أصلها ثابت - لؤلؤة أوالبقلم أحمد التوثيق لمناسبة استقلال البحرين هي حاجة وطنية وهو حقٌ للجيل الصاعد وسبيلٌ لتبصرته بمسيرته النضالية الوطنية , وكما هي عادة الشعوب التي تتحرر من احتلال المستعمر بعد مدة من الزمن فهي لاتنسى يوم رحيله من أراضيها بعد معاناتها منه . وتحتفل الشعوب وتتغنى بمثل هذه المناسبات لأن ذلك دلالة على إنتصار وعزة هذا الشعب.في عام 1965م حيث كان الوضع الإقليمي غير مستقراً , اجتمع حكام الخليج ومشيخته لعد اجتماع من أجل توقيع اتفاقية لإقامة اتحاد فدرالي تساعي فيما بينهم . ولكن بعد عامين ونصف العام فشل هذا الإتحاد الفدرالي بسبب النزاعات الحدودية بين السعودية وأبوظبي , ومابين أبوظبي ودبي , بالإضافة للعلاقات السيئة فيما بين قطر والسعودية , ولرغبة البحرين في تولي منصب قيادة هذا الإتحاد يُعد أحد الأسباب الرئيسية , وكذلك تخوف أبوظبي من مطالبة إيران بالبحرين وعدم إستعدادها للوقوف في وجه الشاه.كذلك الوضع الداخلي من نفس العام في البحرين هذه الجزيرة الصغيرة في الخليج لم يكن مستقرا , كانت سوق الخضار هي بداية انتفاضة على المستعمر البريطاني حيث اعتاد الباعة الفقراء عرض بضاعتهم على الأرصفة , وهو أمرٌ معتاد رغم كونه مخالفاً لقوانيين البلدية , ومع مرور مفتش البلدية صادف أحدهم يفترش الرصيف , فذهب إليه ليجبره على نقل بضاعته , إلا أن الأسلوب الفظ للمفتش أدى إلى وقوع مشادة كلامية بين الإثنين , حيث رفض البائع أوامر مفتش البلدية فما كان من المفتش إلا أن استعان بأحد الشرطة الذي تدخل في الموضوع واعتدى على البائع بالضرب , وهنا غضب الباعة , فهرب الشرطي والمفتش إلى مقر البلدية فلاحقهم الباعة , وتجمعوا أمام البلدية مطالبين بتسليم الشرطي الذي إعتدى على البائع .كانت الأجواء متوترة جداً والغضب يلوح على وجوه الباعة المعتصمين أمام البلدية وهناك وقفت مجموعة من الشرطة تحاول تأمين مقر البلدية , استمرت الأحداث من الصباح حتى الثالثة عصراً , وأمام إصرار الباعة على معاقبة الشرطي المعتدي لم يجد مرتزقة الإستعمار إلا أن اطلقوا النار على الجماهير فإستشهد في ذلك اليوم 7 وجُرح 15 فكان يوماً حزيناً في تاريخ البحرين . فكانت من تداعيات هذه المجزرة أن تفجر الغضب وتصاعد الجراك فأضرب العمال وأُغلقت الأسواق , وتصاعدت المطالب بإقالة بلجريف ومحاكمته كونه قائد الشرطة والمسؤل المباشر عن قتل الشهداء , وأصبح الوضع خطيراً جداً مما إستدعى استقدام تعزيزات عسكرية من الخارج .وفي ذكرى انتفاضة مارس 1965م تجددت الأحداث العنيفة في البحرين من حرق السيارات التي تخص البريطانيين والهنودوالباكستانيين وبحرينيين كذلك , بما في ذلك سيارتين تخصان الجيش البريطاني . والجدير بالذكر أن الإدارة البريطانية تعمدت إخفاء أحداث ذكرى 1965م وما صاحبتها من إعتقالات وانتهاكات عن الإعلام والصحافة البريطانية لتتجنب تكرار نشر العناوين الكبير مثل البحرين أصبحت عدن الثانية .فكانت هذه الإنتفاضة بداية مطالبة الشعب بالإستقلال . فشعب البحرين كان له موقفٌ ودورٌ كبير في استقلال وعروبة البلاد , من خلال التأكيد على مبدأ تقرير المصير وإبداء الرغبة في استقلال بلاده . فعندما وقف الشعب إلى جانب إستقلال وعروبة البحرين فإنما كان يهدف إلى بناء دولة حديثة , تُحكَم وفقاً لنظام سياسي حديث , يقوم على أساس دستور عقدي بين الحاكم والمحكوم , ويكون التصويت من قبل الشعب . فهذا الشعب لم يعط في تصويته للإستقلال صكاً على بياض للعائلة الحاكمة , بل صوت لنفسه وعلى بقاء البلاد مستقلة . ولكن هذه العائللة الخليفية إعتبرت ذلك على شرعيتها , وبالفعل فقد وقعت هذه العائلة على أحد أهم منجزات الإستقلال وهو دستور 1973 , فقد قامت بحكم هذا الشعب بالحديد والنار , وقانون أمن الدولة تارة , وبقانون السلامة الوطنية تارة أُخرى , والتعامل مع الوطن على إنه مزرعة للعائة الحاكمة والشعب رعايا في المزرعة وليسوا مواطنين , وحكم البلد بالقوة لا بالعقلانية الدستورية..فمثل هذه الأنظمة الديكتاتورية ولا سيما النظام في البحرين الذي لطالما كان يسعى جاهداً ليطمس تاريخ وحضارة هذا الشعب وهذه الارض , ويتجاهل نضالاته وتضحياته في دحر المحتل البريطاني , من خلال تزوير تاريخ الإستقلال بما يتماشى مع رغبته , فإستبدله بيوم آخر وهو ( 16 من ديسمبر) فهو اليوم الذي تم تنصيب هذه العائلة بالقوة على هذا الشعب . فهو بذلك لم يتسلط في الحكم فحسب, بل اقصى وغيب الإراة الشعبية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى , فهذا دليلٌ على أن هذا النظام ليس لديه أي ارتباط بهذه الأرض المباركة ولا بتاريخ شعبها ونضاله الناصع بالتضحيات.