|
إنضمامك إلي منتديات استراحات زايد يحقق لك معرفة كل ماهو جديد في عالم الانترنت ...
انضم الينا
#1
|
((عليّ)) قصة قصيرة كان الأول من فبراير من يوم الخميس، ذلك اليوم الذي كنا نجتمع فيه أنا و ناصر و علي و فؤاد وعمر و أخي أحمد أكبرنا و مجموعة من أصدقائه يتفاوتون في العمر، على شاطئنا الأنيس بصخوره التي تلمع تحت أشعة شمس طازجة ، كم كنا نستمتع ببذخ شديد بتلك الأوقات الحلوة، كنت في الحادية عشرة من عمري آنذاك، يشدني البحر إلى ضحاه الساطع، و رماله الذهبية، و رائحته ذات الطعم الخاص . و لكن لم يكن هناك ما قد يجعل هذه الأوقات أكثر لذة من وجود علي معي، فقد كنا بمثابة روح واحدة، بل أقرب لأطيار تحلق عاليا يجمعها رابط صداقة متين له ألوان الفاكهة يمنحها الحياة بكل بهجتها. في بداية يومنا كنا جالسين أنا و علي داخل حلقة كنا قد رسمناها بأقدامنا نأكل فيها البطيخ الأحمر، تلك الفاكهة الصيفية التي كانت محببة لنا أكثر من أي فاكهة أخرى، قلت له بنبرة ثقة و حماسة: مع صديق مثلك يمكنني العيش إلى الأبد. أرمقني بابتسامة لم أعهدها منه من قبل، كانت قد ملأت صدري، ثم أخذ يركض تجاه البحر: هيا بنا يا عبد الله فقد طال انتظار البحر لنا.. هيا أسرع!. أخذنا بأقدامنا النحيلة الغضة نركض فرحين تشوب أجواؤنا البراءة، تلفنا ضحكاتنا، فدخلنا البحر، كست مياهه أجسادنا و بللت رؤوسنا، أخذنا نغوص في أعماقه لساعات طوال غير آبهين بالرياح التي أخذت تعصف بقوة، تضرب على صدورنا أمواج البحر، لبثنا في اللهو و اللعب حتى فاجأتنا تلك الموجة العاتية الكبيرة، اتسعت محاجر أعيننا على إثرها، فتحنا أفواهنا مدهوشين، لم ينبس أحدنا بأي أدنى حرف، و ما هي إلا ثوان معدودات حتى طبقت الموجة ضربتها القاضية، و يالها من ضربة!! رمتني في عمق لم أعرف إلى أي حد قد يأخذني، بل إنني في الحقيقة لم أبالي فقد أردت الخروج فحسب. بعد جهد كبير في السباحة وصلت إلى الشاطئ و أنا أسعل بقوة، ألتقط ذرات الهواء برئتي الصغيرتين، سرعان ما وقع نظري على ناصر، اندفعت إليه: ناصر! أين علي؟. أشار بإصبعه خلفي، التفت، رأيتهم يسحبون عليا من البحر، و إذا به جثة هامدة مسجاة على شاطئ لم أعرفه، تناثرت يداه على الرمال، بلا حراك، أخذوا يضربون على صدره أملا في تنفسه، ركضت مندفعا و أنا أصرخ مذعورا: علي .. علي !!. و إذا بقبضاتهم العنيفة تمسكني بقوة، و صراخا ينبعث شمالا و يمينا: أمسكوه لا تدعوه. لبثت أقاوم تلك الأيادي بضراوة كالمجنون في غمرة خوفي البالغ، أصرخ بشدة: لا تتركني وحيدا يا علي.. علي! علي! أجبني يا علي!!. حفرت قدماي حفرة في خضم صراخي و عويلي، و لكن.. سرعان ما شلت يداي، فسقطت مهزوما طريحا، على هامش صفحة الحدث، بلا صوت!. شعرت بغربة عميقة ثم حزن ثم رغبة في البكاء أو الهرب. هكذا شاء القدر، أحسست بأن جزءا كبيرا من جسدي قد أجتث بجموح ضار، شعور لم آلفه، أعلى الحياة أن تكون قاسية هكذا؟، كيف لي أن أنسى بريق عينيه، قامته القصيرة، روحه المتفائلة، و ضحكته السعيدة، كيف لي أن أنسى ماض قد كنت جزءا منه يا علي؟، لبثت أتعثر في شباك اللوعة و الضيق و الألم، وحيدا أنا و الذكريات، فوق خط رفيع ما بين الواقع و الوهم، و أعجب ما في الأمر أنني لازلت أشتم رائحة وجوه و شاطئ، و أرواح، و لازال قلبي يئن.. و روحي تضعف، فأنا بلا علي.. بلا صديقي.. بلا حياة.. أديبتكم / الحلآ محتونـي =) __DEFINE_LIKE_SHARE__ |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |