منذ ثلاثة سنوات تقريبًا بدأت موضة “ريادة الأعمال” في مجتمعاتنا العربية و بدأ شباب كثيرون يحلمون بالرخاء و السخاء المالي و بدأت جمعيات و مؤسسات و حتى جامعات ترعى فكر “ريادي الأعمال” وتدعمهم مالياً و معنوياً ، فانطلق الشباب بأفكارهم الحالمة لتنفيذ مشاريعهم متخذينمارك زوكربيرج “مؤسس الفيسبوك” و بيل جيتس مؤسس “مايكروسوفت” و ستيفن جوبس “مؤسس آبل” نماذج يحتذي بها وهذا شئ جيد. لكنه بعد فترة أصبحت ريادة الأعمال مجالاً لكل من لا يجد عمل لنفسه فاختلط الحابل بالنابل و أصبحت ريادة الأعمال “صنعة” بدون وجود صانع ماهر متفهم لحاجات السوق و لقدراته و يمكنه المنافسة !
وبدأت سلسلة من الأوهام تنسج في عقول الشباب مثلًا : لا يهمنا ما هو عمرك فمادمت صغيراً في السن فستنجح مثل مارك ! ليس من المهم أن تدرس أو تدخل الجامعة فريادة الأعمال لا تؤمن بهذا الكلام ! ليس من المهم أن تكون مستقر مجتمعيًا حتي تصبح رائد أعمال ! فأنت كائن بوهيمي ! ليس من المهم أن تعمل في شركة غير شركتك أو أن تأخذ خبرات فقدراتك أكبر من ذلك ليس من المهم التخطيط جيدًا لمشروعك فالمهم هو أن تنفذه و ستجد كل الناس تريده ! وكل هذا الكلام ما هو إلا أساطير وأفكار غريبة و عجيبة لاتمت لريادة الأعمال بصفة …. فمثلًا : سنجد أنه في أمريكا الدولة الأم و الحاضنة لفكر ريادة الأعمال في العالم: العمر : سنجد أن الشباب رائد الأعمال من سن 20-34 سنة سنجدهم 26.2% من جملة ريادي الأعمال لديهم، و من سن 35-44 سنة سنجد 24.2% من جملة ريادي الاعمال، أما من سن 45- 54 سنة فسنجد 26.3% من جملة ريادي الأعمال ! هل صدمت؟؟ دعني أكمل كلامي و ستجد نفسك مصدومًافي الكثير من النقاط الأخرى. الشهادة الجامعية : ستجد من لا يريديون أن يتعملو في الجامعات كثيرون و إذا سألتهم لماذا ؟ سيقولون لك نريد أن نصبح رائدي أعمال مثل مارك زوكربيرج !! ولكنهم في الواقع لا يدرون ان مارك و ستيفن و بيل جيتس ماهم الا استثناءات قليلة في عالم ريادة الأعمال فا في امريكا يوجد 95% من رائدي الأعمال حصلوا على شهادة جامعية، و47% منهم حصلوا على درجات علمية أعلى من درجة البكالوريوس،إذن رائد الأعمال ليس شخصًا غير مثقف أو غير متعلم ! الإستقرار الإجتماعي : بالمناسبة في الغرب يربطون الإستقرار الإجتماعي بالزواج “مثلما عندنا” فرائد الأعمال ليس كائن بوهيمي يعيش اليوم بيومه و ليس شخص قادم من الفضاء فهو مثله مثل أى شخص يريد الإستقرار فستجد مثلًاأن 70% من رواد الأعمال الأمريكان كانو متزوجين قبل إنشاء مشروعهم الأول و منهم 44% كان لدية اطفال ! هل أنت مصدوم ؟ إذاً استعد لما سيأتي لاحقاً … الخبرات العملية : ستجد من رائدي الأعمال العرب من ينادي بضرورة أن يكون رائد الأعمال شخص لم يعمل مسبقًا في أى مجال أو أى شركة سيقابل هو أطهر و أعظم من أن يعمل لدىأى شخص ! هذا الكلام غير صحيح …. الواقع يقول أن 25% من روادي الأعمال في أمريكا لم يعملوا في شركات قبل إنشاء مشاريعهم الأولي و هذا يعني ان 75% أى الأغلبية من روادي الأعمال عملوا من قبل في شركات و اكتسبو خبرات بها ، ومنهم من عمل بشركات أخرى لمدة تزيد عن 6 سنوات ! نعم 6 سنوات فلا تستغرب…. فالخبرة شئ مهم لكل شخص يريد أن ينشأ مشروعه فالخبرة و العلم هو أساس أى شخص يريد النجاح. الأرباح الوهمية السريعة: الأسطورة تقول أن أغلب شبابنا يعتقد أن رائدي الأعمال يكسبون من “الهوا” فكل يوم يجنون مليون أو إثنين فهم أُناس خارقون !! لكن الواقع يقول غير ذالك فهناك 30% ممن ينشأون مشاريعهم يخسرون ! نعم يخسرون ! و هناك 30% لا يربحون بالمعنى المصرى ” اللي جاي علي قد اللي رايح” فلا يوجد مكسب لديهم في مشاريعهم! وهناك 39% فقط ممن ينشأون مشاريع نستطيع أن نقول عليهم أنهم يغطون نفقات مشاريعهم بل ويبدأون في الربح. الإستمرارية : إذا كنت تتخيل أن المشاريع تكسب وتستمر دائمًا فأريد أن أخبرك بأن هذا الكلام ما هو إلا أسطورة غير واقعية ! نعم ، فهناك 25% من الشركات الناشئة تعلن إفلاسها من العام الأول ! وهناك 45% من الشركات الناشئة تعلن إفلاسها قبل مرور 4 أعوام علي إنشائها! فقط 9 % منهم يستطيع أن يجتاز هذه المرحلة وقد يستمر الي 10 سنوات أو أكثر ! وبعد أن اخذت كل الصدمات الممكنة أود أن أخبرك أن هذه الأرقام ليست من ضرب خيالي و لكنها بناء علي إحصائيات وأرقام . فقبل أن تفكر في بداية مشروعك لا تعطي فرصة لكل شخص ” فتاي” ان يتلاعب بك فريادة الأعمال فن ولعبة لا يتقنها إلا من قرأ و تعلم معناها فقبل أن تنشأ مشروعك لابد أن تتعلم وتتفهم أوضاع السوق لديك