بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

تتدرج بين التحريم والإباحة وممارسة المتزوجين لها أمر مستقبح

"العادة السريّة" تعطّل الحكمة من مشروعيّة الزواج.. وقد تكبح جماح الشهوة!


د.السوسي:السويّ لا يمارسها ..والاضطرار إليها لا يجيزها
د. العف: إن كانت لمجرد استدعاء الشهوة فهي حرام.. وتجوز لتسكين الشهوة المفرطة خشية الزنا
د.جودة:الإفراط في ممارستها يضر بالجهازين التناسلي والعصبي ..وقد يؤدي إلى العقم


غزة تقرير/ فاطمة الزهراء العويني :

في ظل كثرة المغريات التي تغري الشباب بممارسة الفاحشة نجد الكثير منهم يلجأ إلى تفريغ طاقته الجنسية بممارسة العادة السرية، وهم لا يعلمون حُرمة هذا الفعل، وما قد ينتج عنه من أضرار تؤثر على علاقاتهم الزوجية في المستقبل، بل إن البعض قد يستمر بممارستها حتى بعد الزواج بحجة أنهم لا يصلون إلى الإشباع إلا بهذه الطريقة.. "فلسطين" تسلط الضوء على الحكم الشرعي لممارسة العادة السرية والأضرار التي قد تتسبب بها:

حرام شرعاً

د.ماهر السوسي أستاذ الفقه المقارن بالجامعة الإسلامية أوضح أن ممارسة العادة السرية حرام شرعا، كونها تعطل الحكمة من مشروعية الزواج، وتؤدي إلى الشذوذ والانحراف الجنسي، وتتسبب في أضرار صحية للشباب والشابات الذين يمارسونها .

ورفض إعطاء الرخصة بممارسة العادة السرية بالتعلل ب"حالة الاضطرار"، قائلاً :"يجب أن نضع أمام هذه الحالة مئات العقبات حتى لا نسهل للناس ممارسة هذا الأمر، فهي صعبة التحقق في غالب الأحيان، وهي تعني أن يصل لدرجة اليقين أنه سيزني إذا لم يمارسها".

وأرجع أسباب ممارسة الرجال والنساء العادة السريّة لكون الجو العام مهيأ لممارسة هذه العادة التي يعتادونها منذ الصغر بسبب الجهل بالثقافة الجنسية، موضحاً أنه من المفترض أن يزودهم الأهل بقسط معين منها، وأن يعلم أن ممارستها محرمة لأن المراهق عندما يبدأ يشعر بالدوافع الغريزية يمارسها تلقائيا وهو لا يعلم ما إذا كان مشروعا أم لا فيعتاد عليها، ويصعب عليه تركها أما إذا كان يعلم بعدم مشروعيتها والأضرار المترتبة عليه لا يمتنع عن هذا الفعل.

وأضاف أسباب أخرى تجلّت في كثرة المغريات والمثيرات للغرائز والرغبات الجنسية خصوصا بعد انتشار وسائل الإعلام الإباحية، وعدم امتثال كلا الجنسين، أمر الله سبحانه وتعالى بغض البصر وستر العورة وعدم العمل بمقتضاها".

الاعتياد سبب استمرارها

ولفت د.السوسي إلى أن ممارسة هذه العادة تبدأ عند المراهقين،" فالإنسان يعتادها ويرى أنه من الصعب تركها لكونها تمارس بسهولة ويسر، مشيرا إلى أن ممارسة المتزوجين لهذه العادة -رغم أنهم يملكون إشباع غرائزهم بالوسائل المباحة - أمر مستقبح من المتزوج أكثر من غيره وهم يفعلون ذلك لأنهم اعتادوا عليه، نافيا مزاعمهم بأنهم لا يحصلون على الإشباع من الممارسة الجنسية الطبيعية لأن هذه العادة في النهاية لا تؤدي الغرض المطلوب منها، خصوصا عند المتزوجين والمتقدمين في السن لكنهم يمارسونها من باب اعتيادهم على تنفيس غريزتهم بهذه الطريقة .

وعن كيفية الطهارة من ممارسة العادة ، قال د.السوسي:"إذا مارس الرجل أو المرأة العادة السرية وأنزل منياً فيجب عليه الغسل فمجرد ممارسة العادة لا يترتب عليه شيء بالنسبة للطهارة إلا إذا نزل المني فيجب عليه الغسل".

جائزة بشرط

د. بسام العف المحاضر في الكلية الشرعية بالمنطقة الوسطى أشار إلى أن الطهارة منها تتطلب النظر إلى السائل الذي غالبا يسبق نزول المني عند ثوران الشهوة وهو "المَذيّ"، وهو سائل أبيض لزج يخرج على شكل نقاط عند اشتداد الشهوة خلاف المني، وقال:" وهو نجس ناقض للوضوء، فعند رؤيته، أو الشعور به لابد من تطهير المكان الذي أصابه هذا السائل، ولا يوجب لأجله الغسل".


وفي معرض رده على ما إن كانت الضرورة تبيح اللجوء للعادة السريّة بيّن د. العف الذي في رأي مخالف لـ د. السوسي ما جاء به جماهير الفقهاء بأن ممارسة العادة السرية -الاستمناء من الرّجل و المرأة- إن كانت لمجرد استدعاء الشهوة فهي حرام في الجملة، لقوله تعالى: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ".

وأضاف:" فلم يبح اللّه تعالى الاستمتاع إلاّ بالزّوجة والأمة، ويحرم بغير ذلك، ومنه ممارسة العادة السرية، وإن كانت لتسكين الشهوة المفرطة الغالبة الّتي يخشى معها الزنا فهي جائز في الجملة، و لو تعين الخلاص من الزنا بها وجبت، لأن فعلها حينئذٍ يكون من قبيل المحظور الّذي تبيحه الضرورة، وكذلك من قبيل ارتكاب أخف الضّررين، وبعض الفقهاء على أنه يحرم ولو خاف الزنا، لأن له في الصوم بديلاً، وكذلك الاحتلام مزيل للشبق.

اتقوا الله

وشدد د.السوسي على أن تركها ليس سهلا في ظل جو مشحون بالمثيرات يسهل فيه ارتكاب الفاحشة وتعاطيها وفي ظل وجود رفقاء السوء ووجود وسائل الإعلام التي أتاحت الرذيلة بشكل سافر، مؤكدا على أن القضاء على هذه الظاهرة يتطلب مشروعا تقوم عليه كل المؤسسات التربوية بالإضافة إلى الشخص نفسه يقوم على تثقيف المراهقين ومن هم أكبر منهم بخطورة هذه العادة وبأنها حرام وتعريفهم بأمور دينهم.

وأضاف :"من يمارس هذه العادة رجلا أو امرأة سواء كان متزوجا أم غير متزوج بحاجة إلى أن يتقوا الله و أن يعرفوا أن هذه العادة حرام وأن الله نهى عنها وأنه لا تجوز ممارستها".

وأردف قائلا :"هذه الفعلة مستقبحة وان كان ينتج عنها لذة فالإنسان يشعر بالاشمئزاز منها بعد فعلها فالإنسان السوي لا يفعل ذلك وكلما كانت نفس الإنسان سوية كلما ابتعد عن هذا الأمر".

مضار صحيّة ومستقبلية

من جانبه ، عرف استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية وطب الذكورة الدكتور عزات جودة العادة السرية بأنها الوصول إلى الرعشة الجنسية أو الإشباع الجنسي عن طريق اليد بدون الاتصال الجنسي، منوها إلى أنها ليست مضرّة بحد ذاتها ولكن هناك أفراد يمارسونها بكثرة لدرجة ترهق الجهازين التناسلي والعصبي إذا زادت عن حدها الطبيعي بممارستها عدة مرات في اليوم .

وأضاف :"ممارستها لا تصل بالشخص الممارس إلي إشباع جنسي حقيقي، و تخلق في ذاته ميلاً إلى الانطواء ويؤدي الإفراط في ممارستها إلى تعود الجهاز العصبي على التهيج اليدوي فيصعب على الرجل والمرأة الوصول إلى التهيج العادي خلال عملية الجماع الطبيعية".

الإصابة بالعقم ..محتمل

وتابع د.جودة :" يشعر من يمارس العادة السرية بالتوتر والحزن وينتابه بعد ممارستها شعور بالذنب والخوف من احتمال أن تسبب له الأمراض "، ملفتا إلى أن ممارستها عند الفتاة أشد خطورة فقد يصل الأمر لمحاولة إدخال إصبعها في المهبل مما يهدد عذريتها.


وحول إمكانية أن تسبب العادة السرية العقم للرجال ، قال د. جودة :"الممارسة في حد ذاتها لا تسبب العقم ولكن الإفراط فيها قد يؤدي إلى القذف السريع أو امتناع القذف لدى الرجل مما قد يؤدي إلى تأخير الإخصاب أو منعه".

سبل العلاج

وبين د.جودة أن الإقلاع عن ممارستها يتطلب التحلّي بالإرادة والزواج إن كان الشخص قادراً على ذلك وضبط النفس، بالابتعاد عن كل ما هو مثير جنسيا وخصوصاً الأفلام الجنسية والفضائيات الماجنة"، ناصحا الشباب بصون الحواس والتفكر في الطبيعة بدلا من الجنس وعدم النظر إلى المحرمات والنظر إلى كل فتاة على أنها أخت لك ، مضيفا :"أحسنوا اختيار الأصدقاء وحاولوا قدر الإمكان أن لا تخلوا بأنفسكم كثيراً خصوصاً إذا كنتم من النوع الذي يفكر كثيراً في الجنس واحرصوا على القيام بالتمرينات الرياضية لتفريغ الطاقة الجنسية والمداومة على الصلاة وتلاوة القرآن والأذكار، واللجوء للصوم وفي الحالات الصعبة اللجوء إلى الطبيب المختص لتشخيص الحالة ووصف العلاج المناسب".

وتطرق إلى أن اللجوء لممارسة العادة يمثل أحيانا صمام الأمان في مواجهة السقوط في مستنقع الرذيلة أو ممارسة الفاحشة، قائلا: " لا مانع من اللجوء إليها (عند الضرورة القصوى) إذا ما احتدمت الشهوة الجنسية ولم تتوفر الطرق المناسبة لتفريغها".