ما بين إدوارد بيترزيك وعيسى سلومي هكذا تأسر العصائب المكان والزمان




مقاومون من عصائب اهل الحق(خاص رواسي الناطقين)


علي يحيى‏

تسارعتْ الانتصارات متراكمة متموضعة فوق رؤوس أفكارٍ، كنتُ قد نسجتُها على عَجَل؛ مجاراةً لتوقيتٍ عصائبيٍّ لا يعتمد غرينيتش مرجعاً, تمهيداً لتثبيتها في صفحات أقلامي.
وددتُ الكتابة عن فرادة إنجاز غير مسبوق في لوحة تراجيديا المقاومة العراقية، فرض فيه الدمُ المسفوك قرارَه على سنان السيف, مفرجاً عن أملٍ وعنفوان هو إنْ استُبْدِلَتْ ياؤه(ـيـ) بواو (و)، كان "قوس"نصر تستعرض تحته صفحات بطولات مازال كِتَابُها في فصله الأوّل ,وإنْ استُبدِلَتْ بـ(ا)، "قاس"به المستضعفون بُعْدهم عن أوتوستراد المقاومة، التي بحال أسقطنا دال (د) فوق سينه (س)، كان "قيد"وثيقة ميلاد فَجْرٍ جديدٍ لها، بحلول باء (ـبـ) البيعة ظهر لك "قَبَس"من نور الإسراء، هو فيه عنوان من عناوين "قدس"إنْ تمتْرَسَتْ داله (د)، تنتظر قيساً وأكرم والأحرار، قادةً لفيالق تحريرها.
ولـ"توأم رجال الفتح في لبنان وصيحة الكوفة ـ الدوّتْ ابّيـــروت ـ"كما وصفه الشعر بقلم صانعه، المُصنّف "إرهابي"من وزارة الخارجية الأمريكية؛ لتهديده سلامة واستقرار العراق (عراقهم لا عراقنا), فسيكون له أيضاً مع حِبْر قلمنا لقاء، أرجو أنْ يكون قريباً إلاّ إنْ لم تأسرنا جعبة عصائب المفاجآت بجديدها.

تحرير أمين عام عصائب المقاومة، وفي نفس اليوم الذي تمّ الإفراج فيه عن بيترمور، كما أكّدتْ مصادر عديدة بينها معدّ التقارير بيل روجيو المختص بتقارير مصادرها عسكرية أمريكية, شكّلَ قفزةً نوعيّة، رفعتْ من رصيد إنجازات المقاومة رغم عراقيل واحتجاجات بعض الكليانيات(1)الرجعية الماضوية, لتعطيها نَفَسَاً جديداً، معلِنةً وصولَها نحو القمّة في الاكتفاء الذاتي، خبراتيّاً في إدارة دفّة المفاوضات المضمونة النتائج، (نتائج لن تكون خاتمتها بطبيعة الحال، عشق سرمدي من النظرة الأولى مع الأمريكيين في تركيا).
هو الإنجاز الأوّل الذي يتمّ عراقيّاً عبر صفقة تبادل أسرى ومن مختلف ألوان الطيف العراقي, فكما حرّر حزب الله اللبناني خلال عمليّات تبادل خاض غمارها منذ الثمانينات ثوّارٌ مقاومون أحرارٌ من مختلف الجنسيات والتيّارات الفكرية والمذهبية المتنوّعة, هنا أيضاً أصرّتْ العصائب أنْ تشمل كلّ التراب العراقي (وبعض التراب العربي والإسلامي) احتفالات استقبال الأبطال مُدرجة ضمن قوائم التبادل، مئات من منتسبيها وقياداتها، إضافة لصدريين من خارج إطارها التنظيمي، مقاومين من رفاق درب الفداء في كتائب حزب الله، وأحرار من شركاء الحاضر والتاريخ الإسلامي من مدرسة الشهيد أبا حنيفة النعمان، الذين أفرج عن 5 منهم حتى الآن من تكريت، الرمادي والفلوجة, وآخرون ما زالوا ينتظرون ساعة فجر الحرّية.

لم يستسِغْ عملية التبادل التي تَلَتْ الهدنة المؤقّتة مسؤولون في الاستخبارات الأمريكية, ففي اتصال مع The long war Journal وصف أحدهم برنامج المصالحة بأنّه كان ذريعة لإجراء تبادل الرهائن، محذِّرين من أنّ تلك المجموعة ستعود لـ"الإرهاب"، غضب وعدم رضا عبّر عنه ضابط آخر قائلاً "a deal signed and sealed in British and American blood الصفقة مختومة وموقّعة بالدم الأمريكي والبريطاني", بضع كلمات كانت أفضل توصيف لانتصار صنعه زنْدٌ مقاوِم وعَزْم مُفَاوِض.

لوحة ثلاثية الأبعاد:

حدث التحرير، أدخل نشوة الانتصار في كياني رغم أنّ القطار لم يصل لوجهته النهائية بعد، توقّعتُ ركوداً وخفوتاً في وَهَجِ مفاجآت عمليات الأَسْر التي خُيِّل لي أنّها أخذتْ مداها عصائبيّاً.
أُوْلَى تلك العمليات كانت بدايتها في 03/10/2007، مع محاولة أَسْر السفير البولندي ادوارد بيترزيك، الذي دُمِّر موكبُه تدميراً شبه كامل، أدّى لمقتل أحد حُرّاسه وإصابة السفير بجروح، وأربعة معه بينهم اثنان من مسؤولي السفارة.عملية مسؤول عنها قيادي في "المجموعات الخاصة"بحسب مسؤول أمني عراقي لوكالة الملف برس.

ثانيها كانت عملية أَسْر الجنود الأمريكيين الخمس في كربلاء، (اضطرّتْ العصائب لأسباب ميدانية لتصفيتهم)، المنتمين للكتيبة الثانية مظلاّت، التابعة للفرقة 25 مشاة في 21/1/2007، في هجوم هَزّتْ نوعيَّتُهُ وضخامتُهُ قيادات الاحتلال العسكرية والسياسية.
عملية نفّذها 180 مقاوماً، (رقمٌ يزيد عن تعداد مقاتلي بعض فصائل التخويل مجتمعةً) بالزِّيّ العسكري الأمريكي، استخدموا 25 سيارة دفع رباعي مشابهة لتلك المستخدمة في المواكب العسكرية الأمريــــــكية, ومجهّزين بمسدّســــــــات غلــــوك، بنــــــــادق م ـ 16، بي كا سي، رمّانات هجومية ودفاعية، آر بي جي7، آر بي جي29، بازوكات، مدافع هاون كونادوز مخصّص للأفراد، مدافع هاون من عيار 80 ملم و120 ملم، عبوات تلفزيونية، وعبوات من أحجام مختلفة، صواريخ كاتيوشا قصيرة المدى، صواريخ حيدر، وصواريخ سام 7 للدفاع الجوي.
قُتِلَ في هذه العملية (إضافةً للخمس الذين أقرّ بهم الاحتلالُ )ثمان غيرهم بحسب تقديرات المقاومة، قتلوا عند اقتحام مجلس محافظة كربلاء.

وما اعتقدنا أنّها ثالث عمليات الأسر تلك, أسر 5 بريطانيين في التاسعة من صباح يوم الاثنين، في 29/5/2007, كان بينهم خبير اقتصادي (هو بيتر مور، الذي بلغتْ درجة معاناته أنْ عَذّبَهُ آسروه بتزويده ببلاي ستايشن ولاپتوب في منزل بمواصفات سويت، مزوّد بساتيلايت أيضاً، بعدما نُقل إليه في الفترة الأخيرة، كما نَقَل عنه فرانك غاردنر في الـبي بي سي)، والأربعة الآخرون هم جنود خدموا في الاستخبارات العسكرية في البصرة، حُوِّلُوا لحمايته.
عملية ما زالتْ تفاصيلها طَيّ الكتمان، سوى ما تسرّب بلسان الشيخ أكرم الكعبي عن تنفيذها من 100 مقاوم بعد تدريبهم وتسليمهم "20 سيّارة ذات دفع رباعيّ شبيهة بالسيارات التي تستخدمها القوّات الأمنية, نفّذوا العملية دون خسائر"، (لربّما في الوقت الذي كان الجيشَان البريطاني والأمريكي تحت وقع الصدمة، كان المقاومون يأكلون الشاورما).

أنامل ولمسات إضافيّة:

كانت هذه عمليات الأسر المؤرّخة في رزنامة العصائب، وداخل طاسة عقلي، لكن فجأة ودون سابق إنذار, صدمة أحدثتْ ارتدادات ارتجاجية خلخلتْ انسياب الدورة الدموية في كيان أمّةٍ تنتظر انتصارات جديدة لسبارتاكوس(2), ارتدادات كسرتْ الخفوت عبر تصريح للشيخ أكرم الكعبي لمجلّة "المجلّة"السعودية، في حوار مع نجاح محمّد علي يُعلِن فيه وجود رهينتين أمريكي وبريطاني!
خبرٌ كان مثيراً لشهوة قناة العربية، التي بثّتْ خبراً عاجلاً عنه، فأصبح كوزموبوليتيا(3).

الأسير البريطاني خامس خمسة، أُفرج عن أربعة منهم وبَقِي في جعبة العصائب, هو آلان ماكنيمي، جندي بريطاني خدم في البصرة، ثمّ عمل في شركة أمنية كنديّة GardaWorld, قد يكون حيّاً بحسب صحيفة التيليغراف البريطانية حياة جزم الشيخ جاسم الساعدي المسؤول الثقافي في العصائب وعضو لجنة التحاور مع الحكومة العراقية عنها، بخلوّ جسد الأسير منها، معلناً أنّه جثمان يتمّ التفاوض حوله، كما جاء في تقرير لعبد الواحد طعمة في صحيفة الحياة.

اللغز الأكثر غموضاً وضبابيّةً هو الرهينة الأمريكي، أوّل مَن أفرج عن قطرة من نبعه مسؤولُ العلاقات العامّة السيّد أبو العباس الكربلائي، إنّه الجندي برتبة عريف، والمترجم من أصل عراقي أحمد قصي ، من سكّان آن آربرور في ميشيغان.
اسم مألوف، تداولتْه صفحات تشرين الأوّل سنة 2006، بعد اختفائه في الثالث والعشرين منه في منطقة الكرّادة، قرابته لـ انتفاض قنبرأحد مؤسّسي "المؤتمر الوطني العراقي"، وهو خاله، رفع من أَسْهُم آسِرِيْهِ في بورصة حكومة العراق، أسهماً إضافية في بورصة البنتاغون، ضاعفتْ من قيمته التي يمكن تلمّسها في صورٍ التُقِطتْ له في احتفال فخري خاص قبل أسبوعين تحديداً من أَسْرِهِ في التاسع من تشرين الأوّل، مصافحاً الباشتوني الأصل والمشارك الرئيسي بوضع خطط وإستراتيجية الحرب على العراق واحتلاله, السفير الأمريكي فيه، المازوشي(4) زلماي خليل زاد، الذي تبيّن أنّه مترجمه الخاص ضمن مهامّه كمترجم خاص للسفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء.
صورة أخرى أيضاً تجمعه في نفس المناسبة مع مجموعة من الكليبتوقراطيين(5) العراقيين الجدد.

أهمّية ضاعفتْ من مستلزماته الأمنية، وفرضت عليه تغيير اسمه لجيوفان(Giovanne)، اسم لم يسعف في ترقيع الثغرة طويلاً.
الجنرال وليم كادويل المتحدّث باسم الجيش الأميركي أعلن حينها في لقاء مع صحافيين أنّ هذا الجندي البالغ من العمر 41 عاماً "خُطِفَ الاثنين الماضي بعملية نفّذها مسلّحون سحبوه في موكب من 3 سيارات، بعد أنْ غادر المنطقة الخضراء من دون إذن لزيارة أقرباء له في العاصمة"و "إنّه قَدِمَ مع الجيش للعمل كمترجم فريق إعادة الإعمار العسكري، وفي الطاقم الأميركي".
متحدّث آخر باسم قوّات الاحتلال هو القيادي في البحرية الأمريكية دايفيد راسل، أكّد التزام الجيش بإعادة مفقودهم.

عملية بَحْث مرعبة، أُعطيتْ الأوامر لها، 2000 جندي أمريكي و1000 جندي عراقي بحسب مجلة التايم الأمريكية، انتشروا على مدى 10 أيّام في الضفّة الشرقية لنهر دجلة في بغداد، مطوّقين أبناء مُدُنْ الحرمان في مدينة الصدر، لينفّذوا 51 عملية تفتيش ومداهمة. جندي أمريكي قُتل و8 آخرين جُرِحوا بحسب كالدويل نفسه، الذي أكّد أنّ المداهمات أتتْ بعد "معلومات استخبارية موثوقة", معلومات تبيّن تهافتها ليتمّ اعتماد مكافأة مالية من 50 ألف دولار لِمَنْ يُدْلِي بمعلومات عنه.
(عملية البحث هذه ذكّرتْني بأوامر أصدرها بيل كلينتون في 18/7/1996 لخمس قطع حربية أمريكية، على متنها 4 آلاف جندي من مشاة البحرية -المارينز بالتوجّه إلى سواحل دولة خليجية، بعد ورود معلومات عن وجود الشهيد الأسطورة عماد مغنية فيها على متن سفينة اسمها "ابن طفيل").

فجأة مجموعة تُسمِّي نفسها "كتائب أهل البيت عليهم السلام" تبثّ فيديو مدّته 10 ثوان للجندي العريف، سرعان ما عرضتْه بضع قنوات كالسي أن أن, بدا فيها شاحب الوجه, متقلّص الحجم.
في 22/7/2008 وبمناسبة ميلاده ال43 أعادتْ القناة السابعة الأمريكية تسليط الضوء عليه في مقابلة مع ليندا رايسي زوجته الأمريكية الأولى ل4 سنوات قبل طلاقهم.
في الشبكة العنكبوتية بعض مجموعات التواصل الاجتماعي ما زالتْ تنشط مذكِّرة به كمجموعة في الفايس بوك (Facebook) بعنوان "Free Prisoner of War in Iraq - US Army Sergeant Ahmed Qusai al-Taayie- أنقذوا سجناء الحرب في العراق ـ العريف في الجيش الأمريكي أحمد قصي".

إنقاذ جزم قيادي في العصائب في اتّصال مع الصحفية سؤدد الصالحي لحساب وكالة رويترز في 10/2/2010، أنّ أوانه قد فات، وأنّ العصائب تفاوض حول جسده الذي حصلتْ عليه من "منظمة مسلّحة أخرى".

إتقاناً في إجادة الصدمات الكهرومغناطيسية ،خبر في 3/2/2010 نقله الصحفي عبد الرحمن الماجدي في إيلاف، عن برلماني عراقي وصف نفسه بالمستقلّ، يشير لأسْرِ ضابط أمريكي كبير في جانب الكرخ من العاصمة بغداد!(تساقطتْ فجأةً على هول المفاجأة بضع شعيرات من رأسي، أقمتُ لها مراسم وداع تليق بها).
كان رسو تحليلي مؤقّتاً حول اشتباه مَن صاغ الخبر؛ لمعرفته المستجّدة بخبرٍ أوردتْهُ قناةُ العربية قبلها بيومٍ نقلاً عن الشيخ أكرم الكعبي بوجود أسيرين، أحدهما أمريكي ما زال مجهول الهوية إعلاميّاً, قد يكون أحدث نوعاً من الالتباس، لكن عَرَضَ موقعُ "عراق المقاومة" شريطَ فيديو للأسير الطازج، أظهر اختلافاً جذريّاً في بنيته الجسدية، وملامح وجهه عن الأسير الأمريكي السابق أوضح الصورة.

عمليّات الأسر بالزند العصائبي أصبحتْ كشرب البيبسي لسهولتها، فما فشلتْ فيه فصائل قناة الجزيرة والرافدين لسنوات سبع، سجّله أبناءُ الشهيدين الصدرين ماركةً وختماً عصائبيّاً محفوظةً حقوقه في عراق الميزوبوتاميا(6).
بدأ اللسان يفلتْ عن عقاله، في خبر عاجل لشبكة أن بي سي الأمريكية، نقلاً عن بيان وُزّع من وزارة الدفاع الأمريكية يفيد باختفاء المتعاقد مع الجيش الأمريكي عيسى سلّومي (Issa Salomi)، البالغ من العمر 60 عاماً من ال كاجون بكاليفورنيا في 23/1/2010.

باستخدام محرّكات البحث غوغل، ياهو، وبينغو، كانت نتائج البحث حول معلومات عامّة عنه شحيحة، فعلى المستوى الشخصي بضع أسماء لأفراد من عائلته في موقع 123 People الإلكتروني، منى (Muna) دولة (Dawlet) كلود (Claude) ونونا(Nuna).
بمزيد من الإبحار في عالم محرّكات البحث يتبيّن أنّه رئيس لشركة Zooma Enterprises, شركةٌ واجهتْ عقوبات مالية ومشاكل سابقة بعد بيانات خاطئة حول تصدير بعض المعدّات الطبّية للعراق خطأ، كانت كلفته غرامة من 32 ألف دولار.
أضحى شريط فيديو الأسير ضيفاً متنقلاً بين قنوات الإعلام العربي والعالمي, أسير ظلّله اسم عصائب أهل الحق، وعنوانها بالخط العريض ليكون ناطقاً بشروط قلم المقاومة.

بدأتْ المعلومات رغم قلّتها تتسرّب "عملية الاختطاف الجديدة تمّتْ خلال استدراج المختطف، وجاءت ردّاً على اعتقال عدد من قيادات العصائب قبل أسبوعين من قِبل قوّات الاحتلال"، أعلن مسؤول عصائبيّ لصحيفة الشرق الأوسط في 9/2/2010، قيادات كانت قد سرّبتْ مصادر المقاومة قبل ذلك بأسابيع أنّهما قياديّان من قيادات العصائب, يُضاف لهذا توتّراً كان قائماً نتيجةَ مماطلة في تنفيذ الجزء الأخير من الصفقة والإفراج عن 200 مقاوم.

الهدنة الهَشّة أصبحتْ في غرفة العناية الفائقة، توتّر تسارع تصاعدُهُ مجدَّداً مع الحكومة العراقية وقوّات الاحتلال، وبقي تفجّره رهْنَاً بمعطيات تحدّدها خطوات لعبةِ الشطرنج.
لم تكد تمرّ 5 أيّام حتى بدأتْ شروط العصائب للإفراج عن سلومي، تجد صداها, وسرعان ما اشتعل فتيل مدفع صياغتها واقعاً ميدانيّاً، حين أعطى وزير داخلية العراق جواد البولاني في 11/02/2010 مهلة أسبوع لـ250 من عناصر بلاك ووتر لمغادرة العراق؛ محاوِلاً مراعاة ثاني شروط العصائب للإفراج عن سلومي، والذي جاء فيه طلب "محاكمة شركة بلاك ووتر الذين ارتكبوا جرائم ضدّ الشعب العراقي وإرجاع حقوق ذويهم وتحقيق العدالة من خلال معاقبة الجُناة الذين قاموا بهذه الجرائم". طلبٌ عَلّق عليه مسؤول أمريكي للـواشنطن بوست قائلاً:"رحيل مفاجئ سيكون لطمةً قويّةً للسفارة في وقت حسّاس بعد خطف مقاوِل أمريكي في بغداد الشهر الماضي".

بلاك ووتر وإكس إي:

بلاك ووتر التي وصفها الصحفي الأمريكي جيريمي سكاهيل بأنّها أخطر منظّمة سرّية مسلّحة في التاريخ الحديث, مهمّاتها عابرة للحدود الكونيّة, فهي بحسب مجلّة "ماذر جونز" تولّتْ تدريب القوّات الخاصّة للنظام الأردني، الذي يعيش ضمن حنانه منظر القاعدة أبو محمّد المقدسي وأستاذ الزرقاوي, إضافةً للسيد المقاوم تنظيريّاً (ضدّ الأمريكيين في العراق فقط، لا قرب منزله في الأردن) السيّد ياسر الزعاترة.
تقارير أخرى أوردتْ معلومات عن دور لها في تنفيذ مهمّات لصالح الاستخبارات الأمريكية في المناطق القبلية الفاصلة بين أفغانستان وباكستان.
لكن البروز الأوّل لها إعلاميّاً كان عراقيّ المَولِد، حين ارتكب عناصرها مجزرة في أيلول من عام 2007 وسط بغداد، راح ضحيّتها 17 شهيداً, ما دفعها لمحاولة التملّص منها عبر تغيير اسمها لـ"Xe-إكس إي".
عملية تجميل لعنوان لم يرقّع مضمون أغرقتْه الدماء، مضمون بعض ما فيه استوردتْ عناصره لخبرات سابقة لهم أثناء عملهم ضمن شركات أمنية سلّحها الجيش الأمريكي في كولومبيا لضرب المعارضة، تحت حجّة مكافحة المخدّرات، عبر ما يُعرَف بخطّة كولومبيا, ما يؤدّي لهروب 300 ألف ومقتل 3000 سنويّاً.
شركات أمنية وميليشيات مشابهة شكّلتْ جيش احتياط أمريكي أقلّ كلفة وقدرة؛ للتملّص من البيروقراطيا التنظيمية، وأكثر خبرة ووحشية لم تقتصر على كولومبيا فقط، بل كانت متنقّلة من نيكاراغوا التي قمع فيها قمع اليسار (وبتمويل وهّابي سعودي)، ما أوقع مئات الآلاف من الشهداء والجرحى، لم يتوقّف سَفْك دمائهم إلاّ بتنصيب العميل سوموزا، إلى غواتيمالا وغيرها.

مزيد من التفاصيل تجدونها في كتاب نعوم تشومسكي (الدولة المارقة).

ما بين 1982 و2010 طلاّب نصرٍ جمعهم لحنُ المقاومة:

أعادتنا عقارب ساعة العصائب عكسيّاً نحو العصر الذهبي لأسر الجنود والرهائن الغربيين في لبنان، ما بين 1982 و1986, سنواتٌ نفّذ فيها حزب الله 51 عملية أَسْر، و8 كانت من نصيب حركة أمل، كما أورد الصحفي الصهيوني روني برغمان في كتابه "الحرب السرّية مع إيران"، منها:
-عمليّة أَسْر عضو مشاة البحرية الأميركية (المارينز) الكولونيل وليام هيغنز وقتله (بعد أَسْر الشيخ عبد الكريم عبيد من كوماندوس صهيوني).
-أَسْر الفرنسي روجيه أوك ليُفْرَج عنه لاحقاً بعد تحرير العديد من الرهائن الإيرانيين واللبنانيين من فرنسا، والتعهّد بطرد منظمة (مجاهدي خلق).
-أَسْر الكولونيل وليم بكلي، رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في بيروت.
وغيرها من العمليات التي لم تقتصر داخل الحدود اللبنانية، كما لم تكن السماء بعيدة عنها أيضاً بعد عمليات خَطْف الطائرات التي كانت ساحتها جهات العالم الأربعة.

كلمة أخيرة:

نترك عصائب مقاومة الاختلال كما وصفها الكاتب محسن ظافر غريب في مقال بعنوان "عصائب مقاومة وSILJANDER"،لمواجهة الاحتلال والاختلال عبر جبهات عديدة، هي عسكرية، أمنية، سياسية، إعلامية، نفسية وإقطاعية،إقطاع سلاحه نهج الـ(أنا) يسلّط بنادقه على نهج المنهج والفكر، نرجو أنْ يجمع ما بين النهجين مصلح عند منتصف الطريق لا وسط الأوتوستراد, تفرّغاً لمواجهة ما سبق.

تحية كوزموبوليتة

_______________________

(1) الكليانيات: كيانات استبدادية إلغائية.
(2) سبارتاكوس: مجالد روماني خاض ثورة ضدّ مستعبديه وهزمهم في معارك عديدة.
(3) كوزموبوليتيا: عالمي، متعدّد الثقافات.
(4) المازوشي: الشخص الذي يغلب عليه الغلظة وحبّ الدماء.
(5) الكليبتوقراطيين: نمط الحكومة الذي يُراكِم الثروة الشخصية والسلطة السياسيّة للمسؤولين الحكوميين والقلّة الحاكمة، الذين يكونون الكربتوقراط.
(6) ميزوبوتاميا: مصطلح من أصل يوناني، يعني (بلاد ما بين النهرين).

http://rowasialnatqen.com/197.htm