مقال : في ذكرى 14 فبراير .. مضربون يتساقطون، أناس يحترقون\دماء الشهداء

محروم.كوم · #1 02-12-2013, 11:40 AM

في ذكرى 14 فبراير .. مضربون يتساقطون، أناس يحترقون

بقلم : دماء الشهداء

تطلّ علينا ذكرى انفجار الثورة المباركة في 14 فبراير من العام 2011 الميلادي فنكمل معها عامان من ثورة مكتنزة بالأحداث والتطورات، وفي أغلب بلدان الشرق الأوسط كافة. الأوضاع في تونس ومصر وليبيا واليمن أيضاً مضطربة. آه! مهلا..! وسوريا؟ سوريا في الصدارة، الدماء تسيل في شوارع درعا وحماة ودمشق وريفها. والكاميرات المتطورة ومحطات إعلامية ضخمة ووكالات أنباء عالمية تفرغ نفسها من أجل رصد كل نملة تمشي في الشام! هناك أقمار صناعية أيضاً تلعب دور المساندة، ليس هذا فحسب، بل هناك مؤسسات دولية ودول كبرى تحرّك وتدير وتسافر وتجتمع. حقاً إنها ثورة كونية محطتها سوريا وأقطابها الشرق والغرب.

في شهر يناير 2011 انطلقت دعوة على صفحة في موقع فيسبوك للتواصل الإجتماعي تحت مسمّى ثورة الغضب. لقد كان البحرانيون يتابعون بشغف مستجدات الأحداث في تونس. نعم تونس! شاب يضرم النار في جسده احتجاجاً على وضعه المأساوي ومحاربته في لقمة عيشه في مدينة سيدي بو زيد. لعلنا لم نسمع بها من قبل! ولكنها المدينة التي شهدت انطلاقة تسونامي الصحوة الإسلامية لشعوب المنطقة العربية. نظام بن علي كان بوليسياً بامتياز يعاقب من يتردّد إلى المساجد ويفرض أجواء مقفلة على فضاء الإنترنت. بالتأكيد سيمنع وسائل الإعلام من استغلال الحدث والإضاءة على الأوضاع التي أخذت في التفاقم والإتساع. كان التصوير يتم عن طريق الهواتف النقالة ولكن كانت محطة كبرى اسمها ~الجزيرة~ مستعدة لنقل تلك الصور والفيديوهات أيّاً كانت درجة جودتها. على مدار الساعة هناك خلية عمل وحالة طوارئ. مرّ أسبوعان، وإذا بنا نشاهد ذلك الرجل يصرخ: بن علي هرب.. بن علي هرب! سقط بن علي في ظرف أسبوعين وفرّ هارباً إلى السعودية بعد أن عمّت الثورة أرجاء تونس قاطبة.

لا زلت أتذكر مقولة أحد المراقبين الذين كانوا يؤكدون بأنّ الوضع في مصر سيكون مختلفاً وحاسماً ربما بشكل أسرع من تونس. لماذا؟ لأنها مصر. مصر باعتبارها بلد العروبة وعمقها الإستراتيجي ومخزنها الثقافي والسياسي.

اختير يوم 25 يناير للتحرك. مجموعة من شباب مصر يعلنون عن أسمائهم ويوجهون دعوات للمصريين لكسر حاجز الخوف والتردد والنزول إلى الشوارع ومن ثم إلى ميدان التحرير. هل سيستجيب المصريون للدعوة وينزلون وبالآلاف ومن ثم تكون تظاهرات مليونية؟ هذا التساؤل والترقب كان مطروحاً في الساحة البحرانية بقوّة قبيل شهر ونصف تقريباً من الإنطلاقة الفعلية في 14 فبراير!

من هؤلاء؟ إنهم شبَّان مصريون ينزلون إلى الشوارع ويحاولون الوصول إلى ميدان التحرير وأجهزة الأمن تحاول منعهم وتقوم بوظيفتها التي دأبت عليها في قمعهم وسحلهم. ماذا يحصل؟ الأعداد في تزايد والوضع يخرج عن السيطرة. كم متظاهراً ستقوم بسحله ودهسه تحت العجلات؟ أنت تتحدث عن شعب مليوني! الملايين إذا نزلت، والشعوب إذا غضبت، من ترى يستطيع كبح جماحها والسيطرة على مدّ شعبي متعاظم؟!

كم استمرت الأحداث حتى غاب وجه مبارك عن المشهد السياسي في مصر؟ 17 يوماً؟ نعم في هذه الحدود! قبل ذلك دعا إلى حوار! مبارك يدعو إلى حوار؟ ومع من؟ مع مجموعة من الشبّان الغاضبين الذين كانوا بالأمس القريب يسحلون في الشوارع دون حسيب أو رقيب وفي أقبية أمن الدولة ومديريات وأقسام الشرطة!

هل ينسى أحدكم إطلالة كلينتون؟ لم تكن إطلالة واحدة، تعرفون ذلك! كانت أشبه بوزير في حكومة مصرية وليست وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية! لا فائدة، المصريون يريدون إسقاط النظام ويصرّون على رحيل مبارك، إذاً فليرحل!

ليبيا. من يصدق أنّ دولة يحكمها معتوه اسمه القذافي ستكون ساحة ثورة كبرى ومسرحاً لقتال شرس ومجازر يسقط فيها عشرات الآلاف بين شهيد وجريح؟! أين تمّ العثور عليه. هذا الطاغية المترف الذي ينصب خيامه في عواصم الدول الأوروبية ويطلب أجمل الفتيات الإفرنجيات ~لدعوتهنّ إلى الإسلام~ ! هو نفسه صاحب خطاب ~الجرذان~ و ~من أنتم~ ! عثر عليه في أحد أنابيب المجاري وتم أسره على أيدي الثائرين ثم تصفيته! ليبيا تريد أن تبني نفسها ولكن محاولات التقسيم جارية وأموال واستخبارات تلك الدويلة المسماة ~قطر~ تلعب دورها. أليست هي التي جعلت نفسها رأس حربة في مشروع استكباري عالمي سيؤدي بنا في نهاية المطاف إلى حرب كونية؟!

إلى اليمن، الشبان اليمنيون يتحدّون الطاغية علي عبد الله صالح! في بلد فيه أنواع الأسلحة والسيوف والخناجر يقولونها بجديّة واستعداد للتضحية: إنها ثورة سلمية! الطغاة يتعلمون من بعضهم، هذا ما أثبتته الوقائع حين قام الطاغية المدحور بتكرار ومحاكاة مجزرة الدوار في البحرين وهذه المرة على المعتصمين في صنعاء! شلال الدماء لا زال يحصد أرواح اليمنيين وتمّ تدشين مرحلة التصفية والإغتيالات في صفوف القادة والمسؤولين العسكريين.

سوريا غنية عن التعريف، لقد انبرت قوى وجيوش المشرق والمغرب من وسائل إعلام ودوائر سياسية واستخبارية لهذه المهمة. كان لسوريا أن تكون كسائر أخواتها من بلدان الصحوة، لكن هناك من اختطف الثورة وأخذها بعيداً وحوّل سوريا إلى ساحة صراع بين أقطاب دولية. هل يرحل بشار؟ هل تتوقف الحرب؟ قبل الإجابة تأتي أسئلة: هل انتهت المجابهة بين تلك الأقطاب؟ هل توقف تدفق السلاح؟ هل أمر الأطراف المحلية المتصارعة في سوريا بيدها؟

حدّثنا عن البحرين!

أنتم أهل الدار، وتعلمون أننا في الوقت الذي نكتب فيه هناك سجناء ومعتقلون أعلنوا منذ أسبوع على الأقل ~وبعضهم أكثر من ذلك~ إضرابهم عن الطعام والبعض امتنع إلى جانب ذلك عن شرب الماء! إنهم يتساقطون الواحد تلو الآخر وينقلون إلى المستشفى. الأخبار الواردة مقلقة. الوحوش الكاسرة التي تنقض على جسد نحيل في احدى الزوايا بين الأحياء الثائرة فتمزقه بأنيابها كيف بها إذا خلا لها الجو لتباشر عملية احتجازه؟!

الحوض الجاف. سمعتم عن هذا الإسم والعوائل اليوم تعرفه وتدل مكانه جيداً فلديها أحباب يقبعون خلف القضبان. لم تعرفه في هذه الثورة فقط وإنما مع بداية تحويله لمركز اعتقال وتعذيب في التسعينات! توجد خطة يتم تنفيذها، ليست لتطويره وجعلها مكاناً فيه بشر ويجب أن يعاملوا كما خلقهم الله بشراً مكرّمون من بين سائر الخلق. بل هي خطة من أجل ربطه بنظام سجن جوّ وتطبيق نظامه المتخلف على الموقوفين كي يكون كل حرّ سجيناً مقيّد الحركة، مسلوب الكرامة.

وعلى ذكر ~جوّ~ ، إلى جانب قادة المعارضة في سجن 6 ينضم سجناء آخرون إليهم في إضرابهم عن الطعام من أجل إيقاف العبث والتغوّل في سياسة الإذلال والإضطهاد. هل هي سياسة خاصة بهذا السجن أو بمركز توقيف؟ بالطبع كلا، هي سياسة مستشرية في كافة أجهزة ودوائر السلطة. تجدها في الدوائر العامة، في الوزارات، في المطار، في الشركات، في المدارس، في الجامعات. إذاً لماذا يثور شعب يعيش في أرخبيل صغير بمساحة مزرعة كبيرة لأحد الأثرياء في أمريكا! لكن في هذا الأرخبيل شعب عريق؛ بعراقة البحر، والأرض، والسماء. يرفض الذلّة، يرفض البيعة، ويريد أن يكمل المشوار وصولاً إلى الإنتصار الساحق.

وما قصة أولئك المحترقون؟ إنهم قوم أصرّوا على أن يحترقوا، فاتركوهم ليحترقوا غير مأسوف عليهم! إنّ عقيدة الإستسلام للهيمنة والتفوق العسكري والخضوع والشعور بالنقص والعجز التي تجاوزها شعب البحرين منذ 14 فبراير 2011 هناك من يسعى لإعادتها ونفخ الروح فيها من جديد! هم أولئك الذين ما زالوا يرفعون شعار إسقاط الحكومة؟ أتصدقون؟ لكنهم اليوم يحاورون الحكومة التي يجب أن تسقط؟ أولم تسقط؟ ألم تسقط شرعيتها بعد؟ ماذا عن الشعب الذي خرج عن بكرة أبيه ليرفضها؟ سقطت ولم تسقط، بل يجب عندهم ألا تسقط! والشعارات الصاخبة التي أصمّت الآذان؟ وماذا أصنع بها؟ ولماذا أعطي لها قيمة وهي خلاف ما يجري على أرض الواقع؟

عفواً، قلتُ يحاورون الحكومة؟ وهل هي تحاورهم أصلا؟ إنها من تدير الحوار وتضع الشروط وتتحكم في كل شيء، في التوقيت، في السقف المطروح، في عدد المتحاورين، بل حتى أماكن جلوسهم ولا نستغرب إن كانت ستتحكم في عدد نظراتهم وكلماتهم التي يلقونها! ألم أقل لكم إنهم بإرادتهم المحضة اختاروا أن يسقطوا ويحترقوا، فليحترقوا!

دماء الشهداء

ملتقى شهداء البحرين وضحايا التعذيب

__DEFINE_LIKE_SHARE__

المواضيع المتشابهه
الموضوع	كاتب الموضوع	المنتدى	مشاركات	آخر مشاركة
مقال :لن تفلح أمة يقودها الجبناء أو الفاشلون أو الدجالون \دماء الشهداء	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	01-31-2013 04:10 AM
مقال : لماذا تجب محاربة العصيان واستهداف الإقتصاد؟ بقلم: دماء الشهداء	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	01-09-2013 03:10 AM
مقال : لماذا تجب محاربة العصيان واستهداف الإقتصاد؟ بقلم: دماء الشهداء	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	01-09-2013 02:40 AM
تظاهرات غاضبة تمهد لاحياء ذكرى عيد الشهداء - شبكة 14 فبراير الاعلامية	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	12-14-2012 01:11 PM
ثورة البحرين – ذكرى احتلال ميدان الشهداء - شبكة 14 فبراير الاعلامية	محروم.كوم	منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية	0	03-17-2012 01:40 AM