لؤلؤة أوال - أقلام حرةبقلم: همس الخواطرلم يُقدّم لنا التاريخ على مر العصور دُروس كالتي قدمتها الملحمة الحسينية، فما تمخّض من هذه الواقعة من دروس إسلامية وعقائدية وأخلاقية وتربوية وجهادية وما لا نستطيع إحصائه من الدروس في هذه الواقعة التي يبقى صداها ليوم الحشر.وهنا نكتفي باختزال دروس مختصرة من أحد أصحاب الإمام الحسين ع، ولعلّ أكثر درس نستطيع إسقاطه على واقع ثوررة البحرين لِما يستفيد منه الثوار، الذين هم رأس الحربة ومن عليهم الرهان الأكبر لانتصارنا القادم بإذن الله، هي التي قدمها (مسلم بن عقيل)، وأما دروس واقعة كربلاء لا نستطيع اختزالها في هذا الموضوع، ولازال الكُتّاب المتألّقين يتفنّنون في سردها وتحليلها حتى ازدهرت المكتبات بمئات الكتب إن لم تكن آلاف الكتب في هذا الشأن.من هو مسلم بن عقيل؟بشكل مختصر، نكتفي بما كتبه الإمام الحسين ع بأنامله المُباركة الذي استهلّه في رسالته لأهل الكوفة، حيث قال في مقدمتها: (لقد بعثت لكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي).* درس في الأخلاق:الدرس الأخلاقي الذي قدمهُ مسلم بن عقيل هو عندما دخل عبيد الله بن زياد إلى المنزل الذي استضاف مسلم بن عقيل بحجّة عيادة المريض وقد اتفق أحداً مع مسلم أن يقتل عبيد الله لكي تستتب أوضاع الكوفة حتى وصول الإمام الحسين ع، ولكن مسلم بن عقيل نأى عن نفسه قتل عبيد الله بن زياد بالغدر والغيلة، وهو الذي نهانا الإسلام عنه، وبذلك ابتعد مسلم عن هوى النفس ليكون العمل خالصا لله عز وجل، مع أنه يعرف خبث ذلك الملعون -عبيد الله إبن زياد- ويعرف أنه يقتل على الشك والظن وأنه يستبيح الأعراض وما أكثرها من الخصال السيئة التي امتزجت بشخصيته الملعونة.* درس في العقيدة:عندما غدر أهل الكوفة بمسلم بن عقيل وتركوه وحيداً فريداً، وهو الغريب الذي ليس له أقارب بالكوفة، لم يجزع ولم يستسلم للأعداء رغم المخاطر التي تحيطه، فقد توكّل على الله العزيز الجبار، ونُقِل بأن قانون حظر التجوال كان قائماً في الكوفة حيث اختلت كل شوارعها من المارّة إلا من الجنود والأعين التي نصبها عبيد الله بن زياد لأنصار الإمام الحسين ع وعلى رأسهم مسلم بن عقيل ، فمسلم رغم الوحدة في الغربة لكنهُ كان قوياً في اعتقاده بالله عز وجلّ حيث كان يرى بأن الله معه في كل خطوة يخطوها، ولو لا هذا لانهار من شدّة ما نزل به من غدر أهل هذه المدينة ويُسلّم نفسه للأعداء علّه يقي نفسه القتل.* درس في الثبات:بعد أن حاصر جيش الأعداء دار طوعة ونادى أحدهم يا مسلم أنِ استسلم لكي تخلص نفسك من الموت المحتوم، فمسلم لم ترهبه كثرة العدو رغم وحدته وغربته فقد توكّل على الله وخرج إلى الأعداء ودافع عن نفسه بكل بسالة حتى أن جيش الأعداء طلبوا المدد من أميرهم الملعون لما لاقوه من مجابهة ومقاومة ضعفوا عن صدّها رغم تجهيزات عسكرهم.هذه ثلاث خصال من جمّة خصال موجودة بمسلم بن عقيل الذي كما أسلفنا هو ثقة الإمام الحسين ع، فحريّ بنا ونحن من نحيي ذكرى عاشوراء أن نستفيد من هذه الواقعة، فهي كما ذكر الكثير من المفكرين ليست للبكاء فقط بل لأخذ العِبرة -أي الدروس- والاستفادة منها في مجابهة الظلم والعدوان على مرّ التاريخ.