فريد أحمد حسن
صحيفة الوطن - العدد 2230 الأثنين 16 يناير 2012
أخيراً.. حزب الله الستراوي! لم يتمكن ما يسمى بائتلاف 14 فبراير من الاستمرار في الاختباء تحت عباءة السلمية أكثر من ذلك، فـ «كل شيقن انكشفن وبان»، حسب تعبير عبد المنعم مدبولي في مسرحية ريا وسكينة، فأقام مهرجاناً في سترة التي اعتبرها «عاصمة الثورة» واستعرض جانباً من قوته، حيث قدم استعراضاً تضمن مجموعات عديدة كل واحدة مكونة من حوالي عشرين إلى خمس وعشرين شاباً يرتدون الأكفان ويضعون عصابة حمراء على جباههم ويرفعون أعلاماً بيضاء عليها شعار الائتلاف، ويتقدم كل مجموعة قائد يحمل علماً أسود يتقدمه اثنان يحملان بيرقاً ويسيرون جميعهم بطريقة عسكرية منظمة على طريقة استعراضات حزب الله اللبناني، وهم يرددون بعض الشعارات التي لم تخل من شتائم توجه إلى الدولة. مسألة ينبغي ألا تمر من غير ضجة؛ فهذا الاستعراض الذي تم في شوارع داخلية في سترة وشاهده جمهور من أهلها افترشوا الأرض أمام بيوتهم يعني باختصار الانتقال إلى مرحلة جديدة وخطيرة شعارها العنف والمواجهة مع رجال الأمن وكل من يخالف الائتلاف، وهو يعني نقل البحرين إلى مساحة يتحكم فيها حزب الله.. الستراوي. الفيديو الذي تم نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي مساء الخميس الماضي يترجم الفكرة التي تم الترويج لها على مدى الأسبوعين الماضيين عبر تلك المواقع وعبر عدد من الفضائيات تتقدمها فضائية «العالم» الإيرانية، واتخذت عنوان «راية الدفاع المقدس»، عبارة عن إعلان صريح لا عن بدء مرحلة جديدة من المواجهات تتخذ العنف أساساً فحسب؛ لكنه إعلان صريح أيضاً عن أن الأمور مرتب لها ترتيباً دقيقاً، حيث خروج هذه المجموعات بهذا الشكل المنظم وفي مثل هذا الاستعراض المشابه تماماً لاستعراضات حزب الله اللبناني يعني أن خطة مكونة من مراحل تم اعتمادها مسبقاً يتم تنفيذها حالياً ابتداء من هذا المكان، وواضح أن المشاركين في الاستعراض مجرد عينة وأن استعراضات أخرى ستتم في قرى أخرى، أما الأكثر وضوحاً فهو أن هذه المجموعات يتم إعدادها في أماكن سرية وتدار من قبل عناصر ذات خبرة في هذا المجال (فالاستعراض من دون شك سبقه بروفات لم تتم في الطرقات)، وواضح أن الأمور برمتها تدار من الخارج، ما يطرح سؤالاً مهماً هو؛ هل يمتلك هؤلاء أسلحة أم أنهم بصدد ذلك؟ ذلك أن مجموعات منظمة بهذا الشكل تعلن بهذا الشكل عن رفع «الراية المقدسة.. توقف كل غطرسة.. في شرعنا مؤسسة»، كما كان يردد في الاستعراض لن تكتفي بالمواجهة باستخدام الحجارة والمولوتوف وأنها لو اكتفت بها اليوم فلن تكون السلاح المعتمد بعد قليل. خطوة خطيرة تستدعي قبل مواجهتها من قبل السلطة رفضها وشجبها من قبل مختلف الجمعيات السياسية المعارضة وعلى الخصوص جمعية الوفاق واتخاذ موقف عملي صريح وواضح منها، ذلك أن سكوتها يعني أنها مؤيدة لهذه الخطوة، كما ينبغي رفضها من قبل الشيخ عيسى قاسم تحديداً ومن بقية الدينيين المعتمدين في هذا الخصوص حيث سكوتهم يعني أنهم موافقون على الخطوة ولن يتردد أحد عن اتهامهم بأنهم يقفون وراء تنظيمها.. تنظيراً وإعداداً وتدريباً.. وتمويلاً. هذه الخطوة ينبغي ألا تمر هكذا سلاماً سلاماً ولا بد من تحديد المواقف منها ومحاربتها لأنها ببساطة يمكن أن تأخذ الجميع إلى نفق لا خروج قريب منه وستؤدي حتماً إلى مواجهات بين الناس لا تحمد عقباها . الشريط الذي تم بثه عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبث أو سيبث -من دون شك- عبر قناة العالم خطير؛ بل أكثر من خطير، ولا بد من تسجيل مواقف واضحة وقوية تجاهه، فهو محفز على تأسيس تنظيمات مشابهة لأطراف أخرى لها اليوم تأثير في الساحة ولا يمكن تغافلها.