نحو إلغاء نظام الامتيازات الطائفي غير المعلن في البحرين ( لكاتب سني )

[محروم.كوم]

بسمه تعالى

في بداية الأمر كلفني أحد الأخوة من الكتاب السنة أن أطرح هذا الموضوع وعلى ضوء طلبه أنقل لكم رؤيته في التمييز الطائفي الجاري على الطائفة الشيعية

هذا قوله

ينهض نظام الأفضليات والإمتيازات المطبق والمُمارس عملياً بصورة ممنهجة منذ أمد بعيد وخصوصاً من منذ مرحلة ما بعد الاستقلال الوطني عن بريطانيا 1971 , كمرجعية للسلطة الحاكمة في البحرين في صوغ وتنظيم علاقتها بالطائفة الشيعية , باعتباره أبرز وأخطر بؤر تفجر الصراعات بصورة متكررة بين هذه الطائفة والسلطة

فعلى أساس نظام الامتيازات هذا يتم التفريق بين الطائفتين الرئيسيتين في البحرين , الطائفة الشيعية والطائفة السنية , وزرع بذور الفرقة والغبن المفضيين حكماً للفتنة النائمة بينهما , والتي كثيراً ما تصحو وتتفجر غضباً كلما فاض بها الكيل وبلغ تراكهما مبلغ تضخم الفقاعة لحدودها القصوى

فهنالك فيتو غير معلن على ابناء الطائفة الشيعية , يصل لحد الاستحالة بمكان بمكان قبولهم وتوظيفهم في عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة لا سيما مؤسسة الجيش والحرس الوطني والأمن العام ودواوين الحكم وبقية المؤسسات السيادية الأخرى , فضلاً عن تحديد كوتا صغيرة غير معلنة أيضاً لاستيعاب عدد محدود منهم في مؤسسات سيادية أخرى مثل الخارجية والداخلية والأعلام ونحوها وذلك على الرغم من أن هولاء يحملون جواز السفر نفسه الذي يحمله أخوانهم السنة وعلى الرغم من أن القانون الأساسي للدولة الذي هو الدستور لا يشير أو حتى يشي بمثل هذا التفريق على أساس طائفي

وما يزيد الشعور بالغبن والاضطهاد ويراكم ويشعل الغضب لدى الطائفة الشيعية هو قيام السلطة الحاكمة باستقدام أعداد هائلة من السنة العرب وتجنيسهم واستيعابهم في مختلف المؤسسات الأمنية المحظورة في ذات الوقت على أهل البلاد من ابناء الطائفة الشيعية !

ولم يكن أحد ليجرؤ على إثارة موضوع هذا التمييز الطائفي رغم مظاهره الواضحة البادية على قسمات مؤسسات الدولة ابتداءً من منافذها الجوية والبحرية والبرية ؟ ذات اللون الطائفي الفاقع والواضح وليس انتهاءً بالتهميش الساطع للمناطق الشيعية ساكناً وبنية أساسية في تجسيد صارخ لممارسة التهميش الذي تحضره كافة الأعراف والمواثيق الدولية وكل من تسول له نفسه إثارة موضوع التمييز سوف يوصم فوراً بالطائفية ويُتهم بتشويه صورة ( مجتمع الأسرة الواحدة ) ؟

الأحرار البيض في جنوب أفريقيا العنصرية لم يرتضوا لأنفسهم أن يهنأوا بالعيش الرغيد فيما أخوتهم في الانسانية من سكان البلاد السود يتجرعون يوميا سموم سياسة الفصل العنصري

والأحرار البيض في الولايات المتحدة اختاروا بمحض إرادتهم الحرة الانحياز لمطالب إخوانهم الأمريكيين السود في الحصول على حقوقهم في المساواة والعدالة أسوة بإخوانهم في الانسانية الأمريكيين البيض

وبدورهم فان أحرار اليهود لم يقبلوا لأنفسهم التمتع حصراً بالهناء والعيش الرغيد وكافة امتيازاته فيما هي محجوبة عنصرياً عن إخواتهم في الإنسانية والعيش المشترك وهم هنا الفلسطينيون فاختاروا تقدم الصفوف في التظاهرات المناهضة للممارسات الصهيونية العنصرية وتلقي الرصاص المطاطي والحي بصدورهم العارية دفاعاً عن حق الفلسطينيين في المساواة والحرية


وهكذا فأن نيلسون مانديلا ورفقاءه في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي لم يكونوا عنصريون فقط لأنهم اختاروا تبني قضية ابناء جلدتهم والدفاع عن حقوقهم التي سلبها منهم نظام الفصل العنصري الذي أقامه المستعمرون البيض في جنوب أفريقيا

كما أن المناضل الأمريكي الأسود مالكوم اكس والمناضل داعية الحقوق المدنية الأمريكي الأسود المعروف مارتن لوثر كينج لم يكونا بالقطع عنصريان عندما اختارا النضال في صفوف ابناء جلدتهم المضطهدين السود من قبل العنصريين البيض ومنظماتهم العنصرية السرية مثل منظمة كوكلوس كلان

وهكذا الأمر دواليك بالنسبة لكل البحرينيين الأحر شيعة وسنة الذين لم يرتضوا لأنفسهم ولضمائرهم الحية السكوت طويلا على استمرار نظام الامتيازات الطائفي غير المعلن الممنوحة بموجبه أفضلياته لطائفة بعينها ومحجوبة في ذات الوقت عن طائفة أخرى , في الوقت الذي تتقاسمان فيه هاتان الطائفتان العيش المشترك , الأمر الذي يستوجب إنهاء هذا النظام الاقصائي الطائفي وإشاعة المساواة والعدل بين كافة المواطنيين البحرينيين على أساس طائفي أو عرقي أو نحوهما

وعلى ذلك فانه إذا ما أصر نظام الحكم على الاستمرار في ممارسة سياسة الأبارتيد الطائفي المقنع فأن أي حديث عن استدامه التنمية هو ضرب من الأمنيات ليس إلا , ذلك إن انفجارات الغضب الاجتماعي المكبوت والمحبوس لدى الطائفة الشيعية سيظل يتفجر بين آونة وأخرى واضعاً حداً لتلك الاستدامة المظللة .

فؤاد المحرقي

__DEFINE_LIKE_SHARE__