ما الذي سيحدث في الرياض غدًا؟

[محروم.كوم]

بسم الله الرحمن الرحيم

يترقَّب المتابعون إعلان "الاتحاد" بين البحرين والسعودية في القمة التشاورية الـ14 لدول مجلس التعاون الخليجي و التي ستُعقَد في الرياض غدًا (الاثنين)، فما الذي سيكون بالتحديد؟


بدايةً، يجدر بنا الالتفات إلى أن الاتحاد في هذا الإطار يمكن أن يكون تحت أحد عنوانَين، الأول هو (الكونفدرالي) و الثاني هو (الفيدرالي). و (الاتحاد الكونفدرالي) عبارة عن: "رابطة أعضاؤها دول مستقلة ذات سيادة، و التي تفوِّض بموجب اتفاق مُسبق بعض الصلاحيات لهيئة أو هيئات مشتركة لتنسيق سياساتها في عدد من المجالات وذلك دون أن يشكل هذا التجمع دولة أو كيانا"(1) كما الاتحاد الأوروبي مثلاً، أما (الوحدة الفيدرالية) فهي عبارةٌ عن: "شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة دستورياً بين حكومة مركزية (أو حكومة فيدرالية او اتحادية) وووحدات حكومية أصغر (الأقاليم، الولايات)، ويكون كلا المستويين المذكورين من الحكومة معتمد أحدهما على الآخر وتتقاسمان السيادة في الدولة"(2) كما الولايات الأمريكية المتحدة مثلاً، و لا شكَّ في أنّ الثاني (الوحدة الفيدرالية) يُلاقي رفضًا شعبيًا واضحة بالنسبة لأغبية شعب البحرين -على الأقل-؛ فهو يُمثِّل -حسب وجهة نظرهم- بيعًا صريحًا للبلاد و استقلالها، و إخضاعها لاحتلالٍ سعوديٍ صريح، أو -لا أقل- شَرعنة للاحتلال القائم فعلاً.


فهمي لما يجري يجعلني أعتقد أن ما سيتم الإعلان عنه هو من النوع الأول (الكونفدرالي) لا الثاني، و ذلك اعتمادًا على التقارير الخبرية الواردة و تصريحات المسئولين المُعلنة، بالإضافة للموانع القانونية التي تمنع من إقامة (الفيدرالية) في الوقت الراهن على الأقل، إلا إن كانت هنالك مفاجآتٌ من العيار الثقيل ترفع هذه الموانع، و من التصريحات التي تؤيد ذلك وصف أحد المسئولين الخليجيين رفيعي المستوى لوكالة فرانس برس ما سيجري بأنه "نوع من الاتحاد بين السعودية و البحرين"(3) و وصف وزيرة الدولة البحرينية لشئون الإعلام سميرة رجب له بأنه "شبيه بالاتحاد الاوروبي"(4).


و هذا يعني لن يكون عبارةً عن "ضم البحرين للسعودية"، بل يبقى معه الاستقلال في التكوين و التمثيل السياسي للدولتَين، لكن ما قد يبعث على دهشة البعض هو أن (الاتحاد الكونفدرالي) مُتحققٌ مُسبقًا عبر (مجلس التعاون الخليجي) فلِمَ تكوين هذا الاتحاد الجديد و ليس تطوير الاتحاد القائم و الموجود فعلاً؟ الأمر يحتمل تفسيراتٍ عدة، و منها أن هذا (الاتحاد الكونفدرالي) هو عنوانٌ لهيمنةٍ سعوديةٍ على باقي دول مجلس التعاون عبر اتفاقاتٍ و أمور ترفضها بعض دول المجلس ما يعني صعوبة تحقُّقها عبرَه و أن تكوين (اتحاد جديد) هو طريقٌ أقصر لبلوغ هذه الغاية و إن على نطاقٍ أضيق.


و هناك تفسيرٌ آخر يميل إلى أن ما سيكون هو أوسع من ذلك، و أن ما سيُعلن غدًا ليس سوى خطوة تمهيدية نحو (وحدة فيدرالية) ترفضها بعض دول المجلس، و يمكن تأييد ذلك بحراك و تصريحات الشخصيات السلفية في عدد من دول الخليج، و الذين يعتبرهم المتابعون -أو بعضهم- أدوات بيد الرياض و أجندتها، و قد بدأت إثارة هذا الموضوع أساسًا عبر شخصياتهم في الكويت و البحرين في أبريل من العام الماضي حتى قبل أن يطلق الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز دعوته للانتقال من "التعاون إلى الاتحاد" في القمة الخليجية بديسمبر الماضي.


و بالنظر للتواريخ المرتبطة بهذا الشأن و بعض القرائن، يبدو أن للثورة البحرينية و أحداثها صلةً وثيقة بهذا الاتحاد، فالإثارة للموضوع -مثلاً- بدأت بعد نحو شهر من دخول (قوات درع الجزيرة) إلى أرض البحرين، و التي لم تجد لها مبررًا واضحًا في ظلِّ هزالة ادّعاء مخاوف عدوانٍ خارجي و هي المُبرِّر القانوني الوحيد لتواجدها، و هذا ما قد يؤكد بدوره المخاوف لدى الشعوب من أن المَعني من التعاون السياسي و الأمني سيكون مُتمثلاً بتعاون أكثر على مستوى قمع الشعوب المطالبة و المتحركة لتحقيق تغييراتٍ داخلية في بلدانها، و هذه المرة سيكون "قانونيًا"، و يدعم هذه المخاوف أيضًا بعض التصريحات هنا و هناك و التي ورد أحدها عن (مصادر خليجية) قبل نحو شهر حيث قالت هذه المصادر أن: "مجلس التعاون الذي ترى دوائر خليجية انه لم يعد قادرا ضمن هياكل عمله الحالية على مواجهة الاستحقاقات الامنية والسياسية التي تمر بها المنطقة ما يتطلب شكلا أوثق من العلاقات السياسية والأمنية بين دول المنطقة"(5)، و ذلك رغم الحديث الدائر عن أن هذا الاتحاد سيشمل تعاونًا على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي.



شخصيًا، ما أقطع و أجزم به هو أن ما سيجري غدًا سيكون مرحلةً من مراحل الهيمنة السعودية على المنطقة، لكنها لن تكون خطوةً في صالحهم أبدًا، بل ستدفع لمزيدٍ من الاحتقان الشعبي في البلدَين (السعودية و البحرين) و قد يعطي الفرصة حتى لتفاعلٍ أكبر بين الشعبَين قد يصل لمرحلة التنسيق في الحِراك و الجهد في مرحلةٍ من المراحل. و واثقٌ من أن الأمر حتى و إن بدا على أنه من تدبير المسئولين في النظامَين إلا أنه لا يخلو من حضورٍ أمريكي، و أتمنى منّا كشعوب أن نكون واعين تمامًا لما يُحاك لنا و أن يرتفع مستوى تحرّكنا إزاء كل ذلك بما يُمكننا -على الأقل- من تفادي أكبر قدرٍ مُمكنٍ من الأضرار.

------------------------------------------------------------------------------------

(1) الموسوعة الحرة (ويكيبيديا):

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%83%...84%D9%8A%D8%A9

(2) الموسوعة الحرة (ويكيبيديا):

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%81%...84%D9%8A%D8%A9

(3) صحيفة الدستور الأردنية:

http://www.addustour.com/ViewTopic.a...m#.T69NLOin9_c

(4) نفس المصدر السابق.

(5) صحيفة إيلاف الالكترونية:

http://www.elaph.com/Web/news/2012/4/731490.html
__DEFINE_LIKE_SHARE__