|
إنضمامك إلي منتديات استراحات زايد يحقق لك معرفة كل ماهو جديد في عالم الانترنت ...
انضم الينا
#1
| ||
| ||
نهج الإصلاح .. كيف يكون! سؤال يتكرر على الذهن مراراً، ويبحث عمن يجيب عليه بأمور ملموسة معقولة ممنهجة وحقائق واضحة بينة جلية ليس فيها لبس ولا زيف، فالإصلاح بتعدد مشاربه وتباين موضوعاته ( ديني، سياسي، اجتماعي، أخلاقي، إلخ) يحتاج لنهجٍ مستقيم وخطة استراتيجية مرسومة توفر البدائل وتعطي الحلول وتبث الوعي اللازم للتغيير وإصلاح ما قد فسد، وايجاد واقع آخر يخلو منه الفساد الذي يجثم على القلوب ويكتم الأنفس. وقد مر على البشرية كثير من المصلحين، كالأنبياء والعظماء والحكماء والعلماء، مارسوا فيها أدوارهم التنويرية ونشروا فيها رؤاهم وأفكارهم التي ساهمت على اختلافها في خلق الكثير من النهج الإصلاحية، والتي باتت مدارس فكرية أسست للكثير من العقول النيرة، وساهمت في خلق تباينات ومفاضلات لمنهج على آخر، مما يؤدي نظريا إلى الصعود والرقي بالإصلاح لمراتب عالية فيما لو مورس بطريقة إيجابية صحيحة. وقد اعتنق الكثير هذه الآراء وتشدقوا بها نظريا دون العمل بمضمونها أو الاقتداء بصاحبها أو تطبيقها كما أراد لها منظرها، وهذا ما سبب تناقضا هائلا عند مدعي هم الاصلاح الزائف الذين قد يحملون في جنباتهم افكارا اصلاحية عظيمة ولكن الهوى أرداهم وحاد بهم عن نهجهم وعن النظريات التي يحملونها فوقعوا في فساد أشد وأكبر، أو أن التطبيق الخاطئ لهذه النظرية قد جاء بمصائب كارثية جعلتها نقمة بدل أن تكون نعمة. ولست بوارد النقاش أو الجدل في صحة نظريات الإصلاح بشتى أنواعه، وإنما أستعرض بعض النماذج وأتساءل بحق عن حقيقة انتمائنا الإصلاحي الذي ينبغي علينا أن نتبعه أو نتجنب خلافه، فحري بالعاقل ألا يسير على غير هدى أو أن يعطل عقله أو أن يؤمن بأمر ويأتي بخلافه أو نقيضه أو يجعله مطاطيا مرنا حسب المقام الذي يناسبه. وقد أشار الله عزوجل في كتابه العزيز إلى حقيقة متلبسي الإصلاح الزائف الواهي الخالي بقوله (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ (12) ) سورة البقرة. حيث يتبين مدى الدعوى الخاوية لمن يدعي الإصلاح وهو يعيش نقيضه، ويصر على صواب موقفه وعلى أفكاره التي يتغنى بها، ويشيع في الناس ما يعجبها من قول، "ويشهد الله على ما في نفسه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد". وقد تبين لنا في الفترة الماضية العديد من القامات التي كانت تدعي الإصلاح وتنادي بالحريات وتؤسس للوطنية وللمفاهيم القومية وغيرها، كلها تهاوت وبان دجل أصحابها وكذبهم وزيفهم وتناقضهم، فكانوا عاراً للفكر الذي ينتمون له، إذ أنهم لمصالح مادية بحتة تنازلوا وباعوا ذممهم وضمائرهم وحريتهم وفكرهم فقط خوفا على مصالحهم أو اضرارا لمن لم يسر في ركبهم ولم ينعق معهم كهمج رعاع، وللأسف فبعضهم باع دينه بدنياه بثمن بخس، فكانوا عاراً وشناراً يستهجنه أصحابه قبل أعداءه، فالشخص الذي يبيع مبادءه ورؤاه فقط لحس طائفي أو لعرض مادي، هو شخص فاسد همه اللذات والرغبات، وما المبادئ إلا أمور هامشية يقتات للضحك على الجُهَّال ممن اغتروا به وسلبت عقولهم وارادتهم. ولذلك كله فالإصلاح والتغيير ينبغي أن يكون عن وعي ودراية كافية، ويجب أن يتم التخطيط له بعناية، ولذلك لا بد من توافر عدة أمور عامة له، كما هو الحال مع أي مشكلة يرتجى حلها: 1- تحديد وتشخيص الفساد المراد إصلاحه: 2- التحليل الموضوعي الصحيح وجمع المعلومات الكافية اللازمة للعلاج. 3- رسم خطة استراتيجية قائمة على ايجاد البدائل للتغير، والمساهمة في انجاح الخطة بشكل ايجابي يضمن اصلاحا حقيقيا. من الطبيعي جداً أن أول مرحلة من مراحل التغيير والعلاج هو تشخيص أصل المشكلة المراد إصلاحها، ومعرفة المتسبب فيها والظروف التي أحاطت بها، وكل ما يتعلق من قريب أو بعيد بمسبباتها، والنتائج التي ترتبت اثر هذه المشكلة، وهذا التشخيص إذا لم يكن صحيحاً فسيؤدي إلى نتائج سلبية مضادة لا تتفق مع الإصلاح ولا تنطوي إلا على مفاسد. فالأطباء عندما تمر بهم حالة مرضية فهم يبحثون في أسبابها وظروفها وما يحيط بها من أمور لها علاقة بالمرض، ويبحثون في التاريخ المرضي للمصاب وإذا كان من أهله من يحمل ذات المرض، فإذا كان التشخيص صحيحاً فهذه أول مراحل العلاج، وأما إذا كان التشخيص خاطئاً فهذه كارثة قد تؤدي إلى مرض/ فساد آخر. وقد يرد خلط ولبس كبير أثناء التشخيص بين سبب المشكلة وبين آثارها أو نتائجها، ولذلك فقد يكون التشخيص باطلاً وخاطئاً إذا ركز على النتائج ظناً منها أنها الأسباب! فلربما اشتكى أحد من الحمى وكانت الحمى نتيجة لسبب آخر، فإذا تم العلاج بدواء للحمى دون معرفة السبب الرئيس لها فقد يتفاقم هذا المرض ويزداد ضراوة، وهذا ما يجب على المشخص أن يراعيه أثناء تحليله وتشخيصه، وعليه ألا يقع في الوهم ويغرق في النتائج والآثار بعيد عن الأسباب الحقيقية. وإذا تم التشخيص الصحيح لأصل الفساد، وجب البحث والتحليل في جذوره وأذرعه وما نتج عنه من تشعبات سرطانية نخرت وأفسدت وتسببت في المضاعفات السلبية له، ووجب البحث والتنظير في أفضل السبل والوسائل المناسبة للعلاج، والتي تضمن اقتلاعه وتغييره وإزالته بما يضمن عدم عودته. وبعد معرفة كلا من التشخيص وتحليل أصل الفساد، وجب الشروع في عملية الاصلاح بخطط استراتيجية قائمة على التعقل والتفكر، وعدم الاستكانة أو التخاذل أو التباطئ في الاصلاح، بل يجب بذل النفس من أجل الغاية السامية التي تحث عليها المبادئ القويمة والعقول السليمة، واذا سد طريق وجب البحث عن طريق آخر، فلا بد من تخطيط يضمن البدائل التي لا تعطل الاصلاح، ولا تضيع جهود المصلحين، وإلا فمبجرد غلق باب تنتهي كل الجهود، وهذا أمر لا يصح لمن يهدف للتغيير أن يضع نفسه في زاوية واحدة فيضيع جهده وتعبه ويكون هباءً منثورا، ولابد الصبر على هذا الطريق وتحمله نتائجه، وعدم الخضوع لليأس والاحباط أو المغريات أو التهديدات. وعلاج الاصلاح لا بد أن يكون بوضوح التشخيص وعدم الخلط بين النتائج والسبب، ووضوح الأهداف والخطوات الاستراتيجية، فالأهداف المعتمة القاتمة لا يمكنها إضاءة نور في درب الإصلاح، والبيانات والمواثيق الهلامية حمالة الأوجه تبعث الخوف والرعب ولا يمكنها تثبيت القناعات في النفوس، ولذا كان واجبا على المصلحين أن يمارسوا الشفافية التامة في أهدافهم وخطواتهم ورؤاهم، ولذلك كي يضمنوا الاقتناع التام بمنهجهم. كلما ذكر آنفاً هو كلام عام بالإمكان تطبيقه على أي أمر من أمور الحياة، وخصوصاً في مجال الإصلاح، ولكون أصل الموضوع هو السياسة، فالتركيز سيكون على النقطة الأساسية، وهي نهج الإصلاح كيف يكون، والمعني بالإصلاح هنا هو الإصلاح المراد تطبيقه في البحرين. بوجود الفســــــــــــاد في البحرين، كيف تتم عملية الإصلاح عانت البحرين ولا تزال من الفساد الذي نخر فيها حتى وصلت الأمور لمنزلق خطير وفتنة عظيمة، ويمكن معرفة آثار الفساد بالعودة إلى التقارير التي صرحت وأشارت بوضوح إلى الفساد، ومن أهم هذه التقارير (تقرير البندر، تقرير بسيوني، وثيقة المنامة، ميثاق اللؤلؤ)، إضافة إلى العديد من المؤتمرات والبيانات والتقارير التي صدرت بهذا الخصوص، ورغم كثرة التقارير والإدانات والتوثيقات والاستنكارات، وصدور العديد من المطالبات للإصلاح من جهات سياسية ومنظمات حقوقية عالمية، كل ذلك لم يزد من الفساد إلا حدة وتفاقما وسوءاً، وصار للفساد مدافعون رسميون مقتنعون به رغم قناعتهم بمضاره ومساوئه. إذا فالمشكلة واضحة وبينة وجلية وغير خافية على أحد سواءً كان قابلاً بالإصلاح التدريجي أو الاصلاح الفوري أو حتى رافضاً له، فالكل متفق على وجود أزمة سياسية ناتجة عن فساد كبير، ولا يمكن الخروج من هذه الأزمة إلا بالإصلاح، وبنظر المعارضة هناك نوعان من الإصلاح للوضع القائم في البحرين: 1- الإصلاح الواقعي الذي يقوم على أسس منطقية تحسب الأمور بعقلانية وبسياسة واعية وبالتوافقات التي تضمن عدم انهيار هذا الإصلاح أو تعطيله من المفسدين، والذي يرى أن استقامة الأمور وصلاحها يكون عبر عدة أمور أهمها: "حكومة تمثل الإرادة الشعبية" و"مجلس منتخب كامل الصلاحيات" و"دوائر عادلة" ، ويكون تحقيق هذا الإصلاح وتنفيذه وتطبيقه من خلال "الدخول في حوار حقيقي جاد"، بالإضافة إلى التحركات الشعبية الاعلامية السياسية الحقوقية. وثيقة المنامة 2-الإصلاح الحقيقي الذي يقوم على إزالة المشكلة من جذورها، وإن أدت إلى بتر الفساد وإسقاطه، وذلك عبر " إسقاط النظام وتقرير المصير"، ويكون تحقيق ذلك وتنفيذه من خلال آليات العمل الثوري والتي منها العمل الميداني والإعلامي والحقوقي. ميثاق اللؤلؤ. ما عنيته بالواقعي والحقيقي، هو نظرة كل طرف لنوع الإصلاح، فمن يرى الملكية يرى أنها خيار يلامس الواقع ويشرف على المعطيات الممكن توافرها، ويتجنب ما من شأنه إثارة القلاقل مستقبلا، ويؤمن رخاء وأمنا مستقبليا عبر هذا الخيار. وأما من يرى الإسقاط وحق تقرير المصير فهو يرى أنه الاصلاح الحقيقي الفعلي غير الزائف، والذي يزيل أصل المشكلة. الانطباع العام حول كلا الوثيقتين: 1- كلا الميثاق والوثيقة تعرضا لنفس الموضوع والمشكلة، وعرضا ذات الأساليب، غير أنهما تباينا في نوع الاصلاح بين من يريد ملكية أو اسقاط نظام وحق المصير (لم يشر الميثاق إلى الجمهورية). 2- الوثيقة عرضت طريقة وأسلوب المعالجة لحل المشكلة، وذلك عبر "الدخول في حوار حقيقي جاد"، غير أن الميثاق لم يشر إلى الحل الذي يريده، فمن يريد الإصلاح فعليه أن يدرك أن الإصلاح هو تغيير، وتغيير الواقع الحالي إلى "إسقاط / تحديد المصير" أمر هلامي غير واضح المعالم، فما هو نوع الإصلاح الذي قد اختاره الائتلاف والذي يريد الوصول له؟ طبعا قد أتفق اجمالا أن حق المصير سيعطي الشعب الفرصة لتحديد نوع هذا الإصلاح الذي يرتضيه لنفسه، ولكن إذا تأملنا قليلا فهذا قد لا يفي بالغرض، وقد يتسبب بمشاكل لا حصر لها مستقبلا، وهذا ما قد نلاحظه في حديث الموالون حيث يبدون تخوفهم من (اسقاط النظام، الجمهورية)، ويرون أن الوضع الحالي أفضل لأنه إذا سقط النظام فالغالبية الشيعية قد يختارون مصيراً لا يناسبهم، أو قد يلجؤون لعمل استفتاء لجمهورية إسلامية كما قام بذلك "الإمام الخميني قدس سره"، أو قد يوصلهم الاستفتاء لنوع من الحكم كما هو الحال في العراق. ولذا فمن يريد الإصلاح عليه أن يكون واضحا في هدفه وغايته وأن يضع حلاً بينا لا لبس فيه لكيلا يعود الفساد مرة أخرى، وهذا ما لمسناه من خلال بعض الثورات التي استبدلت الفساد القائم بفساد آخر له لون مخالف وجوهر مشابه. 3- آلية الإصلاح غير واضحة، ومتباينة وجامدة في كلا الوثيقتين، فهي لم توفر حلا بديلا يمكن التعويل عليه، وجمدت على بعض التحركات والاقتراحات، ولم تفعل خطة استراتيجية للوصول لهدفها، وبدلا عن ذلك، صارت تستقبل ردات الفعل بدلا من إنشاء الفعل، طبعا لا أنفي أن ما ذكر من تحركات له أثره الواقعي الحقيقي الملموس، ولكنه يتسم بالجمود والتقليد وانعدام البديل. قد لا يتفق الكثير حول هذا الأمر، ولكني أذكر بأمور حدثت، فما حدث بعد هدم الدوار كان أمراً غير خاف على أحد، فكانت السائد هو ردة الفعل السلبية، والتحركات البسيطة، ولم توفر المعارضة ما يضمن ثباتها على مطالبها، نعم اشتد الوطيس وحمت الساحة، ولكن دائما في عملية الاصلاح تأتي فترة البأس والارهاب للمصلحين، ومن يرعبه أو يهزه الخوف أو يدفعه للتردد في اصلاحه أو إخماد صوته أو الهدوء والصمت عن الظلم، لن يكون جديرا بتحمل هذه الأمانة الثقيلة. وكما يقول المتنبي: عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ فمن أراد الإصلاح فعليه أن يدرك الطريق الذي يسير فيه، وما يترتب عنه من نتائج وآلام مخاطر، فإذا لم يكن أهلا لهذا الطريق، فعليه ألا يخطو نحوه خطوة من شأنها أن تؤذيه وتؤذي غيره، وغير صحيح أن يقاد الناس نحو مجهول ثم يقال لهم يكفي سيراً، فهذا الطريق به الكثير من العراقيل التي لا نتحملها، فمسؤولية القيادة والاصلاح تتطلب عدم التراجع عن المبادئ، (والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه)، ومن يرى أن من مبادئه عدم التراجع (لا تراجع- لا مكان للتراجع)، فينبغي عليه التخطيط بشكل صحيح كي لا يرى نفسه يخطو للوراء بدل المسير للأمام. فأين الخطوات الاستراتيجية البديلة التي وفرتها المعارضة المطالبة بالإصلاح؟ وهل لديها أدوات ضغط تساعدها على ذلك؟ وبشكل عام أجمل، أن المعارضة وقعت في العديد من الأخطاء، أهمها عدم التنسيق في الرؤى والمخططات، وعدم التواصل لسد الثغرات وحل الاشكالات، والتفرق الواضح البين، وظهور الصراعات التي يبدو وكأنها صراع زعامات وقيادات، والخلافات التي يفترض حلها بما يتناسب مع طرف يرى أنه محق! فغير صحيح أن أعين ظالما على نفسي بأن أمكنه من دس الفتنة بين الصف الواحد وتمزيق عراه، وهذا للأسف ما حدث من تضارب في التواقيت والقرارات والأفكار، وكان يفترض ألا يتم توهين هذا الصف الذي له هدف واحد مع اختلاف طريقة العلاج، وهو الإصلاح. ألا يفترض أن تدعم الأطراف المعارضة بعضها ويتعالون على الخلافات، ويؤسسون عرفا جديدا ويرسمون خطاً واحداً يوحدهم ويجمعهم في سبيل الإصلاح! بالحد الأدنى يتفقون على أمور مشتركة بأن يساند كلا منهم الآخر فيها. ليس مقبولا أن يكون الخلاف وحده هو السائد، وأن تكون الوحدة المشتركة هي المرفوضة، فالنبي الأعظم "ص"، قد عقد معاهدات مع يهود المدينة الذي يختلفون معه قلبا وقالبا سوى في العيش المشترك؟ وثيقة المنامة وميثاق اللؤلؤ لو أردنا جمعهما مع بعض لأمكن ذلك بسهولة، لتشابه الأفكار فيهما بنسبة كبيرة، والنقاط المختلفة بالإمكان ذكرها أنه في النقطة المعينة هناك من يرى الملكية وهناك من يرى تقرير المصير واسقاط النظام. ولست أنادي بجمعهما فكل طرف لديه خياراته وسياساته التي يرتكز عليها، ولكن اذا كانت الأفكار متشابهة والخطوات والآليات لطلب الاصلاح واحدة، فلم لا يدعم كلا الطرفين بعضهما في الآليات المشتركة كـ (المسيرات، والندوات، والإعلام، ووو). أرى أنه من الواجب أن يتم الوقوف للمراجعة فيما مضى وفيما سيأتي، وتغيير النهج الجامد بآخر متحرك متجدد يضمن الاستمرارية والبقاء إلى الوصول إلى الاصلاح المرتجى... ومراجعة الإشكاليات المطروحة العديدة حول الأساليب والآليات الموصلة له، وأن تكون الوسيلة صحيحة في ذاتها، فمن الخطأ أن أطلب الإصلاح بالجور أو عبر الوسيلة الخاطئة أو عبر اتباع الكذب والدجل والخداع والمكر. وهنا أثير تساؤلات مهمة: # ما هي المعايير التي تم بها تشخيص الفساد وسببه ونتائجه والحل للاصلاح؟ وهل التشخيص الذي وصل له كل طرف مقنع له؟ هل تم تسمية رؤوس الفساد وفق التشخيص الصحيح الذي يركز على الأسباب الواقعية الحقيقية؟ أم أن التشخيص نظر للنتائج وتغافل أو تجاهل الأسباب؟ # هل الاستعانة بالجهات الخارجية (خصوصاً الولايات المتحدة والمملكة المتحدة) سيحقق الإصلاح المطلوب؟ أم أنه جري وراء السراب. وهل يجوز شرعا اللجوء لهما؟ واذا تم اللجوء لهما فتحت أي غطاء؟ # هل يجوز شرعا أن أطالب بالملكية الدستورية وأقدم لها الكثير من التضحيات؟ وهل أمتلك غطاء شرعيا يجيز لي هذا النوع من المطالبة؟ ولماذا أقبل ببقاء حمد بن عيسى وهو المتسبب في هذا الفساد؟ ألم يكن بإمكان حمد لو أراد أن يعزل عمه في فترة الميثاق، فلم أبقاه؟ # كفكرة للحل السياسي: لم لا تقوم المعارضة بتشكيل مجلس وطني تأسيسي، تدعو فيه هي ذاتها إليه بعد الاستعانة بالمنظمات العالمية ذات الشأن، وتقوم به ذاتيا بدون الرجوع لحمد بن عيسى، وأن يكون كورقة ضغط ضده. # لم لا يتم تفعيل الثورة الثقافية أيضا؟ لم تم اغفالها؟ ألا يجدر نشر الوعي بالحقوق والواجبات والقوانين، وبث الأفكار الإيجابية المساندة للثورة، ومحاولة جذب الأطراف الموالية عبر التغلغل في صفوفهم وتوعيتهم بحقوقهم التي هي لهم بلا منة من أحد؟ أليس هذا أمراً تم إغفاله وتناسيه أو لم يعط حقه الكافي الوافي؟ أليس من حق الجماهير المعارضة التي لها انتماءاتها أن يتم توعيتها وتثقيفها وتنشئتها لتكون مؤهلة للقيادة واستمرار المسيرة، وأن تكون على قدر من المسؤولية، وأن تعي وتتفهم ثقافة الاختلاف وعدم التسقيط والتوهين؟ # وللإئتلاف.. لماذا ليست لديكم صفحة رسمية يتم الرجوع لها؟ أليس جديرا بكم تأسيس صفحة تحمل توجهكم وميثاقكم ورؤاكم؟ أليس من حق الجماهير أن تتعرف عليكم من صفحة رسمية تمتلك كل فعالياتكم ومنهجكم. والسؤال الأكثر أهمية.. ما هي المرجعية التي تستند عليها المعارضة وهي تتجه لمطالباتها الإصلاحية؟ أهي الإسلام؟ أهي الأعراف الوطنية؟ أهي الأفكار الآيديولوجية التي تختلف مدارسها؟ نهج الإصلاح الحسيني... الطريق نحو السعادة أنقل مقالاً يحدد معالم الإصلاح في النهج الحسيني.. الذي لا يرى في الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما. ولا أورد هذا المقال اجترارا للتاريخ في مسألة نعاصرها، أو أطبقها على الوضع، ولكن من واجب الانسان ان يتفكر ويتدبر في التاريخ، فيأخذ منه العبر، ولو نظرنا إلى الأسباب التي خرج من أجلها الحسين عليه السلام، ونظرنا في غاياته وأهدافه ووسائله، فسيعطينا ذلك عبرة لنا، وسيدفع بنا لأن نخلص في مسيرتنا، ونطور وسائلنا، ونتمسك بمبادئنا ونصر على حقنا. مسيرة الحسين عليه السلام منذ البدء كانت شفافة صريحة واضحة في طلب الإصلاح، وتشخيص رأس الفتنة، وعلاج الأزمة التي كانت تعيشها الأمة، وكان تعامل الإمام عليه السلام مع أصحابه قائما على الوضوح والدقة، فلذا لم يثبت معه إلا من كان مؤمنا به إيمانا راسخا عن يقين، ولطالما نبه من سايره طلبا للعافية أن مسيرته ونهضته إصلاحية ستؤول إلى شهادته.. إليكم المقال: اقتباس: الإمام الحسين (عليه السلام) وفلسفة نهضته في فكر القائد الجمعة, 17 كانون1/ديسمبر 2010 09:12 | | | في وصيّته إلى أخيه محمّد بن الحنفيّة عند خروجه من مكّة فأبو عبد الله (عليه السلام) قد أوصى أخاه محمداً بن الحنفية، مرّتين: الأولى عند خروجه من المدينة، والثانية عند خروجه من مكّة، وأتصوّر أنّ هذه الوصيّة كانت عند خروجه من مكّة في شهر ذي الحجّة فبعد الشهادة بوحدانية الله ورسالة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و... يقول الإمام (عليه السلام): «وإنّي ما خرجت أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً وإنّما خرجت أريد الإصلاح في أمّة جدّي» أي أريد الثورة لأجل الإصلاح لا للوصول إلى الحكم حتماً أو للشهادة حتماً، والإصلاح ليس بالأمر الهيّن، فقد تكون الظروف بصورة بحيث يصل الإنسان إلى سدّة الحكم ويمسك بزمام السلطة وقد لا يمكنه ذلك ويستشهد، ... بعض مزايا الحسين (عليه السلام) إن في تسمية يوم ولادة الحسين بن علي (عليه السلام) بيوم الحرس نكات ورموز، وتُحمِّل خصوصاً الفئة التي زُيِّنت بها حيث تقول انّها حرس وعلى نهج الحسين بن علي (عليه السلام) ، تحمّلها مسؤوليات. ولإدراك ومعرفة هذه النكات والمسؤوليات علينا الإمعان والتأمّل قليلاً في قضية الإمام الحسين (عليه السلام). لقد ثار الكثيرون في العالم وقتلوا وكان لهم قادة، وكان بينهم الكثير من أبناء الأنبياء والأئمة (عليه السلام)، لكن سيد الشهداء (عليه السلام) فرد واحد، وواقعة كربلاء فريدة في نوعها، ومكانة شهداء كربلاء منحصرة بهم، لماذا؟ يجب البحث عن الإجابة في طبيعة هذه الواقعة لتكون لنا وللحرس خصوصاً درساً. إن إحدى خصائص هذه الواقعة هي أنَّ خروج الإمام الحسين (عليه السلام) كان خالصاً لله، ولإصلاح المجتمع الإسلامي، وهذه خصيصة هامّة. فعندما يقول الإمام (عليه السلام): «إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً» فمعناه أن ثورتي لم تكن للرياء والغرور وليست فيها ذرّة من الظلم والفساد، بل «إنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدّي» أي أن هدفي هو الإصلاح فقط ولا غير. إن القرآن الكريم حينما يخاطب المسلمين في صدر الإسلام يقول: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ}، وهنا الإمام (عليه السلام) يقول: «إني لم أخرج أشراً ولا بطراً». تأمّلوا جيداً، فهنا نهجان وخطّان. فالقرآن يقول لا تكونوا مثل الذين خرجوا «بطراً» أي غروراً وتكبّراً، ولا أثر للإخلاص في تحرّكهم، وإنما المطروح في هذا المنهج الفاسد هو «أنا» و«الذات»، و«رئاء الناس»، أي انّه تزيَّنَ ولبس الحلي وامتطى جواداً غالياً وخرج من مكّة وهو يرتجز، إلى أين؟ إلى الحرب، التي يهلك فيها أمثال هؤلاء أيضاً، فهذا خطّ . وهناك خطّ ونهج آخر ومثاله ثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، والتي لا وجود لل«أنا» ولل«ذات» والمصالح الشخصية والقومية والحزبية فيها أبداً، إذاً هذه أول خصّيصة من خصائص ثورة الحسين بن علي (عليه السلام). فكلّما ازداد الإخلاص في أعمالنا كلّما ازدادت قيمتها، وكلّما ابتعدنا عن الإخلاص كلّما اقتربنا من الغرور والرياء والعمل للمصالح الشخصية والقومية، وكلّما ازدادت الشوائب في الشيء كلّما أسرع في الفساد، فلو كان نقيّاً وخالصاً لما فسد أبداً. وإنْ أردنا إعطاء مثال بالأمور المحسوسة، نقول: إذا كان الذهب خالصاً ونقياً فلا يقبل الفساد والصدأ أبداً، وإنْ كان مخلوطاً بالنحاس والحديد وبقية المواد الرخيصة الثمن، احتمل الفساد أكثر، فهذا في المادّيات. أمّا في المعنويات فانّ هذه المعادلة أكثر دقّة، إنما نحن لا نفهمها بسبب نظرتنا المادية، لكن يدركها أهل الفن والبصيرة، وانّ اللّه تعالى هو الناقد في هذه الواقعة، «فانّ الناقد بصير»، فوجود شائبة بمقدار رأس إبرة في العمل يقلّل من قيمة العمل بالمقدار نفسه، وحركة الإمام الحسين (عليه السلام) من الأعمال التي ليست فيها شائبة ولو بمقدار رأس إبرة، لذا هو باقٍ إلى الآن وسيبقى خالداً إلى الأبد. فمن توقّع خلود اسم وذكر أبي عبد اللّه الحسين (عليه السلام) وأنصاره في التاريخ؟ أولئك الذين قُتِلوا غرباء في تلك الصحراء وحيث دفنوا فيها رغم كلّ الإعلام المعادي في ذلك الوقت. إذاً واقعة كربلاء حيّة وباقية ليس في مجرد قطعة أرض صغيرة فقط وإنما في منطقة مترامية الأطراف في محيط الحياة البشرية. إن كربلاء موجودة في كلّ شيء؛ في الأدب، في الثقافة، في السنن والآثار، في الاعتقادات، في القلوب. وأولئك الذين لم يسجدوا للّه. فلسفة حركة الإمام الحسين (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «حسين منّي وأنا من حسين». وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة». إنّني اليوم وبمناسبة يوم عاشوراء، سأتحدّث عن ثورة الحسين (عليه السلام)، وإنّه لشيء عجيب، إذ أنّ حياتنا مليئة بذكر الحسين (عليه السلام)، وإنّنا نشكر الله على ذلك. لقد قيل الكثير عن نهضة هذا العظيم، لكنّ الإنسان كلّما فكّر وتدبّر في هذا الموضوع، كلّما اتّسع مجال التفكير والبحث والتحقيق والمطالعة عنده، فقد بقي الكثير ممّا لم يقال عن هذه الحادثة العظيمة والعجيبة الّتي لا نظير لها. فعلينا أن نتدبّر ونتفكّر فيه ثمّ نقوله للآخرين. لو نظرنا الحادثة منذ أن خرج أبو عبد الله (عليه السلام) من المدينة وتوجّه نحو مكّة إلى أن استُشهد في كربلاء، لأمكننا أن نقول إنّ الإنسان يستطيع عدّ مائة درس مهمّ في هذا التحرّك الّذي استمرّ أشهر معدودة فقط. ولا أودّ القول آلاف الدروس وإن أمكن قول ذلك حيث تعتبر كلّ إشارة من ذلك الإمام العظيم درساً، لكن عندما نقول مائة درس أي لو أردنا أن ندقّق في هذه الأعمال لأمكننا استقصاء مائة عنوان وفصل، وكلّ فصل يعتبر درساً لأمة وتاريخ وبلد ولتربية النفس وإدارة المجتمع وللتقرّب إلى الله. هكذا هو الحسين بن علي (أرواحنا فداه وفداء اسمه وذكره) كالشمس الساطعة بين القديسين، أي إن كان الأنبياء والأئمّة والشهداء والصالحين كالأقمار والأنجم، فالحسين (عليه السلام) كالشمس الطالعة بينهم، كلّ ذلك لأجل هذه الأمور. وإلى جانب المائة درس هذه، هناك درس رئيسي في هذا التحرّك، سأسعى لتوضيحه لكم وهو لماذا ثار الحسين (عليه السلام)؟ لماذا ثرت يا حسين رغم كونك شخصيّة لها احترامها في المدينة ومكّة، ولك شيعتك في اليمن، إذهب إلى مكان لا عليك بيزيد ولا ليزيد عليك شيء، تعيش وتعبد الله وتبلِّغ؟ هذا هو السؤال والدرس الرئيسي، ولا نقول إنّ أحداً لم يشر إلى هذا الأمر من قبل، فقد حقّقوا وتحدّثوا كثيراً في هذه القضيّة، وما نودّ قوله اليوم وفي رأيي هو استنتاج جامع ورؤية جديدة للقضيّة. إنّ البعض القول: إنّ هدف ثورة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) هو إسقاط حكومة يزيد الفاسدة وإقامة حكومة بدلها. هذا القول شبه صحيح وليس خطأ، لأنّه لو كان القصد من هذا الكلام هو أنّ الحسين (عليه السلام) ثار لأجل إقامة حكومة وعندما يرى عدم إمكانيّة ذلك، يقول لم نتمكّن من ذلك، فلنرجع. إنّ من يثور لأجل إقامة حكومة، سيستمرّ مادام يرى إمكانية ذلك، فإن احتمل عدم الإمكان أو عدم وجود احتمال عقلائي، فوظيفته أن يرجع. فالّذي يقول إنّ هدف الإمام (عليه السلام) من هذه الثورة هو إقامة الحكومة العلويّة الحقّة، فهذا غير صحيح؛ لأنّ مجموع هذا التحرّك لا يدلّ على ذلك. وسأبين ذلك لاحقاً. والبعض على العكس من ذلك، قالوا: ما الحكومة؟ إنّ الحسين كان يعلم بعدم تمكّنه من إقامة الحكومة، إنّه جاء لأجل أن يقتل ويستشهد. لقد شاع هذا الكلام على الألسن كثيراً فترةً من الزمن، وكان البعض يصنع ذلك بتعابير جميلة، ثمّ رأيت أنّ بعض كبار العلماء قد قالوا ذلك أيضاً، فهذا لا يعتبر كلاماً جديداً وهو أنّ الإمام (عليه السلام) ثار لأجل أن يستشهد، لأنّه رأى أنّه لا يمكنه عمل شيء بالبقاء، فقال يجب أن أعمل شيئاً بالشهادة. هذا الرأي أيضاً لا يوجد في المصادر الشرعيّة الإسلاميّة ما يؤّيد حجّة إلقاء الإنسان نفسه للقتل. إنّ الشهادة الّتي نعرفها في الشرع المقدّس والآيات والروايات معناها أن يتحرّك الإنسان ويستقبل الموت لأجل هدف مقدّس واجب أو راجح، هذه هي الشهادة الإسلاميّة الصحيحة. أمّا أن يتحرّك الإنسان لأجل أن يقتل فلا، إذن هذا الأمر وإن كان فيه جانباً من الحقيقة لكن لم يكن هدف الحسين (عليه السلام). إذن باختصار لا يمكننا القول: إنّ الحسين (عليه السلام) ثار لأجل إقامة الحكومة، ولا أن نقول: إنّه ثار لأجل أن يستشهد. وإنّني أتصوّر أنّ القائلين بأنّ الهدف هو الحكومة أو الهدف هو الشهادة قد خلطوا بين الهدف والنتيجة. فالهدف لم يكن ذلك، بل كان للإمام الحسين (عليه السلام) هدف آخر، كان الوصول إليه يتطلّب طريقاً وحركة تنتهي بإحدى النتيجتين: الحكومة أو الشهادة، وكان الإمام مستعدّاً لكلتا النتيجتين، فقد أعدّ مقدّمات الحكم وكذا مقدّمات الشهادة، فإذا تحقّق أيّ منهما، كان صحيحاً، لكن لم يكن أيّ منهما هدفاً، بل كانا نتيجتين. إذن ما هو الهدف؟ أقول باختصار ثم أبداً بتوضحيه قليلاً. لو أردنا بيان هدف الإمام الحسين (عليه السلام)، فينبغي أن نقول هكذا: إنّ هدف ذلك العظيم كان أداء واجب عظيم من واجبات الدين لم يؤّده أحد قبله، لا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا أمير المؤمنين (عليه السلام) ولا الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)، واجب يحتلّ مكاناً مهمّاً في البناء العام للنظام الفكري والقيمي والعملي للإسلام. ورغم أنّ هذا الواجب مهمّ وأساسي، لكنّه لماذا لم يُقَمْ بهذا الواجب حتّى عهد الإمام الحسين (عليه السلام)؟ كان ينبغي على الإمام الحسين (عليه السلام) القيام بهذا الواجب ليكون درساً على مرّ التاريخ، مثلما أنّ تأسيس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للحكومة الإسلاميّة أصبح درساً على مرّ تاريخ الإسلام، ومثلما أصبح جهاد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في سبيل الله درساً على مرّ تاريخ المسلمين وتاريخ البشريّة إلى الأبد. فكان ينبغي أن يُودّي الإمام الحسين (عليه السلام) هذا الواجب ليصبح درساً عمليّاً للمسلمين على' مرّ التاريخ. ولماذا قام الإمام الحسين (عليه السلام) بهذا الواجب؟ لأنّ أرضية هذا العمل قد مُهِّدت في زمن الإمام الحسين (عليه السلام)، فلو لم تمهّد هذه الأرضيّة في زمن الإمام الحسين (عليه السلام)، كأن مُهّدت وعلى سبيل المثال في زمن الإمام علي الهادي (عليه السلام) لقام الإمام علي الهادي (عليه السلام) بهذا الواجب، لصار هو ذبيح الإسلام العظيم، ولو اتّفق ذلك في زمن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) لقام به، أو اتّفق في عصر الإمام الصادق (عليه السلام) لقام به الإمام الصادق (عليه السلام)، لكنّ لم يتّفق ذلك في زمن الأئمّة حتّى عصر الغيبة إلاّ في عصر الإمام الحسين (عليه السلام). إذن كان الهدف أداء هذا الواجب، فعندها تكون نتيجة أداء الواجب أحد الأمرين إمّا الوصول إلى الحكم والسلطة وكان الإمام الحسين (عليه السلام) مستعدّاً لذلك؛ ليعود المجتمع كما كان عليه في عصر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام)، أو يصل إلى' الشهادة وكان الإمام الحسين مستعدّاً لها أيضاً. فإنّ الله قد خلق الحسين والأئمة بحيث يتحمّلون مثل هذه الشهادة لمثل لهذا الأمر، وقد تحمّل الإمام الحسين (عليه السلام) ذلك. هذا خلاصة الأمر. وأمّا توضيح هذا الأمر: انظروا أيّها الأخوة والأخوات المصلّون الأعزّاء، إنّ النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وكذا أيّ نبيّ عندما بعث، أتى بمجموعة من الأحكام، بعضها فرديّة لإصلاح الفرد، وبعضها اجتماعية لبناء المجتمعات البشريّة وإدارة الحياة البشريّة. هذه المجموعة من الأحكام يقال لها النظام الإسلامي. فعندما نزل الإسلام على القلب المقدّس للنبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، فجاء بالصلاة والصوم والزكاة والإنفاقات والحجّ والأحكام الأسرية والعلاقات الفرديّة، ثمّ جاء بالجهاد في سبيل الله وإقامة الحكومة والنظام الاقتصادي وعلاقات الحاكم بالرعيّة ووظائف الرعية تجاه الحاكم. هذه المجموعة من الأحكام عرضها الإسلام على البشر، وبيّنها النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما من شيء يقرّبكم إلى الجنّة ويبعدكم من النار إلاّ وقد أمرتكم به». ولم يبيّن النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) كلّ ما يسعد الإنسان والمجتمع الإنساني فحسب، بل طبّقها وعمل بها، فقد أقام الحكومة الإسلاميّة والمجتمع الإسلامي، وطبّق الاقتصاد الإسلامي، وأقيم الجهاد واستحصلت الزكاة، فشيّد نظاماً إسلاميّاً وأصبح النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وخليفته من بعده معمار وقائد هذا النظام. كان الطريق واضحاً وبيّناً، فوجب على الفرد وعلى المجتمع الإسلامي أن يسير في هذا الطريق وعلى هذا النهج، فإن كان كذلك بلغ الناس الكمال، أصبحوا صالحين كالملائكة، وذهب الظلم والشرّ والفساد والفرقة والفقر والجهل بين الناس، ووصل الناس إلى السعادة الكاملة ليصبحوا عباد الله الكُمّل. حسناً، يبقى هنا سؤال وهو: لو صرفت يد أو حادثة القطار الّذي سيّره النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) عن مسيره، فما هو التكليف؟؟ لو انحرف المجتمع الإسلامي وبلغ الانحراف درجةً بحيث خيف انحراف أصل الإسلام والمبادئ الإسلاميّة لأنّ الانحراف على قسمين، فتارة ينحرف الناس، وهذا ما يقع كثيراً، لكن تبقى أحكام الإسلام سليمة، وتارة ينحرف الناس ويفسد الحكّام والعلماء ومبلّغو الدِّين، فيحرّفوا القرآن والحقائق، وتبدّل الحسنات سيّئات والسيّئات حسنات. ويصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً، ويحرَّف الإسلام 180 درجة فلو اُبتلي النظام والمجتمع الإسلامي بمثل هذا الأمر، فما هو التكليف حينئذ؟ لقد بيّن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحدّد القرآن التكليف {مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائم}. إضافة إلى آيات وروايات كثيرة أخرى. لكن هل تمكّن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من العمل بهذا الحكم الإلهي؟ كلاّ، لأنّ هذا الحكم الإسلامي يُطبّق في عصر ينحرف فيه المجتمع الإسلامي ويبلغ حدّاً يخاف فيه من ضياع أصل الإسلام، والمجتمع الإسلامي لم ينحرف في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم ينحرف في عهد أمير المؤمنين بتلك الصورة، وكذا في عهد الإمام الحسن (عليه السلام) عندما كان معاوية على رأس السلطة، وإن ظهرت الكثير من علائم ذلك الانحراف، لكنّه لم يبلغ الحدّ الّذي يخاف فيه على أصل الإسلام. نعم، يمكن أن يقال إنّه بلغ في برهة من الزمن الحدّ، لكن في تلك الفترة لم تتاح الفرصة ولم يكن الوقت مناسباً للقيام بهذا الأمر. إنّ هذا الحكم الّذي يعتبر من الأحكام الإسلاميّة لا يقلّ أهمّية عن الحكومة ذاتها، لأنّ الحكومة تعني إدارة المجتمع، فلو انحرف المجتمع وفسد، وتعطّل الحكم الإلهي، ولم يوجد عندنا حكم وجوب تغيير الوضع وتجديد الحياة أو بتعبير اليوم (الثورة)، فما الفائدة في الحكومة في الإسلام. فالحكم الّذي يرتبط بإرجاع المجتمع المنحرف إلى الخطّ الصحيح لا يقلّ أهمّية عن الحكومة ذاتها، ويمكن أن يقال إنّه أكثر أهمّية من جهاد الكفّار ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الطبيعيين في المجتمع الإسلامي، بل وحتّى من العبادات الإلهيّة العظيمة كالحج. لماذا؟ لأنّ هذا الحكم في الحقيقة يضمن إحياء الإسلام بعد أن أشرف على الموت أو مات وانتهى. حسناً، مَنْ الّذي يجب عليه أداء هذا الحكم وهذا التكليف؟ الهدف من حركة الإمام الحسين (عليه السلام) في وصيّته إلى أخيه محمّد بن الحنفيّة عند خروجه من مكّة فأبو عبد الله (عليه السلام) قد أوصى أخاه محمداً بن الحنفية، مرّتين: الأولى عند خروجه من المدينة، والثانية عند خروجه من مكّة، وأتصوّر أنّ هذه الوصيّة كانت عند خروجه من مكّة في شهر ذي الحجّة فبعد الشهادة بوحدانية الله ورسالة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و... يقول الإمام (عليه السلام): «وإنّي ما خرجت أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً وإنّما خرجت أريد الإصلاح في أمّة جدّي» أي أريد الثورة لأجل الإصلاح لا للوصول إلى الحكم حتماً أو للشهادة حتماً، والإصلاح ليس بالأمر الهيّن، فقد تكون الظروف بصورة بحيث يصل الإنسان إلى سدّة الحكم ويمسك بزمام السلطة وقد لا يمكنه ذلك ويستشهد، وفي كلتا الحالتين فالثورة تكون لأجل الإصلاح. ثمّ يقول (عليه السلام): «أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدّي». والإصلاح يتمّ عن هذا الطريق، وهو ما قلنا إنّه مصداق للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إن سلوك الإمام الحسين منذ خروجه من المدينة وحتى يوم استشهاده في كربلاء كان منطوياً على المعنويات والعزة والشموخ وفي نفس الوقت مغموراً بالعبودية والتسليم المطلق لأمر الله، وهكذا كان دائماً وفي كل المراحل. ففي ذلك اليوم الذي جاءته مئات وربما آلاف الرسائل تحمل نداء القائلين بأنهم شيعته وأنصاره وأنهم في الكوفة والعراق بانتظار وصوله، فإنه لم يصب بالغرور. وعندما قال "خطَّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة" فإنه كان يتحدث عن الموت. البكاء على الحسين (عليه السلام) والسير على نهجه هذا اليوم هو يوم عاشوراء وهذه أيّام بكاء ونعي. إنّ كربلاء كلّها عزاء ومصائب، وحوادث عاشوراء كلّها بكاء وألم، منذ نزول الحسين (عليه السلام) بأرض كربلاء، وخُطبه، أقواله، وأشعاره، وإخباره بقتله، مخاطبته لأخته زينب وإخوته وأعزّته، كلّها مصائب إلى ليلة عاشوراء ويوم عاشوراء. ولو أدركنا العظمة الكامنة في اسم الإمام الحسين، ولو تطلعنا لهذه النهضة واعتبرناها حدثاً إنسانياً عظيماً على مدى التاريخ، لأعاننا كل ذلك على مواصلة الطريق والتقدم إلى الإمام وعلى ألاّ نحيد عن درب الإمام الحسين وعلى تحقيق ما رسمناه من أهداف بلطف الله، وسيبلغ الشعب الإيراني آماله إن شاء الله. لقد جعل الله تعالى اسم الإمام الحسين (عليه السلام) مجلّلاً بالعظمة وحافظ على واقعة كربلاء حيّة في التاريخ. وإن ما قلته لا يعني أننا نعمل على جعل اسم الإمام الحسين عظيماً، كلاّ، فهذا الحدث أعظم من أن تغطي عليه كافة أحداث الزمان أو أن تمحو رسمه من صفحات التاريخ. http://www.alvadossadegh.com/ar/arti...-05-46-01.html http://www.alwelayah.net/index.php/2...05-15-09-24-21 نهج الإصلاح الرباني... الطريق نحو الصراط المستقيم لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111) سورة يوسف. أفضل الإصلاح ما كان من الله في الله لله، وهو الذي يهدي للحق وهو الحكيم الخبير، وهو الذي يعلم ما ينفع الناس إذ خلقهم وقدر لهم الحياة والموت، والمطلوب من الإنسان المسلم المؤمن بكتاب ربه ونهج نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يستمع لكلام ربه ويتبعه لأنه أنفع لدنياه وآخرته.. ولست بمجترٍ للمواقف ومفصل لها على حساب رأي أتبناه، أو فكرة أعتنقها، وإنما أورد القليل من القصص التي فيها عبرة لأولى الألباب والتي تعطينا الدروس العظيمة لكيفية الإصلاح عبر الطريق السديد القويم، صراط الله المستقيم، وسردي لهذه القصص سيكون موجزا، لأن من الصعب الاحاطة والإلمام بكل التاريخ، ولكن من أراد البحث المتعمق فأبواب التاريخ مفتوحة، والفضاء الإلكتروني الرحب قد أتاح الفرصة للإبحار والتعمق في هذا المضمار. إبراهيم عليه السلام في دعوته: # أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258) سورة البقرة اسلوب الاحتجاج والمحاجة أسلوب يعتمد على الحجج العقلية لبرهان أحقية طرف وصدقه، وهذا يتطلب عقلاً راجحا واعيا سليما يعتمد على الأساليب الموضوعية الرزينة ويزن الأمور بحكمة وعلم، ولذلك فقد رأينا كيف دحض النبي إبراهيم عليه السلام حجة من يؤمن بالكواكب والقمر والشمس والأصنام، وكيف برهن على بطلان عقيدتهم وفسادها، وذلك عبر أسلوب رفيع عقلي راجح. يوسف عليه السلام: # قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ (33) سورة يوسف العزم والإرادة الصلبة والإيمان بالقضية وعدم التراجع أم المغريات والتهديدات، فالنبي يوسف عليه السلام لم يستسلم للإغراءات ويتراجع عن إيمانه ومعتقده أمام سيدته –كان عبدا مملوكا لزليخة- ولم يرغب كشاب في لذة أو شهوة، ولم يرعبه السجن والتهديد والوعيد، فكان مصداقا للعزيمة الصادقة المؤمنة بعدالة القضية، ولو رضخ لما كان بإمكانه أن يكون مصلحا لأمةٍ في يوم ما. # وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) سورة يوسف هذه الآية تذكر الصفات التي يجب أن يتحلى بها من يتولى أمر وشؤون الناس، أن تكون لديه المكانة والأمانة وأن يتسم بالحفظ والعلم، ولو أن غير يوسف عليه السلام تولى أمر مصر لمات الناس جوعا، وللأسف الشديد فرغم إيمان الكثير من المسلمين بكتاب الله وسنة رسوله، إلا أن الغفلة والتجاهل عن مضمون كتاب الله أدى إلى عدم اتباع أوامر الله وهديه في العديد من المسائل ومنها هذه المسألة. فهل يمتلك الملك ومن تحته صفات الحفظ والعلم والأمانة؟ النبي موسى عليه السلام: # قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ (22) سورة الشعراء لا يختلف الظالمون في طغيانهم وجبروتهم، ففرعون لما جاءه موسى بآيات الله وسننه، بدأ يعدد عليه المكارم والعطايا والمواهب والتجاوز عن الأخطاء التي حدثت، ويمن عليه، كل ذلك طلبا لإخماد صوت الحق ورفضه وتبريرا للتجاوزات بتعبيد بني إسرائيل، وهذا ما يحدث لدينا، فمن يطالب بالحقوق يجاب بالعديد من الإجابات الفرعونية (مكرمة، على نفقة الدولة، تحمدون ربكم، إلخ).. كل ذلك لكي يستمر الفساد ولا يكون هناك من يصلح. # قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (35) قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (36) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (37) فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ (38) وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ (39) لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (40) فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (41) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (42) سورة الشعراء في هذه المحادثة بين فرعون وموسى، ترى أن المحاجة بينهم تصل إلى تحشيد فرعون لنفسه، وتخويفه من حوله أن هؤلاء يريدون أن يخرجوكم من أرضكم، فابعثوا في المدائن حاشرين واجمعوا الناس ليوم معلوم، فإن غلب السحرة فسنتبعهم، ومن جانب آخر كان للسحرة طلب من فرعون أن يؤتيهم أجرهم فوعدهم بذلك وبأن يقربهم منه. هل هذا ما حدث بين تجمع المعارضة مع تجمع الفاتح الذي دعى اليه فرعون ووعد بتقريب قيادته! الله أعلم # فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (45) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (48) قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (49) قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ (50) إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (51) سورة الشعراء عندما أتى موسى بآيته وغلب السحرة وتيقنوا بطلان عقيدتهم ومدعاهم، لم يجدوا إلا الاذعان والتسليم والإيمان بموسى عليه السلام، ولم يخشوا من قطع الايدي والأرجل والصلب، وقد تحقق هذا اليقين لأمرين أولهما أن موسى كان صادقا في دعوته منصورا في حجته، وثانيهما أن قلوب السحرة لم تكن قلوبا جوفاء ولم تكن بصائرهم عمياء، فلذلك لم يصدهم عن الحق شيطان ولا هوى. فهل بعد الحجج والبراهين التي شاهدها العالم سيستفيق اتباع الفساد، وينتصروا للحق ويرفضوا أن يشاركوا في ظلم أهلهم ويكونوا للظالم خصما وللمظلوم عونا؟ # فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) دائما ما يوصف طالبي الحق بأنهم قلة، مدسوسين، إرهابيين، إلخ، رغم أن النور أعم من الظلام، ولرب شمعة صغيرة بددت ظلاما أكبر منها بمرات، ولطالما نظر الفراعنة أن القلة المطالبة بالحق هدفها هو إغاظة الحاكم فحسب، وهذا ما يكشف الخلل الذي يعيشه الظالم، إذ يعتقد حسب ظنه القاصر أنه لا يحق لأحد مطالبته بالإنصاف والعدل والإصلاح، وأن ذاته لا تمس، وأن من يطالب هدفه الإغاظة واللعب على الحبال والارهاب. وهذا الرأي ما تراه جليا فيمن ينتقد حركة المعارضة المطالبة بالإصلاح، فتراه يصفهم بالعبثية وأنهم خارج عن اطار الوحدة والوفاق والتعاون، وأن هدفهم هو الإضرار والمس بالثوابت، وهذا أكبر تدليس يمارسه الجهاز الحاكم لبث الخوف في الناس. ما نقلته غيض من فيض.. يحدد بعض أوجه الحركة الإصلاحية عبر التاريخ، والتي يفترض أن نأخذ منها العبرة في حياتنا، وألا نبتعد عنها فنضل ونخزى، فكم من حركة إصلاحية وثورة قامت لترفع ظالما مستبدا وتضع آخر مكانه، وكم من ربيع أصبح خريفا، وكم من ثائر استعان بغير الله فأذله الله، والتاريخ يسرد أن للقوى الاستعمارية دوراً كبيراً في تحديد مسار الثورات، وتحويلها لصالحها، وفي تاريخ البحرين الجهادي نرى أن من قام بتثبيت الحكم لآل خليفة هم الإنجليز الذي تعاهدوا مع عيسى بن علي ووقفوا معه. ختاما.. من الواجب على كل فرد أن يسعى لأن يبقي فتيل الثورة لاهبا مشتعلاً، بكل ما استطاع من جهد وعقل وفكر، وأن يبذل نفسه لهذا الغرض، وينبغي أن يكون هناك دور فاعل للثورة الثقافية للقضاء على الجهل والاستغفال والاستحمار الذي يمارسه الكثير ضد الثورة، فقوة الثورات هي الكفاءة والقدرة والعقلية التي يمتلكها أصحابها، فمن يطالب بحقه عن ثقافة وفهم ووعي فقناعته راسخة ثابتة، أما من يدافع عن حقه وهو جاهل أبسط الحيثيات فمن السهولة أن تتبدل قراراته. لنسعى لتثقيف الشعب بحقوقه الدينية والسياسية والمدنية والقانونية، فالعلم سلاح يفيد في الثورة فائدة جمة، ولعله أشد سلاح من الممكن توجيهه نحو النظام، فكلما ازداد الوعي كثر عدد الأشخاص الذي يشكلون عماد الثورة وشبابها وعزها. __DEFINE_LIKE_SHARE__ |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
![]() | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
كل جريمة كانت تؤكد مزيداً من الحاجة إلى الإصلاح، وترسّخ مطالب الإصلاح، | محروم.كوم | منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية | 0 | 02-11-2012 03:10 PM |
مطلووب ماطور كهرباء يكون روبن اوهوندا وياليت يكون صاحبه بجده | محروم.كوم | منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية | 0 | 02-02-2012 04:40 PM |
[ طلب تعديل ] اخواني محتاج يكون منتداي بدون vb بحيث يكون www.xxx.com | محروم.كوم | منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية | 0 | 08-21-2011 09:20 PM |
تخيل يكون الـ BB PIN مالك يكون ( 300000000x) ( وليش ما يكون صج ؟ ادخل وشوف ) | محروم.كوم | منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية | 0 | 03-06-2010 05:40 AM |
لماذا نسخ الملفات من الفلاش الى الكمبيوتر يكون سريعا بينما العكس يكون بطيئاً | محروم.كوم | منتدى أخبار المواقع والمنتديات العربية والأجنبية | 0 | 06-09-2009 10:51 AM |