برغم وجود اهتمام دولي بحقوق الانسان فان هذه الحقوق تنتهك يوميا من قبل الانظمة القمعية كالنظام الخليفي البحرين، لسبب بسيط انها تسيطر على مفاصل المؤسسات الدولية المسؤولة عن التشريع والتنفيذ. صحيح ان اغلب دول العالم وقعت الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي اقرته الجمعية العامة للامم المتحدة في 1948 ولكن غياب آليات الرقابة على مدى التزام هذه الدول يجعلها في مأمن من العقوبة عندما تنتهك حقوق مواطنيها. وقد نشط شباب البحرين في مجال الدفاع عن حقوقهم، واستطاعوا التواصل مع المنظمات والاجهزة الدولية المعنية بهذه المسألة، ولكنها تقف عاجزة امام اصرار الحكم الخليفي القمعي على انتهاك حقوق ابناء البحرين بشكل منهجي، لعدم خشيته من معاقبتها دوليا، بسبب التحالفات مع الدول الاخرى وعدم توفر الحماس لمطاردة الانظمة من هذا النوع. وفي البحرين، هناك معوقات عديدة تمنع مطاردة العائلة الخليفية لما ترتكبه من جرائم بحق المواطنين. ومن ذلك ما يلي:
1- غياب الارادة الدولية لمراقبة مدى تنفيذ الدول التزاماتها التي تفرضها المعاهدات والاتفاقات التي تحمي حقوق الانسان. فحتى اذا وقعت الدول هذه العهود الدولية، فانها لا تلتزم بها ولا تشعر ان عدم الالتزام سوف يؤدي الى معاقبتها دوليا. وما لم تتوفر آليات دولية فاعلة على غرار محكمة الجنايات الدولية فستظل الانظمة القمعية كالنظام الخليفي في البحرين مستمرة في الانتهاكات بدون توقف، كما يحدث الآن.
2- ان الحاكم الحالي قنن التعذيب وسوء المعاملة بطرق شتى. ومن ذلك: اصدار القانون السيء الصيت رقم 56 للعام 2002 الذي يوفر حماية رسمية للمعذبين، تجاهل استغاثات ضحايا التعذيب سواء في الحقبة الماضية ام في العهد الحاضر، فلم يسمح الخليفيون بتقصي الحقائق في كل الادعاءات بوجود التعذيب، بل عمدوا لمعاقبة من يدعي تعرضه للتعذيب على ايدي جلاوزة النظام.

3- ان الحكم الخليفي انتهج سياسة التضليل والتشويش في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان، فتبنى لغة المعارضة وغير لغته الرسمية لتصبح اكثر توافقا مع مصطلحات العصر ازاء حقوق الانسان والحقوق السياسية والمدنية. ادخل النظام هذه المصطلحات في لغته السياسية وافرغها من مضامينها جملة وتفصيلا، فاصبحت ابواقه تتحدث عن حقوق الانسان بلغة لا تختلف كثيرا في مفرداتها عن لغة المعارضة، واوهم المنظمات الحقوقية بانه اصبح اكثر اهتماما بهذه القضايا، واقام علاقات مع تلك المنظمات عن طريق عملائه.
4- انه اسس منظمات تعنى بحقوق الانسان من وجهة نظره، مهمتها الدفاع عنه امام المحافل والمنظمات الحقوقية الدولية، ومولها ووضع لها سياسات تسهل مهمتها، وتظهرها بقدر من المصداقية، بان تتطرق للقضايا الحقوقية المحلية باساليب توحي بجديتها ولكن مع ابعادها في الواقع عن الوضع الداخلي. فهي تشجب بعض الممارسات بلغة تبدو محايدة وتمدح سياسات النظام بما يوحي بوجود سياسة رسمية تحترم حقوق الانسان.
5- على مدى السنوات الخمس الاخيرة قام النظام، من خلال عرابيه المحليين والاجانب، بالتواصل مع الجهات الحقوقية الدولية لتخفيف حدة التشنج. وفي بعض الحالات الموثقة، قام الخليفيون برشوة بعض موظفي تلك المؤسسات في مقابل تخفيف الضغط على النظام وتقليل البيانات التي تشجب سياساته. ومما يؤسف له ان بعض المنظمات الحقوقية المرموقة وضعت ضحية هذا الفساد الرسمي، ولكن بشكل غير محسوس. هذه المنظمات ليست مطالبة بمدح الحكم الخليفي، بل بتقليل البيانات التي تشجب سياساته، فبدلا من اصدار عشرة بيانات تشجب سياساته القمعية وانتهاكات حقوق الانسان، تقوم هذه المنظمات باصدار بيانين خفيفين مثلا، وبالتالي يخف الضغط الدولي على النظام الخليفي القمعي.

6- استهدف الحكم الخليفي النشطاء الحقوقيين والسياسيين على نطاق واسع، وقام بتحريك ابواقه لاستهدافهم اعلاميا، لتقليل وهج ما يقومون به وتهميشه. ويشعر النشطاء بخوف متصاعد من غضب الحكم الخليفي، ويجد البعض نفسه مضطرا لتخفيف نشاطه خوفا على نفسه، وان كان الشطر الاكبر مستمرا في تحدي السياسات الخليفية بدون خشية او خوف. هذا الوضع الصعب الذي يواجه ا لنشطاء الحقوقيين اصبح امرا مثيرا للقلق لانه قلل من فرص احتواء الانتهاكات، واصبح النشطاء يشعرون بالاستهداف المباشر، وغياب وسائل الدفاع عن النفس في حالات العدوان الخليفي.
هذه الحقائق تؤكد بوضوح تراجع اوضاع حقوق الانسان في البحرين على نطاق غير مسبوق. وخلال الاعوام الثلاثة الاخيرة انتهك الحكم الخليفي حقوق الانسان على اوسع نطاق، فاعتقل الابرياء ومارس بحقهم ابشع اساليب التعذيب، واختطف العديد من النشطاء وعذبهم بشكل وحشي قبل ان يرمي باجسادهم الممزقة بالقرب من منازلهم، ومارس القتل خارج القانون بحق مواطنين شباب مثل الشهيد علي جاسم وعباس الشاخوري. وها هو قد بدأ باعتقال المزيد من الشباب والاطفال في عمليات استباقية لاضعاف الاستعدادات الشعبية لاحياء عيد الشهداء في السابع عشر من هذا الشهر. انه يعتقد ان بامكانه تفادي العقوبات والشجب ا لدولي، ولكن حماس المواطنين للدفاع عن انفسهم وحقوقهم حال دون نجاح تلك الخطط. وما تشهده البلاد هذه الايام من اعتصامات وحرائق يومية في اغلب المناطق المظلومة، يؤكد فشل سياسات الحكم الخليفي ويكشف نجاح المعارضة في تعبئة الرأي العام ضد سياساته التي اكدت للمواطنين انها ناجمة عن عقلية الاحتلال الخليفي. لقد نجحت المؤسستان الحقوقيتان المستقلتان (مركز البحرين لحقوق الانسان ومنظمة شباب البحرين لحقوق الانسان) في كشف جرائم العائلة الخليفية وجرائمها بحق اهل البحرين، وفشلت المنظمات التي اسسها النظام، وفق ما جاء في تقرير البندر، في حماية النظام من الغضب الدولي.
في الذكرى الحادية والستين لصدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان، نؤكد، كحركة تحررية صامدة، ان شعب البحرين لن يتنازل عن حقوقه، وفي مقدمتها حقه في القصاص العادل من مرتكبي جرائم التعذيب خصوصا من ابناء العائلة الخليفية المجرمة، ولن يساوم على حقوق الشهداء وضحايا التعذيب، ولن يقبل باقل من تطبيق حكم القانون بحق المعذبين والجلادين. فلن يتوقف التعذيب يوما الا بعد ان ينال المعذبون جزاءهم العادل، وبدون محاكمة اشخاص مثل ايان هندرسون، وعادل فليفل وعبد العزيز عطية الله آل خليفة وبقية المعذبين، فسوف يستمر المعذبون في ارتكاب جرائم التعذيب بحق ابناء البحرين. لقد فشل ا لخليفيون في الوفاء بالتزاماتهم حسب نصوص معاهدة منع التعذيب، ويسعون لتغطية فشلهم بسياسات التضليل والتشويش والعبث الاعلامي والكذب والدجل، وكل ذلك حبله قصير، فليستعد الخليفيون المجرمون لأشد العقوبة القانونية في الدنيا والعقوبة الالهية القاسية يوم الجزاء الأوفى.*وعندما تهتز قبضات الاحرار احتفاء بعيد الشهداء الاسبوع المقبل، فسيهتف العالم معهم، مرددا نشيد الحرية، ومطالبا بسقوط القمع والاستبداد ومعاقبة مرتكبي جرائم التعذيب. فمعا لاحياء ذلك اليوم المشهود، يوم صرخة المظلومين ضد الظالمين، فالله ناصر البحرانيين ضد المحتلين والغاصبين والجائرين، فذلك وعد من الله الذي لا يخلف الميعاد.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
10 ديسمبر 2009