إنضمامك إلي منتديات استراحات زايد يحقق لك معرفة كل ماهو جديد في عالم الانترنت ...

انضم الينا
استراحات زايد الصفحة الرئيسية

         :: متجر بي راقى لبيع اللوحات الجدارية (آخر رد :حسن سليمة)       :: شركة تنظيف مكيفات بالدمام (آخر رد :العنود جابر)       :: شركة تركيب كاميرات مراقبة بينبع (آخر رد :rwnaa_1)       :: المنصات عبر الإنترنت من التقنيات المبتكرة (آخر رد :اسماعيل رضا)       :: برامج الحفظ عبر الإنترنت المرونة (آخر رد :اسماعيل رضا)       :: تطبيق كليك كاش click cash (آخر رد :جاسم الماهر)       :: متجر ساكورا للهدايا: تمتع بتجربة تسوق استثنائية (آخر رد :نادية معلم)       :: التداول والأسهم: دليل شامل لعالم الاستثمار (آخر رد :محمد العوضي)       :: برامج الرشاقة السعيدة (آخر رد :دارين الدوسري)       :: التسجيل في الضمان المطور: خطوة بسيطة نحو مستقبل آمن (آخر رد :مصطفيي)      

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-18-2010, 05:50 PM
عضو ماسي
بيانات محروم.كوم
 رقم العضوية : 503
 تاريخ التسجيل : Dec 2007
الجنس : female
علم الدوله :
 المشاركات : 2,100,613
عدد الـنقاط :3341
 تقييم المستوى : 2139

الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة - مكة المكرمة

عودة جزيرة العرب مروجًا وأنهارًا

بقلم مهندس: جمال عبدالمنعم الكومي
روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة - مكة المكرمة

عودة جزيرة العرب مروجًا وأنهارًا

بقلم مهندس: جمال عبدالمنعم الكومي
روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم : «لن تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا".

الحالة الراهنة لشبه الجزيرة العربية:

وأرض العرب المقصودة في كلام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هي شبه الجزيرة العربية, التي تقع ضمن حزام الصحراء الممتد بين خطي عرض 15ْ, ْ30 شمالي خط الاستواء وجنوبه.


هذه الخريطة مستوحاة من الخريطة التي وضعها الفلكي وعالم الرياضيات اليوناني بطليموس للجزيرة العربية في القرن الثاني قبل الميلاد (المصدر: مجلة الثقافة العالمية العدد 65)


والرطوبة النادرة والجفاف الشديد هما أبرز السمات المميزة للمناطق الصحراوية بصفة عامة, فقد تشهد بعض الجهات الداخلية وخاصة الربع الخالي في شبه الجزيرة العربية سنوات بطولها دون أن تتلقى قطرة مطر واحدة (دكتور صلاح الدين بحيري «جغرافية الصحارى العربية» ص 12,13.), وهذا بدوره يكون له أثر على الغطاء النباتي والزراعي, حيث ينتشر اللون الأصفر ـ لون الرمال القاسية الملتهبة ـ ولا يستثنى من ذلك إلا بعض المناطق الساحلية التي تسقط عليها بعض الأمطار, والواحات المتناثرة بالقرب من الآبار والعيون.

وقد وصف المولى ـ عز وجل ـ بعض أرض العرب وصحرائها, حين قال في كتابه الكريم على لسان سيدنا إبراهيم ـ عليه السلام: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم} (إبراهيم: 37) وهو وصف يدل على حالة الجدب والقفر والجفاف الذي تعيشه شبه الجزيرة العربية منذ عهد إبراهيم الخليل -عليه السلام.

فإذا كانت هذه هي السمات العامة لمعظم أراضي شبه الجزيرة العربية, فكيف يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنها ستصبح أرض مراع وأنهار في آخر الزمان؟! لاشك أن معنى الحديث غريب وعجيب, يصعب على العقل فهمه أو تفسيره.

والمعنى الظاهر للحديث: أن صحراء شبه الجزيرة العربية ستغطيها المروج ـ أي المراعي ـ والأنهار, في آخر الزمان قبل قيام الساعة, وقوله: «حتى تعود» يدل على أنها كانت كذلك في وقت سابق, وأنها ستعود إلى حالتها الأولى, وأن طبيعتها الصحراوية الجافة هي حالة طارئة عليها..

فالحديث في الواقع يتضمن حقيقة ونبوءة وإعجازا خبريًّا وآخر علمياً.

فالحقيقة : أن شبه الجزيرة العربية كانت في الماضي أرضا ذات مراع وأنهار, ثم طرأت عليها الحالة الصحراوية الراهنة..

والمعجزة الإخبارية: أن الأنهار والمسطحات الخضراء ستعود ثانية إلى شبه الجزيرة العربية في آخر الزمان قبل قيام الساعة..

وقد استغرق هذا الحديث أربعة عشر قرنا من الزمان لكي يفهم على هذا الوجه الصحيح, حدث ذلك بعد التقدم الهائل في علوم الجيولوجيا والتاريخ المناخي والفلك وغيرها, وبعد العديد من أعمال الحفر والتنقيب بصحراء شبه الجزيرة العربية, والتي تثبت لغير المسلمين ـ بما لا يدع مجالا للشك ـ صدق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والإعجاز العلمي في هذا الحديث, وسنعرض لهذه الحقيقة العلمية التاريخية والأبحاث والاكتشافات التي تؤكدها, كما سنعرض الدلالات العلمية التي تقيم الحجة والبينة بنبوة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على مَن علم هذا وعرفه.

الحقيقة العلمية: شبه الجزيرة العربية في الماضي "أرض ذات مراع وأنهار"

تؤكد المكتشفات العلمية الحديثة ما قاله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الحديث المعجز, من أن شبه الجزيرة العربية لم تكن صحراء بالمعنى المتعارف عليه حاليا, بل كانت أرضا خضراء تتدفق فيها الأنهار, وتترقرق في بعض نواحيها البحيرات الواسعة, وتنهض في ما أصبح بادية بعد ذلك ـ مدن على حظ كبير من التقدم الزراعي والحرفي.

شبه الجزيرة العربية في الماضي

كان ذلك في مرحلة متقدمة من حقبة جيولوجية تُعرف باسم «الحقبة البليستوسينية كما يقول علماء الجيولوجيا( يقسم العلماء التاريخ الجيولوجي للأرض إلى أزمنة, وفقا للخصائص العامة للحياة في كل زمن, وينقسم كل زمن إلى عصور تبعا لأنواع وأشكال الحياة التي وجدت فيه, والتي تعرف من الحفريات التي ترسبت في طبقات الصخور التابعة لذلك العصر ) «pleistocenc» والتي بدأت قبل أكثر من مليون سنة, وانتهت منذ عشرة آلاف سنة خلت, وخلال هذه الحقبة من الزمن ساد الأرض مناخ بارد وغطت الكتل والمسطحات الجليدية الضخمة الأجزاء الشمالية من أوروبا وأمريكا الشمالية ـ حتى وصل الجليد إلى شمال فرنسا ـ فيما أطلق عليه العصور الجليدية «Glacials» إلا أن الجليد كان يذوب خلال الفترات الأدفأ ـ والتي عرفت باسم «الفترات بين الجليدية Interglacials» ـ فتحسن الأحوال المناخية تسحنا كبيرا(نورمان ويلن ودافيد بيز «أوائل البشر في شبه الجزيرة العربية» مجلة الثقافة العالمية, عدد 59 نقلا عن مجلة (Aramco World, August 1992).).

وكان انتشار المسطحات الجليدية في الأجزاء الشمالية ـ أثناء العصور الجليدية ـ يؤثر في مناخ الأرض فيؤدي إلى زحزحة نطاق المطر إلى الجنوب, فتدخل شبه الجزيرة العربية والصحراء الكبرى بشمال إفريقيا في نطاق الرياح الغربية الممطرة, والتي تهب الآن على غرب أوروبا ـ فيؤدي ذلك إلى أزدهار تلك الصحراوات وامتلائها بالأنهار والوديان الخصبة(دكتور إبراهيم أحمد رزقانة «الجغرافيا التاريخية الطبيعية»: ص 146 بتصرف)

وفي فترات الدفء بين العصور الجليدية تتحرك نُطُقْ الأمطار إلى الشمال فتصبح شبه الجزيرة العربية وشمال إفريقيا ضمن نطاق الرياح التجارية ويسودها مناخ مشابه لمناخها اليوم(تحتل الصحارى العربية الجزء الأكبر من نظام كوكبي يعرف بـ «صحارى الرياح التجارية» Trade Wind Deserts وهو نظام يتسم بالجفاف الدائم.. فالقطاع الفعال من التوبوسفير, مابين 2 ـ 6 كيلومترات فوق سطح البحر ـ وهو القطاع الفعال فيما يتعلق بنشأة الاضطرابات الجوية ـ يشغله حزام متصل من الضغط المرتفع الدائم على مدار السنة, فوق أرض الصحراء والمسطحات المائية على السواء, وكما هو معروف, تقترن حالات الجفاف بصفة عامة بظروف الضغط المرتفع.. وعلى هذا فالصحراء الكبرى والصحراء العربية بوقوعها ضمن نطاق التجاريات تصنف كصحارى مناخية, أي كنتيجة مباشرة لميكانيكا الدورة الكوكبية العامة حول الأرض. بتصرف من «جغرافية الصحارى العربية» 147,149).

واستنادا إلى أبحاث الجيولوجي الأمريكي هال ماكلور ـ في رسالة دكتوراة عن الربع الخالي ـ فإن البحيرات كانت تغطي هذه المنطقة الصحراوية خلال العصور المطيرة (العصور الجليدية) وأنها ظهرت مرتين, الأولى قبل 37000 إلى 17000 سنة, والثانية بين 10000 إلى 5000 سنة خلت (مجلة آفاق علمية, عدد (42): ص 15 ).

البعثات الجيولوجية:

هذه الصورة الزاهية لشبه الجزيرة العربية, بأنهارها الرقراقة, وأشجارها الوارفة, والتي كانت شائعة في الأدبيات التراثية (نبه التراث الأدبي واللغوي العربي إلى ما شهدته شبه الجزيرة العربية من تغيرات مناخية.. فإذا تتبعت أسماء الحيوان عند العرب هالتك تلك الأسماء العديدة لحيوان واحد كالأسد مثلا, وهذا يؤكد أن تلك الأسماء قد تعددت بحكم تكاثر ذلك الحيوان وتواجده بينهم في الأزمنة الغابرة.. وكذلك الأنهار وتعدد أسمائها..






وجاء في تغريبة بني هلال: «إنه لا يخفى على أهل المعارف بأن بلاد نجد كانت من أخصب بلاد العرب, كثيرة المياه والغدران والسهول والوديان, حتى كان يذكرها شعراء الزمان بالأشعار الحسان, وتفضلها على غيرها نظرا لحسن هوائها, وكانت منازل بني هلال من سالف الأجيال ـ وما زالت ـ على رونقها الأول, حتى تغير قطرها, واضمحل عنها الحشيش والنبات, وعمت المجاعة جميع الجهات, ولم يعد فيها شيء من المأكولات حتى صارت أهاليها تأكل الحيوانات...» (تطور مناخ السعودية وأثره على هجرات البشرية) مجلة الخفجي, عدد سبتمبر 1980, ص 25), أصبحت حقيقة علمية الآن بفضل البعثات الجيولوجية الباحثة عن بصمات تلك الأزمنة الغابرة في قلب رمالها.

ومن أكبر هذه البعثات بعثة جيولوجية بقيادة بيتروايبرو من المتحف البريطاني, والتي توجهت إلى دولة الإمارات في أوائل عام 1989, واكتشفت بقايا للحياة الحيوانية تعود إلى أواخر عصر الميوسين, أي إلى حوالي 7 ملايين سنة.

والحيوانات التي عثر بيتروايبرو وزملاؤه على بقاياها حيوانات من رتبة البهيميات (وهي خرطوميات ثديية تعتبر من الأقارب البعيدة للفيلة المعاصرة) وأفراس النهر, وآكلات اللحوم الصغيرة, والجياد, ووحيدي القرن, والسلاحف والتماسيح والأسماك والطيور, وقرود تشبه الماكاك.. وواضح أن كل هذه الحيوانات من أصول حبشية.. ففي حقبة الميوسين كان البحر الأحمر مفتوحا على البحر المتوسط, ولكنه كان مغلقا من جنوبه بجسر بري قائم بين الحبشة واليمن, وفي الشرق كانت شبكة نهري دجلة والفرات تمتد إلى الجنوب أكثر مما هي عليه اليوم, وتشير أنواع الحيوانات التي عثر عليها إلى أنها قد ازدهرت في دلتا هذه الشبكة(مجلة آفاق علمية, عدد (المرجع السابق, ص: 63), ص 14 نقلا عن مجلة «نيتشر Nature» عدد 27/4/1989م ).

التصوير الفضائي:

ومع التقدم الهائل في علوم الفضاء والاستشعار عن بعد, دخلت هي الأخرى حلبة السباق في البحث والكشف عن الكنوز المدفونة في باطن الأرض, مثل الآثار والمياه الجوفية والمعادن وغيرها.

وتستطيع تكنولوجيا التصوير الفضائي والاستشعار عن بعد, إعطاء علماء الآثار فكرة عامة عن الأماكن التي عليهم أن ينقبوا فيها, وهذا ما حدث في أحد أشهر الأبحاث التي أجريت في صحراء مصر عام 1981.

ففي مختبر المسح الأثري الأمريكي بولاية أريزونا الأمريكية, بينما كان الباحثون يحللون جداول معطيات جمعتها أجهزة الرادار المركبة على متن مكوك الفضاء «كولومبيا», أظهرت صور الرادار وجود منطقة تحت رمال صحراء جنوب مصر, وشمال غرب السودان, لا تهطل فيها الأمطار الآن إلا بمعدل مرة كل خمسين سنة, ولكنها تحتوي على مجاري أنهار قديمة كبيرة, بعضها أوسع من نهر النيل نفسه(يرى علماء التاريخ الطبيعي والجغرافيا التاريخية أن أنظمة نهرية تجمعت وتكونت في عصر الأوليجوسين الجيولوجي, وكونتا نهرا كبيرا أطلق عليه اسم «النهر الليبي القديم» أو الأورنيل (جد النيل) وكان يخترق الصحراء الغربية وينتهي بدلتا كبيرة في المنطقة الواقعة بين منخفض الفيوم جنوبا ووادي النطرون شمالا, وتحتوي الرواسب النهرية في هذه المنطقة على بقايا كائنات من النوع الذي يعيش في الماء العذب, مثل التماسيح وأفراس النهر بالإضافة إلى الفيلة, وتعتبر منطقة الفيوم الموطن الأصلي للفيل في العالم. (بتصرف من «مورفولوجية الأراضي المصرية» للدكتور محمد صفي الدين, ص: 50, 51 )!

بعد ذلك بعدة أشهر أثبتت البعثات التي توجهت إلى المنطقة أن أشعة الرادار كانت قد اخترقت الرمال الجافة وانعكست على الأحجار الكلسية الموجودة في قيعان الأنهار (الجافة) على عمق مترين من سطح الأرض, ووجد المنقبون عند شطآن الأنهار التي حددها الرادار أصدافا لأنواع من الحلزون البري الذي لا يمكنه العيش إلا في الأماكن الرطبة المبتلة وفي مناخ استوائي.

والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن المنقبين عثروا على ألوف من الأدوات التي صنعها الإنسان في العصر الحجري, كالفؤوس اليدوية وما شابه ذلك, والتي يعود تاريخها إلى حوالي 200 ألف سنة خلت, وهذا ما جعل العلماء يعتقدون بأن تلك الصحراء كانت رطبة ومأهولة في بعض تلك العصور(مجلة آفاق علمية, عدد (17), ص 32).

وقد أجريت حديثا دراسة مشابهة لشبه الجزيرة العربية, حيث أظهرت الصور الجوية وجود مجرى لنهر قديم عملاق يخترق شبه الجزيرة العربية من الغرب ويتجه إلى الشرق, ناحية الكويت, ويختفي مجرى هذا النهر تحت كميات هائلة من الكثبان الرملية, وأوضحت الصور أيضًا أن مساحة شاسعة من شمال غرب الكويت عبارة عن دلتا لهذا النهر العملاق, ويشير هذا الكشف ـ كما ذكر الدكتور فاروق الباز(جريدة الشرق الأوسط, عدد 27/3/1993 في تحقيق أجري مع الدكتور فاروق الباز, عالم الجيولوجيا والفضاء المصري المقيم بأمريكا) ـ إلى وجود كميات هائلة من المياه الجوفية في مسار النهر القديم وإلى احتمال وجود آثار للإنسان القديم الذي لابد أنه عاش على جانبي النهر في العصور السحيقة عندما كان النهر يجري بالمياه قبل 5000 عام(لمزيد من المعلومات عن آثار الإنسان القديم التي عثر عليها حديثا في شبه الجزيرة العربية, انظر: نورمان ويلن ودافيد بيز «أوائل البشر في شبه الجزيرة العربية» مجلة الثقافة العالمية, عدد (59)).

المكتشفات الأثرية في شبه الجزيرة العربية:

وتدل التنقيبات الأثرية الحديثة على صحة هذه المعلومات, خاصة بعد اكتشاف عدد من المواقع الأثرية هي بقايا حضارات ومدنيات متقدمة, في مناطق هي الآن صحراء جافة!

ففي عام 1834م اكتشفت قلعة على مقربة من عدن, تعرف بـ «حصن الغراب» وبعد إزاحة أكوام الرمال عن أطلال هذه القلعة عثر على قطعة من الرخام وعليها نقش يقول1)

"لقد قضينا دهورا بين أفنية هذه القلعة في عيشة راضية لا يشوبها ضيق أو عسر, وتحيط بنا مياه البحر في حالة طغيان المدّ, وأنهارنا تفيض مندفعة غزيرة, وبين النخيل الباسقات كان حارسها يغرس الرطب الجني على ضفاف الجداول المتعرجة الدافقة بالماء أو الجافة, وكنا نصيد صيد البر بالحبال والغاب, كما كنا نخرج الأسماك من أعماق البحار, وكنا نختال في مشيتنا, رافلين في ملابسنا الحريرية الموشاة عند أطرافها, وثياب سندسية خالصة, وأردية ملونة بخطوط خضراء, وكان الملوك الذين يحكموننا منزهين عن الدناءة, أشداء على أهل الخديعة والغدر, وقد اختاروا لنا شريعة محكمة مستمدة من ديانة هود, وكنا نؤمن بالمعجزات, والبعث, وإحياء الموتى..( سيد مظفر الدين نادفي «التاريخ الجغرافي للقرآن» ترجمة دكتور عبدالشافي غنيم عبدالقادر, ص: 182 ـ 183, نقلا عن كتاب المستشرق (فورستر Forster) الجغرافيا التاريخية لبلاد العرب)».

وهذا الحصن من بقايا حضارة عاد الثانية(عاد من أمم العرب العظيمة البائدة, أسست أقدم مدينة عرفها العالم, وكانت القصور الشامخة والصروح العظيمة أكبر مظهر لتقدمهم, قال تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد} (الفجر: 6 ـ 8) وقد أرسل الله إليهم هودا ـ عليه السلام ـ فكذبوه وكفروا به.. قال تعالى: {وإلى عاد أخاهم هودا قال ياقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره أفلا تتقون قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهه وإنا لنظنك من الكاذبين قال ياقوم ليس بي سفاهة ولكني رسول رب العلمين أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين} (الأعراف: 65 ـ 68) فأهلكهم الله بريح صرصر عاتيه كما قال تعالى: {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية} (الحاقة: 6 ـ 7) وهؤلاء هم عاد الأولى, ونجى الله هودا والذين آمنوا معه, قال تعالى: {ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ} (هود: 58) وهؤلاء هم عاد الثانية), وهو يصور مدى رغد العيش والسعة والتقدم الذي كانوا يعيشون فيه.. وواضح أن هذه الصورة لا تكون في صحراء جافة.

وفي صفحات التاريخ تُذكر العديد من المدن العربية التي ذاع صيتها, وتناقل الرواة الحكايات عن تقدمها الحضاري, ونسجت حولها الأساطير والروايات, ومن أشهر هذه المدن المدينة الأسطورية «أوبار Ubar», ويعد الكشف عن أطلال وكنوز هذه المدينة إحدى المغامرات العلمية المثيرة الرائعة(أنظر مجلة الثقافة العالمية, عدد (65) ومجلة العلم والتكنولوجيا, عدد (29)).

فوجود هذه المدينة وموقعها ظلا لغزا حير علماء الآثار لسنوات خلت, وجعلهم أسرى الشكوك والتكهنات والافتراضات, فتوقعوا مواجهة صعوبات جمة في البحث عن ضالتهم المنشودة, ولكن اليوم, وبفضل تسخير الله أحدث الوسائل التكنولوجية التي تميز بها عصرنا, خصوصا التطور التقني الهائل في مجال تكنولوجيا الفضاء, تمكن العلماء من تحديد موقع هذه المدينة ونفض الغبار عنها, مما جعل عملية الاكتشاف في حد ذاتها, سابقة لا مثيل لها في علم الآثار الحديث.</B>




".

الحالة الراهنة لشبه الجزيرة العربية:

وأرض العرب المقصودة في كلام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هي شبه الجزيرة العربية, التي تقع ضمن حزام الصحراء الممتد بين خطي عرض 15ْ, ْ30 شمالي خط الاستواء وجنوبه.


هذه الخريطة مستوحاة من الخريطة التي وضعها الفلكي وعالم الرياضيات اليوناني بطليموس للجزيرة العربية في القرن الثاني قبل الميلاد (المصدر: مجلة الثقافة العالمية العدد 65)


والرطوبة النادرة والجفاف الشديد هما أبرز السمات المميزة للمناطق الصحراوية بصفة عامة, فقد تشهد بعض الجهات الداخلية وخاصة الربع الخالي في شبه الجزيرة العربية سنوات بطولها دون أن تتلقى قطرة مطر واحدة (دكتور صلاح الدين بحيري «جغرافية الصحارى العربية» ص 12,13.), وهذا بدوره يكون له أثر على الغطاء النباتي والزراعي, حيث ينتشر اللون الأصفر ـ لون الرمال القاسية الملتهبة ـ ولا يستثنى من ذلك إلا بعض المناطق الساحلية التي تسقط عليها بعض الأمطار, والواحات المتناثرة بالقرب من الآبار والعيون.

وقد وصف المولى ـ عز وجل ـ بعض أرض العرب وصحرائها, حين قال في كتابه الكريم على لسان سيدنا إبراهيم ـ عليه السلام: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم} (إبراهيم: 37) وهو وصف يدل على حالة الجدب والقفر والجفاف الذي تعيشه شبه الجزيرة العربية منذ عهد إبراهيم الخليل -عليه السلام.

فإذا كانت هذه هي السمات العامة لمعظم أراضي شبه الجزيرة العربية, فكيف يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنها ستصبح أرض مراع وأنهار في آخر الزمان؟! لاشك أن معنى الحديث غريب وعجيب, يصعب على العقل فهمه أو تفسيره.

والمعنى الظاهر للحديث: أن صحراء شبه الجزيرة العربية ستغطيها المروج ـ أي المراعي ـ والأنهار, في آخر الزمان قبل قيام الساعة, وقوله: «حتى تعود» يدل على أنها كانت كذلك في وقت سابق, وأنها ستعود إلى حالتها الأولى, وأن طبيعتها الصحراوية الجافة هي حالة طارئة عليها..

فالحديث في الواقع يتضمن حقيقة ونبوءة وإعجازا خبريًّا وآخر علمياً.

فالحقيقة : أن شبه الجزيرة العربية كانت في الماضي أرضا ذات مراع وأنهار, ثم طرأت عليها الحالة الصحراوية الراهنة..

والمعجزة الإخبارية: أن الأنهار والمسطحات الخضراء ستعود ثانية إلى شبه الجزيرة العربية في آخر الزمان قبل قيام الساعة..

وقد استغرق هذا الحديث أربعة عشر قرنا من الزمان لكي يفهم على هذا الوجه الصحيح, حدث ذلك بعد التقدم الهائل في علوم الجيولوجيا والتاريخ المناخي والفلك وغيرها, وبعد العديد من أعمال الحفر والتنقيب بصحراء شبه الجزيرة العربية, والتي تثبت لغير المسلمين ـ بما لا يدع مجالا للشك ـ صدق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والإعجاز العلمي في هذا الحديث, وسنعرض لهذه الحقيقة العلمية التاريخية والأبحاث والاكتشافات التي تؤكدها, كما سنعرض الدلالات العلمية التي تقيم الحجة والبينة بنبوة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ على مَن علم هذا وعرفه.

الحقيقة العلمية: شبه الجزيرة العربية في الماضي "أرض ذات مراع وأنهار"

تؤكد المكتشفات العلمية الحديثة ما قاله النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الحديث المعجز, من أن شبه الجزيرة العربية لم تكن صحراء بالمعنى المتعارف عليه حاليا, بل كانت أرضا خضراء تتدفق فيها الأنهار, وتترقرق في بعض نواحيها البحيرات الواسعة, وتنهض في ما أصبح بادية بعد ذلك ـ مدن على حظ كبير من التقدم الزراعي والحرفي.

شبه الجزيرة العربية في الماضي

كان ذلك في مرحلة متقدمة من حقبة جيولوجية تُعرف باسم «الحقبة البليستوسينية كما يقول علماء الجيولوجيا( يقسم العلماء التاريخ الجيولوجي للأرض إلى أزمنة, وفقا للخصائص العامة للحياة في كل زمن, وينقسم كل زمن إلى عصور تبعا لأنواع وأشكال الحياة التي وجدت فيه, والتي تعرف من الحفريات التي ترسبت في طبقات الصخور التابعة لذلك العصر ) «pleistocenc» والتي بدأت قبل أكثر من مليون سنة, وانتهت منذ عشرة آلاف سنة خلت, وخلال هذه الحقبة من الزمن ساد الأرض مناخ بارد وغطت الكتل والمسطحات الجليدية الضخمة الأجزاء الشمالية من أوروبا وأمريكا الشمالية ـ حتى وصل الجليد إلى شمال فرنسا ـ فيما أطلق عليه العصور الجليدية «Glacials» إلا أن الجليد كان يذوب خلال الفترات الأدفأ ـ والتي عرفت باسم «الفترات بين الجليدية Interglacials» ـ فتحسن الأحوال المناخية تسحنا كبيرا(نورمان ويلن ودافيد بيز «أوائل البشر في شبه الجزيرة العربية» مجلة الثقافة العالمية, عدد 59 نقلا عن مجلة (Aramco World, August 1992).).

وكان انتشار المسطحات الجليدية في الأجزاء الشمالية ـ أثناء العصور الجليدية ـ يؤثر في مناخ الأرض فيؤدي إلى زحزحة نطاق المطر إلى الجنوب, فتدخل شبه الجزيرة العربية والصحراء الكبرى بشمال إفريقيا في نطاق الرياح الغربية الممطرة, والتي تهب الآن على غرب أوروبا ـ فيؤدي ذلك إلى أزدهار تلك الصحراوات وامتلائها بالأنهار والوديان الخصبة(دكتور إبراهيم أحمد رزقانة «الجغرافيا التاريخية الطبيعية»: ص 146 بتصرف)

وفي فترات الدفء بين العصور الجليدية تتحرك نُطُقْ الأمطار إلى الشمال فتصبح شبه الجزيرة العربية وشمال إفريقيا ضمن نطاق الرياح التجارية ويسودها مناخ مشابه لمناخها اليوم(تحتل الصحارى العربية الجزء الأكبر من نظام كوكبي يعرف بـ «صحارى الرياح التجارية» Trade Wind Deserts وهو نظام يتسم بالجفاف الدائم.. فالقطاع الفعال من التوبوسفير, مابين 2 ـ 6 كيلومترات فوق سطح البحر ـ وهو القطاع الفعال فيما يتعلق بنشأة الاضطرابات الجوية ـ يشغله حزام متصل من الضغط المرتفع الدائم على مدار السنة, فوق أرض الصحراء والمسطحات المائية على السواء, وكما هو معروف, تقترن حالات الجفاف بصفة عامة بظروف الضغط المرتفع.. وعلى هذا فالصحراء الكبرى والصحراء العربية بوقوعها ضمن نطاق التجاريات تصنف كصحارى مناخية, أي كنتيجة مباشرة لميكانيكا الدورة الكوكبية العامة حول الأرض. بتصرف من «جغرافية الصحارى العربية» 147,149).

واستنادا إلى أبحاث الجيولوجي الأمريكي هال ماكلور ـ في رسالة دكتوراة عن الربع الخالي ـ فإن البحيرات كانت تغطي هذه المنطقة الصحراوية خلال العصور المطيرة (العصور الجليدية) وأنها ظهرت مرتين, الأولى قبل 37000 إلى 17000 سنة, والثانية بين 10000 إلى 5000 سنة خلت (مجلة آفاق علمية, عدد (42): ص 15 ).

البعثات الجيولوجية:

هذه الصورة الزاهية لشبه الجزيرة العربية, بأنهارها الرقراقة, وأشجارها الوارفة, والتي كانت شائعة في الأدبيات التراثية (نبه التراث الأدبي واللغوي العربي إلى ما شهدته شبه الجزيرة العربية من تغيرات مناخية.. فإذا تتبعت أسماء الحيوان عند العرب هالتك تلك الأسماء العديدة لحيوان واحد كالأسد مثلا, وهذا يؤكد أن تلك الأسماء قد تعددت بحكم تكاثر ذلك الحيوان وتواجده بينهم في الأزمنة الغابرة.. وكذلك الأنهار وتعدد أسمائها..






وجاء في تغريبة بني هلال: «إنه لا يخفى على أهل المعارف بأن بلاد نجد كانت من أخصب بلاد العرب, كثيرة المياه والغدران والسهول والوديان, حتى كان يذكرها شعراء الزمان بالأشعار الحسان, وتفضلها على غيرها نظرا لحسن هوائها, وكانت منازل بني هلال من سالف الأجيال ـ وما زالت ـ على رونقها الأول, حتى تغير قطرها, واضمحل عنها الحشيش والنبات, وعمت المجاعة جميع الجهات, ولم يعد فيها شيء من المأكولات حتى صارت أهاليها تأكل الحيوانات...» (تطور مناخ السعودية وأثره على هجرات البشرية) مجلة الخفجي, عدد سبتمبر 1980, ص 25), أصبحت حقيقة علمية الآن بفضل البعثات الجيولوجية الباحثة عن بصمات تلك الأزمنة الغابرة في قلب رمالها.

ومن أكبر هذه البعثات بعثة جيولوجية بقيادة بيتروايبرو من المتحف البريطاني, والتي توجهت إلى دولة الإمارات في أوائل عام 1989, واكتشفت بقايا للحياة الحيوانية تعود إلى أواخر عصر الميوسين, أي إلى حوالي 7 ملايين سنة.

والحيوانات التي عثر بيتروايبرو وزملاؤه على بقاياها حيوانات من رتبة البهيميات (وهي خرطوميات ثديية تعتبر من الأقارب البعيدة للفيلة المعاصرة) وأفراس النهر, وآكلات اللحوم الصغيرة, والجياد, ووحيدي القرن, والسلاحف والتماسيح والأسماك والطيور, وقرود تشبه الماكاك.. وواضح أن كل هذه الحيوانات من أصول حبشية.. ففي حقبة الميوسين كان البحر الأحمر مفتوحا على البحر المتوسط, ولكنه كان مغلقا من جنوبه بجسر بري قائم بين الحبشة واليمن, وفي الشرق كانت شبكة نهري دجلة والفرات تمتد إلى الجنوب أكثر مما هي عليه اليوم, وتشير أنواع الحيوانات التي عثر عليها إلى أنها قد ازدهرت في دلتا هذه الشبكة(مجلة آفاق علمية, عدد (المرجع السابق, ص: 63), ص 14 نقلا عن مجلة «نيتشر Nature» عدد 27/4/1989م ).

التصوير الفضائي:

ومع التقدم الهائل في علوم الفضاء والاستشعار عن بعد, دخلت هي الأخرى حلبة السباق في البحث والكشف عن الكنوز المدفونة في باطن الأرض, مثل الآثار والمياه الجوفية والمعادن وغيرها.

وتستطيع تكنولوجيا التصوير الفضائي والاستشعار عن بعد, إعطاء علماء الآثار فكرة عامة عن الأماكن التي عليهم أن ينقبوا فيها, وهذا ما حدث في أحد أشهر الأبحاث التي أجريت في صحراء مصر عام 1981.

ففي مختبر المسح الأثري الأمريكي بولاية أريزونا الأمريكية, بينما كان الباحثون يحللون جداول معطيات جمعتها أجهزة الرادار المركبة على متن مكوك الفضاء «كولومبيا», أظهرت صور الرادار وجود منطقة تحت رمال صحراء جنوب مصر, وشمال غرب السودان, لا تهطل فيها الأمطار الآن إلا بمعدل مرة كل خمسين سنة, ولكنها تحتوي على مجاري أنهار قديمة كبيرة, بعضها أوسع من نهر النيل نفسه(يرى علماء التاريخ الطبيعي والجغرافيا التاريخية أن أنظمة نهرية تجمعت وتكونت في عصر الأوليجوسين الجيولوجي, وكونتا نهرا كبيرا أطلق عليه اسم «النهر الليبي القديم» أو الأورنيل (جد النيل) وكان يخترق الصحراء الغربية وينتهي بدلتا كبيرة في المنطقة الواقعة بين منخفض الفيوم جنوبا ووادي النطرون شمالا, وتحتوي الرواسب النهرية في هذه المنطقة على بقايا كائنات من النوع الذي يعيش في الماء العذب, مثل التماسيح وأفراس النهر بالإضافة إلى الفيلة, وتعتبر منطقة الفيوم الموطن الأصلي للفيل في العالم. (بتصرف من «مورفولوجية الأراضي المصرية» للدكتور محمد صفي الدين, ص: 50, 51 )!

بعد ذلك بعدة أشهر أثبتت البعثات التي توجهت إلى المنطقة أن أشعة الرادار كانت قد اخترقت الرمال الجافة وانعكست على الأحجار الكلسية الموجودة في قيعان الأنهار (الجافة) على عمق مترين من سطح الأرض, ووجد المنقبون عند شطآن الأنهار التي حددها الرادار أصدافا لأنواع من الحلزون البري الذي لا يمكنه العيش إلا في الأماكن الرطبة المبتلة وفي مناخ استوائي.

والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن المنقبين عثروا على ألوف من الأدوات التي صنعها الإنسان في العصر الحجري, كالفؤوس اليدوية وما شابه ذلك, والتي يعود تاريخها إلى حوالي 200 ألف سنة خلت, وهذا ما جعل العلماء يعتقدون بأن تلك الصحراء كانت رطبة ومأهولة في بعض تلك العصور(مجلة آفاق علمية, عدد (17), ص 32).

وقد أجريت حديثا دراسة مشابهة لشبه الجزيرة العربية, حيث أظهرت الصور الجوية وجود مجرى لنهر قديم عملاق يخترق شبه الجزيرة العربية من الغرب ويتجه إلى الشرق, ناحية الكويت, ويختفي مجرى هذا النهر تحت كميات هائلة من الكثبان الرملية, وأوضحت الصور أيضًا أن مساحة شاسعة من شمال غرب الكويت عبارة عن دلتا لهذا النهر العملاق, ويشير هذا الكشف ـ كما ذكر الدكتور فاروق الباز(جريدة الشرق الأوسط, عدد 27/3/1993 في تحقيق أجري مع الدكتور فاروق الباز, عالم الجيولوجيا والفضاء المصري المقيم بأمريكا) ـ إلى وجود كميات هائلة من المياه الجوفية في مسار النهر القديم وإلى احتمال وجود آثار للإنسان القديم الذي لابد أنه عاش على جانبي النهر في العصور السحيقة عندما كان النهر يجري بالمياه قبل 5000 عام(لمزيد من المعلومات عن آثار الإنسان القديم التي عثر عليها حديثا في شبه الجزيرة العربية, انظر: نورمان ويلن ودافيد بيز «أوائل البشر في شبه الجزيرة العربية» مجلة الثقافة العالمية, عدد (59)).

المكتشفات الأثرية في شبه الجزيرة العربية:

وتدل التنقيبات الأثرية الحديثة على صحة هذه المعلومات, خاصة بعد اكتشاف عدد من المواقع الأثرية هي بقايا حضارات ومدنيات متقدمة, في مناطق هي الآن صحراء جافة!

ففي عام 1834م اكتشفت قلعة على مقربة من عدن, تعرف بـ «حصن الغراب» وبعد إزاحة أكوام الرمال عن أطلال هذه القلعة عثر على قطعة من الرخام وعليها نقش يقول1)

"لقد قضينا دهورا بين أفنية هذه القلعة في عيشة راضية لا يشوبها ضيق أو عسر, وتحيط بنا مياه البحر في حالة طغيان المدّ, وأنهارنا تفيض مندفعة غزيرة, وبين النخيل الباسقات كان حارسها يغرس الرطب الجني على ضفاف الجداول المتعرجة الدافقة بالماء أو الجافة, وكنا نصيد صيد البر بالحبال والغاب, كما كنا نخرج الأسماك من أعماق البحار, وكنا نختال في مشيتنا, رافلين في ملابسنا الحريرية الموشاة عند أطرافها, وثياب سندسية خالصة, وأردية ملونة بخطوط خضراء, وكان الملوك الذين يحكموننا منزهين عن الدناءة, أشداء على أهل الخديعة والغدر, وقد اختاروا لنا شريعة محكمة مستمدة من ديانة هود, وكنا نؤمن بالمعجزات, والبعث, وإحياء الموتى..( سيد مظفر الدين نادفي «التاريخ الجغرافي للقرآن» ترجمة دكتور عبدالشافي غنيم عبدالقادر, ص: 182 ـ 183, نقلا عن كتاب المستشرق (فورستر Forster) الجغرافيا التاريخية لبلاد العرب)».

وهذا الحصن من بقايا حضارة عاد الثانية(عاد من أمم العرب العظيمة البائدة, أسست أقدم مدينة عرفها العالم, وكانت القصور الشامخة والصروح العظيمة أكبر مظهر لتقدمهم, قال تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد} (الفجر: 6 ـ 8) وقد أرسل الله إليهم هودا ـ عليه السلام ـ فكذبوه وكفروا به.. قال تعالى: {وإلى عاد أخاهم هودا قال ياقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره أفلا تتقون قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهه وإنا لنظنك من الكاذبين قال ياقوم ليس بي سفاهة ولكني رسول رب العلمين أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين} (الأعراف: 65 ـ 68) فأهلكهم الله بريح صرصر عاتيه كما قال تعالى: {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية} (الحاقة: 6 ـ 7) وهؤلاء هم عاد الأولى, ونجى الله هودا والذين آمنوا معه, قال تعالى: {ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ} (هود: 58) وهؤلاء هم عاد الثانية), وهو يصور مدى رغد العيش والسعة والتقدم الذي كانوا يعيشون فيه.. وواضح أن هذه الصورة لا تكون في صحراء جافة.


وفي صفحات التاريخ تُذكر العديد من المدن العربية التي ذاع صيتها, وتناقل الرواة الحكايات عن تقدمها الحضاري, ونسجت حولها الأساطير والروايات, ومن أشهر هذه المدن المدينة الأسطورية «أوبار Ubar», ويعد الكشف عن أطلال وكنوز هذه المدينة إحدى المغامرات العلمية المثيرة الرائعة(أنظر مجلة الثقافة العالمية, عدد (65) ومجلة العلم والتكنولوجيا, عدد (29)).

فوجود هذه المدينة وموقعها ظلا لغزا حير علماء الآثار لسنوات خلت, وجعلهم أسرى الشكوك والتكهنات والافتراضات, فتوقعوا مواجهة صعوبات جمة في البحث عن ضالتهم المنشودة, ولكن اليوم, وبفضل تسخير الله أحدث الوسائل التكنولوجية التي تميز بها عصرنا, خصوصا التطور التقني الهائل في مجال تكنولوجيا الفضاء, تمكن العلماء من تحديد موقع هذه المدينة ونفض الغبار عنها, مما جعل عملية الاكتشاف في حد ذاتها, سابقة لا مثيل لها في علم الآثار الحديث.</B>
__DEFINE_LIKE_SHARE__
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:28 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML