيل الحل السياسي، سواء وفق سقف وثيقة المنامة (المملكة الدستورية) أو وفق سقف إسقاط النظام (الجمهورية)، وهذا أمر يحتاج إلى مواجهة حقوقية وقانونية وسياسية، لا إلى تجاهل وإغفال في ظل واقع معارض غير متضامن ويحمل اتجاهات مختلفة في التعاطي مع الأمور!!
الأمر الثاني: أن التقرير صار محل رهان بعض الجمعيات السياسية وفق ما تطرحه من حلول وسقوف ليست بالضرورة محل التزام جاد من قبلها، بل هي خاضعة للتجزئة والمساومة والأخذ والرد على يبدو وفق سقف مجهول وغير معلوم للجميع حتى الآن، وضمن دائرة تحرك لا تخضع لمسئولية أدبية تجاه الأطراف الأخرى الشريكة في تحديد مستقبل البحرين، حتى مع أسبقيتها في الثورة وريادتها الثابتة فيها، مما يجعل تحويل التقرير إلى مصدر وخلاف وتباين أمر في غاية الخطورة!!

من هذا الباب، أطرح باب الاستثمار الواعي في التقرير على أساس ثوابت إسقاط النظام بالنسبة للائتلاف والتحالف من أجل الجمهورية، وذلك عبر النقاط التالية:
النقطة الأولى: فصل العمل الثوري الميداني والأسبوعي عن مساجلات التقرير، بل تحويل العمل الثوري إلى وسيلة من وسائل تضييق الخناق على المساحات السياسية والأمنية التي يريد الاشتغال فيها هذا التقرير، وذلك عبر الآتي:
1. الانتقال من البرنامج التقليدي الروتيني الذي مازال يعطي القرى مساحات في المواجهة إلى العمل التصعيدي ذي الدلالات والرسائل الواضحة للنظام وحلفائه ومن يغطيه، ومن ذلك: تكرار الاحتجاجات النوعية أمام السفارة الأمريكية والقاعدة العسكرية الأمريكية، ومحاصرة مرافق الدولة الضخمة بالسيارات والشاحانت والدراجات النارية وحتى الخيول مثل المطار ومبنى الحكومة ومبنى هيئتي الإذاعة والتلفزيون، ومراكز الشرطة ومباني وزارة الداخلية والتحقيقات الجنائية، ومبنى قوة دفاع البحرين، وغيرها من المرافق الرئيسية، حتى يغطي التصعيد بالكامل على التقرير ومفاعيله المحلية والإقليمية!!
2. اعتبار مسألة قطع الطرق وحرق الإطارات في الشوارع العامة مادة احتجاجية ثورية يومية وخصوصا في ظل توفر القدرة على التنفيذ المتقن مع اعتماد عنصر المفاجأة، وهذا يتطلب عدم إشعار مرتزقة النظام بوجود تظاهر في القرى لتكون احتمالات معرفتهم بتوقيت تنفيذ هذه العمليات صعبة، وليأخذ الثوار حريتهم في اختيار التوقيت والمكان المناسب!!
3. اعتماد موقع تجمع ثابت إما بديل أو أصيل، ليكون منبرا للثورة، ويفضل في هذا الاتجاه أن يختار الثوار ما داموا قادرين على التواصل السري موقعا ثابتا يذهبون له في توقيت محدد، من ثم يعلن عبر مكبرات الصوت في كل القرى بالتوجه لهذا الموقع!!
4. أن يبتعد الثوار عن السجال مع من يريد الاعتراض على أساليبهم وأدواتهم التصعيدية وأن يتكفل العلماء الكبار والشخصيات السياسية في الخارج مواجهة هذا الأسلوب المدمر عبر استفتاء المراجع في هذا المجال، ودعوتهم المراجع للاتصال بذوي الشأن في البحرين لإيقاف هذا التحريض المضر، مع التأكيد: أن التحريض على الثوار خط أحمر لا يمكن القبول به أبدا، وأنه النقطة التي يمكن أن تكون نقطة افتراق مع من يصر على هذا الأمر، فهناك مساحات للاختلاف في السقف يمكن التسامح فيها، لكن لا تسامح أبدا في تعرية الثوار وكشف ظهرهم، ويجب وأد هذه الظاهرة في مهدها من قبل المعنيين قبل أن تتحول إلى حالة الاحتراب السابقة فتبهت ثورتنا وتسرق منا!!

النقطة الثانية: يجب أن يواجه الحقوقيون والسياسيون في الخارج مسألة تجهيل مرتكبي الجرائم التي ثبتها التقرير عن عمد عبر اتباع مجموعة استراتيجيات:
1. التأكيد على تقديم الشكاوى في محكمة لاهاي من أجل إحراج النظام الأمريكي والدول الأوروبية استنادا لتثبيت تقرير بسيوني للجرائم وتجلية الحقوقيين والقانونيين والمحامين للفاعلين، وبذلك: تكون الضربة مزدوجة بحيث أن ما تم تثبيته كجرائم مجهلة يعمل الحقوقيون على تجليتها استنادا لما لديهم من وثائق وشهادات وتصريحات كبار المسئولين في النظام البحريني، ليكون التقرير قد قدم نصف الحقيقة، والحقوقيون قد اشتغلوا على تجلية الحقيقة كاملة بعد رافعة التقرير التي أوصلتنا للمنتصف!!
2. في حال رفض الأمريكان إدانة أركان النظام الخليفي في محكمة لاهاي، يمكن اعتبار المحاكم الأروربية وسيلة من وسائل الإحراج للنظام الخليفي، حيث لا تخضع هذه المحاكم لنظام الأمم المتحدة، وإصدارها لأي إدانة بحق رموز النظام سيعطي الفرصة الكبيرة لإدانتهم في محكمة لاهاي مع تقدم الصراع على الأرض بين النظام الخليفي والثوار!!

3. كما يمكن اعتبار تجهيل الفاعل من قبل التقرير ذريعة لطلب لجنة تقصي حقائق دولية لكشف الفاعلين والتحقق من تطبيق النتائج المتفق عليها من التقرير وكذلك النتائج والتوصيات غير المتفق عليها، وهذا يعيد النظام لنقطة الصفر من جديد!!
النقطة الثالثة: أما بشأن تزوير الحقائق التي اعتمد فيها التقرير على روايات النظام في ادعائه لممارسة الثوار للعنف الطائفي تجاه الأخوة السنة والوافدين، فيمكن اعتبار ما وصل إليه التقرير ذاته من انتزاع للاعترافات تحت التعذيب وسيلة لدحض هذه التهمة الركيكة وذريعة لطلب لجان دولية للتحقيق الجاد في هذه التهم بناء على ما لدى الحقوقيين من وثائق تثبت عكس ذلك!!

النقطة الرابعة: عدم الالتفات إلى طبيعة الحلول المفروضة من قبل النظام، ولا إلى تفاعل الجمعيات بشكل أو بآخر مع هذه الحلول، وعدم اعتبارها موضع سجال في الساحة، وذلك لسبب وحيد: وهو أن النظام أوكل الحل إلى نفسه، ما يعني أنه لن يكون قادرا بطبيعته الاستبدادية أن ينتج حلا يرضي الجميع، ولو كانت الإدارة الأمريكية تمتلك شيئا من الذكاء، لمسكت هي بطرف الحل والتسوية، لكن أن تسلمها للنظام: فهذا معناه أن ترمي بالحلول التي تريد صياغتها إلى المجهول، وهذا من صالح الثوار وحراكهم الميداني!!
النقطة الخامسة: عدم اعتبار توصل الحكومة والمعارضة إلى حل سياسي - مع شكي في ذلك - سببا لانتهاء العمل الثوري ولمصادرة السقف، بل استغلال المساحة التي يتيحها الاتفاق من حريات لملئها بالاحتجاج، وخصوصا أن الحل يستدعي تصفير كل الملفات العالقة ومنها ملف المعتقلين الذين من بينهم الرموز، حيث سيكون حضورهم في الساحة باعثا على زخم إضافي للثوار ودعم لا متناه لحراكهم الثوري على الأرض، وهذا يجعل حتى الاتفاقات التي لا تناسبنا مصدر استثمار لنا لتحقيق ما نريده نحن لا ما يريده النظام!!
النقطة السادسة: وتتمثل في موارد الاستثمار في التقرير حتى مع مسك الحكومية الحالية للتصرف بتوصيات التقرير، وهنا يجب أن يتوجه الضغط المدروس على الإدارة الأمريكية لتثبيت كذبها وزيف وعودها:
1. دعوتها للضغط على النظام الخليفي للإفراج الفوري عن الرموز المعتقلين وكافة المعتقلين من أبناء الشعب بعد تثبيت التقرير لكونهم معتقلي رأي جاء موقفهم الداعي لإسقاط النظام وإقامة نظام جمهوري جراء استخدام النظام للعنف المفرط ضد المتظاهرين الذي رفع السقف تلقائيا لخيار إسقاط النظام حسب توصيف وتوصية صريحة جاءت في التقرير!!
2. الدعوة إلى خروج قوات الاحتلال السعودي من البحرين وقوات درع الجزيرة بعد أن برأ التقرير بشكل واضح إيران من نوايا التدخل المباشر في شئون البحرين ما يستدعي خروج هذه القوات التي جاءت للبحرين بناء على هذا السبب وهذا التبرير!!
3. دعوة الإدارة الأمريكية للضغط على النظام لتحديد آلية معاقبة مرتكبي الجرائم، عبر الدعوة للكشف عن أسماء المرتكبين ومحاكمتهم محاكمة علنية منتظمة حتى لا يستطيع النظام طي هذا الملف بإيهام الرأي العام بمحاكمات لم تحصل، أو تقديم من لا شأن بهم في الأمر لمحاكمات غير علنية ولا يحضرها المراقبون، مع الدعوة لحفظ حقوق المتهمين بالجرائم بدلا عن النظام من قبيل وجود المحامين وعلنية المحاكمة!!
4. السماح للضحايا الفعليين بالتقاضي بناء على هذا التقرير وأن تكون لهم حرية اتهام من يرون من المسئولين الكبار والصغار، على أن يقوم الحقوقيون في البحرين وخارج البحرين والمحامون في البحرين وخارج البحرين برفع هذه الدعاوى ابتداء في البحرين، فإن رفض النظام، فترفع خارج البحرين، لتكون هذه من إحدى أكبر الصفعات التي يمكن أن توجه للنظام في هذا الصدد!!

سأفصل أكثر في الكثير من النقاط!!
ولكن هذا هو الاستثمار الذي أدعو له، والذي أجزم بأنه قادر على نسف المفاعيل السلبية للتقرير!! __DEFINE_LIKE_SHARE__

المواضيع المتشابهه
الموضوع	كاتب الموضوع	المنتدى	مشاركات	آخر مشاركة
تقرير مصور \\مركز البحرين يعقد مؤتمر صحفي في لندن لمناقشة تقرير بسيوني	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	11-25-2011 03:30 AM
نسيج \| حسن الجابر \| بقى أسبوع بالضبط على تقرير بسيوني، بسيوني حصل منا	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	11-16-2011 10:20 PM
د.عبدالهادي خلف: ورطة البروفيسور بسيوني (2-2)	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	08-15-2011 11:10 AM
عبدالهادي خلف: ورطة البروفيسور بسيوني الجزء الثاني	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	08-15-2011 03:10 AM
عبدالهادي خلف: ورطة البروفيسور بسيوني	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	08-11-2011 01:30 AM