السجال الاخلاقي لا ينفصل عن السجال السياسي في الحلقات الاكاديمية والبحثية، ولا يمكن فصل المؤسسات العلمية عن هذا السجال في هذه الظروف التي اصبح البحث عن مصادر التمويل حثيثا لمواجهة استحقاقات الكساد الاقتصادي والتراجع الانتاجي خصوصا في بريطانيا وامريكا. وبدأت الاصوات تتصاعد ضد موافقة اكاديمية 'سانت هيرست' العسكرية على استلام 'منحة' من ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة في وقت يتعرض فيه لانتقادات واسعة بسبب قمعه ثورة شعبية ضد نظام حكمه. فقد قبلت كلية التدريب البريطانية الشهيرة ساندهيرست المبلغ وقيمته 3 ملايين جنيه إسترليني، وذلك بالرغم من الانتقادات العالمية الموجهة للنظام بسبب الحملة الوحشية التي شنها نظامه على المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية في العام الماضي. وتكشف الوثائق التي حصلت عليها مجموعة بيورو أن المؤسسة العسكرية العليا للتدريب كانت تتفاوض مع نظام البحرين حول التبرع في العام الماضي 2011. وتسلمت بيورو الأموال في يناير/كانون الثاني، وبعثت برسالة شكر فياضة للملك في بداية الصيف تقديرا لـ 'سخائه وكرمه'. الأكاديمية المسئولة عن تدريب ضباط الجيش البريطاني، ستستخدم المبلغ الذي 'تبرع' به ملك البحرين لبناء صالة رياضية من المقرر افتتاحها في مطلع العام القادم. التبرع هو جزء من العلاقة طويلة الأمد بين العائلة الحاكمة في البحرين وأكاديمية ساندهيرست. وكان حمد بن عيسى آل خليفة قد تدرب في أكاديمية ساري العسكرية (جنوب شرق إنجلترا)، كذلك يتم اختيار مجموعة من العسكريين البحرينيين للتدرب فيها سنوياً. وبرغم ما تقوله السلطات البريطانية بانها تسعى لتطوير معايير اداء العسكريين البحرينيين والشرطة، فان ما حدث خلال العشرين شهرا من الثورة يتناقض مع دعاواها. فمنذ ان استلم جون ييتس (نائب رئيس شرطة لندن السابق، الذي استقال من منصبه ضمن فضيحة التنصت على الهواتف) منصبه في البحرين قبل عام واحد، ازدادت حدة القمع ولم تتحسن اوضاع حقوق الانسان. وتجدر الاشارة الى ان اغلب كوادر الشرطة وعناصر المخابرات تدرب في مؤسسات بريطانية. فمنذ ان استلم الضابط الاستعماري البريطاني السابق، ايان هندرسون في 1966، مسؤولية القسم الخاص البحريني، اصبحت سياسة التعذيب ممارسة روتينية، وتم ارسال عشرات موظفي الامن والشرطة الى كلية هندون لتدريب الشرطة، التي تخرجت منها العناصر التي ادارت جهاز الامن حتى الآن. وقد جاءت 'الهبة' السخية من حاكم البحرين في الوقت الذي ما يزال فيه رموز العلم معتقلين في السجون، ومنهم علماء الدين واساتذة الجامعات ومدرسو الطلاب والطلاب انفسهم. فكيف يستقيم دعم المؤسسات التعليمية في بريطانيا مع قمع مؤسسات التعليم المحلية وروادها؟