ملا زمتكم لهذا هذا العمل كل ليلة إلى نهاية شهر رمضان, تزيد من قربكم من الله عز وجل. دعاء إدريس من الأدعية العظمية المنزلة لما يتضمنه هذا الدعاء من الثناء على الله سبحانه وتعالى, وكما هو معلوم فإن الثناء على الله سبحانه وتعالى يرفع من درجة الإنسان لدى الله سبحانه وتعالى, ويزيده قربا من الله سبحانه وتعالى, و هذا يجعل الإنسان محلا لنزول الفيوضات الألهية التي ترفعه إلى مقامات أعلى و أعلى في عالم التكامل.
قال العالم الرباني العظيم السيد ابن طاووس في فضل دعاء إدريس : " رأيت في إسناد هذا الدعاء أنه الذي رفعه الله جل جلاله به إليه و أنه من أفضل الدعاء".
لذا ينبغي للمؤمنين والمؤمنات أن يحرصوا كل الحرص على قراءة هذا الدعاء كل ليلة في السحر بعد منصف الليل, و إن قراءة هذا الدعاء بتوجه و حضور قلب في هذه الأوقات تعمل على تصفية روح الإنسان و تصفيتها من الشوائب التي تبعدها عن الله سبحانه وتعالى و تؤهل الإنسان للحصول على جوائز إلهية متميزة في ليلة القدر, ويكون بإذن الله سبحانه وتعالى من الذين يشملهم هذا المقطع من دعاء أبي حمزة الثمالي :
" و اجعلني من أوفر عبادك عندك نصيبا في كل خير أنزلته و أنت منزله [و تنزله] في شهر رمضان في ليلة القدر و ما أنت منزله في كل سنة من رحمة تنشرها و عافية تلبسها و بلية تدفعها و حسنات تتقبلها و سيئات تتجاوز عنها".
كثرة ذكر الإنسان لله سبانه وتعالى بإقبال, يؤهله لأن يكون من أوفر عباده نصيبا و من أعلاهم حظا, و من أعظمهم قربا منه سبحانه وتعالى. فعلى الإنسان ألا يتكاسل, وعليه أن يجتهد في الإقبال على الله سبحانه وتعالى بكل ما هو جميل. ومن الأذكار العظيمة التي ينبغي أن تخاطب الله سبحانه وتعالى بها هذا الدعاء : دعاء إدريس.
هذا الدعاء ليس موجودا في كتاب مفاتيح الجنان, فقد أشار إليه الشيخ عباس القمي في كتاب الجنان و لم يذكر نصه, ولكنه أكد على أهميته حيث قال :
تدعو بدعاء إدريس الذي رواه الشيخ والسيد, فليطلب من كتاب المصباح أو كتاب الإقبال.
المقصود بالشيخ هو شيخ الطائفة الطوسي أعلى لله مقامه, والمقصود بالسيد هو السيد ابن طاووس. دعاء إدريس عليه السلام في أسحار شهر رمضان المبارك :
جاء ذكر هذا الدعاء في كتاب مصباح المتهجد لشيخ الطائفة الطوسي, وكتاب الإقبال للسيد ابن طاووس أعلى الله مقامهما.
الدعاء موجود أيضا في كتاب مصابيح الجنان لآية الله السيد العباس الكاشاني, و مفتاح الجنات للعلامة السيد محسن الأمين.
ومن أراده فيمكن الرجوع إليه في أحد هذه الكتب الأربعة : مصباح المتهجد للشيخ الطوسي, الإقبال للسيد ابن طاووس, مفتاح الجنات للسيد الأمين, ومصابيح الجنان للسيد الكاشاني. نص هذا الدعاء كما ذكره شيخ الطائفة الطوسي في كتابه العظيم مصباح المتهجد :
سبحانك لا إله إلا أنت يا رب كل شيء و وارثه, يا إله الآلهة الرفيع في جلاله, يا الله المحمود في كل فعاله, يا رحمان كل شيء و راحمه, يا حي حين لا حي في ديمومة ملكه و بقائه, يا قيوم فلا يفوت شيئا علمه و لا يؤوده, يا واحد الباقي أول كل شيء و آخره, يا دائم بغير فناء و لا زوال لملكه, يا صمدا من غير شبه و لا شيء كمثله, يا بار و لا شيء كُفْوه و لا مداني لوصفه, يا كبير أنت الذي لا تهتدي القلوب لعظمته, يا بارئ المنشئ بلا مثال خلا من غيره, يا زاكي الطاهر من كل آفة بقدسه, يا كافي الموسع لما خلق من عطايا فضله, يا نقي من كل جور لم يرضه و لم يخالطه فعاله, يا حنان الذي وسعت كل شي ء رحمته, يا منان ذا الإحسان قد عم الخلائق منه, يا ديان العباد فكل يقوم خاضعا لرهبته, يا خالق من في السماوات و الأرضين و كل إليه معاده, يا رحمان كل صريخ و مكروب و غياثه و معاذه, يا بار فلا تصف الألسن كنه جلال ملكه و عزه, يا مبدئ البرايا لم يبغ في إنشائها أعوانا من خلقه, يا علام الغيوب فلا يؤوده من شيء حفظه, يا معيدا إذا أفنى إذا برز الخلائق لدعوته من مخافته, يا حليم ذا الأناة فلا شيء يعدله من خلقه, يا محمود الفعال ذا المن على جميع خلقه بلطفه, يا عزيز المنيع الغالب على أمره و لا شيء يعدله, يا قاهر ذا البطش الشديد, أنت الذي لا يطاق انتقامه, يا متعالي القريب في علو ارتفاع دنوه, يا جبار المذلل كل شيء بقهر عزيز سلطانه, يا نور كل شيء أنت الذي فلق الظلمات نوره, يا قدوس الطاهر من كل سوء و لا شي ء يعدله, يا قريب المجيب المتداني دون كل شي ء قربه, يا عالي الشامخ في السماء فوق كل شيء علو ارتفاعه, يا بديع البدائع و معيدها بعد فنائها بقدرته, يا جليل المتكبر على كل شيء فالعدل أمره و الصدق وعده, يا مجيد فلا يبلغ الأوهام كل شأنه و مجده, يا كريم العفو ذا العدل أنت الذي ملأ كل شيء عدله, يا عظيم ذا الثناء الفاخر و العز و الكبرياء فلا يذل عزه, يا عجيب فلا تنطق الألسن بكل آلائه و ثنائه.
أسألك يا معتمدي عند كل كربة و غياثي عند كل شدة بهذه الأسماء أمانا من عقوبات الدنيا و الآخرة, أسألك أن تصرف عني بهن كل سوء و مخوف و محذور و تصرف عني أبصار الظلمة المريدين بي السوء الذي نهيت عنه من شر ما يضمرون إلى خير ما لا يملكون و لا يملكه غيرك يا كريم.
اللهم لا تكلني إلى نفسي فأعجز عنها و لا إلى الناس فيظفروا بي و لا تخيبني و أنا أرجوك و لا تعذبني و أنا أدعوك.
اللهم إني أدعوك كما أمرتني فأجبني كما وعدتني, اللهم اجعل خير عمري ما ولي أجلي.
اللهم لا تغير جسدي, و لا ترسل حظي, و لا تسؤ صديقي, أعوذ بك من سقم مضرع و فقر مدقع, و من الذل و بئس الخل. اللهم سلِ قلبي عن كل شيء لا أتزوده إليك, و لا أنتفع به يوم ألقاك من حلال أو حرام, ثم أعطني قوة عليه و عزا و قناعة و مقتا له و رضاك فيه يا أرحم الراحمين.
اللهم لك الحمد على عطاياك الجزيلة, و لك الحمد على مننك المتواترة التي بها دافَعَتَ عني مكاره الأمور, و بها آتيتني مواهب السرور, مع تماديَّ في الغفلة, و ما بقي فيَّ من القسوة, فلم يمنعك ذلك من فعلي أن عفوت عني و سترت ذلك علي و سوغتني ما في يدي من نعمك و تابعت علي إحسانك و صفحت لي عن قبيح ما أفضيت به إليك و انتهكته من معاصيك.
اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك يحق عليك فيه إجابة الدعاء إذا دعيت به, و أسألك بكل ذي حق عليك و بحقك على جميع من هو دونك, أن تصلي على محمد عبدك و رسولك و على آله, و من أرادني بسوء فخذ بسمعه و بصره و من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله, و امنعه مني بحولك و قوتك.
يا من ليس معه رب يُدْعَى, و يا من ليس فوقه خالق يُخشى, و يا من ليس دونه إله يُتقى, و يا من ليس له وزير يُؤتى, و يا من ليس له حاجب يُرشى, و يا من ليس له بواب يُنادى, و يا من لا يزداد على كثرة العطاء إلا كرما و جودا, و على تتابعِ الذنوبِ إلا مغفرةً و عفوا, صل على محمد و آله, و افعل بي ما أنت أهله, إنك أهلُ التقوى و أهل المغفرة.
__DEFINE_LIKE_SHARE__
|